منتدي طماف ايرينى
اهلا بكم في منتدي طماف ايريني ونتمني لكم اوقات مباركة
ومنتظرين مشاركاتكم
منتدي طماف ايرينى
اهلا بكم في منتدي طماف ايريني ونتمني لكم اوقات مباركة
ومنتظرين مشاركاتكم
منتدي طماف ايرينى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلالتسجيــــلدخول
   1 فقال لا تخف لان الذين معنا اكثر من الذين معهم (2مل16:6). 2  الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط (ام1:15).  3 يارب تجعل لنا سلاما لانك كل اعمالنا صنعتها لنا (اش12:26).  4طوبى للذى ينظرالى المسكين فى يوم الشر ينجيه الرب (مز1:41).  5 لانه لا يزل من قلبه ولا يحزن بنى انسان (مز33:31 .  6 واما التقوى مع القناعه فهى تجاره عظيمه (اتى6:6)  7 ليصل المسيح بالايمان فى قلوبكم (اف17:3).  8 فان جاع عدوك فاطعمه وان عطش فاسقه لانك ان فعلت هذا تجمع جمر نار على راسه (رو20:12)   9لانك انت رجائى يا سيدى الرب متكلى منذ صباى (مز5:71).  10 مخافه الرب ادب حكمه وقبل الكرامه التواضع (ام33:15)  11 الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج (مز5:126).  12 لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا رديّة ولا شجرة رديّة ان تصنع اثمارا جيدة .  13 كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار .  14 فاذا من ثمارهم تعرفونهم  15 ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السموات .  16 طريق الكسلان كسياج من شوك وطريق المستقيمين منهج (ام19:15).  17 لان الرب راض عن شعبه يجمل الودعاء بالخلاص (مز4:149)  18 اما رحمه الرب فالى الدهر والابد على خائفيه وعدله على بنى البنين (مز17:103).  19ان سالتم شيئا باسمى فانى افعله (يو14:14) .  20 افرحوا وتهللوا لآن اجركم عظيم فى السموات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم (مت12,11:5) .  21 ويل للحكماء فى عين انفسهم والفهماء عند ذواتهم (اش21:5).  22 فقال لا تخف لان الذين معنا اكثر من الذين معهم (2مل16:6).  23 الق علي الرب همك فهو يعولك    
مواضيع مماثلة

     

     تفسير سفر اللاويين

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالخميس 15 سبتمبر 2011, 11:51 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح الاول
    ذبيحة المُحْرَقَة

    معنى كلمة محرقة :- أنها تحرق بالنار تماماً وهي بالإنجليزية holocaust وأصل الكلمة (حرق) causis (كلها) holou. والمسيح كان ذبيحة محرقة عندما تحمل نار الغضب الإلهى على الخطية وتحمل لعنة الناموس فأرضى قلب الله الغاضب وعقد صلحاً بين الله والناس بدمه.

    المحرقة هي أول ذبيحة :- لماذا جاءت المحرقة متقدمة على باقى الذبائح؟

    المحرقة ترمز للتسليم والطاعة الكاملة بل تشير إلى عمق الإنسحاق. وهذا ما ظهر فى تجسد وحياة المسيح حتى صلبه. "أطاع حتى الموت موت الصليب في 2: 5 – 8" فكان الله في حبه للإنسان ينتظر منه في مقابل هذا الحب الخضوع الكامل له ولكن تمرد الإنسان على الله وتحداه. فماذا صنع المسيح بتجسده؟ المسيح جاء وأتحد بنا وصرنا نحن جسده وهو رأس هذا الجسد. وحين يقول بولس الرسول في "1كو 15: 28 فحينئذ الإبن نفسه أيضاً سيخضع " كان مفهومها أن المسيح يقف في هذا اليوم مع كنيسته قائلاً للآب "أيها الآب هذا ما أردته أولاً أن تعلن حبك للبشر وهم يقدمون لك الخضوع دليل ثقتهم في حبك وها أنا والأولاد الذين أعطيتنى هم جسدى نقدم لك الخضوع وبهذا نعيد الصورة التي أردتها" وحتى يحقق المسيح هذا سبق فقدم هو الخضوع لمشيئة الآب في تجسده حتى صلبه. وفى صلبه قال "لتكن لا إرادتى بل إرادتك" إذاً هذا الخضوع الكامل هو سبب مسرة الآب لذلك قال "هذا هو إبنى الحبيب الذي به سررت" ولذلك أيضاً قيل عن ذبيحة المحرقة "كان الله يتنسم رائحة الرضا" هنا رضا الله راجع للطاعة الكاملة التي للمسيح وهذه المحرقات هي رمز لها.

    + والمحرقة هي أول الذبائح لأن حق الله ينبغى أن يستوفى أولاً قبل الكلام عن خلاص الإنسان فإرضاء الله قبل التفكير في سعادة الإنسان وأبديته.

    + وهكذا كان الوضع في الوصايا فوصايا حقوق الله (اللوح الأول) جاءت أولاً قبل وصايا المعاملات مع الناس (اللوح الثانى) وهكذا طلبات الصلاة الربانية.



    طاعة المسيح لم تظهر فقط في الصليب:-

    لقد ظهرت هذه الطاعة أيضاً في تجسده حين أخلى ذاته آخذاً صورة عبد. وفي حياته حين كان يقول "طعامى أن أصنع مشيئة الذي أرسلنى" و"ينبغى أن أكون فيما لأبى" وإذا قارننا هذه المواقف للمسيح مع قوله من يحبنى يحفظ وصاياى نفهم أنه إذا كان المسيح يقول هذا ويصنع هذا فإنما بسبب الحب فهو قدم حياته كلها محرقة حب ملتهب لذلك إشتمه الآب رائحة سرور ورضى بإسم الكنيسة ولحسابها.



    موقف المسيحى من ذبيحة المحرقة:-

    كيف يكون المسيحى موضع سرور ورضى الله؟ بأن يقدم طاعة وخضوع كامل لله وكيف أستطيع أن أقدم هذا الخضوع لله؟ هذا لا يأتى سوى بأن نحب الله. وهناك من يلتهب بنار الحب الإلهى فيقدم نفسه محرقة لله، أي كل حياته الداخليه وتصرفاته الظاهرة كذبيحة حب ملتهبة لحساب الله ويصل هذا للإستشهاد. ولهذا يقول بولس الرسول "من يفصلنى عن محبة المسيح.....رو 8" ويقول "الذين صلبوا الأهواء مع الشهوات " هذا ما له رائحة عذبة أمام الله. والذي يصنع هذا ويقدم نفسه ذبيحة فهو خلال الإتحاد بالمصلوب يرتفع في إشتياق معه إلى الصليب كما على مذبح المحرقة ويتقبل أي نوع من الألام شاكراً وبسرور بل يسبح الرب على كل حال وهذا معنى "فنقدم عجول شفاهنا هو 14: 2" أي نسبحك يا رب ونحن مقدمين أنفسنا ذبائح حية (عجول محرقات) ولذلك يدعونا الرسول "قدموا أجسادكم ذبائح حية".

    + إذاً علينا أن نهتم بأن نبحث عن محبة الله وإرضاؤه قبل أن نفكر في أبديتنا، ولذلك بكى داود على خطيته حتى بعد أن غفرها له الله. وإذا بحثنا كيف نرضى الله نكون قد إصطلحنا معه وصرنا مقبولين أمامه ورائحة سرور لديه.

    + في ذبيحة المحرقة المسيح نفذ الوصية "حب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك تث 6: 4. فالكل يحترق على النار. فالرأس يشير للفكر والأرجل تشير للسير والأحشاء للقلب والمشاعر والشحم يشير لطاقة الجسم. فالمسيح قدم كل شيء فكانت أول كلماته وهو بعد صغير "ينبغى أن أكون فيما لأبى" وآخر كلماته على الصليب "قد أكمل" أي أنه أكمل العمل الذي أعطاه له الآب. وهكذا على المسيحى أن يقدم كل ماله لله، الرأس أي أفكاره يحفظها طاهرة والأرجل وهذا يشير للسلوك الخارجى والأحشاء وهذه تشير لتطهير القلب. وهذا ما يعنيه تكريس الإنسان للمسيح ، أي تقديس أو تخصيص كل اعضاء وحواس الانسان لله.



    كلمة محرقة تعنى أيضاً صعيدة:-

    وكلمة محرقة بالعبرية هي "أعولة" ومعناها الشئ الذي يعلو ويصعد ويرتفع لأنها من ناحية ترفع كلها على المذبح لا يأكل منها أحد فكلها لله. والأهم أنها تصعد لله كرائحة بخور. ولذلك يستخدم الفعل أصعد مع هذه الذبيحة كثيراً مثلاً تك 8: 20 + تث 12: 14. ولاحظ في الترجمة العربية قوله "ويوقد الكاهن لا 1: 9، 13، 17 " ولم يقل يحرق كما في ذبيحة الخطية لا 4: 12 وفي الأصل العبرى فكلمة يوقد هي المستخدمة لإيقاد البخور فهذه الذبيحة لها رائحة زكية أمام الله أما الكلمة المستخدمة مع ذبيحة الخطية فهى تعنى حرق بالمعنى العادى.



    أنواع المحرقات:-

    كانت المحرقات نوعان 1) عامة 2) خاصة

    1) العامة :- مثل المحرقة الصباحية والمحرقة المسائية وهذه تقدم يومياً خر 29: 38 – 42 وهناك محرقات تقدم في السبوت والأهلة والأعياد عن الشعب كله عد 28: 9

    2) الخاصة :- كالتى قدمت في مسح هرون وبنيه أو التي يقدمها كل شخص عن نفسه وهذه تنقسم لنوعان أ) إجبارية ب) إختيارية

    أ‌) الإجبارية:- هذه يقدمها المريض (مثل الأبرص) حين يشفى

    ب‌) الإختيارية :- كالنذور وفي الشكر وفي الفرح.

    الحيوانات التي تقدم للمحرقات:- ثلاث أنواع البقر - الغنم – والطيور. وهذه هي الحيوانات الثمينة عند الشخص العادى فلا ينبغى أن نقدم لله إلا من أثمن ما عندنا ومن ناحية أخرى فهى متواجدة بإستمرار فلم يطلب الله منهم صيد وحوش مثلاً. المهم أن لا يظهروا فارغين أمام الله. بجانب أن هذه هي الحيوانات الطاهرة (لا 11).

    ملحوظة :- في المحرقات العامة (الصباحية والمسائية......) كان رئيس الكهنة يعترف بخطايا الشعب على رأس الذبيحة (لا 16: 21) وهذا ما يفعله الكاهن الآن فى دورة البخور وفي تقديم الحمل.

    + كلمة للرضا عنه لم تأتى مع ذبائح الخطية والإثم ولا مع ذبيحة السلامة، إنما جاءت هنا فقط مع ذبيحة المحرقة وكذلك كلمة يكفر هنا تختلف عن كلمة يكفر في ذبيحة الخطية فهى مع المحرقة تعنى الرضا أما مع ذبائح الخطية فهى للصفح. في ذبيحة المحرقة الله يسر بكمال مقدم الذبيحة فهو بلا خطية. ولكن في ذبيحة الخطية فمقدم الذبيحة يسترضى الله الذي كسر شريعته، هو يحاول أن يبقى وسط شعب الله لأن خطيته تجعله مطروداً خارجاً.

    + كانت حادثة العجل الذهبى وإرتدادهم عن الله فيها فمات منهم 3000 نفس كافية لإثبات ضرورة المصالحة مع الله حتى لا يظهر غضبه عليهم. (خروج 32)



    آية 1:- و دعا الرب موسى وكلمه من خيمة الاجتماع قائلا.

    سبق الشعب ورفض أن يتكلم مع الله حين خافوا من البرق والرعد والدخان ثم سلم الله الوصايا لموسى بعد ذلك. وهنا الله يستدعى موسى إلى خيمة الإجتماع إلى تابوت العهد (كرسى الرحمة). والمعنى أن الله أعطانا الوصية لنقترب إليه من خلالها. لكننا في ضعفنا حسبنا كاسرين للوصية وسقطنا بالأكثر تحت لعنة الناموس. وهنا يعطى الله شريعة الذبائح فلا مصالحة إلا خلال ذبيحة الدم التي بدونها لا يسكن الله وسط شعبه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والإعلان لموسى هنا من حيث يظهر مجد الله بين الكاروبين. والخيمة تشير لتجسد المسيح فهى حلول الله وسط شعبه. فالله لو حل في وسطهم على أساس صفاته التي أظهرها في جبل سيناء لكانوا قد هلكوا بسبب أنهم خطاة. وفي الخيمة إعلان لمجد الله المستور داخل حجاب رمزاً لتجسد المسيح. وقداسة الله فوق جبل سيناء لم تختلف عن قداسة الله فوق تابوت العهد حيث كلم الله موسى هنا، إلا أن قداسته في الحالة الأولى إقترنت بنار آكلة وفي الحالة الثانية إمتزجت بالنعمة الكاملة وهذه الأخيرة ظهرت بملئها في الفداء الذى بالمسيح وهذا هو الفداء الذي يشير له سفر اللاويين. ففى جبل سيناء كان هناك مجداً لله في الأعالى لكن بدون سلام على الأرض ولا مسرة الناس. والأن من فوق كرسى الرحمة يوجد رجاء بسلام على الأرض ورضا الله بالناس



    آية 2:- كلم بني اسرائيل وقل لهم اذا قرب انسان منكم قربانا للرب من البهائم فمن البقر والغنم تقربون قرابينكم.

    كلم بنى إسرائيل = راجع عب 1: 1. هذه تظهر الإحتياج لوسيط بين الله والناس. إنسان منكم = لأنها مقدمة عن الجنس البشرى كله. فالآب يود أن يشتم في الكل رائحة سرور ورضا والمسيح الإبن يقدمها للآب كأن البشرية كلها كإنسان واحد هو جسده. قرباناً = هي كلمة عبرية تعنى عطية.



    آية 3:- ان كان قربانه محرقة من البقر فذكرا صحيحا يقربه إلى باب خيمة الاجتماع يقدمه للرضا عنه امام الرب.

    من البقر = هذه للقادرين ولغير القادرين يقدمون من الغنم وللمعدمين يقدمون من الطيور. فذكراً = لأن المسيح هو عريس الكنيسة والكنيسة هي عروس المسيح والمسيح هو رأس الكنيسة كما أن الرجل هو رأس المرأة. وعن هذا سبق أرمياء وتنبأ قائلاً "لأن الرب قد خلق شيئاً حديثاً في الأرض. أنثى تحيط برجل"

    ( 31: 22 ) ويقول أشعياء في نبوة عن ولادة العذراء "قبل أن يأتى عليها المخاض ولدت ذكراً" 66: 7 وفي سفر الرؤيا ولدت إبناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم رؤ 12: 5. صحيحاً = أي بلا عيب (هو العجل المسمن الذي قدم عن الإبن الضال) وكان الكهنة يختمون الحيوانات بعد فحصها ومن يجدونه بلا عيب يضعوا عليه ختماً لتقدم الذبائح من هذه الحيوانات المختومة. وهذا تفسير يو 6: 27 غالباً. وقارن مع ملا 1: 6 – 8 فحين أهمل الكهنة إختيار الذبائح الصحيحة حزن الله. يقربه = هنا كان يسمح لمقدم الذبيحة غالباً أن يذبحها بنفسه أو يذبحها له اللاويين ولكنه كان هو يأتى بنفسه مع الذبيحة إلى باب خيمة الإجتماع وهذا إعلان منه أنه راضياً عن هذا ولم يجبره أحد على ذلك وهذا فيه إشارة للمسيح الذي قدم نفسه للموت بإرادته فصار آدم الأخير الذكر رأس الكنيسة الذي بلا عيب. إلى باب خيمة الإجتماع = وليس في الداخل فالمسيح تألم خارج أورشليم. هو جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله. وهكذا صنعوا بإبن صاحب الكرم مت 21 : 38، 39 قارن مع عب 13: 13. وهنا فإن مقدمى الذبائح يقفوا خارجاً كمن هم غير مستحقين للدخول في شركة الجماعة. ولذلك أخذ واضعى طقوس العهد الجديد نفس الفكر فقبل تقديم الحمل في القداس تكون كل الصلوات من على باب الهيكل ومن الخارج وهذا ينطبق على صلوات رفع بخور عشية ورفع بخور باكر وهذه الصلوات هي إشارة للمحرقة الصباحية والمسائية وكأن الصلوات التي تسبق تقديم الحمل تشير للعهد القديم ولذلك نصلى خارج الهيكل. للرضا عنه = المسيح مقبول ومرضى عنه لكماله أما نحن فنقبل فيه. ولاحظ أن باب خيمة الإجتماع أي قبل مذبح المحرقة النحاس



    آية 4:- و يضع يده على راس المحرقة فيرضى عليه للتكفير عنه.

    يضع يده على رأس = كان الطقس المعروف أن مقدم الذبيحة يضغط بكل قوته على رأس الذبيحة ويقول "أتوسل إليك يا الله فإننى أخطأت وتمردت وعصيت مرتكباً.... كذا وكذا لكننى عدت تائباً وليكن هذا للتكفير عنى" وهذا في ذبيحة الخطية ومعنى الضغط على رأس الحيوان يعني أن مقدم الذبيحة يلقى بكل أحماله ومتاعبه وخطاياه عليها ويعود لبيته فرحاً لأن خطاياه رفعت عنه. والضغط بقوة يحمل فكرة التخلى عن الخطية أي توبة قوية. وأما طقس شريعة المحرقة أو الكلمات التي كان يرددها مقدم هذه الذبيحة فغير معروفة والمهم أن وضع يد المقدم وضغطها على رأس الذبيحة تشير لمعنى الوحدة مع الذبيحة وكأن الذبيحة صارت ممثلة لشخص مقدمها وكما صارت هذه الذبيحة موضع سرور الرب هكذا يصير مقدمها. وفي هذه إشارة لوحدتنا مع الرب يسوع فقد صرنا من لحمه ومن عظامه



    آية 5:- ويذبح العجل امام الرب ويقرب بنو هرون الكهنة الدم ويرشون الدم مستديرا على المذبح الذي لدى باب خيمة الاجتماع.

    ويذبح العجل = كان مقدم الذبيحة أو اللاويين هم الذين يقومون بالذبح. أمام الرب = حقاً فالعجل يذبح خارج الخيمة لكنه أمام الرب. والمسيح يظهر أمام وجه الله لأجلنا عب 9: 24 + 7: 25. ونحن في المسيح ندخل إلى حضن الآب. ويقرب بنو هرون الكهنة الدم = الدم هو نفس الحيوان. "فنفس الحيوان أي حياته فى دمه" والمعنى أن الذبيحة قدمت دمها فداء عن حياة الإنسان. وكان الكهنة يستقبلون الدم في طشوت معدة لذلك. وكان رش الدم للتكفير حقاً للكهنة فقط. ورش الدم مستديراً = والدائرة تشير للأبدية فهى لا بداية لها ولا نهاية وكأن هذا الدم يعمل فينا أبدياً وينطلق بنا إلى السماء عينها ليدخل بنا إلى حضن الآب فنحيا فوق حدود الزمن. وراجع (1يو 1: 7 + عب 9: 14، 22 + 1بط 1: 18، 19 + رؤ 7: 14 + 12: 11) لترى قوة دم المسيح في التطهير. وكون دم المسيح دم رش عب 12: 24. هو رئيس كهنتنا الذي يرش دمه علينا فنتطهر وإستوحى واضع الطقس القبطى نفس الفكرة ولذلك نجد الكاهن عند قوله "وهكذا الكأس أيضاً بعد العشاء مزجها من خمر وماء" يدور بإصبعه راسماً دائرة على حافة الكأس والمعنى أن دم المسيح هو لكل أحد ولكل زمان وحتى الأبدية وفي كل مكان.



    آية 6:- و يسلخ المحرقة ويقطعها إلى قطعها.

    ويسلخ = السلخ يشير للإستسلام الكامل فالذبيحة لا تستطيع أن تدافع عن نفسها الأن ومستسلمة تماماً. ولأن الغنم هذا هو طبعها فهى تشير للإستسلام الكامل فهى لا تسلخ وهكذا المسيح كان كخروف داجن وشاة سيقت للذبح. ويشير أيضاً السلخ للعرى فقد تعرت الذبيحة مما تلبسه والمسيح تعرى ليسترنا. هكذا لبس آدم أقمصة من جلد. ويشير السلخ أيضاً للطاعة الكاملة ظاهرية وباطنية. فالسلخ إعلان لطاعة المسيح الباطنية. فهى ليست طاعة ظاهرة في التصرفات الخارجية فقط، بل بإقتناع داخلى، لأن السلخ هو نزع الغطاء الخارجى فيظهر الداخل. ويقطعها إلى قطعها = مرة أخرى نعود لواضع الطقس القبطى الذي إستوحى نفس الفكرة فنجد الكاهن يقسم القربانه لقطع ثم يعيد ترتيبها على شكلها الأصلى في الصينية. وراجع آية (Cool ويرتب بنو هرون القطع. وكانوا غالباً يعيدون ترتيبها على المذبح لتأخذ شكل الحيوان الأصلى رأسه وأكارعه وأعضاؤه. وهذا ما يفعله الكاهن القبطى اليوم والمعنى أن هذا الجسد المكسور مكسور لأجلنا.



    آية 7:- و يجعل بنو هرون الكاهن نارا على المذبح ويرتبون حطبا على النار.

    ناراً = كانت النار لا تطفأ أبداً وهي التي أرسلها الله لتأكل الذبائح في يوم تكريس هرون وبنيه وكان شحم الذبائح هو ما يساعد على إضرام النار. ويرتبون حطباً على النار = الحطب أي الخشب وهذا يرمز للصليب (خشبة الصليب)



    آية 8:- و يرتب بنو هرون الكهنة القطع مع الراس والشحم فوق الحطب الذي على النار التي على المذبح.

    ويرتب بنو هرون القطع = هذا يشير إلى أن الصليب حمل المسيح رأس الكنيسة وأيضاً حمل الأعضاء أى جسده الذي هو الكنيسة. فالكنيسة هي جسد المسيح المتألم التي تشاركه طاعته للآب وحبه. وهنا الكل على النار، وهكذا المسيح قدم نفسه جسداً وروحاً ونفساً على مذبح الصليب. وهذا يشير للقلب الذى تشعله نار الله لتحرق الخطايا ثم يشتعل حباً ثم يشتعل غيرة على أولاد الله فيحترق حين يضعف أحدهم



    آية 9:- و اما احشاؤه واكارعه فيغسلها بماء ويوقد الكاهن الجميع على المذبح محرقة وقود رائحة سرور للرب.

    فيغسلها بماء = الغسيل للأعضاء الخارجية والداخلية فالإنسان كله يحتاج لغسيل كامل بسبب طبيعته الساقطة. وهذا الغسيل للقطع يشير لطهارة المسيح الذبيح وأنه بلا عيب وبالنسبة للكنيسة فيشير لعمل المعمودية التي بها تغتسل طبيعتنا الداخلية بعمل دم الذبيحة، وتتجدد بصلب الإنسان العتيق والتمتع بالإنسان الجديد. وهنا يلتحم الدم مع الماء كما خرج دم وماء من جنب المسيح. ولاحظ الشكل الموجود على المذبح، الأعضاء المغسولة للحيوان المذبوح مرتبة على خشب والنار تأكل الجميع. ما هذا سوى الكنيسة المعتمدة المقدسة بالدم التي صلبت أهوائها مع شهواتها "مع المسيح صلبت" ونار الروح القدس تشعل محبتها لله فتصير رائحتها رائحة سرور أمام الرب. والروح القدس هو النار الذى يهبنا التبنى لله الآب في إستحقاقات الصليب



    الأيات 10 – 13:- و ان كان قربانه من الغنم الضان أو المعز محرقة فذكرا صحيحا يقربه. ويذبحه على جانب المذبح إلى الشمال امام الرب ويرش بنو هرون الكهنة دمه على المذبح مستديرا. ويقطعه إلى قطعه مع راسه وشحمه ويرتبهن الكاهن فوق الحطب الذي على النار التي على المذبح. واما الاحشاء والاكارع فيغسلها بماء ويقرب الكاهن الجميع ويوقد على المذبح انه محرقة وقود رائحة سرور للرب.

    محرقة الأغنام يقدمها غير القادرين. وهي لها نفس الطقس السابق ما عدا أنها لا تسلخ. ونجد هنا إشارة لأنها تذبح على جانب المذبح إلى الشمال والشمال هو الناحية البحرية مكان هبوب الريح اللطيفة. ففي هذه الذبائح إرضاء الله. وقد يكون هذا المكان هو المناسب للذبح فهو المكان الخالى كما هو واضح بالرسم. وهناك سبب آخر أن المسيح قد صلب في موضع الجمجمة لو 23: 33 وهذا المكان على الجانب الشمالى من أورشليم. ومن هذا الجانب الشمالى رمز الريح اللطيفة نجد إشارة للصليب الذي بسببه رضى الله على الإنسان فكانت نعمته التي تشبه الريح اللطيفة بعد سنين من عذاب الهواء اللافح الساخن من غضبه على البشرية. ولكن لماذا أشير للجانب الشمالى في ذبائح الغنم بالذات ولماذا سمى المسيح حمل الله ولم يسمى بأى إسم آخر من الحيوانات التي تقدم ذبائح؟ السبب أن الغنم رمز للطاعة الكاملة وأيضاً فالمحرقة الدائمة (الصباحية والمسائية) من الغنم إشارة للمسيح الذي يشفع فينا دائماً أمام الآب بدمه فيرضى الآب



    الأيات 14 – 17:- و ان كان قربانه للرب من الطير محرقة يقرب قربانه من اليمام أو من افراخ الحمام. يقدمه الكاهن إلى المذبح ويحز راسه ويوقد على المذبح ويعصر دمه على حائط المذبح. وينزع حوصلته بفرثها ويطرحها إلى جانب المذبح شرقا إلى مكان الرماد. ويشقه بين جناحيه لا يفصله ويوقده الكاهن على المذبح فوق الحطب الذي على النار انه محرقة وقود رائحة سرور للرب

    هى المحرقة التي يقدمها المعدمين. الطيور (يمام وحمام) والكلمة العبرية تشير أنه لابد أن يكون الطير ذكراً. وربما إستخدامه لليمام والحمام ضماناً لوجودهما على مدار العام. وهنا تنزع الحوصلة والريش ترمى فكل ما هو غير نقى يرمى خارجاً. ولم يكن في حالة الطير أن مقدم الذبيحة يضع يده على رأس الطير فهى صغيرة جداً ويكفى مقدمها أنه يقدمها بيديه. ونلاحظ هنا أن الكاهن هنا هو الذي يقوم بكل العمل (الذبح أيضاً وليس اللاويين هم الذين يذبحون الطير) وفى هذا رفع لشأن الفقراء والمسيح إمتدح فلسى الأرملة. وكان الكاهن يعصر دم الطير مباشرة على المذبح لقلة مقدار الدم. وراجع لو 2: 24 فأبوى المسيح قدموا محرقة من الطيور فالمسيح أتى فقيراً. الله لا يطلب القيمة المادية بل القلب. ولهذا نجد هنا فقط وكان الكاهن يعصر دم الطير مباشرة على المذبح لقلة مقدار الدم. وراجع لو 2: 24 فأبوى المسيح قدموا محرقة من الطيور فالمسيح أتى فقيراً. الله لا يطلب القيمة المادية بل القلب. ولهذا نجد هنا فقط وإن كان قربانه للرب فقوله للرب لم يذكر مع النوعين الآخرين والحمام واليمام سبق الإشارة لهما ويشيران للوداعة والبساطة وبعض اليمام لا يقبل الذكر منه سوى أنثى واحدة لا يقترب إلى غيرها حتى إن ماتت فهو رمز للطهارة. ويحز رأسه = فالطريقة التي كانت ذبيحة الحمام واليمام تقدم بها طريقة عنيفة لطائر نقى وديع بل ووحشية مع طائر مسالم!! أو ليس هذا ما حدث مع المسيح الذي سالم جميع الناس ولم يكن في فمه غش ولاحظ مشهد الصليب. ويشقه بين جناحيه لا يفصله = هذا مثل ما حدث مع خروف الفصح الذي لا تكسر عظامه وعدم كسر العظام قد يشير أنه هو نفسه كامل بلا عيب وهو مصلوب ومذبوح لأجلنا. ولاحظ أن الكنيسة تسمى اليمامة كمسيحها

    + ياليتنا نقدم أنفسنا ذبيحة محرقة فالعجل هو الجموح الجسدى وشهواته فلنصلبها ونقدم طاعة وتسليم لإرادة الله فنصير حملان وهنا ننطلق للسماويات كالحمام ونمتلئ من الروح القدس (الحمام) وتهب علينا ريح الشمال الباردة أي تعزيات الله السماوية.

    وهناك ملحوظة أخرى فالعجول مرتبطة بالقادرين الأغنياء ثم الحملان مرتبطة بالأقل قدرة والطيور السماوية مرتبطة بمن لا قدرة لهم وحقاً قوته في الضعف تكمل وعلى من يحس بقدراته وجموحه أن يقاومها ويبدأ في طاعة الله فيحلق بعد ذلك في السماويات.



    ملاحظات على ذبيحة المُحْرَقَة

    1- من الواضح أن للمحرقة مكاناً خاصاً بين الذبائح كلها. فهى ذكرت أولاً في هذا السفر في الترتيب، بل تعتبر من بعض الوجوه أساس كل التقدمات. فكثيراً ما نقرأ عن تقدمة الدقيق كملحق للمحرقة "محرقة للرب مع تقدمتها وسكيبها (لا 23: 18) وكانت ذبيحة السلامة تحرق على المحرقة "3: 5. بل كان مذبح النحاس الذى في الدار الخارجية للخيمة يسمى مذبح المحرقة. وكانت تتقد عليه المحرقة الدائمة ليلاً ونهاراً، لأن الله قصد أن يبقى أمامه دائماً ما هو ثمين في عينيه.

    2- يتردد في ذبيحة الخطية القول "يكفر عنه فيصفح عنه" أما في المحرقة فالتكفير ليس للصفح عن الخطية، بل لقبول الشخص نفسه أي للرضا عنه أمام الرب ووضع مقدم الذبيحة يده على رأس الذبيحة كأنه يتحد بها في كل قيمتها وكمال قبولها أمام الله فإن كان الله يقبلها فهو يقبل مقدمها

    3- فى قول معلمنا بولس الرسول "وأسلكوا في المحبه كما أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة. أف 5: 2. نرى هنا مقطعين للآية: الأول أنه أسلم نفسه لأجلنا هذا هو الوجه الأول للصليب من ناحيتى كإنسان. فالمسيح قدم نفسه ذبيحة خطية لأجلى أما المقطع الثانى أنه كان قرباناً وذبيحة لله، هذه هي ذبيحة المحرقة

    4- ملحوظة أخرى على سلخ المحرقة، فهو قبل أن يتعرى ليكسينا بعد أن تعرينا فالسلخ يشير لخلع الغطاء الخارجى أي للعرى الذي قبله المسيح على الصليب لأجلنا.


    عدل سابقا من قبل ثروت في الخميس 15 سبتمبر 2011, 12:08 pm عدل 1 مرات
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالخميس 15 سبتمبر 2011, 11:53 am


    تفسير سفر اللاويين الاصحاح الثاني
    إن كانت ذبيحة المحرقة تقدم رائحة السيد المسيح المصلوب في طاعته الكاملة للآب، فإن تقدمة القربان بكل أنواعه تكشف عن جانب آخر من جوانب عمل السيد المسيح الخلاصي، وهو أنه فيما تقدم الكنيسة ذبيحة المسيح للآب للرضا عنها يقدمه الآب للكنيسة كسرّ حياتها الجديدة وموضوع شبعها، الآب يفرح بطاعة الإبن الوحيد الجنس والكنيسة تفرح بإبن الله المتجسد الذبيح كواهب حياة أبدية ومشبع حياتها.

    هذا وقد إرتبطت التقدمات الطعامية بالذبائح الدموية لتأكيد الحاجة إلى دم الفادي للخلاص.

    1. تقدمة من الدقيق [1-3].

    2. تقدمة من المخبوز في تنور [4].

    3. تقدمة من المخبوز على صاج [5-6].

    4. تقدمة من طاجن [7-10].

    5. تقدمة من الباكورات من الفريك [14-16].



    1. تقدمة من الدقيق:
    "وإذا قرب أحد قربان تقدمة للرب يكون قربانه من دقيق، ويسكب عليه زيتًا ويجعل عليه لبانًا" [1].

    يعلق العلامة أوريجانوس على كلمة "أحد" إذ جاءت في اليونانية "نفس". فيرى أن ذبيحة المحرقة هي ذبيحة الإنسان الروحي الذي يقدم ذبيحته على مذبح الرب فتتقبلها النار المقدسة بكاملها، أما الإنسان "النفساني" الذي قيل عنه هنا "إذا قربت نفسي"، وهو إنسان ليس بروحي ولا في نفس الوقت بجسداني، لا يمتص قلبه بالروحيات ولا يميل بجسده للرجاسات لكنه إنسان منهمك في المشاغل اليومية التي تلهيه عن أبديته. هذا هو الإنسان النفسي أو الطبيعي الذي يقول عنه الرسول: "الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأن عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه إنما يُحكم فيه روحيًا، أما الروحي فيحكم في كل شيء" (1 كو 14: 15). مثل هذا إذ يقدم تقدمة قربان للرب من الدقيق ومن خبز الفطير، أي يقدم حياته اليومية العادية يحتاج إلى زيت المراحم الإلهية لتسحبه من إرتباكات الحياة[46].

    كأن العلامة أوريجانوس يود أن يقول إن كنت عاجزًا عن أن تقدم كل حياتك مكرسة للرب كمحرقة فقدم عملك اليومي مقدسًا له كقربان دقيق أو فطير صارخًا لله أن يسكب فيك زيت رحمته بلا إنقطاع حتى لا يلهيك العالم عن أبديتك.

    ويقدم كثير من الآباء تفسيرًا آخر للتقدمة، إذ يرون فيها "حياة السيد المسيح" كعطية الآب لنا، فيه ننعم بالشركة مع الآب ونتمتع بالسلام الفائق، خاصة وأن كلمة "قربان" في العبرية تعني "منحة" أو "هبة" أو "هدية". فالسيد المسيح هو عطية الآب لنا، وحياته فينا هي عطيته المجانية. وقد جاء طقس التقدمة يكشف عن هذا المفهوم بوضوح، والذي يمكن إبرازه في النقاط التالية:

    أولاً: يقدم الإنسان دقيق قمح فاخر للكهنة بني هرون بأسم الرب، فيأخذ الكاهن مقدار قبضة يده ليقدمه مع زيت وكل اللبان على النار، فيتقبل الله هذا القليل الذي هو ملء القبضة "وقود رائحة سرور للرب" [2] كتذكار من الشعب لله على إحساناته. أما بقية التقدمة من دقيق وزيت فمن نصيب الكهنة: "لهرون وبنيه، قدس أقداس من وقائد الرب"[3].

    إن كان الدقيق الفاخر يُشير إلى السيد المسيح "خبز الحياة" (يو 6: 35)، فإن الكاهن إذ يأخذ ملء قبضة يده ليقدمه مع زيت وكل اللبان إنما يمثل الكنيسة التي ليس لها ما تقدمه للآب عطية من جانبها سوى ذاك الذي نزل إلينا وصار كواحد منا، كمن في يد الكنيسة وليس كغريب عنها. إنها تجد فيه تقدمة للآب فتحمله إليه لتتقبل منه رضاه ومسرته. "المسيح المصلوب" هو ذبيحة الكنيسة وتقدمتها خلاله تقدم عبادتها من تسابيح وطلبات وصلوات ومطانيات وأصوام... وبدونه لا تقدر أن تبسط يديها لتتعبد[47]. وفيما هي تقدم هذه التقدمة الفريدة إذا بها تتقبل السيد المسيح نفسه في حياتها "قدس أقداس"، تتناول جسده ودمه المبذولين كسرّ حياتها وشعبها الروحي. إن ربنا يسوع المسيح كوسيط عنا بدمه أرسله الآب إلينا ليقدم حياته بإسمنا وفي نفس الوقت نقبله في حياتنا عطية إلهية تشبع الأعماق!

    ثانيًا: إن كان مسيحنا القدوس قد صار خبزًا ليشبع نفوسنا به، فإن سكب الزيت عليه [1] يُشير إلى مسحه بروحه القدوس أزليًا كمسيح الرب الذي كرس عمله لخلاصنا، ليقوم بدوره كرئيس كهنة أعظم سماوي يشفع بدمه عنا لغفران خطايانا.

    * إسم "المسيح" مشتق من "المسحة"... بأي زيت مُسح إلاَّ بزيت روحي؟! فالزيت المنظور هو علامة، أما غير المنظور فهو السرّ، وهو داخلي.
    مُسح الله لأجلنا وأرسل، فصار إنسانًا مع بقائه هو الله.

    القديس أغسطينوس[48]

    * لم يُمسح المسيح بزيت بل بالروح. يقدم لنا الكتاب المقدس أمثلة لدعوة البعض مسحاء، لكن الموضوع الرئيسي هو المسح بالروح، وقد استخدم الزيت (كرمز) من أجله.
    القديس يوحنا الذهبي الفم[49]

    * دُعى هرون مسيحًا بسبب المسيحة، التي لما إستخدمت روحيًا صارت تناسب إسم الرب الممسوح بالروح بواسطة الآب، وكما هو مكتوب في سفر الأعمال: "لأنه بالحقيقة إجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته" (أع 4: 27). وهكذا بالنسبة لنا يُمسح الجسد لكن النفع الروحي، وذلك كما في المعمودية نفسها حيث يغطس الجسد في الماء لكن فاعليتها روحية حيث نتحرر من الخطايا.
    العلامة ترتليان[50]

    ثالثًا: إن كان مسيحنا القدوس يُقدم لنا خبزًا سماويًا يشبع النفوس قد مسحه الآب لخلاصنا وشبعنا بروحه القدوس، فإننا نحن أيضًا إذ نتحد به نصير أشبه بخبز تقدمه للرب، ننعم في إستحقاقات دمه بالمسحة المقدسة، مسحة روحه القدوس الذي يسكن فينا ويقدسنا ويكرس قلبنا وكل طاقتنا لحساب مملكته السماوية، فنحسب قطيع المسيح وجنده الروحيين الحاملين سمته فينا وعلى جباهنا... لا نخاف الخطية ولا نرهب إبليس الذي يحطمه ربنا تحت أقدامنا.

    * العلامة التي تتسمون بها الآن هي علامة إنكم قد صرتم قطيع المسيح.
    الآب ثيؤدور المصيصي[51]

    * كما يطبع الختم على الجند هكذا يطبع الروح القدس على المؤمنين.
    القديس يوحنا الذهبي الفم[52]

    إذ قدم السيد المسيح نفسه على الصليب محرقة حب وتمجّد وهبنا إمكانية سكب هذا الزيت علينا كعطية مجانية يقدمها لكنيسته من عند الآب، إذ قال لتلاميذه "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد ليّ" (يو 15: 26). هذا الزيت الجديد الذي وهبه السيد المسيح لعروسه من عند الآب بعد صعوده هو السند لها في غربتها على الأرض، به تُغفر الخطايا في إستحقاقات الدم، وبه يتقوى المؤمنون في جهادهم الروحي ضد الخطية... وكما يقول القديس أمبرسيوس: [للكنيسة زيت به تضمد جراحات أبنائها لئلا تتعمق أكثر. للكنيسة الزيت الذي تتقبله سرًا! بهذا الزيت غسل أشير قدميه، إذ قيل: "مبارك من البنين أشير، ليكون مقبولاً من إخوته، ويغمس في الزيت رجله" (تث 33: 24). به تدهن الكنيسة عنق أبنائها فيحملون نير المسيح، وبه تدهن الشهداء لتنقيهم من تراب هذا العالم. به تدهن المعترفين أيضًا فلا ينهاروا من الآلام ولا يسقطوا تحت القلق ولا تؤذيهم حرارة هذا العالم. إنها تدهنهم بالزيت السماوي! أما المجمع اليهودي فليس له هذا الزيت، إذ ليس له زيتون، ولا يفهم الحمامة التي رجعت بعد الطوفان تحمل غصن الزيتون (تك 8: 11)، إذ نزلت هذه الحمامة بعد ذلك عندما اعتمد المسيح واستقرّت عليه، كما شهد بذلك يوحنا في الإنجيل، قائلاً: "إنيّ قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقرت عليه" (يو 1: 32). كيف يرى الحمامة من لا يرى ذاك الذي نزلت عليه الحمامة؟![53]]:

    بهذا الزيت الذي أعطى للكنيسة يلين قلب المؤمن ليحمل لطفًا ومحبة وعوض القساوة، بهذا اللطف تقبل تقدماته وعطاياه. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم عن الإنسان الذي لا يسلك بالروح القدس: [كما أن الحجر لا يخرج زيتًا، هكذا لا تنتج القساوة لطفًا، فإن كان للعطاء جذر قساوة كهذه فلا يُحسب عطاءً[54]]. مرة أخرى يتحدث عن فاعلية هذا الزيت الذي بدونه تفقد مصابيحنا الداخلية قيمتها وبهاءها، فيقول: [لنسكب في هذه المصابيح زيتًا حتى يصير اللهيب أكثر بهاءً ويظهر نورًا عظيمًا. فإن هذا الزيت لا يحمل قوة عظيمة هنا فحسب وإنما حتى عندما ترتفع به الذبائح تصير مقبولة، إذ قيل: "أريد رحمة لا ذبيحة" (مت 12: 7، هو 6: 6) [55]].

    إن كان الروح القدس هو الزيت الروحي الذي به تلين قلوبنا عن قسوتها وتمتلئ حبًا، وبه تلتهب مصابيحنا الداخلية بالنور الإلهي فتصير تقدماتنا وذبائحنا مقبولة لدى الله، فإن الخطاة أيضًا لهم زيتهم الذي يسكبونه لخداع البسطاء، يحمل روح إبليس المخادع المتملق، لذا يقول المرتل: "زيت الخاطئ لا يدهن رأسي" (مز 141). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ويعلق القديس أغسطينوس على هذه العبارة بقوله: [لا تنمو رأسي بالتملق، فإن المديح في غير محله هو تملق، إنه زيت الخاطئ!... ليكن لكم زيت في داخلكم فلا تطلبون زيت الخاطئ[56]]. بمعنى آخر لتمتلئ مصابيحنا بزيت الروح القدس الذي نلناه في مسحة الميرون فلا نشتهي زيت الشر المخادع!

    رابعًا: عند التقدمة يقدم الكاهن كل اللبان [2]، فإن كان يتقبل مع إخوته الكهنة الدقيق والزيت المتبقيان لكنه يلتزم بتقديم كل اللبان. فإن كان ترك الدقيق والزيت يُشير إلى تمتعنا بجسد الرب خبز الحياة ومسحة الروح القدس، فاللبان هو يشير إلى الصلاة (مز 141: 2) والعبادة، فلا يجوز لنا أن نبقي لأنفسنا شيئًا، إذ نقدم كل عبادة لله وحده خلال المذبح!

    خامسًا: بقوله "قدس أقداس من وقائد الرب" [3]، يعني أنها كاملة القداسة، لا يأكلها سوى الكهنة وحدهم فهي من نصيبهم دون نساءهم، يأكلونها في دار خيمة الإجتماع وهم مقدسون... لا يمسها أحد أو شيء غير مقدس!

    إن كانت التقدمة تُشير إلى جسد ربنا يسوع المسيح، خبز الحياة، فلا يجوز أن يتناوله إلاَّ من نال الكهنوت العام خلال المعمودية (سبق لنا الحديث عن الكهنوت العام الذي يشترك فيه كل المؤمنين والكهنوت الخاص بسرّ الكهنوت لممارسة الأسرار الكنسية). لا يأكله إلاَّ الذكور أي المجاهدين غير المدللين، يأكلونه وهم مقدسون بالرب خلال التوبة والإعتراف، يأكلونه في الخيمة المقدسة أي خلال كنيسة الله المقدسة.

    حينما يقال عن الأنصبة أنها "قدس" فقط وليس "قدس أقداس"، تكون من نصيب الكهنة وعائلاتهم، ولا يشترط أن تؤكل في دار خيمة الإجتماع، وذلك كباكورات الزيت والخمر وأنصبتهم من ذبائح عيد الفصح ومن ذبائح السلامة في الأعياد وغيرها (لا 23: 20، عد 6: 20).



    2. تقدمة من المخبوز في تنور:
    النوع الثاني من التقدمات هو الفطير سواء كان مخبوزًا في تنور (فرن) على شكل أقراص ملتوتة (معجونة) بالزيت، أو بكونه رقاقًا مدهونًا بالزيت... ويشترط فيهما ألاَّ يُستخدم الخمير.

    في التقدمة السابقة كان الزيت يُسكب على الدقيق إشارة إلى المسحة المقدسة بالنسبة للسيد المسيح الممسوح أزليًا بروحه القدوس، أما بالنسبة لنا ففيه صار لنا حق المسحة بالميرون كأعضاء جسده المقدس نحمل روحه فينا. أما في هذه التقدمة فالزيت يعجن به الفطير أو يدهن به الرقاق. العجن بالزيت يُشير إلى عمل الروح القدس في التجسد الإلهي، إذ قيل لها: "الروح القدس يحلّ عليكِ وقوة العلي تظللك" ودهنه بالزيت يُشير إلى أنه ممسوح لخلاصنا... أما دخوله التنور فيُشير إلى إحتماله نار الآلام من أجلنا.



    3. تقدمة من المخبوز على الصاج:
    النوع الثالث من التقدمة هو أيضًا فطير مخبوز لا في فرن وإنما على صاج أي على لوح من الحديد أو النحاس... وكانت التقدمة تفتت ويُسكب عليها زيت.



    4. تقدمة من الطاجن:
    هذه التقدمة من الدقيق المطبوخ في طاجن أي في إناء فخاري ربما يُشير إلى السيد المسيح الذي تأنس في أحشاء البتول بكونها الإناء الفخاري الذي تقدس ليتحقق فيها تجسد كلمة الله (الدقيق الفاخر) بالروح القدس (الزيت).

    وقد اشترط في هذه التقدمات جميعًا ألا يستخدم الخمير والعسل مادامت توقد على المذبح، وإنما يستخدم الملح، ويعلل ذلك للأسباب الآتية:

    أولاً: كثيرًا ما يُشير الخمير إلى الشر الذي يؤثر على الآخرين كخمير وسط العجين، ولما كان السيد المسيح ليس فيه عيب إنما حمل شرورنا نحن وخطايانا لهذا ففي سرّ الأفخارستيا يُستخدم الخبز المختمر الذي يدخل النار إشاره إليه كحامل خطايانا خلال نار صليبه.

    ثانيًا: يرمز العسل إلى الملذات الزمنية، فلا ننعم بالشركة مع الله في إبنه الذبيح مادمنا نحيا في ملذات العالم بروح التدليل. وكما يعلق القديس جيروم على عدم تقديم العسل إذ يقول: [لا يُسر الله بالأمور اللذيذة والحلوة، إنما يطلب أن يكون الإنسان جادًا يعمل بتعقل، إذ يليق أن يؤكل الفصح على أعشاب مرة (خر 12: Cool [57]].

    ثالثًا: يستخدم الملح في حفظ الطعام من الفساد، وكأن الله إذ يرفض الخمير والعسل بينما يطلب الملح يود ألا تتعرض تقدماتنا للفساد خلال الإختمار بالخميرة أو العسل إنما تحفظ بالملح من الفساد. هذا الحفظ يُشير إلى حفظنا العهد مع الله بلا فساد. ولعله لهذا السبب إعتاد الناس في الشرق عند إقامتهم العهد أن يأكلوا ملحًا مع الطعام إشارة إلى حفظ عهد المحبة ثابتًا. وقد شُبه المؤمنون بالملح أيضًا[58].

    يتحدث القديس جيروم عن استخدام الملح في الذبائح فيقول: [الملح جيد لذا يجب أن تُرش كل تقدمة به، كما يقول الرسول الوصية: "ليكن كلامكم كل حين بنعمة مصلحًا بملح" (كو 4: 6)، ولكن "إن فسد الملح يطرح خارجًا" (مت 5: 13)، فيفقد قيمته تمامًا ولا يصلح حتى لمزبلة، بينما يجلب المؤمنون سمادًا يغني تربة نفوسهم القاحلة[59]].



    5. تقدمة الباكورات من الفريك:
    "وإن قربت تقدمة باكورات للرب ففريكًا مشويًا بالنار، جريشًا سويقًا (ناعمًا) تقرب تقدمة باكوراتك، وتجعل عليها لبانًا. إنها تقدمة!" [14-15].

    يربط العلامة أوريجانوس بين هذه التقدمة ويوم الخمسين أي عيد العنصرة، إذ كانت الباكورات تقدم حسب الناموس في عيد الحصاد أو يوم الخمسين (خر 23: 16، تث 16: 9)، إذ يقول: [نال اليهود الظل في ذلك اليوم (عب 10: 1) أما الحق فحفظ لنا. لأنه في يوم الخمسين بعد تقدمة الصلوات نالت كنيسة الرسل الباكورات من الروح القدس بحلوله عليها (أع 2: 4). كانت بالحقيقة تقدمات جديدة، إذ كان كل شيء جديدًا... كان الرسل ملتهبين بالنار، لأن ألسنة من نار كانت منقسمة على كل واحد منهم (أع 2: 3) منقسمة في الوسط لتفصل الحرف عن الروح. لقد قيل هنا "مشويًا بالنار" أي نقيًا للغاية، لأن حضور الروح القدس ينقي من الأدناس بمنح غفران الخطايا. على هذه الذبيحة يسكب زيت المغفرة ويوضع عليها اللبان ذو الرائحة الجميلة لنصير به "رائحة المسيح الذكية" (2 كو 2: 15) [60]].

    في ختام حديثنا عن تقدمة القربان ككل نود أن نؤكد أن نصيبًا منها دائمًا كان يقدم على المذبح ليحرق فيختلط بدم الذبائح المقدمة بلا انقطاع، فلا تحرم التقدمة من فاعلية الدم المقدس لغفران الخطايا.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالخميس 15 سبتمبر 2011, 11:54 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح الثالث
    في ذبيحة المحرقة يشتم الله في كنيسته الملتهبة بنار المحبة رائحة سرور خلال الذبيح رأسنا يسوع المسيح الذي قدم حياته كلها محرقة طاعى للآب، وفي تقدمة القربان تفرح الكنيسة بعريسها المصلوب كمصدر شبع روحي لها، أما في ذبيحة السلام فيفرح الآب مع الكنيسة بكل فئاتها من كهنة وشعب خلال الشركة معًا. الآب يعلن رضاه خلال الذبيحة، والكنيسة تعلن فرحها وشكرها. لهذا تتسم هذه الذبيحة بتقديم جزء على المذبح بينما يوزع الباقي على الكهنة ومقدمي الذبيحة والمدعوين.

    1. مقدمة في ذبيحة السلامة

    2. ذبيحة سلامة من البقر [1-5].

    3. ذبيحة سلامة من الغنم [6-11].

    4. ذبيحة سلامة من الماعز [12-17].



    1. مقدمة في ذبيحة سلامة:
    أولاً: لاحظ العلامة أوريجانوس في ذبيحة السلامة ألا تقدم من الطيور كما في ذبيحة المحرقة، ولا من الدقيق أو الفطير كما في تقديم القربان، وإنما يلزم [تُقدم تقدمة كبيرة وكاملة، وفي هذا يقول الرسول: "وأما الطعام القوي فللبالغين" (عب 5: 14) [61]]. فإن كانت المحرقة هي تقدمة الإنسان الروحي، وتقدمة القربان هي تقدمة الإنسان النفساني، فإن ذبيحة السلامة في رأي العلامة أوريجانوس هي تقدمة الإنسان الناضج روحيًا أو الكامل الذي ينعم بسلام الله الكامل في حياته الداخلية وفي علاقته الداخلية، بكونها فيض سلام وشكر ينبع خلال السيد المسيح نفسه واهب السلام.

    أما مصدر السلام فهو السيد المسيح الذي بدمه صالحنا مع الآب فرد لنا سلامنا مع الآب وسلامنا مع أنفسنا كما مع أخوتنا، السلام الذي فقدناه بسبب الخطية. ويرى القديس أغسطينوس أن السيد المسيح ليس فقط مصدر السلام بل هو بعينه سلامنا الحقيقي. في هذا يقول: [السلام هو المسيح "لأنه هو سلامنا الذي جعل الإثنين واحدًا ونقض حائط السياج المتوسط" (أف 2: 14)... المسيح إبن الله هو السلام. جاء لكي يجمع من له ويفصلهم عن الشر[62]].

    ثانيًا: ذبيحة السلامة هي أكثر الذبائح تعبيرًا عن الفرح الداخلي وحياة الشكر، لذا كانت تسمى "تقدمة الكمال"، تُقدمها الجماعة أو أحد أعضائها إختياريًا في بعض المناسبات المفرحة كذبيحة شكر لله على رعايته ومحبته. وقد إعتادت العشائر أن تختار يومًا أو أيامًا في السنة لتقديمها بإسمها (1 صم 20: 6). وتقدم هذه الذبيحة أيضًا إلزاميًا كذبيحة الملء التي كانت تُقدم في سيامة الكهنة (خر 29: 19-28، لا 8: 22-32)، وذبيحة السلامة التي تقدم في عيد الخمسين (23: 19-20).

    ثالثًا: الأفخارستيا هي ذبيحة السلام والشكر التي تقدمها كنيسة العهد الجديد، إذ كلمة "أفخارستيا" في اليونانية تعني "الشكر". ففي ليتورجيا القداس الإلهي إذ نتمتع بجسد الرب ودمه المبذولين ننعم بالثبوت فيه لننال طبيعة الشكر الداخلية، فلا يكون شكرنا مجرد عبارات خلال التسبيح والصلوات وإنما طبيعة داخلية تمس أعماقنا الداخلية بكليتها.

    هذا ولقد اعتاد آباؤنا الأساقفة حتى اليوم عند بلوغهم أية مدينة، قبل دخولهم أي موضع يقدمون "صلاة الشكر" ذبيحة سلامة من أجل رعاية الله لهم في الطريق.



    2. ذبيحة سلامة من البقر:
    إذ ندقق في ذبيحة السلامة ونمنعن النظر فيها نتحقق من جوانب رائعة لذبيحة المسيح غير التي كشفتها ذبيحة المحرقة، والآن إذ نترك الجوانب المشتركة التي سبق ليّ تفسيرها في الأصحاح الأول أكتفى هنا ببعض الجوانب الأخرى، وهي:

    أولاً: يُشترط في ذبيحة المحرقة أن تكون ذكرًا صحيحًا، أما في ذبيحة السلامة فيمكن تقديم ذكرًا أو أنثى بشرط ان يكون صحيحًا [1-6]. ولعل السبب في هذا أن ذبيحة المحرقة تقدم بكاملها محرقة للرب على المذبح إشارة إلى تقديم السيد المسيح حياته في كمالها طاعة للآب، أما هذه الذبيحة وإن كانت تُشير إلى ذبيحة السيد المسيح واهب المصالحة والسلام فهي تمثل الشركة بين الله والناس خلال المصالحة والسلام. ولعل قبول الذبيحة من الإناث يُشير إلى دخول الكنيسة كعروس في الإتحاد مع عريسها لتنعم بالإتحاد معه وتتمتع بسلامه الفائق. إنها ذبيحة الكنيسة كلها التي تفرح وتُسر بالصليب فتُقدم حياتها ذبيحة شكر لله.

    ثانيًا: في ذبيحة المحرقة لا يأكل أحد منها بل تُحرق بكاملها لله بعد سلخها وتقطيعها وغسلها بالماء ووضعها على المذبح إشارة إلى تقديمها بكاملها للآب الذي وحده يدرك أحشاء إبنه التي بلا عيب، أما هنا فيشترك الإنسان مع المذبح في التمتع بالذبيحة، دون أن نسمع عن السلخ والتقطيع والغسل. إنها ذبيحة الشركة الحقيقية! يشتمها الله رائحة سرور، وفي نفس الوقت يُقدمها مائدة شهية للإنسان ليقول: "ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي" (مز 23: 5). ويقول إشعياء النبي: "ويضع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن" (إش 25: 6). كما يقول السيد المسيح: "هوذا غذائي أعددته، ثيراني ومسمناتي قد ذبحت، وكل شيء معد" (مت 22: 1-4).

    ثالثًا: وضع اليد على الرأس هنا غالبًا ما يكون للشكر والفراح، فلا ينطق الإنسان بكلمات يعترف فيها بخطاياه إنما يعلن شكره على إحسانات الله معه. وكما يقول الفديس أغسطينوس: [إن الإعتراف له شقان متكاملان: الإعتراف بخطايانا والإعتراف بإحسانات الله علينا، فيتمجد الله فينا خلال ضعفنا كما في إعلان أعماله معنا. فإن كان قد قيل عن العصاة: "زمرنا لكم فلم ترقصوا، نُحنا فلم تبكوا" (لو 7: 32)، فإنه يليق بنا خلال الصليب أن نسمع مزمار الإنجيل فنرقص روحيًا متهللين بأعماله الخلاصية كما نسمع النوح فنبكي على خطايانا. هكذا يمتزج الفرح بالرجاء مع حزن التوبة معًا بلا تناقص[63]].



    3. ذبيحة السلامة من الغنم:
    لا تختلف كثيرًا عن ذبيحة السلامة التي من البقر في كل طقوسها، سوى إضافة تقريب الآلية على المذبح، وهي الجزء السمين الذي في ذيل الغنم خاصة في البلاد الشرقية، ينزعها من عند العصعص، أي عند آخر فقرة من فقرات العمود الفقري.



    4. ذبيحة السلامة من الماعز:
    تكاد تكون صورة مطابقة للذبيحة التي من البقر في كل طقوسها.

    أخيرًا يختم حديثه عن ذبيحة السلامة بتأكيد عدم أكل الشحم والدم، إذ يقول: "فريضة دهرية في أجيالكم في جميع مساكنكم لا تأكلوا شيئًا من الشحم ولا من الدم" [17]. لا يقصد هنا الشحم الذي يتخلل اللحم، وإنما الذي يغشي الأحشاء والمتصل بها والذي على الكليتين (الخاصرتين) [4]. ولعل أسباب منع الشحم واللحم هو:

    أ. بالنسبة للشحم، فمن الناحية الصحية يُعتبر الشحم غنيًا بمادة الكولسترول الذي تسبب زيادته في طعام الإنسان أمراضًا كثيرة مثل ارتفاع ضغط الدم وانسداد الشرايين... لذلك إكتفت الشريعة بالسماح للإنسان في العهد القديم أن يأكل الشحم الذي بين اللحم ولا يأكل قطع الشحوم السمينة[64].

    ب. أيضًا من الجانب الصحي يرى بعض علماء الطب أن بعض الأمراض المعدية والجراثيم تنتقل بسرعة خلايا شرب الدم...

    ج. حرّمت الشريعة على الشعب اليهودي الإمتناع عن شرب الدم بكونه يمثل النفس، وهو مقدم لله وحده في الذبيحة من أجل المصالحة حيث تقدم نفس عوضًا عن نفس. هذا بجانب ما في شرب الدم من إشارة إلى الشراسة والتشفي، فقد خشي عليهم من التعود على ذلك فيسلك الإنسان بقساوة قلب حتى مع أخيه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إن السبب لمنع أكل الدم أنه مكرس ليقدم لله وحده، أو لعل المنع كان لأن الله أراد أن يصد الناس عن الإندفاع إلى سفك الدماء البشرية، فمنعهم من أكل دم الحيوانات لئلا يحملهم هذا على السقوط بالتدرج في خطية سفك دماء البشرية. قلت إننا كثيرًا ما سمعنا خصمًا يهدد خصمه، قائلاً: سأقتلك وأشرب من دمك[65]].

    حينما انعقد أول مجمع مسكوني بين الرسل والتلاميذ قرر إمتناع الداخلين إلى الإيمان من الأمم عن أكل المخنوق وشرب الدم (أع 15: 28-29). وجاءت القوانين الرسولية تؤكد أن الإكليريكي الذي يأكل حيوانًا بدمه (تك 9: 4) أو لحم فريسة حيوان أو ميتًا طبيعيًا يسقط أما العلماني فيفرز[66]. وقد ظل أمر الإمتناع عن الدم والمخنوق مرعيًا عدة قرون في الشرق والغرب أيضًا، غير أن مراعاته خفت قليلاً قليلاً إلى أن صار منسيًا إن لم يكن في كل كنيسة فعلى الأقل في الغرب. ويرى البعض أن الكنيسة الغربية جرت على ذلك على رأي القديس أغسطينوس الذي يقول: [إن هذا الأمر راعاه المسيحيون قبل تنظيم كنيسة الأمم[67]].
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالجمعة 16 سبتمبر 2011, 11:24 am

    تفسير سفر اللاويين 4
    + هذه الذبيحة هي التي يسهل فهمها على المسيحى المبتدئ، أن المسيح رفع خطاياه ولكن حين يبدأ في النمو يدرك أعماق الذبائح الأخرى مثل المحرقة والسلامة.

    + هنا نرى المسيح حاملاً خطايانا على كتفيه ليدفع الثمن أي حاملاً لعنة الناموس التي سقطنا نحن تحتها وكأنه وهو الإبن المحبوب قَبِل أن يحتل مركزنا نحن الذين تحت الغضب الإلهى لكى يرفعنا. وهنا نرى الآب حاجباً وجهه عن الإبن مما جعله يصرخ "إلهى إلهى لماذا تركتنى"فالآب أسلم إبنه الوحيد للألام والعقوبات التي كانت من نصيب البشر فهو هنا حامل خطاياهم وهذا ما جعله يقول "نفسى حزينة جداً حتى الموت"

    + نجد هنا تقسيم لمن يقدم الذبيحة 1- رئيس الكهنة أو الكاهن الممسوح

    2- كل الجماعة.

    3- الرئيس أي الملك.

    4- أحد أفراد الشعب

    وإذا وضعنا أمامنا أن تقديم الذبيحة يستلزم 1- مقدم الذبيحة 2 – كاهن 3 – ذبيحة. وهذه العناصر إستوفاها المسيح فهو الذي قدم ذبيحة نفسه ككاهن. نرى أن التقسيم السابق يشير إلى أن المسيح قد قدم نفسه ذبيحة خطية كرئيس كهنة ممسوح من الروح القدس (يوم العماد) بالنيابة عن كل الجماعة. لذلك فذبيحة رئيس الكهنة وذبيحة كل الجماعة هي ثور في الحالتين. أي خطية رئيس الكهنة تساوى تماماً خطية كل الجماعة. والمسيح حمل خطية كل الجماعة كرئيس للكهنة. وفى هاتين الحالتين فقط كان رئيس الكهنة يدخل بدم ذبيحة الخطية للأقداس (عب 9: 12). وهو أيضاً الرئيس أو الملك بل هو ملك على قلوبنا بصليبه ليجعلنا ملوكاً وكهنة بعد أن فقدنا مركزنا نتيجة للخطية. وهو قدم نفسه ذبيحة عن الكنيسة عروسه لتكون مقبولة أمام الآب وللتعبير عن هذا كانت الذبيحة في الحالات الثلاث الأولى من الذكور (فهى تمثل العريس) أما في الحالة الرابعة فهى من الإناث فهى تمثل الكنيسة العروس. التي يجب أيضاً أن تقدم نفسها ذبيحة. ولنرى ماذا قدم المسيح لنا. ففي الحالات الثلاث الأولى التي تمثل المسيح لم يذكر الكتاب أنها رائحة سرور أما في الحالة الرابعة التي تمثل الكنيسة فقد ذكر أنها رائحة سرور. فالمسيح ليجعلنا موضع سرور الآب صار هو خطية لأجلنا حتى نصبح بر الله فيه. 2كو 5: 21 + أش 53



    آية 1، 2:- و كلم الرب موسى قائلا. كلم بني اسرائيل قائلا اذا اخطات نفس سهوا في شيء من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها وعملت واحدة منها.

    كلم الرب موسى = كلمة كانت تتردد حينما يريد الله أن يعرض لنا شيئاً جديداً والله الكلى المعرفة هو يعرفنا هنا ما لا نعرفه عن الخطية. فالخطية قاتلة للنفس حتى لو بجهل أو سهواً. الله لم يضع الوصايا ليتحكم في الإنسان بقوله أفعل هذا ولا تفعل ذاك. بل الله في محبته يعرف أن الخطية قاتلة ومدمرة للإنسان فيعطيه الوصايا لحمايته (كما تفعل الأم حين تنبه طفلها.... لا تلعب بالنار – لا تأكل شيئاً غير نظيف....) وقوله سهواً هنا يحمل هذا المعنى أنه دون أن يدرى أن فعلته قاتلة له. راجع مزمور 19: 12. فطبيعتنا الساقطة تجعلنا نخطئ والله المحب الذي يشعر بجهلنا يقدم الحل لنا. وهذا أيضاً معنى قول المسيح على الصليب "إغفر لهم لأنهم لا يعلمون" والله كان يقبل من يأتى تائباً معترفاً بخطيته لكن الذي يخطئ في تحدى كان يأمر بقطعه. مناهى الرب = الوصايا (التي ينهي فيها الرب عن عمل خطية معينة)



    آية 3:- ان كان الكاهن الممسوح يخطئ لاثم الشعب يقرب عن خطيته التي اخطا ثورا ابن بقر صحيحا للرب ذبيحة خطية.

    الكاهن الممسوح = هو رئيس الكهنة فهو الذي يمسح وحده أما الكهنة فكانوا لا يمسحون راجع لا 8: 12، 13. ورئيس الكهنة هو المسئول الأول والقدوة الأولى وهو الذي يَعْلم ويُعَلِم الشريعة وهو الذي يتشفع في المخطئ فلو أخطأ من يتشفع فيه. وكانت غلطة أيوب أنه قدم ذبيحة عن أولاده ولم يقدم عن نفسه. ويتضح مسئولية رئيس الكهنة من قوله يخطئ لإثم الشعب = أي خطيته تكون عثرة للشعب وتجعل الشعب يخطئ ربما في أنهم سيقومون بمحاكاة خطيته. وكونه يبدأ برئيس الكهنة فيها درس له أنه ليس بمعصوم من الخطأ (1تى 1: 15) ولذلك يصلى الكاهن في القداس "إقبل هذه الذبيحة عن خطاياى وجهالات شعبك" ولذلك تصلى الكنيسة دائماً لرئيس الكهنة وللكهنة حتى لا يفتح باب للشيطان.



    الآيات 5، 6:- و ياخذ الكاهن الممسوح من دم الثور ويدخل به إلى خيمة الاجتماع. ويغمس الكاهن اصبعه في الدم وينضح من الدم سبع مرات امام الرب لدى حجاب القدس.

    كان الكاهن يرش = ينضح الدم قبل الحجاب. فهو لم يكن مسموحاً له أن يدخل إلى قدس الأقداس سوى مرة واحدة في السنة، في يوم الكفارة. والبعض يرجح أنه كان يرش هذه الدماء على الحجاب والبعض يعتقد أنها كانت ترش على الأرض. ولو كانت ترش على الأرض أو على الحجاب فالمعنى واحد. لكن الأكثر وضوحاً في المعنى أنه كان يرش على الحجاب ويسقط منه على الأرض فكل الخيمة كانت غارقة فى الدماء ليُحفر فى ضمير الشعب أن كل شيء يتطهر بالدم. ووجود الدماء على الأرض في طريق قدس الأقداس معناه أن الدم هو الذي فتح الأقداس. ورش الدماء على الحجاب له معنى آخر. فالحجاب يشير لجسد المسيح عب 10: 20 والدماء المرشوشة على الحجاب تشير لجسد المسيح المخضب بالدماء. واخيراً أنشق هذا الحجاب يوم الصليب لتفتح الأقداس بواسطة دم المسيح الذي هو أفضل من دم هابيل عب 12: 24 فدم هابيل كان يطلب الإنتقام أما دم المسيح فكان يطلب الشفاعة. سبع مرات = رقم 7 يشير للكمال أي أن رش الدم معناه أن الذبيحة كفارة كاملة وهكذا كانت ذبيحة المسيح كفارة كاملة لكل الناس في كل العصور. ومعنى هذا أيضاً أن خطيتنا هي كاملة تحتاج لكفارة كاملة وخطيتنا هى التي صنعت الحجاب بين الله والناس. ودم المسيح وجسده المكسور فتح الحجاب. ولنرى تطبيقاً عملياً من الطقس القبطى في القداس ففي صلوات القسمة نقسم الجسد إلى أجزاء ثم بعد ذلك نمسها بالدم ونرى في هذه الصورة صورة جسد المسيح المكسور المصلوب (الحجاب المشقوق) المخضب بالدم. ورش الدم إشارة للتطهير اش 52: 15 وكون رئيس الكهنة يدخل بنفسه ليرش دم ذبيحة خطيته. فهذا لأنه مسئول أمام الله عنها أما المسيح فصنع نفس الشئ حين دخل بدمه للأقداس السماوية كحامل لخطايانا.



    آية 7:- و يجعل الكاهن من الدم على قرون مذبح البخور العطر الذي في خيمة الاجتماع امام الرب وسائر دم الثور يصبه إلى اسفل مذبح المحرقة الذي لدى باب خيمة الاجتماع.

    الدم على قرون مذبح البخور العطر = مذبح البخور هذا كان في القدس داخل الخيمة والقرون تشير للقوة وهكذا كان يفهمها اليهود (القرن أقوى شيء عند الكبش). وهم كانوا يفهمون هذا أنهم كانوا يقتربون لله بقوة عن طريق المذابح التي لها قرون. والبخور يرمز للصلاة والتسبيح ويرمز لشفاعة المسيح الكفارية وكون المذبح يوضع الدم على قرونه فهذا إشارة لقوة شفاعة المسيح الكفارية التي ترجع لدمه الذي سال على الصليب. والصليب هنا نراه في مذبح المحرقة التي تقدم عليه المحرقات. لذلك كان رئيس الكهنة يخرج بعد ذلك ليصب باقى الدم أسفل مذبح المحرقة = هذا هو الرباط بين صليب المسيح وشفاعته الكفارية.

    ولنتصور رئيس كهنة يهودى شعر بخطيته وقدم ذبيحة خطية. ودخل بالدم للقدس وسجد وبكى أمام الحجاب ثم رش الدم ثم ذهب أمام مذبح البخور ووضع الدم على القرون صارخاً لله أن يغفر له. اليس هذا هو منظر المسيح وهو يبكى ليلة القبض عليه في البستان (عب 5: 7 الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له لأجل تقواه) ولكنه هنا هو يبكى من أجل الآخرين، من أجل كنيستة فهو بلا خطية ولكن كأن خطيتهم خطيته هو. ثم ينتقل رئيس الكهنة إلى مذبح المحرقة ويسكب باقى الدم. ويقال أن تحت مذبح المحرقة كانت توجد قناة تحمل الدم إلى وادى قدرون. ووادى قدرون هو وادى يهوشافاط ومعنى يهوشافاط الله يقضى. والمعنى لكلمة قدرون هو أسود. والمعنى أن عمل المسيح أعطى حياة بعد موت (يشير له اللون الأسود) وتم هذا بأن قضى على المسيح بالصلب. راجع يو 18: 1 خرج يسوع مع تلاميذه إلى عبر وادى قدرون حيث كان هناك بستان دخله هو وتلاميذه" وهناك سلمه يهوذا. هكذا أرتبط الطقس بالمرموز إليه.



    آية 8 – 10:- و جميع شحم ثور الخطية ينزعه عنه الشحم الذي يغشي الاحشاء وسائر الشحم الذي على الاحشاء. والكليتين و الشحم الذي عليهما الذي على الخاصرتين وزيادة الكبد مع الكليتين ينزعها. كما تنزع من ثور ذبيحة السلامة ويوقدهن الكاهن على مذبح المحرقة.

    وضع الشحم على النار يشير إلى أن الله يقبل مقدم الذبيحة. فكون النار الإلهية تأكل الشحم فهذا علامة المصالحة بين الله وبينه. ولذلك نرى جزء من الذبيحة يعامل على أنه ذبيحة سلامة. وبقبول الله للخاطئ نجد صوت سلام يرتفع على المذبح.



    آيات 11، 12:- و اما جلد الثور وكل لحمه مع راسه واكارعه واحشائه وفرثه. فيخرج سائر الثور إلى خارج المحلة إلى مكان طاهر إلى مرمى الرماد ويحرقها على حطب بالنار على مرمى الرماد تحرق.

    باقى الذبيحة كلها تحرق إشارة لكره الله للخطية فالجلد يشير للمظهر الخارجى والرأس إشارة للأفكار والأكارع إشارة للتصرفات الخاطئة والأحشاء إشارة للنيات والمشاعر. الكل تلوث بالخطية فالكل لابد أن يحرق. ومن هذا ينبغى أن نفهم مقدار كراهية الله للخطية فلا بد أن نكرهها ونرفضها عب 13: 11 – 13 الفرث = بقايا الطعام التي في أحشاء الحيوان وهذا يشير لإدمان الخطايا. وحرق جسد الذبيحة لم يكن يتم على مذبح المحرقة فهذا بجانب الأقداس، مكان وجود الله. وكان ينبغى أن يتم في مكان بعيداً عن المكان المقدس. ولكن مرة أخرى فهذا المكان الذي سيتم فيه الحرق يسمى طاهراً =فهناك سيحرق كل ذنب وكل خطية مهما كانت صغيرة لأن كل شيء في الذبيحة سيحرق هناك. الذي لم يصنع خطية صار خطية لتحترق كل خطية فينا. وهو طاهر لأنه مخصص لعمل مقدس. وهذا المكان يشير لقبر المسيح "أش 11 : 10 ويكون محله مجداً " وفي ترجمة أخرى يكون قبره مجداً. وكما أن هذه الذبيحة كانوا يحرقونها خارج المحلة فهى ذبيحة خطية هكذا المسيح صلب خارج أورشليم في عار. ولذلك من روعة طقس كنيستنا أن تصلى في أسبوع البصخة بعيداً عن الهيكل (قدس الأقداس) لتذكر ما صنعه لها المسيح لاحظ أن التدمير الذي حدث لهذه الذبيحة كان تدميراً كاملاً، لم يبقى منها شيء وهذا إشارة لقتل المسيح للخطية "قتلت خطيئتى بقبرك".

    تصور صورة المسيح وما إحتمله على الصليب مرتدياً قناع المجرمين لمدة ثلاث ساعات، والآب يحجب وجهه عنه وتلاميذه تخلوا عنه وشعبه يهزء به. هذا هو الغضب في قمته. هذه صورة من سيرمى في جهنم مرفوضاً من الله بلا تعزية، هذه الصورة إحتملها المسيح لأجلنا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومن سيلتصق بالمسيح سيحمل عاره فلا نخجل إذا طردونا وعيرونا وصرنا مثاراً للسخرية. وفي خروج المسيح إلى خارج المحلة معنى آخر للمسيح الذي أدخلنا للملكوت بعد أن أخرجنا آدم الأول بخطيته من الفردوس.

    حطب = خشب إشارة لخشبة الصليب. هنا تحرق الذبيحة بالنار. أليس هذا منظر أخر يراه الخاطئ الذي لا يريد أن يثبت في المسيح فيستحق نار جهنم. ولعل في قوله ثوراً إبن بقر أو تيساً من الماعز إشارة للمسيح إبن الإنسان فهو صار إنسان إبن إنسان. إنسان من نفس جنسنا. خارج المحلة = تحرق الذبيحة خارج المحلة لأنها حاملة خطية. أما ذبائح المحرقة والدقيق فتقدم على المذبح فهما لا يشيران للخطية



    آية 13:- و ان سها كل جماعة اسرائيل واخفي امر عن اعين المجمع وعملوا واحدة من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها و اثموا.

    وإن سها كل جماعة إسرائيل = قد يحدث هذا إذا أخطأ رئيس الكهنة فأعثر كل الجماعة وحينئذ يقدم رئيس الكهنة ذبيحة. لكن هذا ليس عذراً للجماعة فينبغى على الجماعة أن تقدم ذبيحة خطية. فقيافا رئيس الكهنة أخطأ بأن أسلم المسيح للصليب. لكن هذا لا يعفى الشعب الذي صرخ "دمه علينا وعلى أولادنا" راجع هو 4: 6 – 9.



    آية 14:- ثم عرفت الخطية التي اخطاوا بها يقرب المجمع ثورا ابن بقر ذبيحة خطية ياتون به إلى قدام خيمة الاجتماع.

    ثم عرفت الخطية = لم تقال هذه الجملة عن رئيس الكهنة فهو مفروض أنه يعرف كل شئ.



    آية 15:- و يضع شيوخ الجماعة ايديهم على راس الثور امام الرب ويذبح الثور امام الرب.

    ويضع شيوخ الجماعة أيديهم على رأس الثور = هذا ما فعله شيوخ إسرائيل تماماً مع رب المجد يسوع. وكل هذا ويسميه وإن سها (آية 13) لأنهم كانوا لا يعرفون ماذا يفعلون، هكذا قال المسيح على الصليب. ولاحظ أن من يقدم هذه الذبيحة الكاهن الممسوح هذا ما حدث مع المسيح فقد حكم عليه قيافا حين أشار على اليهود أنه خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب يو 18: 14. هو الذبيحة التي قدمت حقاً عن الشعب. وفى هذه الذبيحة نرى الطقس يتكرر كما في الذبيحة الأولى. وهنا أيضاً فرئيس الكهنة يدخل بالدم إلى القدس لأن رئيس الكهنة مسئول عن خطية الجماعة كلها أمام الله، ولأن هذا العمل يشير لدخول المسيح بدمه إلى الأقداس ليعطينا فداء أبدياً. ولاحظ هنا أنه لم يذكر في الحالة الأولى فيصفح عنه أما هنا فقيل في آية (20) فيصفح عنهم فرئيس كهنتنا قدم لنا فداء وغفراناً.



    آية 22:- اذا اخطا رئيس وعمل بسهو واحدة من جميع مناهي الرب الهه التي لا ينبغي عملها واثم.

    رئيس = هو الملك فهو كقائد مسئول عن شعبه فخطيته تعثر كثيرين ولكن ليس كرئيس الكهنة قطعاً. ولكن الرئيس يشير للمسيح (حز 37: 25 + 44: 3) ملك الملوك



    آية 23 – 26:- ثم اعلم بخطيته التي اخطا بها ياتي بقربانه تيسا من المعز ذكرا صحيحا. ويضع يده على راس التيس ويذبحه في الموضع الذي يذبح فيه المحرقة امام الرب انه ذبيحة خطية. وياخذ الكاهن من دم ذبيحة الخطية باصبعه ويجعل على قرون مذبح المحرقة ثم يصب دمه إلى اسفل مذبح المحرقة. وجميع شحمه يوقده على المذبح كشحم ذبيحة السلامة و يكفر الكاهن عنه من خطيته فيصفح عنه.

    هنا يقدم تيس من الماعز ذكراً فهو يمثل المسيح الملك الذي صلب ليعيد لنا صورة الملك بعد أن إستُعبِدنا للشياطين. وهنا لا يدخل الكاهن بالدم للأقداس فهنا لا يتكلم عن الشفاعة الكفارية عن الإنسان أمام الآب بل نجد الكاهن يأخذ من دم ذبيحة الخطية بإصبعه ويجعل على قرون مذبح المحرقة. مذبح المحرقة يمثل الصليب. والقرون تشير للقوة والمعنى أن عمل المسيح على الصليب كان قوياً جداً ضد الشياطين فأفقدهم قوتهم ليحررنا. ولاحظ تكرار كلمة مذبح المحرقة في آية (25) للتشديد على عمل الصليب القوى. راجع(لو 11: 20 – 22). حقاً كانت الرياسة على كتفه. ولاحظ هنا أن لا يحرق الجلد واللحم بل يكونا من نصيب الكهنة، لأن الكاهن حينما يأكل منها يعطى طمأنينة لمقدم الذبيحة أن الله غفرخطاياه فالله لا يسمح لخدامه بأن يأكلوا ويشتركوا في الذبيحة لو لم يكن قد نزع الخطية وغفرها تماماً (فيلون اليهودى)



    الأيات 27 – 35:- وان اخطا احد من عامة الارض سهوا بعمله واحدة من مناهي الرب التي لا ينبغي عملها واثم. ثم اعلم بخطيته التي اخطا بها ياتي بقربانه عنزا من المعز انثى صحيحة عن خطيته التي اخطا. ويضع يده على راس ذبيحة الخطية ويذبح ذبيحة الخطية في موضع المحرقة. وياخذ الكاهن من دمها باصبعه ويجعل على قرون مذبح المحرقة ويصب سائر دمها إلى اسفل المذبح. وجميع شحمها ينزعه كما نزع الشحم عن ذبيحة السلامة ويوقد الكاهن على المذبح رائحة سرور للرب ويكفر عنه الكاهن فيصفح عنه. وان اتى بقربانه من الضان ذبيحة خطية ياتي بها انثى صحيحة. ويضع يده على راس ذبيحة الخطية ويذبحها ذبيحة خطية في الموضع الذي يذبح فيه المحرقة. وياخذ الكاهن من دم ذبيحة الخطية باصبعه ويجعل على قرون مذبح المحرقة ويصب سائر الدم إلى اسفل المذبح. وجميع شحمه ينزعه كما ينزع شحم الضان عن ذبيحة السلامة ويوقده الكاهن على المذبح على وقائد الرب ويكفر عنه الكاهن من خطيته التي اخطا فيصفح عنه

    هنا نجد خطأ واحد من عامة الشعب وهنا نجد الذبيحة أنثى من المعز أو الضان وهى أرخص على حسب مقدرة مقدم الذبيحة. والسبب في أن الذبيحة من الإناث أنها تشير للكنيسة عروس المسيح التي يجب أن تقدم نفسها ذبيحة مع عريسها (الذكر) الذى يتشفع عنها وأعطاها حرية. المسيح مقدم الذبيحة هنا يقوم بدور الكنيسة.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالجمعة 16 سبتمبر 2011, 11:26 am

    تفسير سفر اللاويين 5
    في هذا الأصحاح يقدم لنا أمثله عملية لخطايا الجهل أو السهو التي يقدمها عنها ذبيحة خطية، وإن كان بعض الدارسين يرون أن هذه الذبيحة وهي تقدم بسبب خطية معينة لكنها تقدم عن الشخص أو الأشخاص لنزع كل خطاياهم، وليس عن خطية معينة كما في ذبيحة الإثم. أوضح أيضًا الخطايا والآثام التي تقدم عنها ذبيحة إثم بعد أن عرض لموضوع غير القادرين في تقديمهم ذبيحة الخطية.

    1. أمثلة لخطايا السهو [1-4].

    2. ذبيحة الخطية والإعتراف [5-6].

    3. ذبيحة الخطية لغير القادرين [7-13].

    4. النوع الأول من ذبيحة الإثم [14-19].



    1. أمثله لخطايا السهو:
    قدم لنا الوحي الإلهي ثلاثة أمثله لخطايا السهو التي بسببها يقدم الإنسان ذبيحة خطية:

    أولاً: الإنسان الذي يكتم الشهادة [1]:

    إذا سمع مؤمن إنسانًا متهمًا لا يقول الحق أو سمع شهودًا يحلفون في أمر ما وهو يعرف الحقيقة ويخفيها ولا يقر بها إما إشفاقًا على المتهم أو تشفيًا فيه، فهو "يحمل ذنب المتهم"، أي يُحسب شريكًا في عيني الله مع المتهم في خطيته، ويكون مسئولاً عن إصدار حكم خاطئ سواء كان الحكم لصالح المتهم أو ضده. وأيضًا إذا طلب للشهادة وبسبب أو آخر لم يذهب للشهادة فجاء الحكم غير عادل بسبب إهماله في الشهادة وإحجامه عنها يلزمه أن يعترف بخطيته وأن يقدم ذبيحة خطية.

    يقول العلامة أوريجانوس: [رضا الإنسان عن فعل خاطئ إرتكبه شخص يُحسب خطية حتى ولو تمثل به[76]]، كما يقول: [يليق بنا أن نعرف أن من يمسك إنسانًا قريبًا له في ذات الفعل ويخفي الأمر ولا يذكر الحقيقة ولا يشهد بها، يحمل خطية المذنب الذي تستر عليه، ويقع عقاب مرتكب الخطية على من أخفاها[77]]. لا يقصد بذلك من يترفق بأخيه ويعاتبه لتوبته إنما يقصد من يتجاهل خلاص أخيه متسترًا على شره.

    وللعلامة أوريجانوس تفسير رمزي إذ يرى أن كاتم الشهادة هم جماعة الكتبة والفريسيين الذين أؤتمنوا على شريعة الله وعرفوا المكتوب: "أقسم الرب ولن يندم: أنت الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (مز 109: 4)، وفي شرهم أخفوا هذه الشهادة ولم يعلنوا إيمانهم بالمسيا المخلص الذي فيه تحققت النبوات. بهذا التصرف سقطوا تحت الخطية إذ قادوا إسرائيل إلى جحدهم للسيد المسيح بعدم إعلانهم للحقيقة أمام الشعب[78].

    ثانيًا: إذا مسّ جثة حيوان نجس، سواء كان حيوانًا بريًا أو مستأنسًا أو من الزحافات... فإن نسى الإنسان أن يتطهر بغسل ثيابه (لا 11: 24-38) أو أهمل بجهل يعتبر مذنبًا ويلتزم بتقديم ذبيحة خطية. لا يقف الأمر عند لمس حيوان نجس (لا 11) أو جيفة حيوان ميت وإنما من لمس إنسانًا أبرص أو مصابًا بسيل (لا 14-15) أو من لمس خثة إنسان ميت (ص 21) ولم يدر ثم عرف بعد ذلك، ولم يكن قد تطهر يلتزم بتقديم ذبيحة خطية.

    من الجانب الصحي ربما أراد الله من الشعب أن يحرص عن لمس كل ما قد يسبب مرضًا أو ينقل عدوى تحت إسم "دنس" أو "نجس".

    للعلامة أوريجانوس تعليق مطوّل في أمر الدنس الذي يحل بمن يمس حيوانًا دنسًا أو جثة إنسان ميت نقتطف منه الآتي:

    [بالنسبة لليهود نجد الأمر غير لائق ومرفوض، إذ لماذا يعتبر من مس جيفة حيوان مثلاً أو جسم إنسان ميت دنسًا حتى وإن كان الجسد لأحد الأنبياء، أو لأحد البطاركة أو لإبراهيم نفسه؟!... هل إذا مس أحد عظام أليشع التي أقامت ميتًا نجسًا؟!...

    أنظر كيف كان شرح اليهود وتفسيرهم غير مناسب، أما بالنسبة لنا فلننظر أولاً ما هو اللمس الذي ينجس وما هو اللمس الطاهر. يعلن الرسول: "حسن للرجل أن لا يمس إمرأة" (1 كو 7: 1). التلامس النجس هو ذاك الذي قال عنه السيد في الإنجيل: "من ينظر إلى إمرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (مت 5: 28)، إذ مس قلبه الشهوة وتنجس بها. التلامس بهذه الطريقة كاشتهاء إمرأة أو الجشع في جمع المال أو التلذذ بأي رغبة أخرى هو تلامس نجس مع الخطية. فإن كنت تعاني من تلامس كهذا يلزمك تقديم ذبيحة حتى تقدر أن تتطهر.

    أتريد أن أظهر لك شخصية تنجست بتلامس دنس وتطهرت بتلامس طاهر، إنها نازفة الدم التي أنفقت كل مالها على الأطباء باطلاً (لو 8: 45-46)، وقد صارت هكذا بسبب نجاسة الخطية... فأساءت إلى جسدها. لكنها إذا لمست هدب ثوب المسيح بإيمان توقف النزف في الحال وصارت طاهرة. هذه التي عاشت في النجاسة زمنًا طويلاً، عندما لمست الرب المخلص قال: "من لمسني؟... أن قوة خرجت منيّ!" بالتأكيد هذه القوة التي أبرأت المرأة جعلتها طاهرة، بنفس الطريقة نفهم أنه كان لها تلامس مع الخطية وأن قوة شريرة كانت تخرج من الخطية جعلتها تتدنس. نفس التفسير ينطبق بالنسبة للمس جثة إنسان أو جثة حيوان طاهر أو غير طاهر، لأن من يلمس جسد إنسان إنما يعني إتباعه والإقتداء به وهو ميت في خطاياه. ولكي نوضح التلامس مع هذه الجثث نذكر الواحد تلو الأخرى.

    بالنسبة للمس جثة إنسان كما سبق وقلنا يمكننا أن نورد ما قاله الرسول لأهل كورنثوس: "كتبت إليكم في الرسالة أن لا تخالطوا الزناة. وليس مطلقًا زناة هذا العالم أو الطماعين أو الخاطفين أو عبدة الأوثان وإلاَّ فيلزمكم أن تخرجوا من العالم. وأما الآن فكتبت إليكم إن كان أحد مدعو أخًا زانيًا أو طماعًا أو عابد وثن أو شتامًا أو سكيرًا أو خاطفًا أن لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا" (1 كو 5: 9-11)... كذلك ما قاله الرسول عن الأرملة: "أما المتنعمة فقد ماتت وهي حية" (1 تي 5: 6)، فإنه يمكننا القول عن مثل هذه إنها جثة إنسان ميت].

    يكمل العلامة أوريجانوس حديثه فيتكلم عن لمس جثة الحيوانات الميتة قائلاً بأنه يوجد في الكنيسة أناس هم رجال الله كقول إيليا عن نفسه: "إن كنت أنا رجل الله فلتنزل نار من السماء وتأكلك أنت والخمسين الذين لك" (2 مل 1: 10)، أما الذين تركوا التعقل والفهم لكنهم يسلكون ببساطة فيحسبون كحيوانات، إذ يقول المرتل: "الناس والبهائم تخلص يارب" (مز 36: 7). فإن مات أحد هؤلاء البسطاء بالخطية وصاروا كجيفة... من يمسها ويسلك معها في خطيتها يتدنس.

    هذا بالنسبة للحيوانات المستأنسة، أما بالنسبة للحيوانات البرية المفترسة فيرى أن الأسد الميت يُشير إلى الإلتصاق بإبليس الذي يقول عنه الرسول بطرس: "لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان" (1 بط 5: 8-9). أما الذئاب فتُشير إلى الهراطقة، كقول الرسول بولس: "بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية" (أع 20: 29)، فمن يتبعها في أفكارها الخاطئة يكون كمن تنجس بلمس جيفة ذئب ميت.

    ثالثًا من يحنث بالقسم أو يحلف باطلاً، وذلك كأن يعد بشيء سواء للإساءة أو الإحسان [4] في تهور وبزلة لسان في غير تروٍ، ثم عاد إلى فكرة وحنث بما أقسم، فإن ذلك يُحسب خطية تحتاج إلى تقديم ذبيحة.

    ربما يتساءل البعض: هل إن أقسم الإنسان للإساءة كأن يضرب أو يقتل ثم تراجع يحسب هذا خطية تحتاج إلى تقديم ذبيحة؟ الخطية هنا لا في عدم إرتكاب الإساءة وإنما في التسرع بالقسم!

    ويقدم لنا العلامة أوريجانوس تفسيرًا رمزيًا للقسم المزدوج للإحسان والإساءة معًا، إذ يرى أن المؤمن إذ يدخل مع الله في شركة يكون كمن قدم نذرًا وأقسم للإحسان والإساءة، الإحسان إلى روحه لكي تخلص والإساءة إلى شهوات جسده، إذ يلتزم بإقمع الجسد وتذللَّه، هذا الذي يقاوم الروح (غل 5: 17). فبقمعه للجسد كما للإساءة يقول مع الرسول بولس: "لأنيّ حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2 كو 12: 10).

    يقول العلامة أوريجانوس: [إن حلفنا ووعدنا أن نقمع هذا الجسد الذي يقاوم الروح ويصارعها ولم نفي بالوعد نكون مدانين بخطية لأجل القسم... فبالحلف الذي أقمناه لنحس بالروح نضغط على الجسد... إذ لا يمكن أن نفيد أحدهما مالم نضغط على الآخر. إسمع أيضًا ما يقوله الرب نفسه: "أنا الذي أميت وأحيى" ماذا يميت الرب؟ (شهوات) الجسد بالطبع. وماذا يحيى؟ الروح بلا شك. يضيف أيضًا: "أضرب وأشفي"، ماذا يضرب؟ (شهوات) الجسد. وماذا يشفي؟ الروح. ما هو غاية هذا؟ لكي يجعلك "مماتًا في الجسد ولكن محيى في الروح" (1 بط 3: 18)، خشية عليك لئلا "لا تخدم ناموس الله بالروح بل بالجسد"[79]].

    هذه هي الأمثلة الثلاثة التي قدمها لنا سفر الاويين عن الخطايا التي تدفعنا لتقديم ذبيحة الخطية [الإحجام عن الشهادة لإظهار الحق، لمس النجس، الحنث بالقسم]، وقد اشترط أن تكون قد إرتكبت لا عن عناد بل خلال السهو أو الجهل... وكأن الله هو الغني في الرحمة يود أن يطهر أولاده وشعبه حتى مما تبدو خطايا تافهة، ليس تدقيقًا في حرفيات ولا تزمتًا وإنما طلبًا لتقديسنا على أعلى مستوى، إذ يُريد في الإنسان أن يكون كملاك الله، يحيا بقانون السماء.

    الله يعرف ضعفنا تمامًا ولا يقسو علينا، ولكنه يُريدنا سمائيين، وقد فتح لنا طريق التقديس بروحه القدوس، مقدمًا حياة إبنه المبذولة على الصليب ثمنًا لتقديسنا. بمعنى آخر في تدقيقة لا يقف آمرًا ناهيًا ولا يبغي مذلتنا وحرماننا، لكنه كأب سماوي يطلب نضوجنا الروحي وسمونا لكي نسمع الصوت الإلهي: "أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم" (مز 82: 6، يو 10: 34).



    2. ذبيحة الخطية والإعتراف:
    "فإن كان يذنب في شيء من هذه يقر بما قد أخطأ به، ويأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه عن خطيته التي أخطأ لها أنثى من الأغنام نعجة أو عنزًا من المعز ذبيحة خطية، فيكفر عنه الكاهن من خطيته" [5-6].

    إذ يكتشف الإنسان خطأه حتى وإن كان قد إرتكبه عن جهل أو سهو يليق به أن يقدم توبة داخلية معلنًا شوقه للحياة المقدسة في الرب التي بلا عيب. هذه التوبة الداخلية تقترن بأمرين: الإعتراف أو الإقرار بما قد أخطأ به [5]، وتقديم ذبيحة خطية [6]، وهكذا يلتحم إعترافنا بخطايانا بتمسكنا بالدم الثمين غافر الخطية.

    مارس اليهود الإعتراف بالخطايا أمام رجال الله وكهنته، كما طلب يشوع بن نون من عاخان (يش 7: 19)، وكما فعل شاول الملك أمام صموئيل النبي (1 صم 15: 24-25)، وداود النبي أمام ناثان النبي (2 صم 12: 13-14). وجاء اليهود إلى يوحنا المعمدان يعترفون بخطاياهم (مر 1: 5). وفي العهد الجديد أعطى الرب سلطان الحِل لتلاميذه (مت 16: 19، 18: 17-18، يو 20: 20-23). وفي خدمة الرسل قيل: "وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم" (أع 19: 18).

    يعلل العلامة أوريجانوس ضرورة الإعتراف بأن عدو الخير إبليس يحرضنا على الخطأ وإذ نسقط فيه يسرع ويتهمنا، فإن أسرعنا نحن واتهمنا أنفسنا نبطل حيله. في هذا يقول: [يلزمنا أن نعترف بكل ما نفعله ونجهر به في الجماعة، نعلن ما فعلناه في الظلمة (يو 7: 4) لا بالكلام فحسب بل وما في خبايا الفكر... فإن الذي يحرضنا على الخطية هو نفسه يتهمنا. لذلك إن بادرنا في هذه الحياة ووبخنا أنفسنا نتجنب خبث إبليس عدونا ومتهمنا. وكما يقول النبي في موضع آخر: "حدِّث أولاً لكي تتبرر" (إش 43: 6) [الترجمة السبعينية]. يود أن يوضح لك إنه يجب عليك أن تسبق ذاك المستعد لإتهامك. حدِّث أنت أولاً قبل أن يسبقك، فإن تحدثت أنت أولاً مقدمًا ذبيحة التوبة تكون كمن سلم جسده للهلاك "لكي تخلص الروح في يوم الرب" (1 كو 5: 5)، فيقال لك: إنك إستوفيت بلاياك في حياتك ولآن تتعزى (لو 16: 25). بجانب هذا يعلن داود في المزامير بالوحي: "أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي، قلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتي" (مز 32: 5). ها أنت ترى الإعتراف بالخطية يعني الإستحقاق للغفران والمبادرة بالإدانة فلا يقدر إبليس أن يديننا. إن حكمنا على أنفسنا فهذا يفيد خلاصنا، أما إن انتظرنا ليتهمنا إبليس فتتحول الإدانة إلى عقوبة[80]].

    إذ تحدث القديس أمبرسيوس عن التوبة ربطها بالإعتراف، قائلاً: [إنك تمتنع عن ممارسة هذا في الكنيسة التي تتوسل عنك لدى الله فتربح لنفسك عون الجماعة المقدسة. إنه لا مجال للخجل. إنك لا تعترف مع أننا جميعًا خطاة. بالحقيقة يُمدح بالأكثر من كان أكثر اتضاعًا، ويُحسب بالأكثر بارًا من شعر أنه الأقل[81]]. ويقول الأب دورثيئوس: [يقدر الشيطان على اصطياد الرجل الذي يثق في فكره الخاص، ويطمئن إلى إرادته الذاتية وحدها، لكنه لا يقدر على رجل يعمل كل شيء بمشورة[82]]. كما يقول القديس الأنبا أنطونيوس: [رأيت رهبانًا كثيرين، بعد أن تعبوا كثيرًا، وقعوا في دهشة عقل، لأنهم إتكلوا على معرفتهم فقط، إذ لم يصغوا إلى الوصية القائلة: إسأل أباك فيخبرك، ومشائخك فيقولون لك[83]].



    3. ذبيحة الخطية لغير القادرين:
    لما كانت ذبيحة الخطية إلزامية، لذا حرصت الشريعة أن يقدمها الغني كما الفقير، كل حسب إمكانياته، فقيمة الذبيحة لا في ثمنها المادي ولا في التقدمة في ذاتها وإنما فيما تحمله من رمز لذبيحة السيد المسيح المجانية، التي قدمت عن الجميع بلا تمييز.

    إن كان الإنسان غير قادر على تقديم أنثى ضأن أو أنثى معز يقدم يمامتين أو فرخي حمام، وقد سبق لنا الحديث عن اليمام والحمام في ذبيحة المحرقة (1: 14-17)، بكون اليمام يُشير إلى الحياة الطاهرة والحمام إلى الحياة البسيطة. أما اختيار طيرين فلأنه يصعب إنتزاع الشحم من الطير لتقديمه على المذبح ونوال الكهنة نصيبهم من اللحم، لذا تحسب إحداهما عوض الشحم، تقدم على المذبح وتقدم الأخرى للكهنة كنصيب لهم عوض اللحم. وقد حرصت الشريعة أن يتسلم الكهنة نصيبهم من الفقير ولو كان يمامة مذبوحة ليست بذي قيمة مادية، لا ليتمتع بها الكهنة وإنما ليشعروا أنهم كهنة وخدام للأغنياء كما لفقراء بلا تمييز فلا يسلكون بمحاباة، ومن جانب آخر لا يشعر الفقير بحرج في تعامله مع الكهنة... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). فحتى وإن قدمت له الكنيسة كل احتياجاته الروحية والمادية يلزم على الفقير أن يقدم القليل حتى مما أخذه من الكنيسة علامة شركته الروحية والمادية.

    ليتنا لا نحتقر فلسي الأرملة ويمامتي الفقير، فإن الله ينظر إلى القلب لا إلى العطية. ليتنا إن كنا فقراء لا نخجل من تقديم القليل فإن يدّ الله تمتد لتأخذ من الفقير عطية محبته.

    ويلاحظ أن الطير الذي يحرق كذبيحة خطية يدعى "محرقة" ليس لأنه ذبيحة محرقة، وإنما لأنه يحرق بكامله دون أن ينزع منه شحم أو لحم.

    يظهر حنو الله الشديد نحو الإنسان حتى لا يحرمه من تقديم ذبيحة خطية، إذ سمح للفقير العاجز عن تقديم يمامتين أو فرخي حمام أن يقدم عشر الإيفة من الدقيق قربان خطية. ولكي يميز بينه وبين تقدمة القربان (أصحاح 2) ألزم ألا يوضع عليه زيت ولا يُجعل عليه لبان، إذ لا تقدم هذه التقدمة إكرامًا للرب كتقدمة قربان بل تكفيرًا عن خطية. لكن يسأل البعض: كيف يُقدم الدقيق ذبيحة خطية مع أنه "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب 9: 22)؟ يُجاب على ذلك أن الكاهن يقبض منه قبضته ويوقده على المذبح على وقائد الرب، فيختلط الدقيق بدماء الذبائح الأخرى المقدمة على المذبح. لهذا يرى البعض في هذه التقدمة إشارة إلى ذبيحة الأفخارستيا التي وإن لم تحمل دمًا ظاهرًا ماديًا ملموسًا لكن الخبز والخمر يتحولان حقًا إلى جسد الرب ودمه المبذولين على الصليب كفارة عن خطايانا.



    4. النوع الأول من ذبيحة الإثم:
    قلنا أن البعض يميز بين ذبيحتي الخطية والإثم بأن الأولى تقدم عن مقدمها ككل، أما الثانية فعن خطية معينة، والبعض يميز بينهما بأن الأولى تقدم عن الخطايا التي لا تسبب ضررًا ماديًا معينًا، أما الثانية فتقدم عن خطايا تصيب ضررًا لحق بالهيكل أو بالناس، لذلك يقسم الوحي ذبائح الإثم إلى نوعين:

    أ. ذبائح تقدم عن خطايا تضر المقدسات الإلهية.

    ب. ذبائح تقدم عن خطايا تضر إخوته.

    في هذا الأصحاح يتحدث عن النوع الأول، قائلاً: "إذا خان أحد خيانة وأخطأ سهوًا في أقداس الرب، يأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه كبشًا صحيحًا من الغنم بتقويمك من شواقل فضة على شاقل القدس ذبيحة إثم، ويعوض عما أخطأ به من القدس ويزيد عليه خمسة يدفعه إلى الكاهن" [15-16].

    يُقصد بالخطأ السهو ضد المقدسات الإهمال في تقديم الإلتزامات نحو الهيكل مثل البكور من الحيوانات الطاهرة وفداء البكور من الإنسان وأوائل الثمار والعشور... إلخ. وكما قيل في سفر ملاخي: "أيسلب الإنسان الله؟‍ فإنكم سلبتموني. فقلتم بمَ سلبناك؟ في العشور والتقدمة" (ملا 3: Cool. ويقصد بالسهو النسيان أو عدم فهم الشريعة.

    هنا يلتزم الإنسان بتقديم ذبيحة خطية، إذ لا غفران للخطية حتى وإن كانت بسبب النسيان أو عدم معرفة الشريعة إلاَّ بالدم المقدس الذي يطهر من كل خطية. هذا التكفير لا يعني تجاهل إصلاح الخطأ المادي الذي أصاب الغير حتى وإن كان المضرور الهيكل إن صح هذا التعبير. بالحقيقة لا يصاب الهيكل بضرر مادي، لأن الله هو مصدر شبعه، لكن الشريعة تدرب الإنسان أن يرد ما اغتصبه من الغير أيا كان هذا الغير. أما الذي يقيِّم الضرر فهو موسى النبي نفسه [15]، وفيما بعد صار الكاهن يقوم بهذا الدور (27: Cool. ويكون التقييم مقدرًا بشواقل من الفضة مع إعتبار "شاقل القدس" أي شاقل المضبوط المحفوظ في القدس هو المعيار الحقيقي والصحيح للشاقل.

    إن كان الله في محبته اللانهائية يغفر لنا كل خطية، فلأجل بنياننا الروحي يطالبنا برد ما قد أخطأنا به خلال إهمالنا مع دفع غرامة تأديبية توازي الخُمس. ويرى اليهود أن الخُمس هنا لا يعني خُمس القيمة، إنما يقدم ربع القيمة لتكون الغرامة هي خُمس المبلغ الإجمالي كله بينما المبلغ الأصلي يصير أربع أخماس. غير أنه للعلامة أوريجانوس رأي آخر وهو أن الشخص يرد المبلغ الأصلي مضافًا إليه مبلغًا يوازيه ومعه الخُمس. فإن كان الضرر يمثل خمسة شواقل فضة فإنه يرد الخمسة مضافًا إليها خمسة شواقل أخرى وأيضًا شاقل آخر...
    على أي الأحوال إن كان رقم 5 يُشير إلى الحواس في كثير من كتابات الآباء كالعلامة أوريجانوس والقديسين ديديموس الضرير وأغسطينوس وجيروم، هذه التي يجب أن تكون مكرسة للرب وحده وممتصة بالكامل في محبته لنصير بالحق مع العذارى الخمس الحكيمات (مت 25: 1)، نستقبل العريس السماوي بخمس مصابيح ممتلئة زيتًا منيرة بالروح القدس، فإننا إذ نخطئ في حق المقدسات الإلهية لا يطلب الله رد الظلم الذي سببناه بدفع مال أو تقديم تقدمات، إنما بالأكثر بتقديم حواسنا في وحدة الروح مقدسة للرب، أي نرد لله حق ملكيته علينا وفي أعماقنا حتى نحيا مقدسين له في الداخل كما في التصرفات الظاهرة.

    ما هو شاقل القدس الذي يُحسب معيارًا للتعويض؟ كلمة "شاقل" مشتقة من الفعل العبري "شقل" التي تعني "وزن"، وهو معيار لوزن الأشياء الثمينة، كما أنه نوع من النقود الذهبية والفضية غير المسكوكة (تك 33: 15-16)، وكانت جميع العيارات والنقود تحسب بالنسبة إليه. وقد وجد أكثر من شاقل لدى اليهود، إذ وُجد الشاقل المعتاد لوزن الأشياء الثمينة كالذهب والفضة وغيرهما (تك 33: 16، 1 صم 17: 5)، وشاقل القدس يقال أنه ضعف الشاقل المعتاد. أضيف إلى القدس يُحفظ في خيمة الإجتماع أو الهيكل ليكون نموذجًا تامًا مضبوط على الشاقل الصحيح. وشاقل الملك (2 صم 14: 26) ربما يُشير إلى وزن معين كان محفوظًا لدى الملك. هذا وكان العبرانيون يستخدمون شاقل الفضة كنقود وقد ضرب بعد السبي في عهد المكابيين (1 مك 15: 6)، ذكر في العهد الجديد باسم "الفضة" (مت 26: 15)، وأيضًا شاقل الذهب يستخدم كوزن كما كعملة ذهبية.

    الآن نعود إلى التعويض الذي يقدمه الخاطئ عند توبته ورجوعه إلى الرب، إذ يقيِّم موسى أو الكاهن الضرر الذي أصاب الهيكل من الجانب المادي بشاقل القدس الذي من الفضة. فإن الفضة تُشير إلى كلمة الله المصفاة سبع مرات كالفضة (مز 12)... وكأن المعيار الذي يقيس به الكاهن تصرفاتنا ليس حكمته البشرية أو تقديره الشخصي وإنما "كلمة الله". هذا هو معيار حياتنا، الذي به نقدم حساباتنا لدى الله في اليوم الأخير. أما كونه "شاقل القدس" أي شاقل حقيقي أصلي غير مغشوش، وكما يقول العلامة أوريجانوس: [شاقل القدس يصور إيماننا... بالحقيقة يوجد كثيرون لهم إسم المسيح لكن ليس لهم بالحقيقة المسيح، لذلك يقول الرسول بولس: "لأنه لابد أن يكون بينكم بدع أيضًا ليكون المزكون ظاهرين بينكم" (1 كو 11: 19)[84]]. هكذا تُشترى الشاه التي تقدم ذبيحة الخطية مقدرة بشاقل القدس، بمعنى آخر نلتقي بالسيد المسيح حمل الله الحقيقي خلال الإيمان المقدس الحقيقي غير المزيف. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [بكل تأكيد لا ينال أحد مغفرة الخطايا مالم يكن له الإيمان المستقيم المختبر والمقدس، به تقتني "الشاه" الذي بطبعه يغسل خطايا المؤمنين. هذا هو شاقل القدس، الإيمان المختبر، الذي لا يمتزج بمكر وخداع، أي نفاق الهراطقة. هكذا لنقدم إيمانًا مستقيمًا لنغتسل "بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح" (1 بط 1: 19)[85]].
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالجمعة 16 سبتمبر 2011, 11:37 am

    تفسير سفر اللاويين6

    في هذا الأصحاح يقدم لنا الوحي الإلهي النوع الثاني من ذبيحة الإثم، وهي الذبيحة
    التي معها يلتزم مقدمها بتقديم تعويض لإخوته الذين سبب لهم ضررًا ماديًا [1-7]. كما يعرض على الكهنة بعض جوانب طقوس الذبائح والتقدمات التي تهمهم أكثر مما تشغل الشعب، إذ سبق في الأصحاحات وتحدث عنها بما يناسب مقدموها.

    1. النوع الثاني لذبيحة الإثم [1-7].

    2. شريعة المحرقة [8-13].

    3. شريعة القربان [14-23].

    4. شريعة ذبيحة الخطية [24-30].



    1. النوع الثاني لذبيحة الإثم:
    بعد أن حدثنا عن ذبيحة الإثم التي تُقدم عمن خان مقدسات الرب، عاد ليُحدثنا عن تلك التي تخص من جحد صاحبه في أمر وديعة أو أمانة (شركة) أو أنكر شيئًا وجده فالتقطه... بهذا يسلب أخاه أو يغتصب حقه.

    يقصد بالوديعة ما يودعه إنسان لدى آخر إلى حين كأمانة يجب ردها، أما الأمانة أو خيانة شركة فغالبًا ما تشمل معنى أوسع إذ يعني ما التزم به الإنسان في تدبير شئون آخر كالوصي الذي يدبر أمور قاصر أو مريض أو محجور عليه، إذ يليق بنا ونحن في مركز الأوصياء أن نتوخى الأمانة الكاملة. أما اللقطة فتعني أن يجد إنسان شيئًا ملقيًا فيلتقطه، إذ لا يجوز له أن يخفيه أو ينكره بل يسعى نحو رده لصاحبه.

    يعلق العلامة أوريجانوس على إرتكاب مثل هذه الخيانة كأمر غير لائق أن يرد في ذهن المؤمن، إذ يقول: [ليعلموا أن من "خان خيانة بالرب وجحد صاحبه وديعة أو أمانة أو مسلوبًا..." [2]، يسقط تحت دينونة عن خطية كبرى. ليحفظ الله كنيسته! فإنه لا أظن أن أحدًا من جمهور القديسين هذا يسلك هكذا ببؤس حتى ينكر وديعة قريبه أو يغشه في أمانة أو يسلبه خيرًا ليس له، أو يخفي أشياءً مسروقة من آخرين، وإن سُئل عنها يقسم مخالفًا ضميره. كما قلت إن هذا التفكير بعيد عن أحد المؤمنين. فإنني بثقة أقول: "وأما أنتم فلم تتعلموا المسيح هكذا" ولا هكذا "عُلمتم فيّه" (أف 4: 20-21). هذا وأن الناموس ذاته لا يقدم وصايا للقديسين والمؤمنين... "إن الناموس لم يوضع للبار بل للأثمة والمتمردين، للفجار والخطاة، للدنسين والمستبيحين" (1 تي 1: 9-10) ولأمثالهم. مادام الرسول يقول إن الناموس قد وضع لمثل هؤلاء، فليحفظ الله كنيسته من أن تُداس بخطايا كهذه، ولتكن كنيسته متعلمة ومقدسة بالروح[86]].

    والآن إن كانت الوصية بمعناها الحرفي لا يجب حتى التفكير فيها، إذ يليق بمؤمن أن يخون صاحبه في أمر وديعة أو أمانة أو لقطة يجدها، فماذا تعني هذه الأمور في المفهوم الروحي؟

    أولاً: أول وديعة إستلمها الإنسان هي روحه التي على صورة الله ومثاله، إستلمها من الله ليسلمها كما هي بلا تشويه. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [يلزمك أن ترد هذه الوديعة سليمة وكاملة على ذات الحال الذي أخذتها عليه. فإن كنت رحيمًا كما أن أباكم هو رحوم (لو 6: 36) فإن صورة الله تكون في داخلك... إن كنت كاملاً كما أن أباكم في السموات كامل (مت 5: 48) فإن وديعة صورة الله قائمة في داخلك، وهكذا في كل الأمور الأخرى، إن كنت نقيًا وبارًا وقديسًا ونقي القلب الأمور التي في الله بطبيعته تتمثل أنت بها، بهذا تكون وديعة الصورة المقدسة سليمة وصحيحة. لكن إن كان سلوكك على خلاف هذا فكنت قاسيًا عوض أن تكون رحيمًا، شريرًا عوض التقوى، عنيفًا عوض اللطف، زارعًا للإنقسام عوض غرس السلام، سارقا عوض العطاء بسخاء، فإنك بهذا تكون قد رفضت صورة الله لتأخذ صورة إبليس، تجحد الوديعة الصالحة التي وهبك الله إياها كأمانة. أليست وصية الرسول لتلميذه المختار تيموثاوس: "يا تيموثاوس إحفظ الوديعة" (1 تي 6: 20) [87]].

    يُطالبك السيد المسيح برد الوديعة بقوله: "إعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (مت 22: 23). وكما يقول القديس أغسطينوس: [كما يطلب قيصر صورته على العمله هكذا يطلب الله صورته فينا[88]].

    ثانيًا: الوديعة التي تسلمناها من الكنيسة هي التقليد الكنسي الذي في جوهره هو الإيمان الحيّ بالثالوث القدوس مترجمًا عمليًا خلال العبادة والسلوك في المسيح يسوع. هذه الوديعة يلزم أن نسلمها بأمانة للجيل التالي لا خلال الكتابة أو الوعظ فحسب وإنما خلال كل حياتنا التعبدية وسلوكنا في المنزل والعمل والشارع... نقدمه تقليدًا حيًا بلا انحراف. يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [يكفينا للبرهنة على عبادتنا ذلك التقليد المنحدر إلينا من الآباء، بكونه الميراث الذي تناقلناه بالتتابع منذ الرسل خلال القديسين الذين تبعوهم[89]]. تضم هذه الوديعة المقدسة التي تسلمناها أي التقليد أو التسليم إيماننا بالخلاص وعمل الثالوث القدوس فينا والتمتع بالكتاب المقدس بعهديه وممارستنا للعبادة وسلوكنا بالروح... إلخ.

    ثالثًا: يرى العلامة أوريجانوس أن عدم جحد الأمانة يعني الحفاظ على حياة الشركة مع الله في إبنه يسوع المسيح، وشركتنا مع القديسين والسمائيين في الرب بلا إنحراف، إذ يقول: [لنرى الآن ما يجب أن نفهمه من كلمة "أمانة (شركة)". هل تظن أنه توجد ضرورة للتحذير من عدم غش الشريك في أمور مالية أو غير مالية؟ يا لها من تعاسة مُرّة أن يمارس إنسان غشًا كهذا! من أجل الضعف لم يغفل الرسول عن تقديم هذا التحذير: "أن لا يتطاول أحد ويطمع على أخيه في هذا الأمر لأن الرب منتقم لهذه كلها" (1 تس 4: 6). الآن لنبحث عن "الشركة" روحياً. إسمع ما يعبر عنه الرسول بكلماته: "إن كانت تسلية ما للمحبة، إن كانت شركة ما في الروح، إن كانت أحشاء ورأفة، فتمموا فرحي" (في 2: 1-2). أترى كيف فهم الرسول بولس قانون "الشركة"؟ إستمع أيضًا إلى يوحنا إذ يعلن بنفس الروح: "وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع إبنه يسوع المسيح" (1 يو 1: 3). ويقول بطرس نفس الشيء: "تصيروا شركاء الطبيعة الإلهية" (2 بط 1: 4)، بمعنى أن تكون لنا معه شركة. يقول الرسول بولس: "أي شركة للنور مع الظلمة؟!" (2 كو 6: 14)، فإن كان لا يمكن أن توجد شركة بين النور والظلمة وقد صارت لنا شركة مع الآب والإبن والروح القدس لذا يلزمنا أن نسهر لئلا نجحد هذه الشركة الإلهية المقدسة، فإننا إن تممنا "أعمال الظلمة" (رو 13: 12)، نكون بهذا بالتأكيد قد جحدنا الشركة مع النور[90]].

    أمانتنا في الشركة أو في الأمانة التي عهد بها الله إلينا تلزمنا أن نسلك في النور ونرفض أعمال الظلمة، بهذا ننعم بالشركة وذلك بفعل الروح القدس واهب الشركة مع الله في ربنا يسوع المسيح. هذه الشركة تربطنا بشركة مع القديسين كأبناء نور معنا وأيضًا مع السمائيين، إذ يقول العلامة أوريجانوس: [إن كنا بالفعل في شركة مع الآب والإبن، كيف لا نكون كذلك في شركة مع القديسين، ليس فقط الذين على الأرض، وإنما أيضًا مع الذين في السماء؟! لأن المسيح بدمه صالح السمائيين مع الأرضيين (كو 1: 20) ليوحِّد السماء مع الأرض. أظهر هذه الشركة بوضوح عندما قال أنه يوجد فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب (لو 1: 15)، وأيضًا عندما قال: "في القيامة يكونون كملائكة الله في السماء" (مت 22: 30)، واعدًا الناس بصراحة بملكوت السموات (مت 13: 11). هذه الشركة نجحدها عندما نفترق عن السمائيين بأعمالنا الشريرة ومشاعرنا الردية[91]].

    رابعًا: أما بخصوص السرقة وسلب الآخرين، فكما يقول العلامة أوريجانوس: [يوجد لصوص أشرار كما يوجد لصوص صالحون. الصالحون هم الذين قال عنهم المخلص إنهم يغتصبون ملكوت السموات (مت 11: 12). لكن يوجد لصوص أشرار، يتحدث عنهم النبي: "سلب البائس في بيوتكم" (إش 3: 14)، كما يقدم الرسول تصريحًا شديد اللهجة: "لا تضلوا: لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور ولا سارقون... يرثون ملكوت الله" (1 كو 6: 9، 10)[92]. أما السرقة بالمفهوم الروحي فهي أن يختفي الإنسان بين القديسين فيكون سارقًا لفكرهم الروحي ومعرفتهم الإلهية دون أن تتجدد حياته، فيكون كمن سلب خمرًا جديدة ووضعها في زقاق قديم، فالزقاق ينشق والخمر تنصب (مت 9: 17).

    خامسًا: بخصوص الأمور المفقودة، من يجدها ويخفيها دون أن يردها لصاحبها يُحسب مغتصبًا ما لا حق فيه. ولعل هذا يُشير إلى جماعة الهراطقة الذين يغتصبون نفوس البسطاء ويسلبون الكنيسة أولادها، أو يسلبون الله نفسه وأولاده. هؤلاء إذ يرجعون عن ضلالهم وبدعهم يلزمهم أيضًا أن يردوا النفوس التي انحرفت بسببهم وتركت الإيمان الحق.

    الآن إذ نعود إلى الذبيحة التي يُقدمها من ارتكب إحدى الخطايا السابقة نلاحظ الآتي:

    أولاً: حسب الرب هذا الجحود خيانة له هو شخصيًا، فكل ظلم أو خيانة أو جحود أو سرقة نمارسها ضد إخوتنا يحسبها الله موجهة ضده هو شخصيًا بكونه محب البشر المهتم بخلاصهم، وأيضًا كل حب ولطف وترفق نقدمه لهم يحسبه مقدمًا له شخصيًا. ففي اليوم الأخير يقول: "بما أنكم فعلتم بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبيّ قد فعلتم" (مت 25: 40). لذلك يقول القديس جيروم: [كل مرة تبسط يدك بالعطاء أذكر المسيح[93]].

    ثانيًا: يطلب من المخطئ أن يرد ما قد سلبه أو اغتصبه أو أنكره، فإن كانت الذبيحة قادرة على غفران الخطية لكنها لا تعمل في قلب متمسك بالشر. رد المغتصب لصاحبه هو إعلان صادق عن التوبة وقبولنا لعمل الله الخلاصي عمليًا.

    هذا ويلاحظ أن الشريعة طلبت من موسى النبي أن يقيِّم الخسارة أو الضرر، لكن ليس بشاقل القدس (5: 15) كما في الخطية الموجهة ضد المقدسات...

    ثالثًا: يطلب هنا أيضًا أن يقدم المخطئ الخُمس إضافة إلى ما قد سلبه. هذا الخُمس يمثل تعويضًا أدبيًا وماديًا عما لحق بالمضرور من خسائر، ومن جانب آخر يُحسب هذا التعويض تأديبًا للمخطئ حتى لا يكرر ما ارتكبه أو يستهين بالخطية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ومن جانب ثالث فإن هذا الخُمس الذي يقدمه للمضرور يُحسب كأنه مقدم لله... فإن كانت حواسه قد تدنست بالخطية يلزم تسليمها للرب كما في النوع الأول من هذه الذبيحة (أصحاح 5).

    رابعًا: تقديم ذبيحة لاثمة كبشًا صحيحًا من الغنم... إذ لا تطهير من الإثم بدون سفك دم حمل الله، حتى وإن رد الإنسان ما اغتصبه مضاعفًا! ويرى العلامة أوريجانوس أن مرتكب الإثم يشتري الكبش أو الحمل من البائعين وهم الأنبياء والرسل الذين قدموا كلمة النبوة والكرازة لنقتني بالإيمان دم السيد المسيح غافر الخطية. إنهم يحثوننا على التوبة عن خطايانا والرجوع إلى الله بقبولنا الإيمان بمخلص العالم.



    2. شريعة المحرقة:
    في الأصحاحات السابقة كانت كلمات الرب لموسى: "كلم بني إسرائيل وقل لهم" (1: 2، 4: 1)، أما هنا فيقول: "أوصِ هرون وبنيه قائلاً" [8، 24]. هذا ما دفع بعض الدارسين إلى الإعتقاد بأن هذا الجزء وما يليه في الأصحاحين 6، 7 موجه للكهنة لا للشعب.

    الآن إذ يقدم للكهنة شريعة ذبيحة المحرقة أبرز لهم بعض النقاط الهامة، وهي:

    أولاً: توضع المحرقة المسائية حوالي الساعة السادسة مساءً لكي تظل على نار المذبح حتى الصباح، حيث كان يلزم أن تبقى النار مشتعلة بغير إنقطاع، إذ يقول: "المحرقة تكون على الموقدة (موضع إيقاد النار) فوق المذبح كل الليالي حتى الصباح، ونار المذبح تتقد عليه" [9]. ما هذه المحرقة التي توضع على الموقد الناري الذي للمذبح طول الليل حتى الصباح إلاَّ حياتنا التي نقدمها بنار الروح القدس محرقة حب لله طول ليل هذا العالم دون أن يفتر قلوبنا أو تتراخى روحنا إلى أن يشرق صباح الأبدية التي بلا ظلمة ونلتقي مع شمس البر وجهًا لوجه؟!

    يحدثنا العلامة أوريجانوس عن هذه الذبيحة التي نقدمها على النار بلا انقطاع بكوننا كهنة الله - بالمفهوم الروحي العام الذي نناله خلال سر المعمودية - فيقول: [يجب أن تكون لك نار على المذبح بلا توقف. إن أردت أن تكون كاهنًا للرب كما هو مكتوب: "أما أنتم (كلكم) فتدعون كهنة الرب" (إش 61: 6)، وأيضًا كتب عنكم أنكم: "جنس مختار كهنوت ملوكي أمة مقدسة" (1 بط 2: 9)، وإن أردت أن تمارس كهنوتك فلا تبتعد قط عن نار مذبحك. هذه هي وصية الرب في الإنجيل: "لتكن أحقاؤكم ممنطقة ومصابيحكم موقدة" (لو 12: 35). لتكن نار الإيمان وسراج علمك مضيئًا على الدوام بلا توقف[94]].

    ثانيًا: في الصباح عند رفع الرماد المتخلف عن الذبائح يلتزم الكاهن بلبس الثياب الكهنوتية المقدسة من قميص ومنطقة وسروال وقلنسوة (خر 28: 40-42) حتى يدرك الكهنة قدسية هذا العمل. بحسب المظهر هو رفع رماد يتطلب لبس ثياب قديمة، لكن في الفهم الروحي ليس مجرد رفع رماد متخلف إنما هو ممارسة جزء لا يتجزأ من عمل قدسي يمس تقديس الإنسان خلال مصالحته مع الله القدوس.

    إن كانت الذبائح الحيوانية يتخلف عنها رماد يحمله الكهنة إلى جانب المذبح بقدسية ومهابة ثم ينقلونه بأنفسهم إلى الخارج، فإن ذبيحة السيد المسيح لم يمسها فساد بل قام السيد من الأموات واهبًا إيانا جسده سرّ حياة، يحملنا من رمادنا إلى الأبدية. السيد المسيح نفسه هو الذبيحة واهبة الحياة لنا نحن التراب والرماد!

    ثالثًا: إذ يلتزم الكهنة بحمل الرماد إلى خارج المحلة يخلعون ثياب الخدمة ويلبسون ثيابًا أخرى حتى لا يخرجون بثياب الخدمة إلى الخارج. وكانوا يلقون الرماد في مكان مقدس دعى "مرمى الرماد" (4: 12)، محاط بسور حتى لا يأخذ أحد من الرماد الذي فيه، ولكي لا تذريه الرياح... يا للعجب، حتى آثار الرماد مقدس لا يُمس! إنها صورة لتقديس كل ما يمس الذبيحة الحقيقية كقبر السيد المسيح الذي فيه اضطجع واهب الحياة والذي قيل عنه: "ويكون محله (قبره) مجدًا" (إش 11: 1).

    حينما نحمل الذبيحة فينا نصير نحن التراب مقدسين... تتقدس نفوسنا وأرواحنا وأيضًا أجسادنا الترابية! نصير أشبه بقبر السيد المسيح الذي تبارك بحلوله فينا!

    رابعًا: يلتزم الكهنة ببقاء نار المذبح متقدة نهارًا وليلاً: "نار دائمة تتقد على المذبح لا تُطفأ" [13]. هذه النار التي جاءت من لدن الله بعد مسح هرون وبنيه (9: 24) إحتفظ بها اليهود بإيقاد الحطب والذبائح عليها، وكانوا يضعونها في ثلاثة مواضع على مذبح المحرقة... ويروي سفر المكابيين الثاني أن اليهود لما سبوا إلى بابل خبأوا النار المقدسة في بئر ليس بها ماء، ولما أرسل ملك فارس نحميا وأصحابه إلى أورشليم أرادوا أن يخرجوا النار من البئر فلم يجدوها بل وجدوا فيها ماءً، فوضعوا الوقود على المذبح ووضعوا عليه الذبائح ثم صبوا ماءً من البئر، ولما ظهرت الشمس محتجبة بالغيم إتقدت نار عظيمة على المذبح، فمجد الجميع الله. ولما علم ملك فارس بذلك تعجب وأمر بأن يُسيج حول البئر واعتبره موضعًا مقدسًا (2 مك 1: 19-36).



    3. شريعة القربان:
    في الأصحاح الثاني وجه الله حديثه لكل بني إسرائيل خلال موسى بخصوص تقدمة القربان، التي تحدثنا عنها في شيء من التفصيل، أما هنا فيركز على دور الكاهن من جوانب متعددة.

    أولاً: يأخذ بقبضته بعض دقيق التقدمة وزيتها وكل اللبان الذي على التقدمة ويوقد على المذبح رائحة سرور تذكارها للرب [15] في دراستنا السابقة لبعض أسفار العهد القديم رأينا أن الذراع واليد يُشيران إلى كلمة الله المتجسد الذي جاء يتمم الخلاص عمليًا كما بيده[95] بينما أصبع الله يُشير إلى روحه القدوس. لعل يد الكاهن وهي تقبض بالدقيق والزيت تُشير إلى السيد المسيح الذي أمسك بطبيعتنا كما بقبضته لنصير فيه تقدمة حب لله، وكما قلنا أن الزيت يُشير إلى الروح القدس الذي به تحقق تجسد الكلمة في الأحشاء البتولي، وهو الروح الذي وهبه إيانا لأجل تقديسنا فنحسب بحق تقدمة سرور لله.

    ثانيًا: ما يتبقى من دقيق وزيت يأكله فطيرًا الكهنة في دار خيمة الإجتماع دون إستخدام الخمير... يأكله الذكور دون النساء والأطفال، إذ يُشير إلى تمتعنا بالإتحاد مع السيد المسيح خلال جسده المبذول، فلا ينعم به المدللون (النساء) ولا غير الناضجين روحيًا (الأطفال)، إنما يتمتع به الروحيون السالكون كرجال الله في نضوج وجدية.

    أما قوله: "إنها قدس أقداس... كل من مسها يتقدس" [17-18]. فيُشير إلى قدسية هذه التقدمة، فلا يأكلها غير الكهنة، يأكلونها داخل دار الخيمة وهم مستعدون روحيًا وجسديًا... ولعله يقصد أن كل من يمسها يصير قدسًا للرب يتكرّس لخدمته الإلهية.

    يعلق العلامة أوريجانوس على هذه العبارة: [المسيح الذبيح (1 كو 5: 7) هو الذبيحة الوحيدة الكاملة التي قدمت كل هذه الذبائح كصورة لها، فمن يلمس جسد المسيح يتقدس إن كان دنسًا، يُشفى من آلامه، وذلك كنازفة الدم التي أدركت أن المسيح هو جسد الذبائح، إنه الجسد المقدس لذلك إقتربت إليه ولمسته[96]].

    لقد أدركت الكنيسة فاعلية هذه الذبيحة وقدسيتها، لذلك دعى القديس يوحنا ذهبي الفم سرّ الأفخارستيا: [سرًا إلهيًا[97]]، [مائدة إلهية مهوبة[98]]، [سرًا مخوفًا[99]]، [غير منطوق به[100]]، [ذبيحة مقدسة مرهبة[101]].

    أما عن تناوله داخل الدار فيُشير إلى تمتعنا بالحياة السماوية خلال هذه الذبيحة. وقد عبرّ القديس يوحنا الذهبي الفم عن هذا بقوة بقوله: [كإن الإنسان قد أُخذ إلى السماء عينها، يقف بجوار عرش المجد، ويطير مع السيرافيم ويتغنى بالتسبحة المقدسة].

    والعجيب أن الكاهن وهو يتمتع بنصيب من هذه التقدمة، من دقيقها وزيتها، إذا به يلتزم من جانبه أن يقدم هو أيضًا تقدمة للرب صباحية وتقدمة مسائية. يذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس ومعظم علماء اليهود أن رئيس الكهنة كان يقدم هذه التقدمة يوميًا بالنسبة لخطورة مركزه أما الكاهن العادي فكان يقدمها مرة واحدة يوم مستحه فقط[102].

    ولعل الحكمة من تقديم الكهنة للتقدمة أن يدركوا رسالتهم أنهم وإن كانوا باسم الرب يتمتعون بأنصبة كثيرة من الشعب لكنهم كجزء لا يتجزأ من الشعب هم أيضًا ملزمون بتقديم تقدمات. ومن جانب آخر الكاهن وهو يأخذ ينبغي أن يعطي... يعطي قلبه لله ولأولاده الروحيين كما يعطي أيضًا جهده وما تملكه يداه، وكما قال الرسول بولس عن نفسه أنه ينفق ويُنفق.

    ما هي التقدمة الصباحية التي يلتزم بها الكاهن إلاَّ تقديم ناموس الرب الذي تسلمته كنيسة العهد القديم كما في الصباح عند بدء الحياة الروحية، يقدمه كما على نار الروح القدس الذي ينزع الحرف ويفيح رائحة الروح الذكية. أما تقدمة المساء فهي تقدمة الإنجيل بالسيد المسيح الذي قدم حياته فدية عن البشرية في ملء الزمان، كما في مساء حياتنا على الأرض. هكذا على ذات المذبح نتقبل الناموس روحيًا ملتحمًا بالكرازة بالإنجيل.

    وقد أكدت الشريعة أن توقد تقدمة الكاهن أو تحرق بكمالها ولا توكل [23]... إذ يليق به أن يعطي كل حياته محرقة الرب، حتى إن قدم كل حياته للآخرين فهو يقدمها للرب وحده!



    4. شريعة ذبيحة الخطية:
    أبرز ما في شريعة ذبيحة الخطية نقطتين أساسين:

    أولاً: تحسب أنصبة الكهنة منها "قدس أقداس" يأكلها الكهنة في دار الخيمة، من يمس لحمها يتقدس، بمعنى أنه لا يجوز أن يأكل منها إلاَّ من كان مستعدًا، ومن جانب آخر أن من يمسها يُحسب في ملكية الرب نفسه.

    ثانيًا: أهم ما أبرز في شريعة هذه الذبيحة هو قدسية الدم، فإن انتثر من دمها على ثوب يُغسل ما انتثر عليه في مكان مقدس، وإناء الخزف الذي تطبخ فيه يُكسر، وإن كان نحاسيًا فيُجلي جيدًا بماء مقدس ويُشطف لأن النحاس لا يمتص شيئًا من الذبيحة.

    يتحدث القديس يوحنا الذهبي الفم عن فاعلية دم السيد المسيح الذبيح، قائلاً: [هذا الدم يجعل صورة ملكنا واضحة فينا، ويجلب علينا جمالاً لا ينطق به، ولا يسمح بانتزاع سمونا، بل يرويه دائمًا وينعشه...

    هذا الدم متى أخذناه بحق يطرد الشياطين، ويبعدهم عنا، بينما يدعو إلينا الملائكة. فإذ يظهر دم الرب تهرب الشياطين وتجتمع الملائكة. هذا الدم المسفوك يطهر كل العالم... هذا الدم يطهر الموضع السري وقدس الأقداس... هذا الدم يقدس المذبح الذهبي... هذا الدم يقدس الكهنة... هذا الدم هو خلاص نفوسنا... تغتسل النفس وتتجمل وتلتهب. به يلتهب فهمنا كالنار، وتتلألأ النفس أكثر من الذهب[103]].
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالإثنين 19 سبتمبر 2011, 3:51 pm

    تفسير سفر اللاويين 7

    الأيات 1 – 10:- وهذه شريعة ذبيحة الاثم انها قدس اقداس. في المكان الذي يذبحون فيه المحرقة يذبحون ذبيحة الاثم و يرش دمها على المذبح مستديرا. ويقرب منها كل شحمها الالية والشحم الذي يغشي الاحشاء. والكليتين والشحم الذي عليهما الذي على الخاصرتين وزيادة الكبد مع الكليتين ينزعها. ويوقدهن الكاهن على المذبح وقودا للرب انها ذبيحة اثم. كل ذكر من الكهنة ياكل منها في مكان مقدس تؤكل انها قدس اقداس. ذبيحة الاثم كذبيحة الخطية لهما شريعة واحدة الكاهن الذي يكفر بها تكون له. و الكاهن الذي يقرب محرقة انسان فجلد المحرقة التي يقربها يكون له. وكل تقدمة خبزت في التنور وكل ما عمل في طاجن أو على صاج يكون للكاهن الذي يقربه. وكل تقدمة ملتوتة بزيت أو ناشفة تكون لجميع بني هرون كل انسان كاخيه.



    شريعة ذبيحة الإثم

    ذبيحة الإثم تقريباً في شريعتها مثل ذبيحة الخطية. وفي آية (7) يقول أن لهما شريعة واحدة ولكن هذه الآية أعقبت تحديد نصيب الكاهن من أكل لحم الذبيحة في آية (6) وسبقت آية (Cool التي حددت أن الجلد للكاهن. فذبيحة الخطية والإثم واحد في شريعتهما بالنسبة لهاتين النقطتين ولكنهما كما رأينا يختلفان في نوع الحيوانات التي تقدم ويختلفان أيضاً في التصرف في دم الذبيحة ففي ذبيحة الإثم يرش دم الذبيحة على المذبح مستديراً. وكما رأينا أن الإستدارة تشير إلى أن الشئ لا بداية له ولا نهاية وهذا يتفق مع الآية 6: 7 التي تنص على أن الله يصفح عن الشئ من كل ما فعله مذنباً به. هذه هي لا محدودية فاعلية دم المسيح. إذاً كل ذبيحة تنظر لذبيحة الصليب من ناحية حتى تتبلور أمام عيوننا ويتجسم عمل الصليب.

    + تأمل للعلامة أوريجانوس = الكاهن الذي يأكل من الذبيحة يشير للمسيح والذبيحة تشير للمسيح فكيف يأتى هذا؟ هذا إشارة للمسيح الذي يأكل خطايا العالم ويرفعها فإلهنا نار آكلة تأكل خطايا العالم وتحطمها وتبددها وتنقينا منها. والمسيح يقول" جئت لألقى ناراً على الأرض "لو 12:49 وهي تحرق أشواك الخطية.

    + ولاحظ أن نفس الأجزاء التي تقدم على المذبح هي أجزاء ذبيحة السلامة التي تقدم على المذبح وهذا يشير لأن غفران الخطية يستتبعه حلول سلام الله في القلب

    + فى مكان مقدس تؤكل = الكهنة كأولاد لله يشتركون في شركة عمل مع المسيح، لا يكفون عن الدخول بنفس كل خاطئ إلى دائرة الصليب حتى تحترق خطاياه. بهذا يحسب الكهنة أيضاً كمن يأكلون ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم. ودائرة هذا العمل هي الكنيسة المكان المقدس الذي يتم فيه الأكل.

    + الجلد للكاهن = كان الكهنة يجمعون الجلود ويبيعونها ويقتسمون ثمنها، هذا بالنسبة لذبائح الأفراد أي المحرقات الخاصة، ويتم توزيع الثمن ليلة السبت. أما الذبائح العامة مثل المحرقات اليومية فكان ثمن جلودها يخصص لإلتزامات الهيكل والخدمة. وكأن الجلد هنا مكافأة الكاهن على عمله الكهنوتى. ويرى البعض أن في هذا تذكرة بما حدث مع آدم فهو أخذ مكافأة عمله الكهنوتى جلد الذبيحة التي قدمها وبها كسا عريه.

    تأمل :- هناك كهنوت عام لكل المسيحيين المعمدين وفيه يقدمون ذبائح تسبيح وصلاة ويقدمون أجسادهم ذبيحة حية.... الخ. ومن يقوم بعمله الكهنوتى هذا يمنحه الله الجلد أي يستر عريه. فالخطية تفضح وتعرى والذبيحة تستر، ومن يقدم نفسه ذبيحة يثبت في المسيح الذي قدم نفسه ذبيحة. لذلك يقول إحمل صليبك وإتبعنى إذا أردت أن تكون لى تلميذاً. راجع (رؤ 3: 17، 18)



    إقتران التقدمات

    من الواضح أن كل نوع من أنواع التقدمات والذبائح يشير إلى ناحية معينة في حياة الرب يسوع أو في صليبه. وحتى يتجسم المفهوم، كثيراً ما كانت تقترن بعض أنواع التقدمات والذبائح وسنرى هذا حالاً في طقس ذبيحة السلامة.

    أمثلة لإقتران الذبائح والتقدمات

    1- كانت المحرقة الدائمة اليومية ومحرقة يوم السبت تقترن بتقدمة دقيق (عد 28: 3 – 5، 9، 10) وكذلك في عيد الباكورة (عد 28: 27، 28)

    2- كان شحم ذبيحة السلامة يوقد دائما مع المحرقة (لا 3: 3 – 5)

    3- كانت ذبيحة الخطية تقترن مع المحرقة وتقدمة الدقيق في المناسبات الأتية

    أ‌) تقديس اللاويين (عد 8: 8 – 12)

    ب‌) خطية سهو الجماعة (عد 15: 22 – 26)

    ت‌) فى رأس كل شهر (عد 28: 11 – 15)

    ث‌) عيد الفصح (عد 28: 19 – 22)

    ج‌) عيد هتاف البوق (عد 29: 2 – 5)

    ح‌) عيد الكفارة (عد 29: 8 – 11)

    خ‌) عيد المظال (عد 29: 13 – 16)

    4- كانت ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم مع المحرقة مع تقدمة الدقيق يقترنون معاً فى طقس تطهير الأبرص (لا 14: 10 – 20)

    5- فى عيد الخمسين (لا 23: 18، 19) وعند إنتهاء مدة إنتذار النذير (عد 6: 14، 15) وعند تدشين المذبح (عد 7: 87، 88) تقترن ذبائح الخطية والسلامة والمحرقة والدقيق

    6- وكانت تقترن المحرقة مع ذبيحة الخطية عند تطهير الوالدة (لا 12: 6 – Cool وذو السيل وذات السيل (لا 15: 14، 15 + 15: 29، 30)

    7- أما عند مسح الكهنة فكانت تقدم كل التقدمات والذبائح العادية ما عدا ذبيحة الإثم مضافاً إليها كبش الملء أو كبش التقديس وكذلك قربان الملء (لا 8: 14 – 29، 9: 2 – 4)

    8- كان يقدم خمر مع بعض التقدمات والذبائح مثل المحرقة الدائمة (عد 28: 6 – Cool والخمر تشير للفرح مز 104: 15 + قض 9: 13 وهذا تعبير عن سرور الله بهذه التقدمة.



    الأيات 9، 10:- و كل تقدمة خبزت في التنور و كل ما عمل في طاجن أو على صاج يكون للكاهن الذي يقربه. وكل تقدمة ملتوتة بزيت أو ناشفة تكون لجميع بني هرون كل انسان كاخيه.

    هى تطبيق لما سبق. ما التصرف في تقدمة الدقيق لو إقترنت مع ذبيحة الخطية أو ذبيحة الإثم؟ هنا نجد نوعين من تقدمات الدقيق

    أ‌) مخبوزة أو فى طاجن أو على صاج آية (9)....يأكلها الكاهن الذي يقربها

    ب‌) ملتوتة (معجونة)بزيت أو ناشفة أي مجرد دقيق (10)... توزع على كل الكهنة.

    وهناك سبب منطقى فالمخبوزة جاهزة وساخنة فتؤكل فوراً وأما الأخرى فيمكن توزيعها فيما بعد. والتأمل الروحى في هذا أن الكهنة يلزمهم أن يأكلوا كلمة الله ليتغذوا بها ويطعموا بها الآخرين "حز 2: 8 + 3: 1" والكاهن لن يستطيع أن يقدم كلمة الله للآخرين إن لم تسوى في التنور أي بنار الروح القدس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). أما الطاجن فسبق أن أشرنا في تفسير إصحاح (2) أنه يشير لبطن العذراء التي عمل فيها الروح القدس ليتجسد المسيح. وهنا أيضاً فالروح القدس يعمل داخلياً في بطوننا أي في داخلنا لنعرف المسيح معرفة باطنية. هنا نستطيع أن نخبر به الآخرين وأما الصاج، فالتقدمة فيه مكشوفة أي أن معرفة المسيح هذه ظهرت في صورة مكشوفة في شخص هذا الكاهن. هنا فقط تكون كلماته مؤثرة فالشعب يرى فيه صورة المسيح. أما لو كانت التقدمة دقيق فقط أي مجرد معلومات وحتى لو كانت معجونة بزيت أي بإرشاد الروح القدس لكن لم تمر في المراحل السابقة فيحسن أن توزع ويؤجل إستعمالها حتى تمر في هذه المراحل. ولاحظ أن الله يحرم الكهنة من الكلمة أما مسئولية إختبارها تقع عليهم (تسوية التقدمة بنار الروح القدس) هذا ما عناه الله حينما قال لحزقيال "أطعم بطنك وإملأ جوفك" "حز 13: 3" ولاحظ أن هذه التقدمات بلا لبان، فهى مصاحبة لذبيحة خطية.



    شريعة ذبيحة السلامة

    نجد هنا مثلاً آخر لإقتران الذبائح نفهم منه كيف يتجسم ويتبلور عمل الصليب فى تجميع الذبائح ليتضح عمل معين أو وجه معين لذبيحة المسيح. ففي ذبيحة السلامة نوعين ا) شكر ب) نذر أو نافلة

    وذبيحة السلامة المقدمة للشكر كان يقرب معها أقراص فطير ملتوتة بزيت مع أقراص خبز خمير. ونحن سبق وفهمنا أن ذبيحة السلامة ترمز لسر الإفخارستيا أو سر الشكر. فلماذا إقترنت مع الفطير والخمير ؟ يفهم من ذلك الآتى

    1- هى الذبيحة التى نقدم فيها الشكر للمسيح لأنه بها أعطانا الحياة والسلام.

    2- من يأكل منها تكون حياته، ومن حياته المسيح يحيا في سلام.

    3- أقراص الفطير هى بلا خمير تشير للمسيح القدوس الذي بلا خطية المتحد لاهوتياً بروحه القدوس والذي مسح بالروح القدس من أجلنا. وهنا نرى صورة عجيبة يرسمها الوحى لهذه الذبيحة. ولنرى أنواع هذه التقدمة

    أ‌) أقراص فطير ملتوتة بزيت: هذه تشير للإتحاد الأقنومى بين المسيح والروح القدس وأن الروح القدس هو الذى جسد المسيح في بطن العذراء.

    ب‌) رقاق فطير مدهونة بزيت: هذه تشير للمسيح يوم حل عليه الروح القدس لحسابنا.

    ت‌) دقيق مربوكاً أقراصاً ملتوتة بزيت: الأقراص تشير لتعدد الأشخاص أي الكنيسة فسر الشركة يجمعنا كلنا مع المسيح رأسنا.

    4- أقراص خبز خمير: الخمير يشير للخطية. وكنيستنا تصر على إستعمال خبزاً مختمراً في سر التناول للإشارة إلى أن المسيح حامل خطايانا. فالفطير يشير لحياة المسيح قبل الصليب التى كانت خالية من كل شر أما وقد حمل خطايانا في جسده على الصليب كان يلزم أن يضاف الخمير في الخبز المقدم في سر الإفخارستيا في القداس القبطى الأرثوذكسى إشارة إلى الخطية التي حملها في جسده، فذبيحة القداس الإلهى تشمل الصليب وما قبل الصليب. لكن الكنيسة لم تكتفى بوضع الخمير، بل لزم أن يدخل النار حتى تموت هذه الخميرة ثانياً كما ماتت الخطية في جسد المسيح المقام من الأموات. فالخميرة موجودة في قربان القداس ولكنها ميتة بفعل النار. وكما أبطلت النار فعل الخميرة كذلك أبطل المسيح الخطية بذبيحة نفسه حينما إشتعلت فيه نار العدل الإلهى على الصليب



    أنواع ذبيحة السلامة

    1- شكر :- على سلامة من خطر أو شفاء وهذا لخصه مزمور 107 وهنا نجد نصاً على تقديم ذبيحة سلامة في الآية "22". هي ذبيحة تسبيح لمجد الله تعالى.

    2- نذر :- يقدمه إنسان في ضيقة وهو يقدم هذا النذر إختيارياً، أنه لو مرت هذه الضيقة يقدم نذراً لله كذا وكذا. ويحمل النذر معنى أكبر فهناك من نذر نفسه لله في ضيقة هذا العالم. أي أصبح مكرساً للرب تماماً (نذير)

    3- نافلة :- هي تشبه النذور تماماً. لكن لا يوجد تكرار في الكتاب المقدس بلا داعى والفرق في هذه التقدمة بين النذر والنافلة. أن مقدم النافلة ليس في ضيقة ولكن هو إنسان فرح وينتظر من الرب أكثر ويقول من خلال فرحه لو أصابنى أكثر سأعطى لله كذا وكذا. ومعنى كلمة نافلة = تقدمة إختيارية

    والأن لنتأمل هذه المعانى!! أليست بهذه المعانى تتبلور ذبيحة وعمل المسيح. فهو قدم حياتة لمجد الله (شكر) وهو من خلال ضيقاته كان مكرساً بالكامل في طاعة كاملة للآب (نذر) ولم يكن هذا عن إجبار بل كان هذا بفرح. فالمسيح فرح بالخلاص وكان يشتهيه كالآب تماماً وهوأعطى نفسه بفرح لخلاصنا والنافلة أيضاً قد تكون تطوعية تماماً أي إنسان فرح من كثرة ما أعطاه الله فيذهب ويقدم نافلة. وكان هناك فرق في طقس النذر عن طقس النافلة، أنه إذا مات الحيوان الذي نذر أو فقد أو أصابه عيب يلتزم صاحب النذر أن يقدم ما يساويه في القيمة، أما في حالة مقدم النافلة لا يلزم بشئ فهو قد تعهد بتقديم حيوان بعينه (22: 17 – 25)



    ترتيب الذبائح:

    ورد ترتيب الذبائح مختلفاً في المرتين اللتين ذكرت فيها الذبائح. المرة الأولى عندما حدد الكتاب هذه الذبائح ونوعياتها (الإصحاحات 1:1 – 7:6 والمرة الثانية فى شرحة لطقوس وشريعة تقديم هذه الذبائح (6: 8 – 7: 34) فلماذا؟

    فى المرة الأول كان يشرح ماذا قدم المسيح لنا لذلك بدأ بالمحرقة أي أنه أرضى الآب حتى نكون نحن مقبولين أمام الآب. ثم شرح تقدمة الدقيق حتى يظهر أنه أعطانا حياته وروحه القدس. ثم ذبيحة السلامة ليظهر غرضه أنه أتى ليعطينا سلام وآخر الكل ذبائح الخطية والإثم ليظهر كحامل خطايانا. المسيح في هذه المجموعة ظاهراً أمام الآب مقدماً نفسه كرأس للكنيسة ساتراً خطاياها أما في المجموعة الثانية يشير إلى كيف نحصل على هذا السلام لذلك تسبق شريعة ذبيحة السلامة شريعتى ذبيحة الخطية والإثم فلا سلام لنا دون أن تغفر خطايانا. هنا في هذه المجموعة يتقدم المسيح لنا كحامل خطايانا حتى يعطينا السلام. لكن في الحالتين تسبق المحرقة الجميع. فبدون رضاء الآب لم نكن لنحصل على شئ

    مقارنة

    المجموعة الأولى (1 – 6: 7)

    المجموعة الثانية (6: 8 – 7: 34)

    1- تشرح ماذا قدم المسيح لنا

    2- المحرقة ثم الدقيق (رضا الآب + حياة المسيح)

    3- السلامة ثم الخطية والإثم

    4- هنا المسيح ظاهراً أمام الآب

    1-تشرح كيف نحصل على ما قدمه المسيح

    2-المحرقة ثم الدقيق (فى هذا تتفق المجموعتان)

    3-الخطية والإثم يرفعان أولاً لنحصل على السلام

    4-هنا المسيح ظاهراً لنا كحامل خطايانا



    الأيات 11 – 13:- و هذه شريعة ذبيحة السلامة الذي يقربها للرب. ان قربها لاجل الشكر يقرب على ذبيحة الشكر اقراص فطير ملتوتة بزيت ورقاق فطير مدهونة بزيت ودقيقا مربوكا اقراصا ملتوتة بزيت. مع اقراص خبز خمير يقرب قربانه على ذبيحة شكر سلامته.

    هذه شريعة ذبيحة السلامة لأجل الشكر



    الأيات 14، 15:- و يقرب منه واحدا من كل قربان رفيعة للرب يكون للكاهن الذي يرش دم ذبيحة السلامة. ولحم ذبيحة شكر سلامته يؤكل يوم قربانه لا يبقي منه شيئا إلى الصباح.

    يقرب منه واحداً من كل قربان = كان المقدم يأتى بعشرين دقيق، عشراً منها يخمر وعشراً يترك بدون خمير ويخبزون العشر الأول 10 أرغفة خبز مختمر. والعشر الثانى يخبز 30 فطيرة. والكل مخبوز بزيت. وكان الكاهن يأخذ 3 فطائر ورغيف خبز = رفيعة للرب. يكون للكاهن. وكلمة رفيعة أي مرفوع أو مقدم لله الذي في الأعالى. وباقى الخبز والفطير يكون لمقدم التقدمة يأكله مع عائلته وأقرباؤه والفقراء الذين يدعوهم، هي مائدة شركة وحب يشكر فيها الله على إحساناته عليه. طبعاً يأكلوا من الخبز والفطير واللحم. هذه ذبيحة فرح، الكل يأكل منها حتى مقدمها (المذبح والكاهن ومقدمها والمدعوين) أما ذبيحة الخطية فمقدمها خاطئ، لا يجوز له أن يأكل منها. وفي كنيستنا فذبيحة شكرنا هى طعامنا حتى القيامة.

    لا يبقى منه شيئاً حتى الصباح = كان يشترط على مقدم الذبيحة أن يأكل هو ومن دعاهم من لحم ذبيحة السلامة فى نفس اليوم، وكان يفضل أن يكون هذا ليلاً، ويدعو الجميع خصوصاً الفقراء وهم يأتون ليلاً ولن يشعروا بالخجل فلن يراهم أحد. لحم ذبيحة السلامة هو خاص بالله، له وحده (راجع آية 21) وهو وحده له حق التصرف فيه، حتى لو أخذه مقدمه إلى بيته. والله صاحب الحق في التوزيع يأمر من قدم الذبيحة أن يستعملها بكرم مع الآخرين، الكل يأكل منها والفقراء إخوة الرب أولاً. وعلى من يريد أن يشكر الرب فعليه أن يظهر فرحه المقدس بالله بإحتفال مقدس يدعو إليه الآخرين. ولذلك نص الله أن مقدم الذبيحة يجب أن ينتهى من أكلها في نفس الليلة ولا يبقى منها للصباح. فكيف ينتهى منها إن لم يدعو آخرين. هذا النص يشجعه على دعوة الآخرين وأن لا يكون بخيلاً فيبقى منها لنفسه حتى اليوم التالى لإستعماله الشخصى مما يخالف فكرة الشركة. ولكن قوله لا يبقى منه شيئاً حتى الصباح يشير لجانب هام من القيامة فالمسيح قام والظلام باقى أي لم يبقى ميتاً كذبيحة في الصباح (صباح الأحد). وهناك معنى آخر أننا نأكل من ذبيحة الإفخارستيا في ليل هذا العالم حتى يجئ صباح يوم القيامة، وهناك في الملكوت لن تكون هناك ذبيحة. وإشارة أنه لا يبقى منه حتى الصباح سبق الإشارة إليها في خروف الفصح (خر 12: 8، 10) وهذه أيضاً تشير للقيامة. ذبيحة السلامة فيها مائدة شبع للجميع (لحم وفطير وخبز) هي مائدة دسمة، مائدة التناول أشار لها إشعياء في 25: 6 أنها وليمة سمائن ممخة مع دردى (خمر).



    الأيات 16، 17:- و ان كانت ذبيحة قربانه نذرا أو نافلة ففي يوم تقريبه ذبيحته تؤكل وفي الغد يؤكل ما فضل منها. و اما الفاضل من لحم الذبيحة في اليوم الثالث فيحرق بالنار.

    هذه خاصة بشريعة النذور والنافلة. وهذه تستكمل بلورة قصة القيامة. هنا يسمح بالأكل منها في اليوم التالى لكن لا تستمر حتى اليوم الثالث. وهنا تشرح قيامة المسيح في اليوم الثالث هو 6: 2. وهنا يظهر وتكتمل الصورة أنه يقوم في اليوم الثالث قبل الفجر. ويضاف لهذا أن الشريعة أعطت الحق لمقدم النذر والنافلة الحق في إستخدام لحم ذبيحته حتى اليوم الثانى فهى تقدمة إختيارية. وكانوا يملحون لحم ذبائحهم حتى لا تفسد وتتعفن (مر 9: 49) "كل ذبيحة تملح بملح"

    وأما الفاضل من لحم الذبيحة في اليوم الثالث فيحرق بالنار = تمليح الذبيحة وعدم الإبقاء منها حتى اليوم الثالث، وحرق المتبقى يشير إلى أن جسد المسيح إذ مات لم يتطرق إليه الفساد مز 16: 9، 10"لن تدع تقيك يرى فساداً"



    آية 18:- و ان اكل من لحم ذبيحة سلامته في اليوم الثالث لا تقبل الذي يقربها لا تحسب له تكون نجاسة والنفس التي تاكل منها تحمل ذنبها.

    من يخالف هذا فقد كسر الرمز الذي يرمز للمسيح في قيامته بجشعه إذ أراد أن يحتفظ بجزء من الذبيحة لنفسه وإمتنع عن دعوة الآخرين. مرة أخرى هذه الخطية هى التمركز حول الأنا والذات والخلو من المحبة وفي هذا إنفصال عن الله لذلك سمى هذا نجاسة. والذي يقربها لا تحسب له = إذن عليه أن يقرب غيرها، هذا ليشجع مقدم الذبيحة على الإلتزام بالطقس الصحيح.



    آية 19:- و اللحم الذي مس شيئا ما نجسا لا يؤكل يحرق بالنار واللحم ياكل كل طاهر منه.

    هذه الآية تشير لأن إنتقال النجاسة أسهل كثيراً من إنتقال القداسة أى إذا وجد إنسان طاهر في مجلس مستهزئين فستنتقل نجاستهم وخطاياهم إليه أسهل كثيراً من أن تنتقل نعمته إليهم. لذلك داود فضل أن لا يجلس في مثل هذا المجلس وأن يعتزل الخطية. وهذا يفسر لماذا سأل حجى سؤاله حج 2: 12، 13



    الأيات 20، 21:- و اما النفس التي تاكل لحما من ذبيحة السلامة التي للرب ونجاستها عليها فتقطع تلك النفس من شعبها. و النفس التي تمس شيئا ما نجسا نجاسة انسان أو بهيمة نجسة أو مكروها ما نجسا ثم تاكل من لحم ذبيحة السلامة التي للرب تقطع تلك النفس من شعبها.

    الآية (20) متطابقة مع 1كو 11: 27 لذلك ينبغى أن نقدم توبة وأن نعترف قبل أن نتقدم لسر التناول والآية (21) تدعو من يأكل أن يحفظ نفسه طاهراً ولا يتنجس. وهذه الآية تفسر لماذا رفض اليهود دخول دار الولاية يو 18: 28 لأنهم كانوا يريدون الأكل من ذبيحة السلامة في الفصح وخافوا أن يتنجسوا.

    تقطع تلك النفس من شعبها = يحرم المخالف من ممارسة الشعائر



    الأيات 22 – 27:- و كلم الرب موسى قائلا. كلم بني اسرائيل قائلا كل شحم ثور أو كبش أو ماعز لا تاكلوا. واما شحم الميتة وشحم المفترسة فيستعمل لكل عمل لكن اكلا لا تاكلوه. ان كل من اكل شحما من البهائم التي يقرب منها وقودا للرب تقطع من شعبها النفس التي تاكل. و كل دم لا تاكلوا في جميع مساكنكم من الطير ومن البهائم. كل نفس تاكل شيئا من الدم تقطع تلك النفس من شعبها.

    سبق شرحها فالشحم والدم من نصيب الرب لا يأكل منها أحد. الشحم يشير لكل رغبة وطاقة أعضائنا الدفينة وهذا ينبغى أن يكون لله وحده والدم يشير للنفس وهذه النفس لله. أما شحوم الميتة وشحم الحيوانات المفترسة = فكان يحل لهم أن يستعملوها في عمل الشموع والإيقاد لكن لا تؤكل.



    الأيات 28 – 34:- و كلم الرب موسى قائلا. كلم بني اسرائيل قائلا الذي يقرب ذبيحة سلامته للرب ياتي بقربانه إلى الرب من ذبيحة سلامته. يداه تاتيان بوقائد الرب الشحم ياتي به مع الصدر اما الصدر فلكي يردده ترديدا امام الرب. فيوقد الكاهن الشحم على المذبح ويكون الصدر لهرون وبنيه. والساق اليمنى تعطونها رفيعة للكاهن من ذبائح سلامتكم. الذي يقرب دم ذبيحة السلامة والشحم من بني هرون تكون له الساق اليمنى نصيبا. لان صدر الترديد وساق الرفيعة قد اخذتهما من بني اسرائيل من ذبائح سلامتهم واعطيتهما لهرون الكاهن ولبنيه فريضة دهرية من بني اسرائيل.

    يأتى بقربانه... يداه تأتيان = أي يقدم تقدماته بيديه علامة الرضى وأنه يقدم لله هذه التقدمة برضى علامة حب لله بإختياره.

    الصدر والساق للكاهن = الكاهن هنا يمثل الله وكونه يقبل الصدر والرجل اليمنى معناه أن مقدم الذبيحة يعطى لله كل مشاعره وقلبه ومحبته (الصدر) وأعماله (الرجل) وبقوة (اليمنى) فهكذا قدم المسيح لنا محبته (الصدر)

    وعمل فداؤه القوى (الرجل اليمنى) فنحن نقدم له ذبيحة سلامتنا (الصدر والرجل). وتشير إلى أن الله يعطى لخدامه محبته وقوة تسندهم في خدمتهم، وهم عليهم أن يقدموا محبتهم وأن يسلكوا ببر وبإستقامة. وهذه العطية لهرون ولبنيه = أي لكل الكنيسة، الكل يتمتع بمحبة المسيح وعمله القوى (رجله اليمنى) التي داس لنا بها الشيطان. وعلى الكاهن أن يعطى حبه لرعيته، لذلك نقشت أسماء أسباط إسرائيل على صدرة رئيس الكهنة (قلبه) وكتفه.

    الترديد = كان الكاهن يضع على يد مقدم الذبيحة الشحم وفوقه الصدر وفوق الصدرالساق والخبز فوقهم ويرددهم أي يضع يديه تحت يد مقدم الذبيحة ويرفعها ثم يحركها للجهات الأربع شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. والمعنى أن الكاهن يقدم الذبيحة لله ويقدم شكره له فهو يملأ المسكونة كلها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ثم يتقبل نصيبه من يد الرب. وكأنه يقدم لله صدره وقدمه ويتسلمهم منه بقوة ليعمل لحسابه. وأيضاً يشكر الرب على إحسانه وفي تقديم الحمل في الكنيسة القبطية يحرك الكاهن يديه في حركة مشابهة ويقول "إعط يارب أن تكون هذه الذبيحة مقبولة أمامك عن خطاياى وجهالات شعبك " بمعنى التضرع لله بأن يقبل ويغفر فإحساناته تغمر المسكونة كلها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. ولاحظ أن حركة الترديد + على مثال الصليب. فالصليب كائن وراء كل ذبيحة فالذبائح كلها تشير لشئ واحد وهوالمسيح المقدم ذبيحة على الصليب

    رفيعة = هذه لها معنيان الأول أنها ترفع من التقدمة ليأخذها الكاهن والمعنى الآخر أنها ترفع أمام الله إلى أعلى وتردد أمام جلاله



    الأيات 35، 36:- تلك مسحة هرون ومسحة بنيه من وقائد الرب يوم تقديمهم ليكهنوا للرب. التي امر الرب ان تعطى لهم يوم مسحه اياهم من بني اسرائيل فريضة دهرية في اجيالهم.

    مسحة هرون = كلمة مسحة تعنى مسحة الزيت وهناك كلمة أخرى عبرية لها نفس الشكل وهي مشحة بمعنى آخر وهو نصيب. ووضع كلمة مسحة في هذه الآية تعنى المعنيان أنه يوم أن قدم هرون وبنيه ليمسحوا أي يتم تكريسهم للرب صاروا نصيباً للرب، والرب أعطاهم نصيب لهم من ذبائحه فهم شركاؤه في الخدمة والعمل. الله هو الكاهن الأعظم وهارون وبنيه هم ممثلوه على الأرض. هذه الأية قد تفهم مادياً بأنها نصيب هرون وبنيه من الأكل حتى لا يجوعوا وهذا ليس خطأ ولكن الله الذي قال "أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه الباقية تزاد لكم" يطلب من كهنته أن يهتموا أولاً بالروحيات وخدمتهم الكهنوتية وخلاص نفوس شعب الله وهو سيملأهم روحياً لأجل نجاح هذه الخدمة.. أما إمتلاء بطونهم فهذه تزاد لهم.



    الأيات 37، 38:- تلك شريعة المحرقة و التقدمة وذبيحة الخطية وذبيحة الاثم وذبيحة الملء وذبيحة السلامة. التي امر الرب بها موسى في جبل سيناء يوم امره بني اسرائيل بتقيرب قرابينهم للرب في برية سيناء



    هذه هي الشريعة التي أمر بها الرب = إذاً يلزم التدقيق فيها فهى أوامر من الرب، أوامر مقدسة. وأما ذبيحة الملء = فهى الخاصة برئيس الكهنة التي يقدمها يومياً والخاصة بالكهنة حتى يمتلئوا. وهذه شرحها في سفر الخروج أما هنا فقد وردت في 6: 19 – 23.

    ملحوظة = قدم صموئيل لشاول الملك من ساق الرفيعة دلالة على أنه ينتظره مركزاً هاماً (1صم 9: 24) وينتظره عملاً مقدساً.



    تأمل عام في الذبائح

    كانت الذبائح خمسة أنواع:- محرقة، دقيق، سلامة، خطية، إثم. ورقم خمسة كما أشرنا سابقاً يشير للنعمة التي ظهرت بصليب أي ذبيحة المسيح. ولكن رقم خمسة يشير أيضاً للمسؤلية وهذا يتضح من مثال الخمس عذارى الحكيمات والخمس الجاهلات. فالله أعطانا نعمة الإمتلاء من الروح القدس أي الزيت الذي في الآنية ولكن كون أن نمتلئ فهى مسئوليتنا الشخصية. لذلك يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس "إضرم موهبة الله التي فيك بوضع يدىَ" فتيموثاوس قد حصل على موهبة الله ولكن إضرامها أي إشعالها أي إمتلاءه من الروح القدس هو مسئوليته الشخصية 2تى 1: 6. ورقم 5 أيضاً يشير للحواس الخمس وبالتالى أيضاً يشير للمسئولية الشخصية، فمسئوليتى هي أن أسمح بدخول أي شيء لداخلى من خلال منافذ التعامل مع العالم، فما يدخل ويستقر يساعد أن أمتلئ أو أفرغ من مواهب الله التى أعطاها لى. والمسيح بذبيحته على الصليب إستوفى كل شيء فهو أرضى الآب وحمل خطايانا ولعنتنا بدلاً منا. ولكننا واحد مع المسيح نحن جسده من لحمه ومن عظامه، إذاً يجب علينا أن نتبع خطواته ونقدم جسدنا ذبيحة حية لنرضى الله. ونكون نحن الذين نقدم الذبيحة ونحن بأجسادنا الذبائح أيضاً "قدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة رو 12: 1" وكيف يمكن أن يتم هذا

    1- ذبيحة المحرقة :- رأينا فيها المسيح في طاعة كاملة للآب حتى الموت. فما هو مطلوب منا أن نقدم ذواتنا في طاعة كاملة وتسليم كامل حتى لو قادنا هذا للصليب. ويتضمن هذا طاعة وصايا الله. وقطعاً فهذا له تكلفته، فإذا أردنا أن نقدم خدمة أو نتسامح مع من يريد أن يؤذينا، أو أن نتواضع أمام من لا يحبنا يصبح هذا شيئاً صعباً جداً ولكن هذا معنى الذبيحة. وهذه أشياء لا تكلل هنا بل في السماء.

    2- تقدمة الدقيق :- هنا المسيح يقدم حياته لنا، هو يُطحن ليصير لنا طعاماً وحياة، فهل نقبل أن نكون طعاماً للآخرين، نخدمهم في محبة،نُنفِق ونُنفَق من أجلهم 2كو 12:15 نبحث عن الجوعى والمساجين والمحتاجين. راجع في 4: 18 لتفهم معنى هذه الذبيحة. وراجع قوله في 1تس 2: 8 كنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضاً. وكان يصاحب ذبيحة السلامة تقدمة خمر أي سكيب وفي ذلك يقول بولس الرسول "لكننى وإن كنت أنسكب أيضاً على ذبيحة إيمانكم وخدمته أسر وأفرح". فهو لا يقدم نفسه فقط لهم في خدمته بل ينسكب من أجلهم ولكن لاحظ أنه في هذا يسر!! هذا هو الفرح الحقيقى.فى 2: 17. ولنلاحظ ماذا يصاحب هذه التقدمة أيضاً بخور أي صلاة وملح وزيت.

    3- ذبيحة السلامة :- هي حياة الشركة والحب مع الجميع. ولنلاحظ أننا في القداسات ملزمون أن نصلى من أجل الجميع وليس من أجل خلاصنا وحياتنا فقط.

    4- ذبيحة الخطية :- حقاً المسيح مات لأجلى وحمل خطيتى ولكن علىَ أنا أن أموت للخطية وأن أحسب نفسى ميتاً عن خطايا وشهوات هذا العالم راجع رو 6 فنحن لن نختبر حياة القيامة مع المسيح مالم نقبل أن نموت معه عن خطايا العالم. وهذه ذبيحة مثل التي قدمها يوسف البار الشاب العفيف الذي كان جسده الخاطئ يحتاج لهذه الخطية لكنه فضل أن يقدم نفسه ذبيحة ويصلب أهواؤه وشهواته فكان مثالاً لجده إبراهيم الذي قدم إبنه ذبيحة وهذه الصورة الرائعة صورها قداسة البابا شنودة في ترنيمة "هوذا الثوب خذيه" وراجع أيضاً 1بط 4: 1 + غل 6: 14 + في 3: 19 + غل 5: 24 + 1كو 11: 31 + 1بط 3: 18

    5- ذبيحة الإثم :- هي تقريباً متطابقة مع ذبيحة الخطية ولكن نخرج منها بشئ جديد، فلا يكفى أن نعترف بخطيتنا أمام الكاهن ونحصل على الحل فيجب أولاً أن نعوض من أخطأنا فى حقه. فلا يصح أن يعترف أحد بأنه أهان شخص آخر ويأتى ليعترف دون أن يذهب أولاً ليعتذر لأخيه المجروح. وقد تقف أمام هذا كبريائنا الشخصية والمقصود أن نقدمها ذبيحة وفي هذا أيضاً من يسرق فلا بد أن يرد المسروق بطريقة أو بأخرى. هكذا فعل زكا وهكذا قال السيد المسيح مت 5: 23، 24

    + ذبيحة المحرقة تشير إلى البر الموهوب لنا في دم المسيح بينما ذبيحة الخطية والإثم تشيران إلى رفع الخطية عنا. أما ذبيحة السلامة فتكشف عن حق جديد لنا في الدم وهو حق الشركة في حياة المسيح لنوال السلام الأبدى. المقصود بالشركة قطعاً ليست الشركة في لاهوته، بل في محبته وقداسته وحياته ومجده وأبديته......

    + ولكن نقف أمام عدم الأكل من ذبيحة السلامة إذا كانت نجاساتنا علينا !!

    ونقارن مع قول بولس الرسول عمن يأكل ويشرب بدون إستحقاق (1كو 11 ) نجد الطقس لا يقول نجاساتها فيها بل عليها. وهناك فرق كبير بين قوله عليها وقوله فيها. فهناك إستحالة أن أقول "لا يجب أن يكون فِىَ خطية" لأن الرسول يوحنا يقول "إن قلنا أنه ليست لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا" 1يو 1: 8 وبولس الرسول يقول "الخطاه الذين أولهم أنا" وفي رو 7 : 17 "الخطية الساكنة فِىَ" إذاً الخطية ساكنة فينا لا محالة. ولكن هذا ليس معناه أن أعيش مستعبداً للخطية، بل علىَ أن أحاربها وأحارب أعضائى التي تشتهى الخطية. وأنا أحارب بالروح الذى فِىَ (رو 8: 2) والروح القدس يعين في هذه الحرب. ومن يجاهد ويقمع جسده ويستعبده ويضبط نفسه حتى بالرغم من وجود الخطية فيه لا تصبح عليه خطية راجع 1كو 9: 25 + 1كو 9: 27 + كو 3: 5. فلنقدم توبة وإعتراف وإن إعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا 1يو 1: 9. وبعد هذا إن لامنا ضميرنا أن هناك خطية ولا يجب أن نتقدم للتناول فهذا تشكيك في فاعلية دم المسيح كذبيحة عن خطايانا وأثامنا راجع عب 10: 19 – 23

    + الذبائح التي يأكل منها الكاهن

    الكاهن يأكل من ذبائح السلامة والخطية وتقدمة الدقيق. وإذا كان الكاهن يشير للمسيح رئيس كهنتنا فما معنى أنه يأكل من هذه الذبائح؟ ربما يفسر هذا قول إشعياء عن المسيح "من تعب نفسه يرى ويشبع" أش 53: 11 فالمسيح يشبع حين يرى شعبه في سلام وشركة جسده الواحد (ذبيحة السلامة) وهم بدون خطية، مبررين (ذبيحة الخطية)، وحياتهم للآخرين (تقدمة الدقيق).



    الإصحاحات 8، 9، 10

    هذه الإصحاحات تقدم صورة رائعة لحياة التكريس وهي تشير لأن التكريس يبنى على

    1- التقديس :- وهذا يكون بدم يسوع. فكان هرون عليه أن يغتسل وأن تتقدس ملابسه

    2- التخصيص :- عدم الإنشغال بالعالم ورمز لهذا أن يبقى في الخيمة 7 أيام. وعليهم أيضاً (هرون وأبناؤه) آلا يفرحوا كالعالم وآلا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. وعليهم أيضاً أن يعتبروا الرب نصيبهم، هو يعولهم

    والمؤمنين بهذا المفهوم كلهم مكرسين لحساب ربنا يسوع، كل من قبل المعمودية أى أغتسل وقدس ملابسه يصير مكرساً للرب، كاهنا بالمفهوم العام للكهنوت أي يقدم ذبائح الحمد والتسبيح ومقدماً نفسه ذبيحة حية.

    وكما حدث في سفر الخروج فقد قدم الله شرحاً لموسى عن خيمة الإجتماع في الإصحاحات 25 – 30 وقدم فيها أيضاً شرحاً لملابس الكهنة وطقس تكريسهم نجد هناك في الإصحاحات لا 8 – 10 تنفيذ طقس تكريس الكهنة وبدء خدمتهم في الخيمة.

    وقد أرجئ أمر تكريس الكهنة إلى هنا حتى يأتى بعد الحديث عن شرائع الذبائح والتقدمات (لا 1 – 7) ليربط الذبائح بالكهنوت والكهنوت بالذبائح، فلا ذبيحة بدون كاهن، كما أنه لا عمل كهنوتى خارج الذبيحة. والخيمة بدون كهنة ستشبه المنارة بدون فتائل الإيقاد.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالثلاثاء 20 سبتمبر 2011, 11:53 am

    تفسير سفر اللاويين 8
    هو تنفيذ لإصحاحى 28، 29 من سفر الخروج. وقد قام موسى بتقديس هرون وبنيه، فموس كان هو الكاهن للشعب. وكهنوت موسى هو الإتصال بين الكهنوت القديم (كهنوت الأباء البطاركة) الذى كان يكهن فيه رأس الأسرة أو العشيرة، وبين الكهنوت اللاوى الذي حدد الله فيه هرون وأولاده فقط ليكونوا كهنة. ولذلك قيل في "مز 99: 6 موسى وهرون بين كهنته". ولم يكن موسى كاهناً فقط بل كان ملكاً في يشورون تث 33: 5 وراجع عد 12: 7. لذلك يكون موسى هنا ممثلاً للرب لأمانته في كل بيته بما فيه من كهنة وشعب. وهو أيضاً رمز للمسيح الذي كان كاهناً وملكاً ومخلصاً.



    الأيات 1 – 5:- و كلم الرب موسى قائلا. خذ هرون و بنيه معه والثياب ودهن المسحة وثور الخطية والكبشين وسل الفطير. واجمع كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتماع. ففعل موسى كما امره الرب فاجتمعت الجماعة الى باب خيمة الاجتماع. ثم قال موسى للجماعة هذا ما امر الرب ان يفعل.

    نلاحظ هنا التسبحة المتكررة هذا ما أمر الرب أن يفعل = من يتبع أوامر الرب تكون له حياة. ونلاحظ أن موسى لم يكن له حق في إختيار الكهنوت أو طقس تكريسهم إلا حسب خطة الله وتدبيره. وهذا يشير إلى أن ما تحقق بمجئ السيد المسيح إلى العالم كان بحسب خطة الآب الأزلية ومن تدبير الآب "هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد... يو 3: 26" وقطعاً فخطة الآب لا تعنى أن المسيح لم يكن له دور إذ يقول بولس الرسول في أف 5: 2، 25 "أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه لأجلنا..."

    وأجمع كل الجماعة = هنا تتم سيامة الكهنة وسط الجماعة فهم قد أقيموا من أجل الجماعة. لذلك تتم سيامات الكهنة وسط شعب كنيستهم وهكذا الأساقفة والبطريرك "بفعل الروح القدس وإتفاق منا كلنا وطيب قلب، وإتفاق رأى الجماعة". وكانت أول مرة تأتى فيها كلمة الجماعة في خر 12: 3 وفي مناسبة تقديم خروف الفصح (رمز للمسيح) وتأتى هنا في تقديم الكاهن (رمز المسيح) فالمسيح هو الكاهن وهو الذبيحة. ولاحظ أن الذي قدم المسيح كذبيحة هم جماعة إسرائيل.



    أية 6:- فقدم موسى هرون وبنيه وغسلهم بماء.

    لم يحدد هنا الأجزاء التي تغسل (الأيدى أو الأقدام) لأنه في المرة الأولى عند التكريس كان غسل الجسد كله. وهذا كان يتم وراء حجاب وليس أمام الشعب وكذلك السروال والقميص. وهذا رمز للمعمودية التي تصنع لمرة واحدة. أما في طقوس الخدمة بعد ذلك فكان الكهنة يغسلون أيديهم وأرجلهم قبل دخول الخيمة أو قبل تقديم ذبيحة، وهذا إشارة للتوبة. وغسل الكهنة إشارة أن الله القدوس يعمل في كهنته المقدسين فيه المغتسلين من كل ضعف. وهو إشارة إلى أنه مهما كانت رتبة الكاهن فهو تحت الضعف محتاج أن يغتسل هو أولاً حتى يغسل أقدام الآخرين. ويرى العلامة أوريجانوس أن أغتسال الكهنة قبل إرتدائهم الملابس الكهنوتية إشارة لضرورة الإغتسال الكلى في مياه المعمودية لكى نلبس السيد المسيح ثم الحاجة إلى الإغتسال المستمر من الشر بإعتزالنا إياه



    الأيات 7 – 13:- و جعل عليه القميص ونطقه بالمنطقة والبسه الجبة وجعل عليه الرداء ونطقه بزنار الرداء وشده به. ووضع عليه الصدرة وجعل في الصدرة الأوريم والتميم. ووضع العمامة على راسه ووضع على العمامة إلى جهة وجهه صفيحة الذهب الاكليل المقدس كما امر الرب موسى. ثم اخذ موسى دهن المسحة ومسح المسكن وكل ما فيه وقدسه. ونضح منه على المذبح سبع مرات ومسح المذبح وجميع انيته والمرحضة وقاعدتها لتقديسها. وصب من دهن المسحة على راس هرون ومسحه لتقديسه. ثم قدم موسى بني هرون والبسهم اقمصة و نطقهم بمناطق وشد لهم قلانس كما امر الرب موسى.

    الملابس الكهنوتية تشير للمسيح وبعد الإغتسال (المعمودية) نلبس المسيح ونختفى فيه بكونه الكاهن الأعظم. ومسح موسى المسكن وقدسه = مسح الأشياء يشير لتخصيصها لله. وموسى مسح كل آنية المسكن فهى بذلك صارت مخصصة للرب "لذلك كانت خطية بيلشاصر عظيمة إذ إستعملها لنفسه دا 5"

    "وفى طقس المعمودية كل ما ينزل لماء المعمودية يصير مكرساً لحساب الله"

    وبهذا نفهم قول المسيح "ولأجلهم أقدس أنا ذاتى ليكونوا هم مقدسين في الحق يو 17 : 19". ومفهومها أن المسيح كان مكرساً لله بالكامل مخصصاً لهذا العمل الكهنوتى أي تقديم نفسه ذبيحة. وكما كانت آنية الهيكل التي تكرست لله تعمل على أن تقود الخاطئ لله، هكذا المسيح عمله أن يقود الخاطئ لله فيتقدس بالحق. ومسح كل شيء يشير لأن الخدمة كلها وكل أنشطتها ممسوحة بالروح القدس أو هكذا يجب أن تكون. فكما رأينا فإن المسح بالزيت يشير للمسح بالروح القدس. هكذا كان رئيس الكهنة يمسح بصب الزيت على رأسه ومسح جبهته بعلامة"حرف الكاف" إشارة لأنه كاهن. أما الأن فالمسح يكون بعلامة الصليب. والمسيح لم يمسح بزيت بل بالروح القدس بعد العماد وحينما يمسح هرون بالزيت يسيل على لحيته (مز 133 ) وهذا ما حدث مع المسيح حين حل الروح القدس عليه بالجسد إنسكب هذا الروح على الكنيسة جسده (لحيته) لأن اللحيه ملتصقه بالرأس والرأس هو المسيح. وحين ينسكب هذا الزيت الذي يحمل أربعة أنواع من الأطياب تفوح رائحة الأطياب التي تشير للمسيح. وهذا معنى "أنتم رائحة المسيح الزكية 2كو 2: 15" أننا يظهر فينا رائحة المسيح، بل يرى الناس فينا صورة المسيح فيمجدوه



    الأيات 14 – 36:- ثم قدم ثور الخطية ووضع هرون و بنوه ايديهم على راس ثور الخطية. فذبحه واخذ موسى الدم وجعله على قرون المذبح مستديرا باصبعه وطهر المذبح ثم صب الدم إلى اسفل المذبح وقدسه تكفيرا عنه. واخذ كل الشحم الذي على الاحشاء وزيادة الكبد والكليتين وشحمهما و اوقده موسى على المذبح. واما الثور جلده ولحمه وفرثه فاحرقه بنار خارج المحلة كما امر الرب موسى. ثم قدم كبش المحرقة فوضع هرون وبنوه ايديهم على راس الكبش. فذبحه ورش موسى الدم على المذبح مستديرا. وقطع الكبش إلى قطعه واوقد موسى الراس والقطع والشحم. واما الاحشاء والاكارع فغسلها بماء واوقد موسى كل الكبش على المذبح انه محرقة لرائحة سرور وقود هو للرب كما امر الرب موسى. ثم قدم الكبش الثاني كبش الملء فوضع هرون وبنوه ايديهم على راس الكبش. فذبحه و اخذ موسى من دمه وجعل على شحمة اذن هرون اليمنى وعلى ابهام يده اليمنى وعلى ابهام رجله اليمنى. ثم قدم موسى بني هرون وجعل من الدم على شحم اذانهم اليمنى و على اباهم ايديهم اليمنى وعلى اباهم ارجلهم اليمنى ثم رش موسى الدم على المذبح مستديرا. ثم اخذ الشحم الالية وكل الشحم الذي على الاحشاء وزيادة الكبد والكليتين وشحمهما والساق اليمنى. ومن سل الفطير الذي امام الرب اخذ قرصا واحدا فطيرا وقرصا واحدا من الخبز بزيت ورقاقة واحدة ووضعها على الشحم و على الساق اليمنى. وجعل الجميع على كفي هرون وكفوف بنيه ورددها ترديدا امام الرب. ثم اخذها موسى عن كفوفهم واوقدها على المذبح فوق المحرقة انها قربان ملء لرائحة سرور وقود هي للرب. ثم اخذ موسى الصدر وردده ترديدا امام الرب من كبش الملء لموسى كان نصيبا كما امر الرب موسى. ثم اخذ موسى من دهن المسحة ومن الدم الذي على المذبح ونضح على هرون وعلى ثيابه وعلى بنيه وعلى ثياب بنيه معه وقدس هرون وثيابه وبنيه وثياب بنيه معه. ثم قال موسى لهرون و بنيه اطبخوا اللحم لدى باب خيمة الاجتماع وهناك تاكلونه والخبز الذي في سل قربان الملء كما امرت قائلا هرون وبنوه ياكلونه. والباقي من اللحم والخبز تحرقونه بالنار. ومن لدن باب خيمة الاجتماع لا تخرجون سبعة ايام إلى يوم كمال ايام ملئكم لانه سبعة ايام يملا ايديكم. كما فعل في هذا اليوم قد امر الرب ان يفعل للتكفير عنكم.

    والذبائح المذكورة هنا سبق الحديث عنها بالتفصيل. فذبيحة الخطية قدمها الكهنة عن أنفسهم لتحمل خطاياهم وضعفاتهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولاحظ أن المسيح رئيس كهنتنا لم يحتاج أن يقدم ذبيحة عن نفسه فهو بلا خطية. وذبيحة كبش المحرقة قدموها إظهاراً لإستعدادهم تقديم أنفسهم بالكامل لله كذبائح حية. أما ذبيحة كبش الملء فهى ذبيحة سلامة مع بعض الفروق

    أ‌) فى ذبيحة السلامة العادية لا نسمع أن أحداً يمسح من دمها في يديه أو أذنيه.

    ب‌) فى ذبيحة السلامة العادية كان نصيب الكهنة الساق والصدر ولكن هنا نجد الساق قدمت على المذبح بينما الصدر كان لموسى.

    ت‌) كان الخبز المختمر يصحب ذبيحة السلامة العادية أما هنا فلا يوجد سوى الفطير.

    ث‌) كان الكاهن يأخذ لنفسه واحدة من كل الأنواع التي تقدم في ذبيحة السلامة، أما في ذبيحة الملء فكانت هذه الخبزات التي تؤخذ توقد على المذبح.

    ج‌) كان لا يجوز لغير هرون وبنيه أن يأكلوا من التقدمة ومن اللحم. بينما في ذبائح السلامة العادية كان يجوز لبنيهم الذكور أن يأكلوا منها.

    ونلاحظ أن سكب الدم على المذبح ووضعه على قرونه يقدسه كله. وهذا يشير للمسيح الذى لم يتنجس بالخطية بالرغم من حمله لكل خطايانا. وكان الدم يوضع جزء منه على المذبح ويؤخذ جزء لمسح الكهنة به فكأنهم يتزوجون المذبح. وبقدر التكريس ما يكون كاملاً بقدر ما يكون الإمتلاء كاملاً. وكان مسح الأذن يشير لتقديس حواسهم ولكى تكون لهم أذان للسمع وتقديس أياديهم الروحية للعمل بلا رخاوة في حقل الرب وتقديس أرجلهم الروحية للإنطلاق مع الشعب في طريق الرب نحو السماويات. وتقديم الشحم يشير لأنهم يجب أن يقدموا كل قوتهم لله وكل دسم الروح له.



    آية 32:- والباقى من اللحم والخبز تحرقونه بالنار

    كان اللحم والخبز يؤكل في نفس اليوم فكل يوم له ذبيحته، كل يوم له نصيبه الذي يعطيه لهم الرب (خبزنا كفافنا أعطينا اليوم) وكان الباقى يحرق (حرقه لأن الغد له خبزه) وهذا يشير أيضاً أن كل شيء إما أن يكون للفرح والشبع أو يتعرض للغضب الإلهى.



    آية 35 :-ولدى باب خيمة الإجتماع تقيمون نهاراً وليلاً سبعة أيام وتحفظون شعائر الرب فلا تموتون لأنى هكذا أمرت فعمل هرون وبنوه كل ما أمر به الرب على يد موسى

    كانت الذبائح تقدم 7 أيام إذاً هي غير كافية لرفع الخطية في ذاتها ولكن لأن الرقم 7 يشير للكمال،. إذاً هذه الذبائح لمدة 7 أيام تشير للمسيح الذبيحة الكاملة عنا. وسيامتهم ككهنة للرب يعنى في جوهره تخصيص كل حياتهم الداخلية وتصرفاتهم الظاهرة لحساب الرب نفسه. لذا قيل ولدى باب خيمة الإجتماع تقيمون نهاراً وليلاً سبعة أيام " أي لا راحة لهم سوى عند الرب.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالأربعاء 21 سبتمبر 2011, 12:13 pm

    تفسير سفر اللاويين 9
    آية 1:- و في اليوم الثامن دعا موسى هرون و بنيه وشيوخ اسرائيل.

    وفى اليوم الثامن = في اليوم الثامن بدأوا ممارسة عملهم الكهنوتى عن أنفسهم وعن الشعب. واليوم الثامن يرمز للحياة الجديدة الأبدية أو الحياة المقامة في المسيح يسوع لأن اليوم الثامن هو اليوم الأول من الأسبوع الجديد. دعا موسى هرون = هي دعوة من الله عن طريق موسى فموسى لا يصنع ولا يقول شيء سوى ما قاله الرب. ونجد هنا أن الله هو الذي يأمر بعمل الكفارة والصلح، وإذا كان هو الذى يأمر بهذا فمن المؤكد أنه سيقبل هذه الكفارة، فهو لم يسمح بهذا فقط بل هو يأمر بعمله فهذه هي رغبته. وكون أن هذه الكفارة يبدأ الكهنة بتقديمها في اليوم الثامن فهذا يشير إلى أن الكاهن لا يستطيع أن يمارس عمله الكهنوتى إلا بالسيد المسيح القائم من الأموات. فينطلق للعمل بقوة القيامة.



    آية 2:- و قال لهرون خذ لك عجلا ابن بقر لذبيحة خطية وكبشا لمحرقة صحيحين وقدمهما امام الرب.

    خذ لك = في السبعة الأيام الأولى كان موسى يقرب الذبائح عن هرون وبنيه لكن في اليوم الثامن إذ تمت طقوس سيامتهم صاروا ملزمين أن يقدموا ذبائح وتقدمات عن أنفسهم وعن الشعب. وعلى الكاهن أن لا ينسى خلال خدمته، حياته هو الروحية. والكاهن القبطى يصلى دائماً في القداس "إعط يارب أن تكون ذبيحتنا مقبولة عن خطاياى وجهالات شعبك" وتقديمهم ذبائح عن أنفسهم كان يتم من أموالهم الخاصة وليس من أموال الخيمة أو الشعب حتى يشعروا بحاجتهم إلى التكفير عن خطاياهم ويشعروا بضعفهم. ويلاحظ أن كثرة الذبائح تشير لعدم كفايتها والإحتياج لمن يقدم نفسه ذبيحة مرة واحدة.



    آية 3:- و كلم بني اسرائيل قائلا خذوا تيسا من المعز لذبيحة خطية وعجلا وخروفا حوليين صحيحين لمحرقة.

    وكلم بنى إسرائيل = بالرجوع إلى آية 9: 1 نفهم أنه كلم شيوخ بنى إسرائيل وهكذا ترجمتها السبعينية فالشيوخ هنا نواب الشعب



    آية 4:- و ثورا وكبشا لذبيحة سلامة للذبح امام الرب وتقدمة ملتوتة بزيت لان الرب اليوم يتراءى لكم.

    لأن الرب اليوم يتراءى لكم = ولاحظ أن الرب يتراءى مجده بناء على سفك الدم وتقديم حيوانين هنا للمحرقة والسلامة من المحتمل أنه نوع من التأكيد أن الله قبلهم ودخل في شركة معهم. وإشارة للسلام الكامل مع الله.

    ترتيب الذبائح المقدمة عن الشعب (أيات 3، 4) لها تسلسل وترتيب رائع:-

    1- ذبيحة خطية :- أول كل شيء الغفران خلال الذبيحة

    2- ذبيحة محرقة :- تعلن طاعة الشعب وتكريسه لحساب الله

    3- ذبيحة سلامة :- إعلان عن شركة الشعب مع الله

    4- تقدمة الدقيق :- هي تشير لحياة الرب يسوع التي يقبلها من غفرت خطيته وتكرس في طاعة الله ودخل في شركة معه "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فى" + " لى الحياة هي المسيح"



    آية 15:- ثم قدم قربان الشعب واخذ تيس الخطية الذي للشعب وذبحه وعمله للخطية كالاول.

    وأخذ تيس الخطية = كان من حق هرون أن يأكل من لحم هذه الذبيحة ولكنه هنالم يأكله بل إحترق بالنار كما سيظهر في الإصحاح القادم بسبب حادثة إبنيه.



    آية 17:- ثم قدم التقدمة وملا كفه منها و اوقدها على المذبح عدا محرقة الصباح.

    عدا محرقة الصباح = من المحتمل أن يكون موسى قد قدمها قبل طقس تكريس الكهنة والأكثر إحتمالاً أن هرون قدمها مع الذبائح المشار إليها هنا التي غالباً أنها قدمت صباحاً فأضيف إليها محرقة الصباح "وكان هناك محرقة صباحية ومحرقة مسائية يومياً"



    الأيات 22 – 24:- ثم رفع هرون يده نحو الشعب و باركهم وانحدر من عمل ذبيحة الخطية والمحرقة وذبيحة السلامة. ودخل موسى وهرون إلى خيمة الاجتماع ثم خرجا وباركا الشعب فتراءى مجد الرب لكل الشعب. وخرجت نار من عند الرب واحرقت على المذبح المحرقة والشحم فراى جميع الشعب وهتفوا وسقطوا على وجوههم

    نلاحظ هنا أن هرون قد بارك الشعب بركتين

    البركة الأولى :- هنا يد هرون مملوءة دماً. فهذه البركة هي بركة المسيح قبل صعوده، هى بركات دمه المطهرة. والكاهن حين يبارك الشعب يقدم له البركة التي صارت لنا في المسيح الذي بارك طبيعتنا فيه، وقد تحققت البركة بعد تقديم الذبائح. إذ لم يكن ممكناً للبشرية أن تتقبل بركة الرب فيها إلا في إستحقاقات الدم الثمين. (عد 6: 22 – 26)

    البركة الثانية :- كانت بعد دخول موسى وهرون للخيمة ربما لتقديم البخور أو ربما ليصليا حتى يظهر مجد الرب. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ثم خرجا وباركا الشعب. هنا البركة بعد أن إجتمع موسى وهرون في الأقداس. إذًا هي بركة من الأقداس تشير للبركة التي بدأ المسيح في سكبها على الأرض من السماء أي الروح القدس. وإجتماع موسى (الملك تث 33: 5) مع هرون رئيس الكهنة تشير للمسيح رئيس كهنتنا الذي دخل إلى الأقداس مرة واحدة بدم نفسه فوجد فداءً أبدياً (عب 9: 12) ودخوله وخروجه مع موسى (الملك) إشارة لعودة المسيح لصورة مجده بعد أن كان قد أخلى ذاته آخذاً صورة عبد. إذا هي بركة المسيح من السماء بعد أن دفع له كل سلطان في السماء والأرض (مت 28: 18).

    ولاحظ عند دخول موسى وهرون أن الشعب ظلت عيونه معلقة على الخيمة منتظراً ظهور مجد الله. هكذا نحن بعد أن صعد مسيحنا للسماء فعيوننا معلقة على السماء منتظرين ظهوره.

    البركة الأولى :- تشير لبركة المسيح قبل صعوده لو 24: 50

    البركة الثانية :- تشير لإرسال المسيح للروح القدس يو 15: 26 + يو 16: 7

    ونحن لا نعرف كيف تراءى مجد الرب للشعب، قد يكون في سحاب أو عمود نار. لا نعرف. وإذ تبارك الشعب وظهر لهم مجد الرب خرجت نار من عند الرب أعلنت قبول الله لذبيحتهم ورضاءه عنهم. وهذه النار بالنسبة للتائب تحرق خطيته وبالنسبة لمن لا يريد التوبة فهذه النار تحرقه. فالخطايا هي الوقود الذي يشعل فينا نار غضب الله.

    هتفوا وسقطوا على وجوههم = هذا الهتاف هو ثمرة طبيعية للفرح الداخلى الذي ملأ كيانهم الداخلى. وأمام مجد الله سجدوا. هذا هو ما سنفعله في السماء حين نرى مجد الله فنسبحه فرحين للأبد ونسجد له. وهذا ما يفعله الأن السمائيون، راجع رؤ 4: 8 – 11.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالجمعة 23 سبتمبر 2011, 11:45 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 10

    آية 1:- و اخذ ابنا هرون ناداب وابيهو كل منهما مجمرته وجعلا فيهما نارا ووضعا عليها بخورا وقربا امام الرب نارا غريبة لم يامرهما بها.


    عجيب أن يسقط في هذه الخطية الإبنين الكبيرين لهرون اللذان شاهدوا مجد الرب على الجبل خر 24: 9، 10 ثم إختارهما الله لكرامة الكهنوت وقضوا 7 أيام في الخيمة ولكن هذا هو الإنسان فآدم سقط من الجنة ونوح بعد حادثة الطوفان سكر وتعرى وهكذا مع لوط. والشعب بعد أن خطط الله له المجد بإقامته وسطه صنع عجلاً ذهبياً. فالشيطان لا يتورع عن الهجوم على أقدس الناس في أقدس الأماكن كما هاجم المسيح على جناح الهيكل. ولكن ماذا كانت خطيتهما؟

    هما إستخدما ناراً غريبة وهما كما يظن في حالة سكر، وإستنتج المفسرون هذا من الآية (9) التي أعقبت الحادثة أن الله نبه على عدم شرب الخمر والمسكر قبل دخول خيمة الإجتماع. ويضاف لهذا أن المفروض أن من يقدم البخور هو الكاهن الخديم الذي قدم الذبيحة وكان هنا هو هرون وليس أحد من أبنائه الذين كانوا يناولونه فقط (9: 12، 13). وليس هذا فقط ففي وجود رئيس الكهنة ما كان يحق لهم تقديم البخور. وأيضاً كان من يقدم البخور كاهن واحد وليس إثنين ونجدهما هنا

    1- في حالة سكر 2- تعدى على رئيس الكهنة المقدم على الكل.

    3- تعدى على الكاهن الخديم 4- تنافس فيما بينهم من يقدم البخور

    5- غالباً الوقت أيضاً لم يكن وقت البخور 6- إستخدام نار غريبة.

    إذاً هي خطية كبرياء وعجرفة واستهتار. وغالباً هم سكروا لأنهم ارادوا الإحتفال بتنصيبهم كهنة ولكن بطريقة عالمية فشربا وسكرا

    لم يأمرهما بها = هذه هي الخطية الأساسية، فعلهم شيء لم يأمر الله به وقارن هذه الجملة مع النغمة التي رددها موسى "كما أمر الرب موسى". فعصيان الله هو سبب المرارة التى يحيا فيها الإنسان، بل سبب موته. فالعصيان دائماً يفسد البهجة التي يريدنا الله أن نحيا فيها



    آية 2:- فخرجت نار من عند الرب واكلتهما فماتا امام الرب.

    النار أماتتهم دون أن تحرقهم بدليل أنها لم تحرق قمصانهم (راجع آية 5). وهو عقاب رهيب، فمن يعرف أكثر يدان أكثر. لقد قتلهما غضب الله. ولاحظ أن الجزاء من نفس جنس العمل، فهما قدما ناراً غريبة وقتلتهم النار. ولاحظ أن نفس النار التي أحرقت الذبيحة علامة قبول الذبيحة ومقدمها هي نفس النار التي أحرقت الكهنة الخطاة، وهذا معنى "رائحة حياة لحياة ورائحة موت لموت 2كو 2: 16". إذاً إما أن نقبل نار النعمة الإلهية لتنقيتنا أو نواجه بنار الغضب الإلهى تحرقنا. لذلك كان صمت هرون (آية 3) من الحكمة. وقد سمح الله في بداية العمل الكهنوتى بهذا الدرس القاسى ليظهر خطورة دور الكاهن ومسئوليته، كما حدث في بدء المسيحية وحتى يظهر الله خطورة الكذب على الروح القدس سمح بموت حنانيا وسفيرة بطريقة صعبة.



    آية 3: - فقال موسى لهرون هذا ما تكلم به الرب قائلا في القريبين مني اتقدس وامام جميع الشعب اتمجد فصمت هرون.

    هنا موسى يعلن قول للرب لم يكن قد ذكره من قبل. ومن المحتمل أن يكون هذا القول قد سمعه موسى وأخبر به هرون أخاه من قبل ويذكره هنا به، أو يكون موسى بقوله هذا يشير لقول الرب "وليتقدس أيضاً الكهنة الذين يقتربون إلى الرب لئلا يبطش بهم الرب خر 19: 22". والمعنى أن الله عين الكهنة ليقدسوه وسط الشعب كوسطاء بينه وبين الشعب فعليهم أن يمارسوا الحياة المقدسة اللائقة بوسطاء لإعلان قداسة الله الذي يمثلونه. وإذا ما عاش الكاهن حياة مقدسة أظهر الله قداسته فيه، هذا معنى فى القريبين منى أتقدس. أما لو قصر الكهنة في قداستهم يعاقبهم الله ويتعرضوا لتأديبات قاسية وعلانية أكثر من الشعب. فإن كان ينبغى أن كل المؤمنين يطيعوا الله ووصاياه فكم بالأكثر خدامه، وهؤلاء إن لم يطيعوه تكون دينونتهم أعظم. والله يتمجد ويظهر قداسته بعقابهم وأنه رافض للخطية أياً كان مصدرها. وهذا معنى أمام جميع الشعب أتمجد. ولاحظ أن الله قد إستغنى بهذه الضربة عن نصف عدد الكهنة مرة واحدة إشارة لإهتمامه بالقداسة وإهتمامه بطاعة وصاياه، بينما أن عدد 2 كهنة المتبقيين لن يكفوا خدمة ملايين الشعب. فصمت هرون = كان خيراً أن يصمت ويحتمل تأديب الرب كما فعل داود 2صم 12: 23 فكان من الحكمة أن يصمت أمام تأديب الرب



    آية 4:- فدعا موسى ميشائيل والصافان ابني عزيئيل عم هرون وقال لهما تقدما ارفعا اخويكما من قدام القدس إلى خارج المحلة.

    لم يدع موسى أخوى ناداب وأبيهو ليحملا أخويهما لسببين الأول أنه من الصعب على الأخ أن يحمل أخاه الميت. والسبب الثانى أنهم مكرسين لله لا يجب أن يحملوا أموات وعليهم أن يرتفعوا فوق المشاعر الطبيعية



    آية 5:- فتقدما ورفعاهما في قميصيهما إلى خارج المحلة كما قال موسى.

    هم رفعوهم في قميصيهما. والأقمصة كانت طويلة وكان العتيق فيها يصنع منه أسرجة لفتائل القدس. ولكن الأقمصة هنا دفنت مع الموتى لأنها تنجست بملامسة أجسام ميتة (الموت لأنه يشير للخطيئة فهو يعادل الخطيئة)



    الأيات 6، 7:- و قال موسى لهرون والعازار و إيثامار ابنيه لا تكشفوا رؤوسكم ولا تشقوا ثيابكم لئلا تموتوا ويسخط على كل الجماعة واما اخوتكم كل بيت اسرائيل فيبكون على الحريق الذي احرقه الرب. ومن باب خيمة الاجتماع لا تخرجوا لئلا تموتوا لان دهن مسحة الرب عليكم ففعلوا حسب كلام موسى.

    كانت العادات الوثنية أن يكشفوا شعورهم وينكشوها ويشقوا ثيابهم علامة الحزن على الموتى. والله هنا يمنع الحزن بهذه الطريقة. وكان هرون وأبناؤه لهم المشاعر الإنسانية الطبيعية ولكنهم ككهنة عليهم أن يرتفعوا بها ليقدموها لكل الشعب فهم أصبحوا مسئولين عن كل الشعب، يعيشون لخدمة الجماعة كلها كإخوة وأبناء لهم. والكاهن الحقيقى يرتفع بكل أحاسيسه ومشاعره لخدمة الله فى كل إنسان ولا يحد قلبه بإخوته حسب الدم. ولكن كيف يرتفع الآن هرون بمشاعره لله؟ عليه أن يبرر الله في عمله قائلاً أخطأنا في إستهتارنا بأقداسك وبحق جاء علينا قضائك فإرحمنا وسامحنا " وأما الطريق الآخر أن يحزن من الله لما فعله وهذا سيحرمه من بركات كثيرة.

    ولنلاحظ هنا خطأين الخطأ الأول خطأ ناداب وأبيهو وهو أنهم يفرحون بحسب العالم فيشربوا ويسكروا تعبيراً عن فرحهم والخطأ الثانى نبه له موسى هرون والإبنين الأحباء وهو ألا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. فشعب الله له طريقته في الفرح وطريقته فى الحزن وهما ليسا كالعالم. وهذا لخصة معلمنا يعقوب يع 5: 13 أعلى أحد بينكم مشقات فليصل. أمسرور أحد فليرتل.

    وكان علي هرون وإبنيه أن يبقوا في الخيمة لخدمة الله أما التزاماتهم حتى من حيث دفن ناداب وأبيهو فيوجد من يقوم بها. هذا ما قاله السيد المسيح للشاب الذى دعاه للخدمة "دع الموتى يدفنون موتاهم، وأما أنت فإذهب وناد بملكوت الله لو 9: 6" ولكننا نجد موسى الذي أمر الكهنة أن لا يبكوا موتاهم يطلب أن يبكى كل بيت إسرائيل على الحريق فلماذا؟ هرون وإبنيه لمست الحادثة قلبيهما مباشرة فهم شاهدوا ما حدث بالعيان واللذين ماتوا هم دمهم ولحمهم إذن لقد وصلت الرسالة لقلوبهم مباشرة، أن الله يكره الخطية. أما الشعب فعليه أن يبكى وينوح بسبب غضب الله عليهم فتصل بهذا الرسالة لقلوب الشعب أيضاً.



    آية 8:- و كلم الرب هرون قائلا.

    نجد الله هنا يكلم هرون بدلاً من موسى. وهذا من محبة الله حتى يرفع من روحه ويراضيه بعد هذه الحادثة المؤلمة. وليرفع من شأن الكهنوت وليظهر أن وعوده ومحبته باقية بالرغم مما حدث فوعود الله بلا ندامة. ولنلاحظ أن الله بكلامه لهرون يرفع من شأنه كرئيس للكهنة



    آية 9:- خمرا ومسكرا لا تشرب انت وبنوك معك عند دخولكم إلى خيمة الاجتماع لكي لا تموتوا فرضا دهريا في اجيالكم.

    الوصية لا تحرم الخمر كمادة إذ يمكن إستخدامها كدواء (راجع رسالة بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس) ولكنها محرمة كمسكر لأنها تفقد الكاهن إتزانه وعقله فلا يستطيع الوقوف أمام الله ولا تعليم الشعب. وللمسيحيين الآن نقول أننا في حالة إجتماع دائم مع الله اليوم كله، بل والليل "أنا نائمة وقلبى مستيقظ" فلا يجب أن يغيب وعى المسيحى لحظة بسبب الخمر. وكون هذه الوصية جاءت فورية بعد هذه الحادثة جعل كل المفسرين يضيفوا خطية السكر لناداب وأبيهو.



    آية 10:- و للتمييز بين المقدس والمحلل و بين النجس والطاهر.

    المقدس والمحلل = هناك أجزاء من الذبيحة مقدسة لا يأكلها سوى الكهنة وفي خيمة الإجتماع (المقدس) وهناك أجزاء يحل لعائلاتهم وبناتهم أن يأكلوها (المحلل) وعلى الكاهن أن يكون عقله مستيقظاً للتمييز بينهما.

    تأمل وتفسير لأوريجانوس لوصية عدم شرب المسكر في حالة دخول خيمة الإجتماع + مت 26: 29

    أوريجانوس وضع أمامه هذه الوصية ووضع أيضاً أمامه قول السيد المسيح لتلاميذه "أنى من الأن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه جديداً في ملكوت أبى" ورأى أوريجانوس أن الخمر يشير لفرح النفس وتهليلها. وأن هرون كرئيس للكهنة يشير للمسيح ويقول أن هرون كان ممكن أن يشرب وهو بعيد عن المذبح والخيمة ولكن متى جاء ليقترب منها يمتنع. والمسيح هنا يسمح لتلاميذه بالفرح والتهليل فهم لم يقتربوا بعد من المذبح. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). أما المسيح فكان قد إقترب من المذبح أي الصليب وهو لا يريد أن يفرح لأنه يبكى على خطاياى بينما أنا مستمر في المعصية وبولس الرسول يقول نفس الشئ "أنوح على كثيرين من الذين أخطأوا. فالمسيح يبكى ويحزن على كل من يخسره (كم مرة أردت أن أجمع أولادك ولكنكم لم تريدوا) راجع مت 23: 37. وهو لن يفرح حتى نتغير كلنا ونتمثل به ونحمل سماته فيفرح معنا ويشرب معنا الخمر (الفرح الروحى) في ملكوت الآب. والقديسون لهم نفس مشاعر المسيح هم يفرحون بتعزيات المسيح لكنهم يشعرون بمرارة على كل نفس تهلك. وحتى الذين رحلوا للسماء فهم لا ينالوا المكافأة التي يستحقونها دفعة واحدة إنما ينتظروننا حتى يقوم الجميع جسد واحد للسعادة الأبدية يوم الدينونة. وأما الأن فالكل في إنتظار.



    الأيات 12 – 15:- و قال موسى لهرون و العازار وإيثامار ابنيه الباقيين خذوا التقدمة الباقية من وقائد الرب و كلوها فطيرا بجانب المذبح لانها قدس اقداس. كلوها في مكان مقدس لانها فريضتك وفريضة بنيك من وقائد الرب فانني هكذا امرت. واما صدر الترديد و ساق الرفيعة فتاكلونهما في مكان طاهر انت وبنوك وبناتك معك لانهما جعلا فريضتك وفريضة بنيك من ذبائح سلامة بني اسرائيل. ساق الرفيعة وصدر الترديد ياتون بهما مع وقائد الشحم ليرددا ترديدا امام الرب فيكونان لك و لبنيك معك فريضة دهرية كما امر الرب.

    هنا موسى خوفاً على الكهنة من أن يخالفوا وصايا الرب يشجعهم أن يلتزموا بكل دقائقها وأن لا ينشغلوا بحزنهم ويهملون فيها فيصيبهم أشر.



    آية 16:- و اما تيس الخطية فان موسى طلبه فاذا هو قد احترق فسخط على العازار وإيثامار ابني هرون الباقيين وقال.

    كان المفروض أن يأكلوا من لحم تيس الخطية. ولكن يبدو إما أنهم تركوه ليحترق فهم لم يستطيعوا الأكل بينما هم حزانى. أو هم في حزنهم نسوا الشريعة. ونجد موسى يظهر سخطه على إبنى هرون وليس هرون نفسه ربما لأجل مركزه كرئيس كهنة



    آية 17:- ما لكما لم تاكلا ذبيحة الخطية في المكان المقدس لانها قدس اقداس وقد اعطاكما اياها لتحملا اثم الجماعة تكفيرا عنهم امام الرب.

    هنا يظهر موسى لهم أهمية الأكل من لحم ذبيحة الخطية.... وهو لتحملا إثم الجماعة = هي ذبيحة خطية عن الشعب وليس ذبيحة خطية عن الكاهن فذبيحة خطية الكاهن لا يأكل منها الكاهن. أما ذبيحة خطية الشعب يأكل منها، فهو وسيط بين الله والشعب. والوساطة معناها أن الكاهن وهو لم يرتكب الذنب أي وهو برئ يحمل إثم المذنب الذي قدم الذبيحة. فعمله هذا يشير لعمل المسيح. ولاحظ أن النار تأكل جزء من الذبيحة والكاهن يأكل جزء والذبيحة حاملة للخطية فكان الكاهن هنا بأكله جزء منها يحمل إثم الخاطئ. والأكل هنا يشير لقبول الله للذبيحة ومقدمها. وتعبير يحمل إثم تكرر مرتين هنا وفي لا 22: 9 وهنا تشير أن من يحمل الإثم يجب أن يكون طاهراً وهذا يتم بأن الكاهن الذي يقدم هذه الذبيحة كان يقدم ذبيحة خطية عن إثمه أولاً، وهذا إشارة للمسيح الطاهر. وأما في 22: 9 يشير الكلام أن الشخص يحسب مذنباً (وقارن مع عد 18: 1) فالكاهن الذي بلا خطية يحسب كأنه خاطئ حتى يقدم الذبيحة وتحترق على المذبح وراجع إش 53: 6 – 11 + 1بط 2: 24



    آية 18:- انه لم يؤت بدمها إلى القدس داخلا اكلا تاكلانها في القدس كما امرت.

    راجع 6: 25، 26 + 10: 17 كان المفروض أن الذبيحة التي لا يؤتى بدمها للقدس يأكلها الكهنة. (أى الذبائح المقدمة عن الشعب وليس عن الكهنة)



    آية 19:- فقال هرون لموسى انهما اليوم قد قربا ذبيحة خطيتهما ومحرقتهما امام الرب وقد اصابني مثل هذه فلو اكلت ذبيحة الخطية اليوم هل كان يحسن في عيني الرب.

    نجد هرون هو الذي يرد فهو عرف أن الكلام موجه له أيضاً. وكان عذره في ترك ذبيحة الخطية تحترق كلها أنه لا يجوز أن يأكلوا من لحم الذبيحة وهذا عمل مقدس وهم قلوبهم حزينة لموت إخوتهم، والقلب الحزين لا يكون متجه لله بالكامل أو لشعورهم بالعار من إستهتار إخوتهم فلا يليق بقلوب موصومة بالعار أن تقوم بعمل مقدس كهذا



    آية 20:- فلما سمع موسى حسن في عينيه

    لم يتشبث موسى برأيه حين سمع وجهة نظر هرون ورأى وجاهتها، بل صار هذا قانوناً أن الكاهن إذا نعى له أحد أحبائه لا يترك الهيكل، لكن لا يأكل لحم الذبائح. وقد صار هذا قانوناً للآن أن الكاهن عليه أن يبرئ ذمته ويتطهر قبل أن يتقدم للخدمة.



    كهنوت المسيح وكهنوت هرون

    هرون كرمز للمسيح

    هرون

    المسيح

    1- كان رئيس كهنة

    2- هو مدعو من الرب ولم يقتحم الوظيفة عب 5: 4

    3- هرون كان مختاراً من بين إخوته مشتركاً معهم في تاريخهم وأبائهم وله مشاعرهم وأمالهم لذلك يستطيع أن يرثى لهم عب 5: 1، 2



    4- من أهم طقوس رئيس الكهنة أن يلبس ثيابه رداء من كتان موشى بالذهب والإسمانجونى والقرمز والأرجوان.





    5- مسح رئيس الكهنة بالدهن

    6- غسل هرون لتطهيره

    7- وظائفه "مع الفارق بين الرمز والمرموز إليه"

    أ‌- نائب عن الشعب يحمل إثمهم

    ب‌-الرعاية

    ت‌-معلم الشريعة

    ث‌-يقضى للشعب

    ج‌- كان يجتاز وحده للأقداس مرة في السنة لا 16

    ح‌- يشفع في شعبه عد 16: 48

    1- كان رئيس كهنتنا عب 4: 14

    2- كهنوت المسيح معين في قصد الله عب 5: 5، 6

    3- صار المسيح من دمنا ولحمنا وإشترك معنا في ألامنا وصار أخاً بكراً بيننا رو 8: 29 + عب 2: 11 + يو 1: 12 وبهذه المشاركة أصبح يقدر أن يعين المجربين عب 2: 17، 18

    4- لبس المسيح جسد بشريتنا. الكتان يشير لنقائه وأنه ينقى قديسيه والإسمانجونى لأنه سماوى يو 3: 13، 16: 28 والقرمز والأرجوان لملكه علينا بصليبه والذهب للاهوته المتحد بناسوته.

    5- حلول الروح القدس على المسيح

    6- المسيح تعمد دون حاجة ولكن لإعلان طهارته

    7- وظائف المسيح

    أ-حمل المسيح خطاياى حقيقة
    ب-هو الراعى الصالح
    ت-هو معلم الكمال
    ث-هو ديان العالم العادل
    ج-دخل الأقداس مرة واحدة بدمه عب 9: 12
    ح-هو حى يشفع فينا
    عب 24:7 + 1 يو 1:2


    2- إمتيازات المسيح على هرون

    أ‌- هرون له خطاياه ومحاط بالضعف عب 5: 2 وهكذا صنع عجلاً ذهبياً للشعب لذلك كان يقدم ذبائح خطية عن نفسه بإستمرار عب 5: 3 أما المسيح فبلا خطية من منكم يبكتنى على خطية يو 8: 46

    ب‌-كهنوت هرون كان وقتياً لأنه يرمز للمسيح، وإنتهى الرمز حينما جاء المرموز إليه أما كهنوت المسيح فأبدى

    ت‌-هرون كان يموت ويكمل أبنائه عمله أما المسيح فحى للأبد



    المسيح رئيس كهنة على رتبة ملكى صادق

    1- المسيح رئيس كهنة على رتبة ملكى صادق مز 110: 1 – 4

    2- معنى الأسم ملكى صادق = ملك البر والمسيح هو ملكنا الذي يبررنا رو 3: 24

    3- كان ملكى صادق ملك ساليم أي ملك السلام. والمسيح هو سلامنا أف 2: 14 – 18

    4- كان ملكاً وكاهناً وهذه لا يمكن أن تجتمع في العهد القديم فالكهنوت سبط لاوي والملك من سبط يهوذا. عب 7: 13 – 17

    5- لم يذكر لملكى صادق أي نسب والمسيح الأزلى لم يكن له أب بالجسد عب 7: 3

    6- قدم ملكى صادق تقدمة من خبز وخمر وهذه تقدمة العهد الجديد

    7- هو بارك إبراهيم، إذاً هو أكبر وأعلى منه ومن إبراهيم خرج هرون ولاوى إذاً كهنوت ملكى صادق أسمى.

    8- إبراهيم قدم لملكى صادق العشور

    9- كان كهنوت المسيح على طقس ملكى صادق بقسم مز 110: 4 أما كهنوت هرون فبدون قسم.

    10-كان كهنوت هرون ناقصاً فذبائحهم لا تكمل أحد وكان هناك إحتياج لمن كهنوته يكون كاملاً على رتبة ملكى صادق عب 7: 11 – 12


    الإصحاحات 11 – 15

    دليل شرائع التطهير من النجاسة

    وردت كلمة نجس ونجاسة في هذه الإصحاحات أكثر من 100 مرة فهى إذاً الكلمة البارزة فيها. والنجاسة هي نقيض القداسة، فكل شيء مخالف لقداسة الله هو نجاسة وبعض النجاسات تكون مستمرة لفترة طويلة وبعضها ينتهى بحلول المساء أي مؤقتة (11: 25) وفي بعض الحالات تستلزم غسل الملابس أو الشخص نفسه بالماء. وفي بعض الحالات يحتاج الأمر لتقديم ذبيحة

    وأمثلة للنجاسة 1- بسبب الحيوانات 2- بسبب الولادة

    3 – بسبب برص الإنسان 4- بسبب برص الثياب

    5- بسبب برص المنازل 6- بسبب السيل من إنسان

    ويمكن أن نسمى سفر اللاويين دليل الكاهن فهو يحوى كل الشرائع التي يحتاجها الكهنة في خدمتهم لجعل الشعب يقترب من الله فيتقدس. وإذا لاحظنا كمال الناموس والشريعة وأن الله وضع قانوناً لكل شيء نفهم أن في الكتاب المقدس حل لكل مشكلاتنا.

    والله يريدنا أن نكون قديسين فالقداسة بدونها لن يرى أحد الرب عب 12: 14 والسؤال الآن كيف نكون قديسين وكيف نسلك في القداسة وما معنى قداسة؟ هذه الأسئلة يصعب جداً أن يشرحها الله لشعب بدائى يحيا في الخطية ولا مانع لديه من أن يقيم عجلاً ذهبياً ليعبده فكان أن إستخدم الله هذا الأسلوب الرمزى التصويرى ليشرح هذه المعانى. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ونرى في هذه الإصحاحات بل وفي سفر اللاويين عموماً معنى القداسة. وقد سبق ورأينا في سفر الخروج الله يحل وسط شعبه في خيمة الإجتماع وحتى يحل الله وسط شعبه يجب أن يتقدس هذا الشعب. ونجد القداسة لها شقان يجب توافرهما حتى نتقدس:-

    1- الذبائح (ص 1 – ص 7) رمزاً للمسيح ذبيحتنا. والكهنوت (8 – 10) رمز للمسيح رئيس كهنتنا الذي قدم نفسه ذبيحة. والمعنى أننا لا يمكن أن نتقدس إلا بدم المسيح والمسيح قام بعمله وأنهاه.

    2- دور الشخص نفسه في تجنب كل ما هو نجس (ص 11 – ص 15). فمثلاً نجد أن الله يمنع شعبه من أكل بعض الحيوانات، ويسميها غير طاهرة، وهكذا في باقى الممنوعات التي يسميها نجسة أو مكروهة. وكان دور الإنسان المطلوب فيه أن يتحاشى هذه الحيوانات النجسة حتى لا يتنجس. وإذا يتحاشاها يقول الكتاب أنه يتقدس (11: 44) + 1بط 1: 15، 16



    لماذا منع الله بعض الحيوانات؟

    1- الله يريد أن يعلم شعبه الطاعة وأن يعرف شعبه أن الله له سلطان عليه وأنه يحكم على شعبه. وهذا قد عمله الرب مع آدم من قبل.

    2- كان لليهود كرامة عظيمة بسكنى الله في وسطهم وكان عليهم التواضع وقبول وصايا الله. فالله حتى يسكن في وسطهم له شروطه ووصاياه. (وهكذا نحن) ويجب الخضوع له.

    3- طريقة منع بعض الأشياء وإعتبارها نجسة يعلمهم أن هناك ما هم محلل وما هو نجس، فيتعلما التدقيق في الأكل والشرب ومن ذلك التدقيق في كل أمورهم. فإذا كان الأكل والشرب له قواعد إلهية فهم سيفهمون تلقائياً أن هناك ممنوعات في تصرفاتهم وأخلاقياتهم وأن هناك ما ينجسهم فيتحاشوه وإلا إستحقوا اللعنة.

    4- كان كثير جداً من الممنوعات له خطورة صحية طبية عليهم ومنعه كان لحمايتهم.

    5- كان الأمم الوثنيون حولهم يعطون للممنوعات على اليهود (مثل المخنوق والدم) كرامة عظيمة ويعطون لها كرامات خرافية (لذلك منعها مجمع الرسل أيضاً أع 15: 20). وبعض الأمم قدسوا الحيوانات لبعض الآلهة. وهذا المنع يعطيهم شعوراً بإختلافهم وتميزهم عن الشعوب الوثنية

    6- كان هذا الأسلوب الرمزى مدعاه للتفكير والتأمل فمثلاً الخنزير يعتبر نجس وكان اليهودى يمتنع عنه تماماً لأن الله قال هذا. ولكن مع الوقت يتأمل اليهودى في تصرفات الخنزير ويجده يعود للطين والقاذورات. ولو أخذ هذا الخنزير حتى ينظف ويستحم يعود إلى الطين مرة أخرى. ومن هنا يفهم اليهودى أن الله يريد منه أن لا يتشبه بهذه العادة الرديئة. وأن بعد توبته وغسله وقبول الله له عليه أن لا يعود للخطية ثانية. وهذا ما فعله بطرس الرسول 2بط 20:2-22 وهكذا سيتعلم ما معنى شق الظلف والإجترار بمفهوم روحى. وحينئذ يفهم ما معنى أن يسلك الإنسان بقداسة

    إصحاح 11:- يعرض لنا موضوع الخطية وأنها موجوده حولنا في العالم في كل مكان في الأرض وفي البحر وفي سماء الطيور فعلينا أن نحيا في حذر وإحتراس.

    إصحاح 12:- يعرض لنا أن الخطية تنتقل بالولادة من الأباء للأبناء

    إصحاح 13:- يعرض لنا كم أن الخطية حقيرة ونجسة وكيف نكرهها.

    إصحاح 14:- يعطى رجاء في إمكانية إصلاح نتائج الخطية (رموز الفداء)

    إصحاح 15:- يعرض لنا التشويه الذي ألحقته الخطية بالإنسان الذي خلق على صورة الله ومثاله.



    تعبير النجاسة حتى المساء

    هذا التعبير يشير للمسيح الذي أنهى بصلبه عند المساء (مساء الجمعة) قوانين النجاسة. والمسيح قدم وقت تقديم ذبيحة المساء. بل كان صلب المسيح عند مساء هذا العالم. لاحظ أن الكتاب (تك 1) يقول وكان مساء وكان صباح يوماً ثالثاً... لماذا يبدأ بالمساء وينتهى بالصباح؟ لأننا في اليوم السابع الآن وهذا اليوم بدأ بالمساء بعد سقوط آدم (الخطية = الظلمة) وبعد المسيح شمس البر(ملا 4: 2) جاء النور للعالم فكان صباح اليوم السابع، حين أعتقنا من ناموس الخطية والموت (رو 8: 2). ولكن حيث أن مدة عمرنا على الأرض هي مساء حياتنا فنحن مازلنا في خطايانا طيلة مساء عمرنا ولن نتطهر تماماً حتى الصباح أي في السماء، فى يوم القيامة.



    وكلم الرب موسى – وكلم الرب موسى وهرون

    نجد في بعض الإصحاحات أنها تبدأ بقوله وكلم الرب موسى. وفي إصحاحات أخرى نجده يبدأ وكلم الرب موسى وهرون. فالله من ناحية يكرم هرون كرئيس كهنة مع موسى لأن هرون الأن أصبح معلماً للناموس. وأما موسى فهو وسيط العهد. لكننا نلاحظ أن تعبير وكلم الرب موسى يأتى مع شرائع التطهير، بمعنى إعلان إرادة الآب أنها كذا وكذا، وهذا لا يدخل فيه هرون بل موسى وحده يعلن إرادة الله. ونجد تعبير وكلم الرب موسى وهرون في الإصحاحات التي تحدثنا عن واجبات الكهنة ورئيس الكهنة. فهنا الله يشرح لهرون الدور الذي سيقوم به وينفذه..وإذا فهمنا أن هرون كرئيس كهنة يمثل المسيح رئيس كهنتنا نفهم أن الإصحاحات التي تعلن إرادة الآب وهي خلاصنا تبدأ بأن كلم الرب موسى والإصحاحات التي تتحدث عن التنفيذ تبدأ بأن كلم الرب موسى وهرون. فالمسيح رئيس كهنتنا هو الذي نفذ مشيئة الآب بتجسده وتقديم نفسه ذبيحة. وكان هرون يتعامل مع الخطاة من الشعب ليطهرهم وإبن الإنسان أتى من أجل الخطاة

    كلمة قدوس باليونانية = آجيوس = AGIOS (باليونانية)

    وهى تنقسم إلى A + GE + IOS

    GEبمعنى أرض ومنها geography = علم خرائط الأرض ومنها أيضاً geology علم طبقات الأرض

    GIOS ومعناها أرضى،A للنفى إذاً AGIOS = لا أرضى. ومن هنا نفهم معنى الآية "لاتدنسوا أنفسكم بدبيب يدب... لإنى أنا قدوس" لا 11: 43، 44. أي لا تهتموا بالأرضيات مثل من يدب على الأرض ويلحس الطين ولتكونوا مهتمين بالسمويات فأنا سماوى لا أرضى

    قصة قصيرة لتشيكوف :- كان شخص يسير ووجد شلن ومن يومها وهو ينظر للأرض.

    التفسير الروحى للقصة :- كان شخص روحى إبن لله يحيا في العالم وأغواه الشيطان يوماً بخطية لذت له ومن يومها وهو يشتهى الخطية (الطين) وأصبح لا ينظر للسماء وطنه!

    الخلاصة :- سر قداستنا هو الله، إذ ندخل في شركة معه بثبوتنا في الإبن القدوس بواسطة روحه القدوس الساكن فينا نحمل سماته فينا. إذاً القداسة ليست إمتناع عن الشر إنما هي قبول لله والتمتع به. ولكن على الإنسان إعلان إرادته بالإمتناع عن الإلتصاق بالأرضيات أو التلامس معها، والإلتصاق بالسماويات " إن كنتم قد قمتم مع المسيح فإطلبوا ما فوق..... كو 1:3 تدريب:- تأمل وإحفظ المزامير اليوم كله.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالسبت 24 سبتمبر 2011, 11:57 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 11
    الأيات 1 – 8:- و كلم الرب موسى وهرون قائلا لهما. كلما بني اسرائيل قائلين هذه هي الحيوانات التي تاكلونها من جميع البهائم التي على الارض. كل ما شق ظلفا وقسمه ظلفين ويجتر من البهائم فاياه تاكلون. الا هذه فلا تاكلوها مما يجتر ومما يشق الظلف الجمل لانه يجتر لكنه لا يشق ظلفا فهو نجس لكم. والوبر لانه يجتر لكنه لا يشق ظلفا فهو نجس لكم. والارنب لانه يجتر لكنه لا يشق ظلفا فهو نجس لكم. و الخنزير لانه يشق ظلفا ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر فهو نجس لكم. من لحمها لا تاكلوا وجثثها لا تلمسوا انها نجسة لكم.



    الحيوانات المحللة والمحرمة

    يقسم اليهود الحيوانات إلى أربعة أقسام 1- البرية 2- المائية 3- الهوائية 4- السربية الهوامية (جماعات من الهوام والحشرات)

    ونجد في التقسيمات الموجودة هنا أن الله لا يهتم بالجانب العلمى بل ما يلاحظه الناس. لأنه كما قلنا إن الله يطلب من الشعب الملاحظة والتأمل فمثلاً:-

    أ‌- يوضع الخفاش مع الطيور مع أنه حيوان لكنه يطير. فالناس تراه يطير. لكن وُضِع آخِر الطيور ربما ليشير أنه ليس بطير بل يشبه الطيور

    ب‌-يوضع الوبر والأرانب مع الحيوانات التي تجتر مع أنها لا تجتر لكنها تحرك شفتيها دائماً كمن تجتر، فهذا ما يبدو للناس. وكأن الله يريد أن يقول أنا ما أهتم به هو الداخل أي القلب وليس ما تصنعه الشفتين "هذا الشعب يسبحنى بشفتيه فقط، أما قلبه فمبتعد عنى بعيداً" المعنى الله لا يقبل الرياء أش 29: 13

    والله طالب الشعب بأن يأكل الحيوانات التي هى 1) مشقوقة الظلف 2) مجترة

    وهذه الحيوانات تتصف بأنها ليست من آكلات اللحوم بل تتغذى على الحشائش. إذاً

    أول صفة للحيوان الطاهر أنه لا يأكل حيوان أخيه:- أي لا يظلم وغير متوحش

    ثانى صفة للحيوان الطاهر أنه مشقوق الظلف:- والظلف هو جسم ميت في الحيوان وهذا يشير إلى شق ماهو ميت فينا أي الجسد والمعنى صلب شهوات الجسد

    ثالث صفة للحيوان الطاهر أنه يجتر:- وهذا يشير للهج الدائم والتأمل المستمر في كلمة الله والإجترار هو إعادة الطعام للفك ومضغه جيداً. فالحيوان يأكل كمية ضخمة أولاً ويبلعها ثم يستعيد جزء منها ويعيد مضغه جيداً ثم يبلعه ثانية. ويقول البعض أن الإجترار فيه فائدة للحيوان فاللعاب يلاشى تأثير بعض السموم التي في الطعام وهذا ما أشار إليه القديسون أن نحفظ كل يوم الأيات ونلهج فيها طول النهار هذا ما يعطى غذاء للروح وشبع روحى "خبأت كلامك في قلبى لكيلا أخطئ إليك بوصايك ألهج وألاحظ سبلك مز 119: 11، 15". وراجع حز 2: 8 – 3: 3 فهنا نجد حزقيال يأكل كلام الله. وهكذا فعل يوحنا (رؤ 10: 9) وأرميا (15: 16) وداود (مز 119: 103). أما عن شق الظلف (جزء ميت كالأظافر) فكان يجب أن يكون الشق كاملاً من أعلى إلى أسفل. وكون أن المشقوق هو الظلف فهذا يعنى طريقة سير المسيحى وهي صلب أهوائه مع شهواته وهذا ما يرسم له ويحدد سلوكه.

    وبتأمل هذه الصفات للحيوانات الطاهرة نفهم صفات المسيحى الطاهر أمام الله فهو يتغذى على مراعى كلمة الله الخضراء وليس على لحم إخوته أي لا يظلمهم. وهو يجتر كلمة الله طول النهار ويلهج فيها ليهضم ما تناوله منها ويكون له قوة للسلوك في طريق الله وتغيير طباعه والإقلاع عن عاداته الرديئة وبذلك نجد إقتران الحياة الداخلية (اللهج أو الإجترار) بالحياة الخارجية (الظلف أو السلوك)

    وكان لا يجب أكل حيوان يجتر لكنه لا يشق الظلف أو العكس فمثلاً الجمل والأرنب والوبر تجتر أو تبدو هكذا لكنها غير مشقوقة الظلف والخنزير له الظلف المشقوق ولكنه لا يجتر. فالله لا يقبل مظاهر بدون حياة داخلية فهذا رياء، ولا يوجد حياة داخلية دون أن يصاحبها سلوك.



    أمثلة للحيوانات النجسة

    كان الهنود والمصريين يمنعون أكل الجمل ويقولون أنه يصيب آكله بالقساوة والحقد وحب الإنتقام فهذه صفاته. ولا نقصد القول أن من يأكل لحمه تصيبه صفاته، لكن كما قلنا أن على اليهودى التأمل في صفات الحيوان النجس وأن يمتنع عن مثل هذه الصفات حتى لا يكون هو نجساً أيضاً. والوبر والأرنب يمثلان الرياء فهما يبدوان كحيوانين مجترين لكنهم غير ذلك. وبعض الحيوانات غير الطاهرة كانت تتعرض لأمراض تنقلها للإنسان فالخنزير يصيب الإنسان بالدود والأرنب بنوع من الجدرى وقد دلت الإحصاءات أن الشعب اليهودى كان أقل من غيره في الأوبئة مثل الطاعون والكوليرا وكان متوسط أعمارهم أكبر من باقى الشعوب. وربما يرى اليهودى الأرنب في جبنه ويتعلم أنه كمؤمن بالله لا يجب أن يخاف فالله يحميه. والوبر يُعرف بأنه شرس وبغضته مؤذية.



    نجاسة الخنازير

    يرمز للشره في الأكل والدنس والنهم. والخنزير يرمز لكثرة الكلام (بسبب ضجيجه المستمر) ولنهمه الدنس وتهوره في العلاقات الجنسية بطريقة دنسه شهوانية فاسقة كما أنه يتمرغ في الوحل. يأخذ في الصراخ إذا جاع ولا يهدأ إلا لو نال أكله من جديد. له نابان قويان يضرب بهما خصمه وهو شديد المكر والشراسة يتظاهر بالهروب أمام مطارديه حتى إن كان مطارده يركب حصاناً فإذا ما تعب مطارده كر عليه راجعاً وضربه بنابه ليقتله مت 7: 6. وكأن الوحى حين يمنع أكل الخنزير يمنع اليهودى عن مثل هذه التصرفات. ونهاية الخنزير يسمن للذبح والهلاك. هذه نهاية الشهوانيون النهمون وفي أيام المسيح كان البعض يرعى الخنازير لا لأكلها بل لبيعها لليونان وللجيش الرومانى. وكان هؤلاء الرعاة يمثلون الإنسان محب المال على حساب طهارتهم ونقاوتهم، لذلك أعطى الرب درساً لرعاة خنازير كورة الجرجسيين حينما سمح للشياطين أن تخرج من المجنونين وتدخل في القطيع فإندفع كله من على الجرف للبحر ومات في المياه وليظهر الله نجاسة الخطية شبه مصير الإبن الضال بأنه أكل مع الخنازير.

    جثثها لا تلمسوا = الموت مقترن بالخطية والعقوبة واللعنة فهو دخل بسبب الخطية وهناك حكمة صحية فالحيوان الميت يبدأ في التحلل والتعفن ويصبح مأوى للجراثيم.



    الأيات 9 – 12:- و هذا تاكلونه من جميع ما في المياه كل ما له زعانف وحرشف في المياه في البحار وفي الانهار فاياه تاكلون. لكن كل ما ليس له زعانف وحرشف في البحار وفي الانهار من كل دبيب في المياه ومن كل نفس حية في المياه فهو مكروه لكم. ومكروها يكون لكم من لحمه لا تاكلوا وجثته تكرهون. كل ما ليس له زعانف وحرشف في المياه فهو مكروه لكم.

    الحيوانات المائية تعلن عن حاجة المؤمن إلى وسائط النعمة المختلفة من أسرار مقدسة وصلوات ومطانيات حتى يمارس الحياة الإيمانية العملية في الرب. ولا نكتفى بالإيمان العقلى أو الإمتناع العقلى.

    والشرط هنا لتكون السمكة طاهرة أن تكون لها زعانف تساعدها على السباحة في الماء وحرشف أي قشور أو فلوس يحميها من البيئة التي تحيط بها. والزعانف والحرشف هذه هي وسائط النعمة التي تسند المؤمن ليسبح وسط مياه هذا العالم ووسط تياراته المختلفة بفعل روح الله الساكن فيه دون أن تجرفه التيارات المائية أما الحرشف هو عمل وسائط النعمة في أن تحميه بالرب من كل مقاومة للشر ضده. ونجد في مثل السيد المسيح مت 13: 48 أن الصيادين يجلسون ليميزوا السمك الطاهر من النجس. وهذا ما كان الصيادين يفعلونه فعلاً فالشبكة تصطاد أي شئ. ومعلوم أن كل الأسماك ذات الزعانف والقشور هي أسماك صالحة للأكل ولا شك فيها، أما الأخرى فبعضها صالح للأكل وبعضها سام لا يؤكل وعليهم تجنب كل المشكوك فيه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهكذا علينا في الأمور التي فيها شك تجنبها كلية دون مخاطرة وهكذا قال بولس الرسول لن آكل لحماً 1كو 8: 13

    ويلاحظ أنه يقول يكون مكروه لكم وهذه تناظر كلمة نجس كأن الله يطلب أن نكره الخطية
    الأيات 13 – 19:- و هذه تكرهونها من الطيور لا تؤكل انها مكروهة النسر والانوق والعقاب. والحداة والباشق على اجناسه. وكل غراب على اجناسه. والنعامة والظليم والساف والباز على اجناسه. والبوم والغواص والكركي. والبجع والقوق والرخم. واللقلق و الببغا على اجناسه والهدهد والخفاش.



    الطيور

    إن كانت الحيوانات الطاهرة تشير لإرتباطنا بكلمة الله والإيمان الحى فينا الظاهر في سلوكنا. والحيوانات البحرية تكشف عن الحاجة إلى وسائط النعمة. فإن الطيور تعلن عن الحاجة إلى السلوك العملى نحو إخوتنا. فالطيور التي تؤكل صفاتها

    1- لها أجنحة وتحلق في السمويات بها.فهى لا تهتم بالأرضيات.

    2- لا تأكل الجيف والقاذورات

    3- لا تأكل اللحوم ولا تخطف وتشير لمن يحيا في سلام مع إخوته وليس بالدم يعيش.

    4- لا تأكل أشياء نجسة مثل الثعابين والمعنى أن المؤمن الطاهر لا يعاشر الخطاة ولا يعيش على الخطية كما يأكل الثعبان طين الأرض.

    5- أن تكون طيور طاهرة مثل الحمام واليمام وهذه تعتبر ضعيفة جداً بالنسبة للطيور القوية ولكنها طاهرة والطيور القوية نجسة

    6- لا علاقة لها بالأوثان فبعض الطيور الممنوعة قدستها الشعوب للأوثان أو كان لها علاقة بالتفاؤل والتشائم كالبوم مثلاً وهذا ممنوع للمؤمن

    7- لا تعرف بأنها طيور تنقض على فريستها وتلتهمها (الهراطقة يخطفون المؤمنين)

    وهذه الصفات التي يريدها الله أن تكون في شعبه



    أنواع الطيور الممنوعة

    1- النسر :- يسمى ملك الطيور بسبب قوته وضخامته مع حدة بصره وإرتفاعه عالياً في طيرانه. وعرفت النسور برعايتها الفائقة لصغارها، إذ تحوم حولها حتى تقدر النسور الصغيرة على الطيران (خر 19: 4) لذلك يشبه الكتاب المقدس الله في محبته ورعايته بالنسر تث 32: 11. ويشبه المؤمن بالنسر مز 103: 5 لأن النسر يعمر طويلاً. وأحد الكاروبين له شكل النسر. وإنجيل يوحنا الذي يحدثنا عن لاهوت المسيح يرمز له بالنسر. ولكن لأن النسر في نفس الوقت رمز للعنف والسرعة في الخطف إعتبر نجساً لا يأكلوه. بل شبهت الأمم المعادية لهم بالنسر لأنها ستقوم بإختطاف أولادهم في السبى حب 1 : 8 + تث 28: 49، 50. ونفس الشئ حدث مع الأسد. فالمسيح شبه بالأسد "هوذا الأسد الخارج من سبط يهوذا" والشيطان شبه بالأسد الزائر الذي يلتمس من يبتلعه. والنسر له عادة لطيفة فهو يأخذ صغاره على جناحيه ويطير عالياً ويهبط فجأة تاركاً صغاره ليتعلموا الطيران ولكن عينيه تكون عليهم فإذ يخوروا يأخذهم على جناحيه ثانياً. وهكذا فالله يعلمنا أن نجاهد لنحلق في السماويات هازمين عدو الخير، لكن في بعض الأحيان يبدو أنه قد تركنا لكن عيناه تكون علينا دائماً.

    2- الأنوق:- يسمى كاسر العظام فهو يجد لذته في كسر عظام الحيوانات التي سبق وأكلتها الجوارح من قبل بأن يحملها عالياً ويلقيها على الصخور فتنكسر ليأكل نخاعها

    3- العقاب :- من الطيور الكاسرة ويتغذى على الجيف

    4- الحدأة:- من الجوارح ولونها أسود

    5- الباسق :- تشبه الحدأة ومن الجوارح وتكثر الصياح والصراخ

    6- الغراب :- يسمونه طائر الليل لشدة سواده وهذا معنى أسمه فى العبرية راجع نش 5: 11. يأكل الجيف لذلك لم يرجع لفلك نوح. ومن شراهته يملأ الجو نعيباً إذا جاع. وهو مغرم بتقوير عين فريسته. ولذلك كان من الإعجاز الذي قصده الله أن غراباً يطعم إيليا النبى والأنبا بولا. وإذ أن أفراخه يكون لونها أبيض يخاف منها ويتركها ولا يطعمها، لكن الله ( الذى يعطى طعاماً لفراخ الغربان مز 9:147) أعطى أن تفرز هذه الفراخ سائل له رائحة تجذب الحشرات فتتغذى الفراخ عليها حتى يسود لونها فيعود لها والديها.

    7- النعامة :- معروفة بالرعونة والجفاء. هي تضع بيضها ثم تضعه في صف وتحضن كل بيضة مدة وتتركها لتحضن غيرها. غير أنها وصفت بالحمق لأنها تنسى بيضها وتحضن بيض غيرها، ولأنها لا تصنع عشاً تضع فيه بيضها ولأنها تدفن رأسها في الرمال حين ترى الصياد وصوتها كالصراخ والنحيب

    8- الظليم :- ذكر النعام

    9- السأف :- يقتات على الأسماك والحشرات والجيف

    10-الباز :- من الجوارح ويأكل لحم بنى جنسه حتى إن كانت زوجته أو والديه
    11-البوم :- تسكن الخرائب والصخور وتختفى بالنهار وتظهر بالليل وتأكل الفئران
    والحشرات وتهاجم الطيور في أعشاشها وتفترسها وتأكل بيضها وأفراخها.
    12-الغواص :- وهو طائر يغوص في الماء ويصطاد السمك ليأكله. وقال أحدهم أنه رأى
    طائر غواص وقد أصطاد سمكة وخرج بها من الماء فخطفها منه غراب فغاص ثانية
    وخرج ومعه سمكة فخطفها منه الغراب وتكرر هذا لمرة ثالثة فلما أنتهى الغراب من
    الثالثة هاجمه الغواص وأمسك برجله وغاص به في الماء حتى غرق الغراب فالغواص له قدرة علي البقاء تحت الماء لفترات طويلة.

    13-الكركى :- له صياح كصياح البوم ويعيش في الأماكن القذرة والكهوف والخرائب
    14-البجع :- يتغذى على الأسماك والضفادع ومنه أنواع سوداء وكريهة الرائحة
    15-القوق :- يسكن البرارى والخرائب
    16-الرحم :- إسمه مشتق من كلمة رحمة فهو مشهور بالعطف على صغاره ولكنه يسكن
    الخرائب ويأكل الحشرات والجيف فهو يشير للإنسان الذي يختلط فيه أعمال البر وأعمال الشر
    17-اللقلق :- له جناحان لونهما أسود وقويان (زك 5: 9) يعيش على الضفادع والحشرات وإن لم يجد ما يقتات به منهما يقتات على القاذورات
    18-الببغاء :- يكرر كلام الناس دون أن يدرى معناه. ومعنى إسمه في العبرية غضوب أوقاس
    ويأكل الهوام والفئران لذلك إعتبر نجساً.
    19-الهدهد :- يدعى إسمه فى العبرية dukiphath وهذه قد تنقسم إلى دوك (بمعنى ديك) + فت (بمعنى زبل) ويكون معنى إسمه ديك الزبل أو دو (ذو) + كيفا (الصخر) ويكون معنى إسمه ذو الصخر. فهو يبنى أعشاشه في الصخور وفي الزبل ولذلك فهو كريه الرائحة في أثناء فترة إحتضانه للبيض (أسبوع). ويأكل أحشاء الجيف ونفايات الطعام ومن مميزاته أنه لو ماتت زوجته يظل يصيح ويقلل أكله ولا يتزوج بغيرها إلى أن يموت
    20-الخفاش :- هو حيوان ثديي لا يبصر جيداً في النور الساطع لذلك يختفى في النهار ويبصر جيداً في النور الضعيف لذلك فهو يطير في بداية الليل ليصطاد الهوام كالذباب والبعوض ليأكلها. وهو لا يبصر في الظلام الحالك ومع ذلك لا يصطدم لأنه يرسل أصواتاً تصطدم بالأجسام التي في طريقه وترتد له فلا يصطدم بها. ومنه أخذت فكرة الرادار. وهو يسكن الأماكن القذرة والكهوف وهو كريه الرائحة


    الأيات 20 – 23:- و كل دبيب الطير الماشي على اربع فهو مكروه لكم. الا هذا تاكلونه من جميع دبيب الطير الماشي على اربع ما له كراعان فوق رجليه يثب بهما على الارض. هذا منه تاكلون الجراد على اجناسه والدبا على اجناسه والحرجوان على اجناسه والجندب على اجناسه. لكن سائر دبيب الطير الذي له اربع ارجل فهو مكروه لكم.



    الحشرات والهوام

    وأسماها دبيب الطير. فهى تطير وتزحف وقوله الماشى على أربع = أى ما يمشى على أرجله كذوات الأربع. إذاً المقصود بدبيب الطير الحشرات التي لها أجنحة وتطير وفي نفس الوقت لها أرجل تسير بها علي الأرض. وفي هذا تختلف عن قوله دبيب فقط (آية 29) فهنا يشير لما يدب على الأرض فقط وليس له أجنحة. والحشرات بوجه عام مكروهة، أي يجب الإمتناع عنها ما عدا أربع أنواع وهى الجراد والدبا والحرجوان والجندب. وجميعها من أنواع الجراد، والدبا هو الجراد عند خروجه من بيضه. والجراد له ستة أرجل. والحرجوان هو نوع كبير من الجراد ذو سنام وذنب والجندب إسمه في العبرانية حجب لأنه يستر ويغطى الأرض ويتلف الحقول وهو ذو ذنب وبلا سنام. والحرجوان لأن جسمه كبير يثب ولا يطير.

    وقد حلل أكل الحشرات الطيارة التى لها كراعان أي ساقان أو كارعان والمقصود بهما أن الرجلين الخلفيتين أطول من الأماميتين لأن بهما ساقين طويلتين. وكأن الرجل الخلفية تتكون من ثلاثة أجزاء:- جزء يقابل الفخذ في الحيوان وجزء يقابل الساق (الكراع) وجزء يقابل القدم وهذا التركيب يساعد على القفز.

    وبذلك نفهم أن الجراد ينطبق عليه هذه المواصفات فهو له أربع أرجل مقدمة + رجلان (كراعان) للقفز + أجنحة للطيران. وهذا معنى دبيب الطير الماشى على أربع وما له كراعان يثب بهما. وقوله إلا هذا لا تأكلونه أن كل الحشرات يمنع أكلها إلا ما ينطبق عليه هذه المواصفات.



    الأيات 24 – 28:- من هذه تتنجسون كل من مس جثثها يكون نجسا إلى المساء. وكل من حمل من جثثها يغسل ثيابه ويكون نجسا الى المساء. وجميع البهائم التي لها ظلف ولكن لا تشقه شقا أو لا تجتر فهي نجسة لكم كل من مسها يكون نجسا. وكل ما يمشي على كفوفه من جميع الحيوانات الماشية على اربع فهو نجس لكم كل من مس جثثها يكون نجسا إلى المساء. ومن حمل جثثها يغسل ثيابه ويكون نجسا إلى المساء انها نجسة لكم.



    لمس الحيوانات الميتة نجاسة

    من هذه تتنجسون = أي أن لمس ما يأتى يسبب نجاسة. ونلاحظ أنه كمبدأ عام فالموت يعتبر نجاسة، لأنه ناشئ عن الخطية والتلامس مع ميت رمزياً يشير للتلامس مع الخطية أو معاشرة الخطاة. فإذا كان الميت حيوان نجس تأكدت النجاسة. أضف لهذا السبب الطبى وهو إحتمال نقل عدوى من الجثث.فالله أقام من نفسه طبيباً لهذا الشعب الجاهل. هو كان لهم كل شىء.

    ونلاحظ هنا تدرج النجاسة فمن مس جثتها فقط يصير نجساً إلى المساء ولكن من حملها (ربما يحمل جثة إلى خارج المحلة) هذا يتنجس أكثر ويضطر لغسل ثيابه وهذا يشير إلى إحتياجه للماء للغسل والتطهير. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فمن مس فقط هذا يشير لمن يلمس بدون علم ولكن من حمل فهو يعلم أنها خطية وإرتكبها، هذا يحتاج للتطهير والتوبة (غسل بالماء)

    كل ما يمشى على كفوفه = الكفوف تعنى البراثن أي كل الحيوانات التي أطرافها ذوات أصابع أو براثن كالأسد والدب والقرد والذئب والهر والكلب.... الخ

    والنجس حتى المساء = هو ممنوع أن يدخل بيت الرب أو يخالط الأطهار أويأكل من الذبائح أو يمس شيئاً مقدساً.



    الأيات 29، 30:- و هذا هو النجس لكم من الدبيب الذي يدب على الارض ابن عرس والفار والضب على اجناسه. والحرذون و الورل والوزغة والعظاية والحرباء.

    الدبيب نجد هنا الدبابات النجسة. فأكلها ينجس ومس جثثها ينجس

    1- إبن عرس :- شكله كالنمس يفترس الفئران والحيوانات الصغيرة ويأكل الجيف كما يؤذى الأطفال الصغار ويخطف الأشياء اللامعة كالنقود ويخفيها في جحره

    2- الفأر :- مخرب للغاية ويحمل الأوبئة ويهاجم الكتب ويفسدها ويفسد الطعام ويسرقه

    3- الضب :- حيوان برى يشبه التمساح يسكن البرارى ويتلون بحسب البيئة التى يوجد فيها.

    4- الوزغة :- إسمها بالعبرية لطاه من لطأ بالأرض ومعناها لصق بالأرض

    5- الحرذون:- ومعنى إسمه صراخ وعويل ونواح وهو يشبه البرص وعلى ظهره بقع بيضاء كالبرص (ولذلك يسمونه أبى بريص)

    6- الورل :- قريب جداً من الحرباء ويتلون حسب البيئة ولا يبنى لنفسه بيتاً بل يغتصب بيوت الأخرين

    7- العظاية :- نوع من الوزغ شكلها يقارب الحرباء



    الأيات 31 – 40:- هذه هي النجسة لكم من كل الدبيب كل من مسها بعد موتها يكون نجسا إلى المساء. وكل ما وقع عليه واحد منها بعد موتها يكون نجسا من كل متاع خشب أو ثوب أو جلد أو بلاس كل متاع يعمل به عمل يلقى في الماء ويكون نجسا إلى المساء ثم يطهر. وكل متاع خزف وقع فيه منها فكل ما فيه يتنجس واما هو فتكسرونه. ما ياتي عليه ماء من كل طعام يؤكل يكون نجسا وكل شراب يشرب في كل متاع يكون نجسا. وكل ما وقع عليه واحدة من جثثها يكون نجسا التنور والموقدة يهدمان انها نجسة وتكون نجسة لكم. الا العين والبئر مجتمعي الماء تكونان طاهرتين لكن ما مس جثثها يكون نجسا. واذا وقعت واحدة من جثثها على شيء من بزر زرع يزرع فهو طاهر. لكن اذا جعل ماء على بزر فوقع عليه واحدة من جثثها فانه نجس لكم. واذا مات واحد من البهائم التي هي طعام لكم فمن مس جثته يكون نجسا إلى المساء. ومن اكل من جثته يغسل ثيابه ويكون نجسا إلى المساء ومن حمل جثته يغسل ثيابه و يكون نجسا إلى المساء.



    مس جثث الدبيب ينجس

    من مس جثث أي من هذا الدبيب يتنجس إلى المساء والسبب أن الدبيب الذي يدب على الأرض ملتصق بالطين والأرض والله يريد شعبه أن يرفع عينيه للسماء ويترجاها وتكون صفاته سماوية. أضف لهذا أن الموت نجس ويساوى الخطية. والسبب الصحى الطبى آية (32) إذا سقطت جثة أحدها على إناء يمكن غسله كإناء خشب أو ثياب من الصوف أو الكتان أو الجلد يجب أن تغسل ولا يستعمل حتى المساء حتى يطهر من أي إحتمال للعدوى والبلاس = قماش مصنوع من شعر المعزى أو غيره كمسوح آية (33) إن سقطت الجثة في أناء خزف يكسرونه، فالميكروبات يمكن أن تتسلل إلى مسامه. والآنية الخزفية تشير للإنسان فهى من طين الأرض والإنسان من طين الأرض وهي ضعيفة والإنسان ضعيف (2كو 4: 7 + أر 18، 19). فإذا فسد الإنسان وكان لا أمل في توبته يكسر أي يهلك. فلا يوجد سوى طريقتين

    أ‌- متاع يمكن غسله بالماء، إذاً يغسل ويتطهر (إشارة لإمكانية التوبة)

    ب‌-متاع أو إناء خزفى لا يمكن غسله يكسر (إشارة لهلاكه)

    فلنقدم توبة ونغتسل من خطايانا لئلا نهلك.

    آية (34) إن سقط على طعام به سائل كالماء أو الزيت لا يؤكل، واليهود فهموا أن قوله ماء هنا مقصود به إعداد الطعام بالماء أو أي سوائل كالزيت.

    آية (35) تنور = تن + نور وكلمة تن = مخبز أو أتون ونور تعنى نار إذاً تنور تعنى فرن. ولو سقط على الفرن يهدم ويعاد بناؤه فهو لا يمكن غسله.

    آية (36) لو سقط على عين أو بئر مجتمعى المياه = تكونان طاهرتين لأن ماءهما متجدد ويكتفى بنزح الماء منها حيث سقطت الجثة.

    وقارن هذه الآية مع آية (34) ففي (34) الجثة سقطت على ماء راكد داخل إناء فيتنجس الإناء ولكن إذا سقطت على ماء جارى لا يتنجس. فالخطية إذا أصابت إنسان لا يعطى فرصة للروح أن يعمل فيه تنجسه الخطية ومن تصيبه خطية لكن يعطى فرصة للروح القدس أن يبكته فيتوب هذا لا يتنجس. الماء الجارى يشير لعمل الروح القدس المستمر في تجديد طبيعة الإنسان= "روحك القدوس جدده في أحشائنا "

    الأيات (37، 38) إن سقط على بذور جافة لا تحسب نجاسة أما إذا كانت البذور مبللة فلا تستخدم. فالزرع والنبات الحى كالماء المتجدد لأنه ينمو إذاً هو حى لا يتنجس وهو يستمد دائماً مواد جديدة من التربة والهواء لأن له جذور هكذا كل من يشرب من الماء الذي يعطيه المسيح أي يستمد قوة تطهير مستمرة من الروح القدس هذا لا يتنجس. أما لو وضع البذور في أناء ووضع عليه ماء ثم سقط عليه جثة نجسة يتنجس فالماء هنا يساعد على تفتيح البذور فتصبح عرضة للتلوث مثل من تفتحت حواسه لخطايا العالم.

    آية (39) حتى الحيوانات الطاهرة لو ماتت تصبح نجسة. هذا يعنى لو ماتت بطريق غير الذبح. فالموت يشير للخطية كما قلنا.

    آية (40) ومن أكل من جثته = يعنى من أكل دون أن يعلم أنه ميت فإن من يأكل جثة حيوان مات بغير طريق الذبح تقطع تلك النفس تث 14: 21.



    الأيات 41 – 45:- و كل دبيب يدب على الارض فهو مكروه لا يؤكل. كل ما يمشي على بطنه وكل ما يمشي على اربع مع كل ما كثرت ارجله من كل دبيب يدب على الارض لا تاكلوه لانه مكروه. لا تدنسوا انفسكم بدبيب يدب ولا تتنجسوا به ولا تكونوا به نجسين. اني انا الرب الهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لاني انا قدوس ولا تنجسوا انفسكم بدبيب يدب على الارض. اني انا الرب الذي اصعدكم من ارض مصر ليكون لكم الها فتكونون قديسين لاني انا قدوس.

    الزواحف هى مكروهة لأنها تدب على الأرض وتلمس التراب فهى تشبه الإنسان الذي يشتهى تراب هذا العالم فإنحط قدره ووصل للتراب. والله يسميها مكروهة ليرفع أنظارهم للسماويات.

    آية (42) هذا الدبيب ثلاثة أنواع وما يمشى على بطنه = كالحية ليذكرهم بعقوبة الحية وأنها ستأكل التراب تك 3: 14 وما يمشى على أربع = كالعقارب وما كثرت أرجله مثل أم أربعة وأربعين والدود وآية (43) تشديد ثلاثى بمنع النجاسة ليؤكد المعنى.

    لاني انا قدوس = لا ارضي....تكونون قديسين = أي لا تشتهوا الارضيات النجسة.

    آية (45) أنا الرب الذي أصعدكم من أرض مصر = بعد أن حررتكم لا تعودوا للعبودية ثانية.



    الأيات 46، 47:- هذه شريعة البهائم والطيور و كل نفس حية تسعى في الماء وكل نفس تدب على الارض. للتمييز بين النجس و الطاهر وبين الحيوانات التي تؤكل والحيوانات التي لا تؤكل.

    هى شريعة أبدية. وقوله الحيوانات التي تؤكل = هي أخص من قوله الحيوانات الطاهرة فقد يكون هناك حيوان طاهر ولكنه لا يؤكل، فمثلاً لأنه مات وليس بطريق الذبح



    ملاحظات ختامية

    1- لاحظ أن اليهودى كان عليه أن يسير حذراً في كل لحظة يراقب الأرض لئلا يلمس ما يدب أو يلمس جثة حيوان وعليه أن يراقب الهواء (الطيور) والماء (السمك) وهكذا هو في كل لحظة يراقب ما حوله حتى لا يتنجس، وهم تدربوا على هذا جيداً وعلى كل مسيحى أن يفعل نفس الشئ ويراقب كل ما حوله لأن خصمنا إبليس يجول يلتمس من يبتلعه.

    2- رأى بطرس الرسول السماء مفتوحة وإناء نازلاً عليه مثل ملاءة عظيمة بها كل أنواع الحيوانات طاهرة ونجسة وصوت قائل إذبح وكل‘ وتكررت ثلاث مرات وتكرر الصوت ثلاث مرات يشير إلى أن الحياة المقامة في المسيح لم يعد فيها هذا التمييز. وتشير لقبول الأمم الذين كانوا قبلاً معتبرين نجسين لإنفصالهم عن الله وبعد المسيح صار الكل واحداً 1تى 4: 4. إذاً فقد كانت نجاسة هذه الحيوانات في كونها رمز والرمز إنتهى بمجئ المرموز إليه.

    3- آية 42 بها كلمة بطن وكلمة بطن هنا في العبرية بها حرف "واو" وهو يتوسط حروف الأسفار الخمسة وكان الكتبة يستخدمونه كدليل لمراجعة صحة النقل وذلك بعد الحروف حرفاً حرفاً فيما قبله وفيما بعده وهذا يبين الإهتمام الكبير الذي به صان اليهود نص العهد القديم القرون الطويلة

    4- صفات المسيحى الطاهر في ضوء هذا الإصحاح

    أ‌- يلهج في كلمة الله (يجترها) + يصلب الأهواء والشهوات (يشق الظلف) + يتغذى على مراعى الله الخضراء أي كلمة الله (وليس آكل لحوم البشر) = شريعة الحيوانات الطاهرة

    ب‌-يستعمل وسائط النعمة (صلاة وصوم + أسرار.......) لتساعده في أن يسلك في وسط تيارات العالم وتحميه من الأوساط المعادية = شريعة الأسماك الطاهرة

    ت‌-يحلق فى السماويات (طير) + لا يخطف ولا يعيش على الجيف = شريعة الطيور الطاهرة

    ث‌- لا يشتهى الأرضيات ويلتصق بالطين = شريعة نجاسة الدبيب

    ج‌- لقد حررنا المسيح فلنضع نحن القيود على أنفسنا بحريتنا ونتقدس لأن إلهنا قدوس.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالثلاثاء 27 سبتمبر 2011, 11:30 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 12
    تطهير الوالدة

    نرى هنا نظرة الله للخطية ونتائجها. واللعنة التي وضعها على البشر بل سمة العار التى جلبوها على أنفسهم. ولذلك نجد هنا الطفل يولد خارج العهد مثل آدم أبوه حين طرد من الجنة.
    إذاً العالم كله هو أجزاء من آدم فحين أصاب الموت آدم أصاب كل ذريته.



    + مت 7: 17 الشجرة الردية تصنع أثماراً ردية. إذاً الخطية تنتقل.

    + الله خلق آدم على صورته كشبهه، والله حى لذلك كان آدم حياً

    + بعد السقوط مات آدم

    + تك 5: 3 وعاش آدم 130 سنة وولد ولداً على شبهه كصورته أي محكوما عليه بالموت.ً

    + رو 5: 12 "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" الخطية إذاً تنتقل.

    + لذلك كانت النغمة المتكررة في إصحاح تك 5 هي ومات.... ومات

    + وقد عرفنا أن الموت نجاسة. ومن يتلامس مع ميت يحتاج لتطهير

    + في أوشية الراقدين نقول "ليس أحد طاهراً ولو كانت حياته يوماً واحداً...على الأرض " لأن الخطية إنتقلت لهذا المولود.

    + لذلك فالمرأة حين تلد ومع أن الأبناء عطية إلهية لكن لأن حياة الإنسان قد فسدت بالخطية خلال العصيان الأول، تكون المرأة قد ولدت طفل فى حالة ساقطة ونظراً لإرتباطها به فهى تعتبر هي الأخرى نجسة لأنها ولدت ولداً ميتاً لأن مصيره الموت ونجساً فهو بالخطية إشتهته أمه، وهو شبه والديه.

    + إذاً فالإنسان مرتبط بالدنس في ميلاده وأيضاً في موته أي في كل مراحل حياته هو موصوم بالنجاسة. ولأن الإنسان ينسى هذه الحقيقة حين يغتر بمجد هذه الدنيا. نجد الله يذكره هنا بها، وهو يذكر أنه يخرج من بطن أمه عرياناً مسكيناً نجساً وتنتهى حياته في قبر جثة نجسة من يمسها يتنجس وإذا تذكر هذا:-

    1- لا ينتفخ ويسلك بدون كبرياء ويزهد في أمجاد هذا العالم

    2- يشعر بحاجته للتطهير وللميلاد الجديد والموت مع الرب المصلوب ليحيا مقدساً له فهذا الطقس يعلن أننا كلنا مرفوضون نجسون لولا تدخل الله

    + الأم تعتبر بعد الولادة نجسة لأنها ولدت طفلاً نجساً مصيره الموت ولكنها تتطهر يوم ختانه أي حين يصير عضواً في عهد الله. ونفس هذا الطقس يطبق في الكنيسة اليوم فالأم لا تقترب من التناول قبل عماد مولودها وإنضمامه للكنيسة جسد المسيح،وبالعماد يصير له حياة ابدية ،فيصير للام ابنا حيا



    آية 2:- كلم بني اسرائيل قائلا اذا حبلت امراة وولدت ذكرا تكون نجسة سبعة ايام كما في ايام طمث علتها تكون نجسة.

    النجاسة فهمنا معناها سابقاً ويضاف لهذا أنها خلال هذه المدة تعتبر غير نظيفة بسبب الدم الذي ينزف منها. والكنيسة تمنع التناول في هذه الفترة ليس لأنها نجاسة بل كأنها فطر. طمث علتها = أي مرضها الشهرى. فهى خلال هذه الفترة كمن هي في فترة مرضها الشهرى ويجب أن تمكث في البيت. تكون نجسة سبعة أيام = فترة نزول الدم عادة تستمر من 3 – 7 أيام وهنا يحسبها 7 أيام. وفي إصحاح 15 من نفس السفر نجد الشريعة تحسب كل جسم يخرج سيلاً سواء كان رجل أو أنثى أنه نجس ليس لأن الدم في ذاته نجاسة وإنما لكى يتوقف الإنسان عن كل عمل ويهتم بصحته حتى يشفى تماماً، هنا الله يظهر كطبيب يهتم بصحة شعبه فهو طبيب أجسادنا ونفوسنا. لذلك ولأن السيل نجاسة سميت الوالدة هنا نجسة. ولاحظ أن الله الذي خلق الإنسان لينمو ويكثر وهذا النمو والتكاثر كان سيحدث بالطريق الطبيعى ولن يحسب نجاسة إذا لم تكن الخطية قد دخلت إلى العالم. وكون الله ينسب النجاسة للأم الوالدة فهذا ليجذب الأنظار للخطية التي تسللت لنا أباً عن جد.



    آية 3:- و في اليوم الثامن يختن لحم غرلته.

    اليوم الثامن هو بداية أسبوع جديد. وفيه يدخل الطفل في عهد جديد مع الله. وبعد ختان الطفل وإنتمائه لشعب الله نجد الأم تشارك إبنها بركات الختان وترفع عنها نجاستها لكنها لا تعود للهيكل قبل 40 يوماً من الولادة. أما في خلال هذه السبعة الأيام التي تكون نجسة فيها فهى تنفصل عن أقاربها وزوجها ومن يلمسها يتنجس.



    آية 4:- ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوما في دم تطهيرها كل شيء مقدس لا تمس والى المقدس لا تجيء حتى تكمل ايام تطهيرها.

    دم تطهيرها = أى الدم الطاهر أو السوائل التي تنزل من المرأة وتسمى دم تطهيرها ربما بسبب لونها ولأن المرأة في هذه الفترة قد تخلصت من النجاسة وهي الآن فى سبيلها للتطهير الكامل. وهذه السوائل عادة تستغرق من أسبوعين لثلاثة أسابيع. ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوماً = نجد هنا المدة 33 يوماً أي أكثر من أكبر مدة وهي 21 يوماً واسباب هذا:

    1- لتغطية الحالات الشاذة التي تستمر فيها السوائل مدة طويلة، أي للضمان

    2- حتى تكون المدة الإجمالية 40 يوماً (7+33) ورقم 40 يشير لأشياء معروفة في الكتاب المقدس، فالطوفان إستمر 40 يوماً، إذاً هذا يطبع في الأذهان أنهم بسبب الخطية كانوا محرومين من نعمة الله معرضين لسخطه ونقمته. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وموسى صام 40 يوماً ليحصل على الناموس وبركات الله. وهي تحرم من المقدسات كمن تكون صائمة وبعدها تحصل على كل حقوقها. إذاً الأربعين يوماً هي مدة إنتظار يعقبها بركات إذا فهم الشخص ما يريده الله وقدم توبة.

    كل شيء مقدس لا تمس = أي لا تأكل من ذبائح السلامة والفصح. وإذا كانت زوجة الكاهن فلا تأكل من المحلل أكله لعائلة الكاهن من لحوم الذبائح. وإلى المقدس لا تجئ = أي لا تأتى إلى بيت الله



    آية 5:- و ان ولدت انثى تكون نجسة اسبوعين كما في طمثها ثم تقيم ستة وستين يوما في دم تطهيرها.

    وإن ولدت أنثى = هنا نجد المدة تضاعفت فهى تظل نجسة بعد ولادتها لمدة أسبوعين بدلاً من أسبوع وهكذا. وهذا لا يقصد به التمييز بين الجنسين فنحن نجد أن الذبيحة المقدمة عن الولد مثل البنت تماماً (وبولس الرسول يقول أن الرجل والمرأة هما واحد في المسيح يسوع ربنا (غل 3: 28، كو 3: 11) وسوف نرى أن شريعة التطهير لكلا الولد والبنت واحدة. أي أن الأم تقدم نفس الذبائح لتطهيرها إن ولدت ولداً أو ولدت بنتاً. إذن المشكلة ليست في إرتباط النجاسة بالذكر أو بالبنت. ولكن التفريق هنا له أسباب هى:-

    1- المرأة بعد ولادتها تستمر في البيت لا تتعامل مع أحد فهى مدعوة للتأمل والتفكير في أسباب مدة النجاسة أصلاً ثم لماذا هي مختلفة بين الولد والبنت.

    2- كان الذكر إنتظار كل إمرأة، لذلك كان أقل في المدة الخاصة بالنجاسة وهذا يحيى بإستمرار رجاء مجئ المسيا (نسل المرأة المرتقب الذي يسحق رأس الحية)

    3- التفريق الكتابى المستمر بين الذكر والأنثى هو مجرد جعل الذكر رأس أي قائد والأنثى جسد أي خاضع كعلامة مسبقة ومستمرة لإرتباط الرأس (المسيح) بالجسد (الكنيسة) (1كو 12 +أف 5)

    4- المرأة كانت المدخل للخطية (1تى 2: 14) "آدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي" وليس معنى هذا أنها هي مصدر النجاسة أو أكثر نجاسة إنما المعنى هو أنها أضعف في تكوينها النفسى والعاطفى فيسهل إغوائها عندما تكون بمفردها. وكما قلنا فالله يقصد بتشريعاته أن يجعلنا نتأمل لنتحاشى السقوط.



    الأيات 6، 7:- و متى كملت ايام تطهيرها لاجل ابن أو ابنة تاتي بخروف حولي محرقة وفرخ حمامة أو يمامة ذبيحة خطية إلى باب خيمة الاجتماع إلى الكاهن. فيقدمهما امام الرب ويكفر عنها فتطهر من ينبوع دمها هذه شريعة التي تلد ذكرا أو انثى.

    إذاً الأم لا تحسب طاهرة حتى تقدم ذبيحة دموية، رمزاً للحاجة إلى دم المسيح الذي يطهر من كل خطية (1يو 1:7). لاحظ أنها إستمرت 40 يوماً أو 80 يوماً لكنها لا تطهر سوى بالذبيحة فالزمن عاجز عن مسح الخطية والحاجة دوماً إلى دم يطهر. وهي تقدم ذبيحة محرقة = فالمحرقة هي أساس كل الذبائح وهي هنا تقدمها شكراً وفرحاً لأن الله أقامها سالمة وأعطاها نسلاً. والمحرقة هي إعلان واضح لقبول الله للخاطئ وذبيحة المحرقة هي موضع سرور الرب كما رأينا. وذبيحة خطية = بإمتزاج المحرقة مع ذبيحة الخطية يمتزج الفرح بالغفران من الخطية وكون ذبيحة الخطية من الطيور إشارة لبراءة الطفل الظاهرية وطفولته البريئة ولكن الخطية إنتقلت إليه وصارت مختبئة داخله



    آية 8:- و ان لم تنل يدها كفاية لشاة تاخذ يمامتين أو فرخي حمام الواحد محرقة والاخر ذبيحة خطية فيكفر عنها الكاهن فتطهر

    تقدمة الفقراء تستبدل الخروف بيمامة وهذا ما قدمته العذراء أم المسيح الذى إفتقر ليغنينا 2كو 8: 9. والعجيب أن المسيح وأمه التزما بالناموس

    هذا الطقس يجعلنا كمسيحيين نشعر بأن الطفل يولد بنجاسته فنشتاق لينال سر العماد المقدس وأن نحرص على تربية أطفالنا في خوف الله.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالثلاثاء 27 سبتمبر 2011, 11:33 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 13
    إن كان الله قد أهتم بصحة المرأة التي تلد فأوصها بالإستكانة مدة زمنية تحت الرعاية، فإنه في شريعة الأبرص يهتم بشعبه حتى لا تنتقل عدوى المرض بينهم، ويهتم حتى بثيابهم كي لا ينتقل العث من الثوب إلى ثوب.

    1. مرض البرص

    2. من كان بجلده ناتئ أو قوباء أو لمعة [1-8].

    3. من كان برصه مزمنًا في جلد جسده [9-17].

    4. من كان في جلده دُملة قد برئت [18-23].

    5. من كان في جلده كيّ نار [24-28].

    6. من كان فيه ضربة في الرأس أو الذقن [29-37].

    7. من كان في جلد جسده لمع لمع أبيض [38-39].

    8. من كان فقد شعر رأسه [40-44].

    9. حكم الأبرص [45-46].

    10. برص الثياب والمتاع الجلدي [47-59].



    1. مرض البرص:
    "البرص" في الطب الحديث هو مرض جلدي خطير يصل في بعض مراحله الخطيرة إلى تآكل بعض أطراف الجسم وتشويه شكل الإنسان بجانب خطورته في انتقال العدوى سريعًا. ولعل ما ورد في العهد القديم تحت إسم "البرص" لا يعني مرضًا معينًا، إنما كل ما يمكن أن يسبب عدوى لا بين الناس فحسب إنما حتى بين الأثاثات كانتقال العث من ثوب إلى ثوب، والسوس من خشب إلى خشب... إلخ.

    قد يرى الإنسان في الحكم على الأبرص في ظل الشريعة الموسوية نوعًا من القسوة، مثل عزله بعيدًا عن الجماعة وحسبانه نجسًا حتى يبرأ... لكننا نجد حتى في المجتمعات الحديثة بالرغم مما وصل إليه الطب من تقدم فائق في هذا القرن أن أصحاب الأمراض الجلدية يعزلون في مستشفيات أو مصحات بعيدة عن السكن، ويخشى حتى الأطباء على أنفسهم من انتقال العدوى إليهم.

    إرتبط البرص في ذهن اليهود بالخطية لخطورة المرض صحيًا وتشويه جسم الإنسان وسرعة نقل العدوى، لهذا إستخدمه الرب أحيانًا للتأديب كما فعل مع مريم أخت موسى بسبب كلامها ضد أخيها (عد 12: 10)، وما حدث مع جيحزي حين مال قلبه وراء نعمان السرياني يطلب الفضة والذهب ويكذب على أليشع النبي (2 مل 5: 27)، وما أصاب عزيا الملك لاعتدائه على وظيفة الكهنوت (2 أي 26: 16-21).

    البرص كالخطية لم يكن لدى اليهود كما بقية الأمم إمكانية الخلاص منه بأنفسهم، بل يشعر الكل بالحاجة إلى تدخل إلهي للخلاص منه. لذلك حُسب الشفاء منه تطهيرًا كما من النجاسة أو من آثار الخطية، كما قيل عن نعمان السرياني حين تطهر منه في مياه الأردن (2 مل 5: 10-14)، وحينما قال السيد المسيح نفسه "البرّص يطهرون" (مت 11: 5)، وحينما توسل إليه أبرص قائلاً: "يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني" فأجابه: "أريد فأطهر" (مت 8: 1-3).

    الآن نبدأ بالحديث عن البرص وبعض العوارض التي تصيب جسد الإنسان وثيابه.



    2. من كان بجلده ناتئ أو قوباء أو لمعة:
    غالبًا ما يقصد بالناتئ هنا إنتفاخًا أو ورمًا، وبالقوباء بقعة حمراء على الجلد بها قشرة، وباللمعة بقعة مختلفة اللون في جلد الإنسان. وإذ يخشى أن يكون الإنسان مصابًا بمرض جلدي مّيز بين حالتين:

    الحالة الأولى إن كان شعر الجلد قد أبيض ولون البقعة مختلف عن بقايا الجسم فيحتم بأنها "ضربة برص" [3]، ويحسب الإنسان نجسًا، فيعزل عن الجماعة حتى لا يعديها.

    الحالة الثانية متى كانت الضربة لمعة بيضاء في جلد جسمه، ولم يكن منظرها أعمق من الجلد أي لم يكن هذا الجزء في مستوى أدنى من بقية الجسم، ولم يبيض شعرها، فيحجز الشخص سبعة أيام ليراه الكاهن في اليوم السابع فإذا كانت الضربة لم تمتد بل توقفت يحجز سبعة أيام أخرى، فإن لم تمتد أيضًا يحكم الكاهن بطهارته، ويحسبها "حزاز"، بمعنى أنها مجرد علامة لا خطورة منها، أو مجرد قشرة (قوباء). ومع هذا يغسل المصاب ثيابه لأنه كان مشبوهًا في أمره وتحت الفحص... إشارة إلى حاجتنا للإغتسال حتى من شبه الخطية. أما إذا كانت الضربة ممتدة فيحكم عليه بالنجاسة بكونه يحمل ضربة برص.

    يقدم لنا العلامة أوريجانوس تفسيرًا رمزيًا لهذه الحالة بقوله: [عندما يُصاب الإنسان بجرح جسدي غالبًا ما تبقى علامة بعد شفاء الجرح تسمى "ناتئ"، ويندر أن يُشفى الإنسان دون ترك علامة للجرح. الآن إذ أعبر من ظل الناموس إلى الحق، حاسبًا أن نفسًا ما تجرح بالخطية فإنها وإن شفيت لكن يظهر عليها ناتئ في أثر الجرح، هذا الناتئ ينظره لا الرب وحده وإنما حتى الذين نالوا نعمة تمييز أمراض النفس وتمييز النفوس التي شفيت تمامًا من كل أنواع الجراحات المؤلمة عن تلك التي لا تزال تحمل علامات المرض القديم كناتئ فيها[166]].

    يوجد أناس لهم ناتئ يكشف عن إصابتهم بمرض روحي عضال يصعب شفاءه، كقول النبي: "من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جرح وإحباط وضربة طرية لم تُعصر ولم تعصب ولم تلين بزيت" (إش 1: 6). وكما يقول إرميا النبي: "لأنه هكذا قال الرب: كسرك عديم الجبر وجرحك عضال، ليس من يقضي حاجتك للعصر، ليس لك عقاقير رفادة. قد نسيك كل محبيك، إياك لم يطلبوا لأنيّ ضربتك ضربة عدو قاسى، لأن إثمك قد كثر وخطاياك تعاظمت. ما بالك تصرخين بسبب كسرك؟! جرحك عديم البرء لأن إثمك قد كثر وخطاياكِ تعاظمت، قد صنعت هذه بك" (إر 30: 12-15). ومع هذا إن كان الله يكشف عن مدى ما بلغت إليه النفس من مرارة بسبب إصابتها بمرض لا يُشفى، فقد جاء السيد المسيح الذي بلا خطية يحمل خطايانا ويقبل جراحتنا فيه، مقدمًا لنا العلاج بدمه الثمين. إن كنا قد صرنا بسبب الخطية مصابين بضربة برص روحي، فحسبنا نجسين ومطرودين خارج المحلة، فقد خرج هو خارج المحلة يحمل صليب عارنا. لهذا بعدما أعلن الله بإرميا عن الجراحات التي أصابتنا عاد في الحال ليقول: "لأنيّ أرفدك وأشفيك من جروحك يقول الرب" (إر 30: 17). مرة أخرى يقول: "هأنذا أضع عليها رفادة وعلاجًا وأشفيهم وأعلن لهم كثرة السلام والأمانة وأرد سبي يهوذا وسبي إسرائيل" (إر 33: 6-7).

    هذا وإننا نلاحظ في شريعة الأبرص ككل أنها ألزمت الكاهن بالتدقيق في الأمر قبل إصدار الحكم، فيتريث ويتأنى حتى لا يُضار أحد. هذا ما يليق بكل كاهن وكل مسئول، ألا يتسرع أحد في حكمه على الآخرين، إنما يلزمنا أن نعمل بروح الحكمة وطول الأناة لكن دون تهاون على حساب الحق.

    ويلاحظ في هذا الأصحاح تكرار كلمة "أعمق" [3، 4، 20، 21، 25، 26... إلخ]. وذلك بخصوص الضربة التي تصيب جلد الإنسان، وكما يقول العلامة أوريجانوس: [بالحقيقة كل رذيلة في النفس هي في مستوى سفلي عن كل الفضائل[167]]. بمعنى آخر ترمومتر الحياة الروحية الذي يكشف ضربة الخطية إنه ينحط بالنفس إلى التراب ويجعلها سفلية وترابية في تفكيرها وإشتياقاتها، أما الفضيلة الحقة في المسيح يسوع فترفع النفس إلى السماء لتقول بصدق: "وأما سيرتنا نحن فهي في السمويات".



    3. من كان برصه مزمنًا في جلد جسده:
    في الحالة السابقة كان الأمر يحتاج إلى حجز المريض لاكتشاف المرض، أما في هذه الحالة فلا يحتاج الأمر إلى ذلك، فالمريض يحمل علامات المرض بطريقة واضحة وأكيدة، إذ يوجد ناتئ أبيض قد صيّر الشعر أبيضًا، وقد وضح الناتئ من اللحم الحيّ [10]، أي يظهر اللحم العادي أو لون الجلد العادي وسط البقع البيضاء. وفي الترجمة اليونانية يقول: "من لون حيّ"، أي لون الجسد العادي. هنا لا يحجز الكاهن المريض بل يحكم في الحال بنجاسته.

    أما إذا كان الجلد كله مضروبًا من الرأس إلى القدمين ببياض، فلا يكون ذلك الإنسان نجسًا بل هو طاهر، وإن ظهر فيه لون حيّ يكون نجسًا فإن عادت الضربة وصارت بيضاء، أي عاد فصار كل الجلد أبيض يُحسب طاهرًا.

    لعله من الناحية الصحية أراد بطريقة مبسطة أن يميز بين من هو مصاب بمرض جلدي خطير حيث يكون بالجلد بقع بيضاء جعلت لون الشعر في هذه المنطقة أبيضًا، فيكون حاملاً لمرض معدٍ، وبين من كان كل جسمه أبيضًا دون أي بقعة للون الجسم العادي فلا يكون ذلك مرضًا يمثل خطورة على الغير.

    ماذا تعني هذه الشريعة روحيًا؟

    الأول الذي يحمل علامات المرض بوضوح والذي يحكم الكاهن عليه بالنجاسة إنما يُشير إلى الخاطئ الذي يرتكب الخطية بجسارة علانية، فيحسب أبرصًا ويطرد خارج المحلة لا ليبقى في نجاسته مطرودًا، وإنما ليدرك حقيقة مركزه الإيماني فيشعر بالحاجة إلى الطبيب الذي ينتظر دعوته ليشفيه ويرده إلى المحلة المقدسة بعد تطهيره.

    هذا المريض أيضًا إذ يحمل في مناطق من جسده علامات المرض واضحة مع وجود لحم حيّ إنما يُشير إلى الإنسان الذي يعرج بين الفرقتين، يستسلم للخطية لتعمل فيه بكل سلطانها وفي نفس الوقت يحاول إرضاء ضميره بشكليات العبادة أو العطاء، فيفقد هدفه وبساطة قلبه.

    أما الرجل الثاني الذي صار كله مضروبًا من الرأس إلى القدمين وليس فيه أي لحم حيّ، فيرى البعض أنه يُشير إلى الإنسان الذي أدرك حقيقة موقفه كخاطئ، وشعر أن طبيعته قد فسدت تمامًا، فباعترافه هذا ورجوعه إلى الله بالتوبة يجد ربنا يسوع المسيح الكاهن الأعظم ينتظره ليشفيه ويضعه على منكبيه ولا يطرحه خارجًا.

    ويرى العلامة أوريجانوس أن الذي صار كله مضروبًا من الرأس إلى القدمين هو ذاك الذي سقط في مرض عقلي أفقده كل قدرة على التفكير والتصرف، هذا الإنسان لا يُحاسب على أي خطية إرتكبها. لكن إن ظهر فيه لون حيّ، أي إرتد إليه عقله وعولج من مرضه فإن أخطأ نلتزم بالحديث معه عن التوبة ليتطهر من نجاسته.



    4. من كان في جلده دُمله قد برئت:
    هذه الحالة أقرب إلى الحالة الأولى، فالأولى تحمل أثر جراحات أصابت الجسم وشفيت فتظهر ناتئ أو قوباء أو لمعة، أما هنا فآثار دمل أو خراج أو قرحة في الجلد أو ما يشبه ذلك قد أصابت الإنسان... لذا جاء تصوير الموقف مقاربًا للحالة الأولى.

    إن كان قد ظهر على جسم إنسان علامة بيضاء أو لامعة موضع دمل قد أصابه، فإن كان الشعر قد أبيض وصارت الضربة أعمق من بقية الجلد يُحسب الإنسان نجسًا. أما إذا لم يكن الأمر كذلك يحجزه الكاهن سبعة أيام ليرى إن كانت العلامة قد توقفت فيحسب طاهرًا، أما إن كانت تمتد فيحسب نجسًا.

    ويرى العلامة أوريجانوس في الدمل الذي يصيب النفس إنما هو غليان الرغبات الدنسة والأفكار العتيقة التي تفقد النفس صحتها الروحية... فإن زالت هذه الأمور يلزم فحص النفس حتى لا يكون المرض مختفيًا في الداخل بلا علاج يرجع إلى النفس مرة أخرى.



    5. من كان في جلده كي نار:
    بعدما تحدث عن آثار الجراحات وآثار الدمامل يحدثنا الآن عن آثار كي النار. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [أنظر ألا يكون قد أصاب النفس كيُّ بنار "سهام الشرير الملتهبة" (أف 6: 16)، وألا تكون قد احترقت باحتضانك نار المحبة البشرية (الجسدية). هذا هو حريق التهابات النار، أما ما هو أخطر منها فهو إحتضان نار رغبة المجد البشري وإلتهاب الغضب والإضطراب[168]].



    6. من كان فيه ضربة في الرأس أو الذقن:
    يقصد هنا بالقرع نوعًا من الجرب أو مرضًا جلديًا تظهر أعراضه باختفاء الشعر الأسود وظهور شعر أشقر مكانه دون توقف، وله علاماته على جلد الرأس.

    ماذا يعني بالضربة التي تصيب الرجل في رأسه؟ إن كان السيد المسيح هو رأس الرجل كما يقول الرسول بولس (1 كو 11: 3)، فإن ما يصيبنا هنا يعني به ما يمس إيماننا بالسيد المسيح. أما ما يصيب الرجل في ذقنه، فيرى العلامة أوريجانوس إنها الضربة التي تصيب الكهنة خاصة إن سقط أحدهم في خطية شبابية، يفقد كرامة الكهنوت المرموز له بالذقن[169].

    أما الضربة التي تصيب المرأة في رأسها، فإن كان الرجل هو رأس المرأة (1 كو 11: 3)، فإن هذه الضربة تعني الخطايا التي تمس علاقتها برجلها. يرى العلامة أوريجانو أن هذه الضربة هي التعاليم الفاسدة من جهة الحياة الزوجية كتعاليم فالنتينوس ومرقيون وغيرهما الذين يتطلعون إلى الزواج كدنس.



    7. من كان في جلد جسده لمع لمع أبيض:
    يقصد باللمع الأبيض ظهور علامات البهاق (البهق).



    8. من كان قد فقد شعر رأسه:
    تُمييز الشريعة بين الحالات الطبيعية غير المرضية وبين الأمراض الجلدية التي تُصيب الرأس وتحمل ميكروب العدوى. فمن سقط شعر رأسه جميعه يحسب كأقرع، ومن سقط شعر رأسه من الجزء الأمامي يُحسب كأصلع، وهما حالتان طبيعيتان طاهرتان. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). أما إذا أصاب الرأس نوعًا من الجرب بظهور ناتئ أبيض يميل إلى الحمرة كما قد يحدث في بقية الجسم فيحسب مصابًا بالبرص ويحكم عليه بأنه نجس.

    يرى العلامة أوريجانوس في الرأس التي يسقط شعرها طبيعيًا أنها تمثل النفس التي تتخلى عن أعمالها الميتة بطبيعتها وتتخلى عنها فهي طاهرة، أما إن ظهر شعر آخر غيره فيعني طلبها الكرامة بعد أن تطهرت لذلك تحسب دنسة وبرصاء[171].



    9. حكم الأبرص:
    إذ ينظر إلى البرص كرمز للخطية وثمر لها جاء الحكم على الأبرص الذي تعلن نجاسته قاسيًا إذ يفقده طعم الحياة ويعزله تمامًا عن الجماعة المقدسة، إذ جاءت بنوده هكذا:

    أولاً: شق ثيابه: أعفي النساء من هذا البند والبند التالي مراعاة للحشمة.

    لماذا تشق ثياب الأبرص؟ كثيرون يخفون مرض جسدهم باهتمامهم بإرتداء ملابس ثمينة وجميلة، فيبقى المرض عاملاً في الجسم الذي تستر بمظاهر مخادعة. لذلك حذرنا القديس يوحنا الذهبي الفم من الرياء بكونه الثوب المزركش الذي تلبسه النفس المريضة فيلهيها عن معالجة المرض الحقيقي الداخلي. ويقول العلامة أوريجانوس: [من كان مصابًا بمرض في نفسه، أي بشر دفين، يلزمه ألا يخيط ملابسه ويغظي خزى خطيته. فمن كانت ملابسه مشقوقة يكشف عرى خزى جسده، هكذا من تكدس ببعض الخطايا لا يغطي خزيه ببرقع الكلام أي برقع الأعذار، فلا يصير "قبورًا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة (مت 23: 27) [172]].

    إن كان الثوب يُشير إلى الجسد[173]، لذلك لم يسمح الله للجند أن يشقوا ثوب السيد المسيح بل ألقوا عليه قرعى لكي تبقى الكنيسة جسده بلا تمزيق، فإن شق ثياب الأبرص يعلن عن أثر الخطية بكونها تسبب إنشقاقات وإنقسامات في الكنيسة جسد المسيح. كل خطية يرتكبها الإنسان، حتى وإن حسب إنها لا تضر الغير، وتمت خفية، فهي في الحقيقة تمس ثوب المسيح وتشقه... يكفي أنها تنزع نفس هذا الخاطئ عن عضويته الحقة في الجسد المقدس إن بقى مصرًا على شره.

    ثانيًا: الرأس المكشوفة: إن كان الثوب المشقوق يعلن عن جريمة الخاطئ ضد الكنيسة إذ بخطيته يشقها ويسبب إنقسامات، فإن الرأس المكشوف يعلن عن الجريمة التي يرتكبها ضد السيد المسيح، الذي هو رأس الرجل (1 كو 11: 3). إن كانت توبتنا ونمونا الروحي وحياتنا مع الله يمجد مسيحنا، فإن كل خطية نرتكبها نسبب تجديفًا على إسمه بسببنا.

    وللعلامة أوريجانوس تعليق آخر على الرأس المكشوف، إذ يقول: [حتى إن وُجد الخطأ في الرأس أي إرتكبنا إهانة ضد الرب، أو كان الخطأ يمس الإيمان به، فلا نغطية بل نكشفه للجميع حتى أن الخاطئ بشفاعة الكل وتوسلاتهم، ونصحهم، يعترف فينال المغفرة[174]].

    ثالثًا: تغطية الشاربين: بينما يطلب فضح الجسد المريض بشق الثياب وكشف الرأس إذا به يطلب تغطية الشاربين، أي الفم، فالنفس المصابة ببرص الخطية يلزمها أن تنصت للوصية ولا تعلم الآخرين، حتى وإن كان كاهنًا، إذ يوبخه المرتل، قائلاً: "للشرير قال الله: مالك تحدث بفرائضي وتحمل عهدي على فمك؟‍" )مز 49: 46). يقول العلامة أوريجانوس: [يجب على الخاطئ أن يغلق فمه، فإن من لا يعلم نفسه كيف يقدر أن يعلم الآخرين؟!‍ (يو 2: 20)، لهذا أمر بتغطية الفم صانع الشر وفاقد حرية الكلام[175]].

    لقد حذرنا آباؤنا من الخدمة بالفم دون العمل، إذ يليق بنا أن نحدث الآخرين بحياتنا في الرب وشركتنا معه، لا أن ننطق بكلمات منمقة بلا عمل[176].

    رابعًا: إقامته خارج المحلة ومناداته نجس نجس: جاءت كلمة الحاخامات عن المصابين بالبرص تعلن نظرتهم إليهم كأنهم موتى[177]، ليس لهم حق الحياة وسط الجماعة المقدسة، فكانوا يستبعدون عن محلة إسرائيل، وقد فهم التلموديون في عصور متأخرة أن المدن كانت تحاط بأسوار منذ أيام يشوع كعلامة لتقديسها. فخرج الأبرص إلى ما وراء السور علامة موته وحرمانه من شركة الحياة المقدسة. كان إذا حاول اقتحام الموضع يتعرض للجلد أربعين جلدة، إذ يُحسب كل موضع يدخله دنسًا... وإن كان بعد ذلك سمح لهم بالدخول في موضع معين في المجمع في حدود معينة يدخلونه قبل حضور جمهور المتعبدين ويتركونه بعد ترك المتعبدين للمجمع[178].

    يعلق العلامة أوريجانوس على إقامة الأبرص خارج المحلة بقوله: [كل دنس يلقي الإنسان خارج مجمع الأبرار، إنه ينفيه بعيدًا عن الجماعة ويعزلة عن موضع القديسين[179]].

    أما مناداته: نجس نجس، فإشارة إلى دنسه الداخلي ودنسه الخارجي، أو دنس النفس والجسد معًا.



    10. برص الثياب والمتاع الجلدي:
    أعلن الرب إهتمامه بشعبه حتى بالنسبة للثياب، فإن أصاب الفساد الثوب في السدى (الخيوط الطولية للنسيج) أو اللحمة (الخيوط العرضية للنسيج)، أو في الأمتعة الجلدية، يقوم الكاهن بفحصها وتحديد موقعها، وفي اليوم السابع يعيد الفحص فإن رآها امتدت أحرق الثوب أو المتاع حتى لا يمتد الفساد إلى غيره. أما إذا كان لم يمتد فيتكرر الأمر بعد غسله وتركه سبعة أيام أخرى للتأكد أن الضربة غير ممتدة...
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالثلاثاء 27 سبتمبر 2011, 11:35 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 14
    إن كان البرص يُشير إلى النجاسة والخطية، فقد جاءت شريعة التطهير تدقق في فحص الأبرص أو من كان مشتبهًا في أمره، ولم يكن للكاهن أن يصدر حكمه بعجلة حتى لا يُضار أحد. والآن إن كان أحد قد برئ من البرص فالأمر يحتاج إلى طقس طويل وإجراءات طويلة ومشددة حتى يتحقق الكاهن من تطهيره، ويقدر أن يدخل به إلى الجماعة المقدسة من جديد. فالخطية مهما بدت صغيرة لكنها تُحرم الإنسان من عضويته في الجماعة المقدسة، وعودته تستلزم تكلفة هذه مقدارها، قدمها الإبن الوحيد لأبيه على الصليب. وكما يقول الشهيد يوستين: [ليفهم البرص كرمز للخطية، والأشياء التي ذبحت كرمز لذاك الذي ذبح لإجلنا[180]].

    1. طقس التطهير في اليوم الأول [1-8].

    2. طقس التطهير في اليوم السابع [9].

    3. طقس التطهير في اليوم الثامن [10-20].

    4. طقس التطهير للفقراء [31-32].

    5. برص المنازل [33-56].



    1. طقس التطهير في اليوم الأول:
    يمكننا إيجاز التطهير الذي يتم في اليوم الأول هكذا:

    أولاً: يؤتى به إلى الكاهن:
    لم يقل "يأتي إلى الكاهن" إنما "يؤتى به إلى لكاهن"، فالأبرص الذي تطهر لا يقدر أن يأتي إلى الكاهن مباشرة في الوقت الذي يريده، إنما يقوم أحد أقربائه أو معارفه بإبلاغ الكاهن بأمره... ولعل هذا يُشير إلى دور الكنيسة في الدخول بكل نفس إلى الكاهن الأعظم ربنا يسوع المسيح. فإن كانت علاقتنا مع الآب في إبنه الذي يرفعنا إلى حضن الآب ويمتعنا بشركة أمجاده الأبدية، فإن هذا الإبن الوحيد الجنس هو مسيح الكنيسة ورأسها وعريسها. نعرفه في علاقة شخصية داخلية وعميقة، خلال إدراكنا لعضويتنا في الكنيسة جسده المقدس. لا نستطيع أن نتعرف على المسيح كأفراد منعزلين عن الجماعة المقدسة، إنما كأعضاء في هذه الجماعة نتفاعل معها حتى ونحن في مخدعنا الخفي، وتعمل الجماعة فينا وتقدمنا لعريسها مخلص العالم.

    الأبرص الذي يتمتع بطقس التطهير عندما يؤتى به إلى الكاهن إنما هو المفلوج الذي حملته الكنيسة متمثلة في الأربعة رجال إلى السيد المسيح، يحمله الأسقف كما الكاهن والشماس والشعب ليقدمه الكل إلى المخلص، فنسمع الإنجيلي يقول: "فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج: ثق يا بني، مغفورة لك خطاياك" (مت 9: 2). إنه ينعم بمغفرة الخطايا والحّل من رباطات الفالج أو التطهير من البرص كعطية شخصية يقدمها له ذاك الذي يحبه، خلال كنيسته التي تحمله بصلواتها وتقدمه له بالحب. لذلك يقول القديس الشهيد كبريانوس: [من يبقى خارج الكنيسة فهو خارج معسكر المسيح[181]]. ومن كلماته أيضًا: [من ليس له كنيسة أمًا لا يقدر أن يكون له الله أبًا[182]].

    ثانيًا: خروج الكاهن إليه:
    إن كانت الكنيسة تحمل بالحب والإيمان الأبرص إلى كاهنها السماوي لتطهيره من خطاياه، فإنها لا تقدر أن تدخل بالأبرص إلى المحلة بل يخرج إليه الكاهن ليحمله معه إلى داخل المحلة. بمعنى آخر إن كنا بالحب نشتهي دخول كل نفس إلى العضوية الكنسية الروحية أو إلى الحياة الجديدة التي صارت لنا في الرب على مستوى سماوي، فإن هذا العمل في الحقيقة هو من صميم عمل ربنا يسوع نفسه الذي ينطلق إلى النفس ليقيمها من موتها خلال مياه المعمودية بروحه القدوس عضوًا مقدسًا في جسده. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [إذ لا يستطيع الأبرص أن يدخل المحلة يخرج إليه ذاك الذي يقدر أن يخرج خارج المحلة، معلنًا: "خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم" (يو 16: 18)[183]].

    أقول بصدق ما أحوج كل كاهن أن يختفي في الكاهن الأعظم السماوي ربنا يسوع، لكي فيما هو يقدم النفس له، ينطلق ربنا نفسه إلى أعماق قلب هذه النفس، يخرج إليها لكي يدخل بها إلى قيامته ويمتعها بحياته ويهبها أمجاده. لنختفي نحن كبشريين في ذاك الذي يقدر وحده أن يجتذب بروحه القدوس النفس ويغسلها ويقدسها لنفسه!

    ثالثًا: العصفوران (الطائران):
    "يأمر الكاهن أن يؤخذ للمتطهر عصفوران (طائران) حيان طاهران وخشب أرز وقرمز وزوفا" [4].

    عند إعلان تطهير أبرص يقدم عنه عصفوران أو طائران حيان طاهران، وقطعة من خشب الأرز طولها حوالي قدم ونصف تقريبًا متوسطة السمك، وقطعة نسيج من الصوف المصبوغ باللون القرمزي مع باقة من نبات الزوفا. لعل العصفورين هنا يقومان بنفس الدور الذي كان يقوم به التيسان في طقس يوم الكفارة العظيم (لا 16) حيث يذبح الواحد ويطلق الآخر حيًا في البرية إشارة إلى السيد المسيح الذي من جانب ذبح على الصليب عن خطايانا ومن الجانب الآخر قد انطلق إلى برية حياتنا قائمًا من الأموات ليُقيمنا معه ويدخل بنا إلى أحضان أبيه السماوي. هكذا في تطهير الأبرص يُذبح عصفور في إناء خزفي على ماء حيّ [5] إشارة إلى ذبح السيد المسيح الذي حمل ناسوتنا كإناء خزفي، مقدمًا لنا فيه دمه الثمين والماء اللذين فاضا من جنبه لتطهيرنا. أما العصفور الآخر الحّي الذي يُغمس في دم العصفور المذبوح [6] ويطلق حيًا على وجه الصحراء [7] فيُشير إلى السيد المسيح القائم من الأموات حاملاً لنا دمه المقدس للتكفير عنا.

    يتحدث الشهيد يوستين عن هذين العصفورين، قائلاً: [شُبه بطير إذ يُفهم أنه من فوق من السماء. يُغمس الطير الحّي في دم الميت ويُطلق، لأن كلمة الله الحيّ قد صلب ومات في هيكل (الجسد) كمن يتألم وإن كان الله لا يتألم[184]].

    رابعًا: خشب الأرز:
    إن كان برص الخطية يفسد الإنسان ويحطم حياته تمامًا، فإن تقديم خشب الأرز الذي لا يسوس يُشير إلى اتحادنا بخشبة الصليب التي تنزع عنا فسادنا أبديًا فلا يصيبنا شر، بل نصير في عيني الله كشجرة مغرسة على مجاري مياه الروح القدس التي ورقها لا ينتثر. يقول العلامة أوريجانوس: [بدون خشبة الصليب يستحيل أن نطهر من برص الخطية، فإننا نلجأ إلى خشبة المخلص التي يقول عنها الرسول: "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه" (كو 2: 15)[185]]. ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الصليب جدد العالم وهداه، وطرد الضلال وأعاد الحق، جعل الأرض سماءً والبشر ملائكة. به لم تعد الشياطين مرعبة، بل تافهة ومزدري بها. به لم يعد الموت موتًا بل رقادًا، فقد انطرح الذي يحاربنا تحت أقدامنا[186]].

    خامسًا: القرمز والزوفا:
    يقول العلامة أوريجانوس: [القرمز هو صورة الدم المقدس الذي تفجّر من جنبه بطعنة الحربة (يو 19: 34)... وهو المعين في الخلاص كما جاء في الكتب الإلهية عندما ولدت ثامار "وكان في ولادتها أن أحدهما أخرج يدًا فأخذت القابلة وربطت على يده قرمزًا، قائلة: هذا خرج أولاً" (تك 38: 28). وأيضًا حينما استقبلت راحاب الزانية الجاسوسين وأخذت منهما الوعد بالخلاص، قالا: أربطي هذا الحبل من خيوط القرمز في الكوة التي أنزلتنا منها" (يش 2: 18) [187]].

    وللعلامة أوريجانوس تفسير آخر للقرمز، فبجانب لونه القرمزي الذي يُشير إلى الدم، فإنه يستخدم في صبغ الأنسجة ليغير لونها إلى لون آخر، فيحمل النسيج لونًا جديدًا بخلاف لونه الأصلي، هذا يُشير إلى النار التي تحمل سمتين كما لو كانت لونين: فمن ناحية تعطي نورًا ومن جانب آخر تحرق. هكذا السيد المسيح ليلقي نارًا على الأرض (لو 12: 49)، بهذه النار يُنير لكل إنسان آتيًا إلى العالم (يو 1: 9) ويلهب قلوبنا كمن تحترق عندما يفتح أمامنا الكتب، إذ هي نار الإستنارة والإلتهاب الداخلي[188].

    وقد سبق لنا الحديث عن القرمز والزوفا في أكثر من موضع[189]. نذكر هنا ما قاله القديس يوحنا الذهبي الفم عن غسلنا ورشنا بالقرمز والزوفا الروحيين لا الماديين: [هؤلاء لم يرشوا بصوف قرمزي ولا بزوفا، لماذا؟ لأن الغسل هنا ليس غسلاً جسديًا، بل هو غسل روحي، وكان الدم روحيًا، كيف؟ إنه لم يفض عن جسد حيوانات غير عاقلة بل عن جسد أعده الروح (القدس). بهذا الدم لم يرشنا موسى بل المسيح خلال الكلمة التي قيلت: هذا هو دم العهد الجديد لمغفرة الخطايا. هذه الكلمة هي عوض الزوفا قد غمست في الدم ورشتنا جميعًا. هناك كان غسل الجسد خارجيًا لأن التطهير كان جسديًا، أما هنا فالتطهير روحي يدخل إلى النفس ويغسلها... هناك كان الرش يتم عند السطح فقط، والذي يُرش يُغسل من آثار الدم... أما بالنسبة للنفس فالأمر غير ذلك إذ يمتزج الدم بكيانها ليجعلها نشيطة ونقية، يقودها إلى ذات الجمال غير المقترب إليه[190]].

    يقدم لنا القديس أغسطينوس تعليقًا على الزوفا، إذ يقول: [الزوفا كما نعرفه هو عشب متواضع لكنه يستخدم للشفاء. يقال أن جذره يمسك بالصخر، لهذا فهو يرمز لتنقية القلب. لتمسك بجذرمحبتك في صخرتك (السيد المسيح)، وكن متضعًا كإلهك فتتمجد في إلهك الممجد. يُنضح عليك بالزوفا حين يغسلك إتضاع المسيح. أيضًا لا تحتقر هذا العشب بل أذكر أثره الطبي... فقد اعتدنا أن نسمع من الأطباء أن الزوفا يستخدم في علاج المرضى، لتنقية الرئتين. فإن كان انتفاخ الرئة يحمل كبرياءً إذ ينفث الإنسان بكبرياء كما قيل عن شاول المضطهد أنه كان متكبرًا، إذ كان ذاهبًا ليقيد المسيحين وينفث تهددًا (أع 9: 1). كان ينفث قتلاً، أي ينفث دمًا إذ كان رئتاه غير نقيتين[191]].

    ليتنا إذن يكون لنا جذور الزوفا التي تتعلق بالصخرة فلا يغلبنا العدو بالرغم من ضعفنا كعشب فقير متواضع، ولنغتسل بالزوفا ونستخدمه لتنقية صدورنا من كل كبرياء وتشامخ، حاملين فينا إتضاع ربنا يسوع، لكي نتمجد أيضًا معه.

    سادسًا: الماء الحّي:
    "ويأمر الكاهن أن يُذبح العصفور الواحد في إناء خزف على ماء حيّ" [5].

    إن كان السيد المسيح قد حمل طبيعتنا إنما لكي يحلّ في وسطنا مقدمًا دمه كفارة عن خطايانا. إنه كالعصفور الذي يُذبح في إناء خزفي، أي يموت عنا بالجسد، ويفيض ماءً حيًا.

    الماء الحيّ هو الماء الذي يؤخذ من نهر جارٍ أو من ينبوع مستخدم غير راكد، هذا الماء الحيّ يرتبط بالدم كسرّ للتطهير، وكما يقول العلامة أوريجانوس: [يؤخذ الماء للتطهير ولإتمام الأسرار بالماء والدم اللذين ينبعان من جنب المخلص (يو 19: 34)، وكما يؤكد يوحنا في رسالته أن التطهير يُعد في الماء والدم والروح (1 يو 5: 6، Cool[192]].

    سابعًا: النضج على المتطهر بالدم والماء:
    "وينضح على المتطهر من البرص سبع مرات فيطهره، ثم يطلق العصفور الحيّ على وجه الصحراء" [7].

    إن كنا نتطهر بالدم والماء فإنه يلزم نضحهما على الخاطئ سبع مرات ليتطهر، أي يبقى متمتعًا بعملهما طوال أيام حياته (رقم سبعة يُشير إلى سبعة أيام الأسبوع)، وكأن التطهير وإن انطلق في مياه المعمودية لكنه يبقى عملية مستمرة غير منقطعة.

    يقول القديس جيروم: [إذ جئتم إلى الكاهن مزق ثيابكم تمامًا، وما بدى سليمًا عندما كان مغطى ظهر بالبرص عندما انكشف. لقد جعلكم الكاهن تنظرون خطاياكم وترون برصكم، وردكم إلى مجمع الله خلال الدم والماء، خلال الدم أي آلام المسيح، والماء أي خلال المعمودية. وإذ تشفون يتحقق فيكم القول: "طهرني من الخطية بالزوفا فأطهر، إغسلني فأبيّض أكثر من الثلج" (راجع مز 51: 7). إنكم لاتزالون في مصر (رمزيًا) إلى هذا اليوم مادمتم لم تأتوا إلى الدم والماء، لذلك لن تخلصوا! أتريدون الخلاص من الملاك المهلك في مصر؟ خذ بعضًا من الزوفا واغمسها في الدم ورشها على قوائم بابك، وإذ يرى المهلك الدم على جبهتك لا يمسك[193]].

    ثامنًا: غسل ثيابه:
    بلا شك يخلع الأبرص ثيابه المشقوقة (لا 13: 45) قبل لقائه بالكاهن، والآن إذ نضح عليه بالدم والماء مرات لا يحتاج الأمر إلى استبدال ثيابه وإنما يكتفي بغسلها. إننا نستبدل إنساننا العتيق مرة واحدة في مياه المعمودية، لكننا إذ خلعناه لا نحتاج بعد إلاَّ غسل الثوب بدموع التوبة. وكما قال السيد المسيح للقديس بطرس حين أراد أن يغتسل: "الذي اغتسل ليس له حاجة إلاَّ إلى غسل رجليه بل هو طاهر كله" (يو 13: 10).

    إن كانت الثياب تُشير إلى الجسد بكل أحاسيسه وعواطفه واشتياقاته، فالله لا يُريد تحطيم الجسد ولا إبادة أحاسيسه وإمكانياته وإنما يطلب غسلها وتقديسها لحساب مملكته. الجسد لا يمثل عداوة بالنسبة للمؤمن مادام خاضعًا لروح الرب بل يكون آلة بر تعمل لحساب الله (رو 6: 13)، "ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله" (رو 12: 1).

    طالبت الشريعة الأبرص عند تطهيره أن يغسل ثيابه وأن يغتسل أيضًا [9]. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [في الحقيقة يلزم نزع كل دنس وكل قذارة لا من ملابسه فقط وإنما من جسده أيضًا، حتى لا تبقى فيه آثار للبرص الذي زال عنه[194]].

    تاسعًا: حلق شعره:
    يميز العلامة أوريجانوس بين شعر الخاطئ وشعر البار، فشعر الخاطئ يُشير إلى الأعمال الميتة التي تنبع عن شهوات جسده الشريرة، إذ هو بلا روح ولا دم[195]، لذا يليق عنده تطهيره أن يحلقه إعلانًا عن ترك كل ما ينبع عن ماضيه الشرير من أفكار وكلمات وتصرفات هي خطايا ميته. أما البار فيحمل الحكمة الروحية شعرًا ينبع عن جسده الذي تقدس، فلا يليق بالنذير أن يعلو موسى رأسه (1 صم 1: 11، عد 6: 5)، فيقال عنه: "ورقه لا ينتثر وكل ما يصنع ينجح فيه" (مز 1: 3)، وكما قال السيد المسيح لتلاميذه: "شعور رؤوسكم محصاه" (مت 10: 30). [هذا يعني أن كل أعمالهم وكلماتهم وأفكارهم محفوظة أمام الرب، إذ هم أبرار وقديسون، أما الخطاة فعلى العكس يجب إزالة كل أعمالهم وأقوالهم وأفكارهم. وهذا هو ما عناه بقوله أنه يحلق جميع شعر جسمه فيطهر[196]].

    عاشرًا: إقامته خارج خيمته:
    "ثم يدخل المحلة لكي يُقيم خارج خيمته سبعة أيام" [8].

    بعد إتمام كل الطقوس السابقة من تطهير بالدم والماء وغسل لثيابه وحلق شعره واغتساله يدخل المحلة لكنه يبقى سبعة أيام خارج خيمته. فإن كانت الخيمة تُشير إلى جسده (2 كو 5: 1، 4)، فإننا إذ نتمتع بالخلاص ونغتسل بدم ربنا يسوع المسيح وننزع أعمالنا الشريرة وكلماتنا وأفكارنا كشعر نحلقه لكننا ونحن ندخل المحلة أي نُحسب أعضاء في جسد المسيح، كنيسة الله المقدسة ومحلته، نبقى خارج خيمتنا، أي نعيش كمن هم فوق متطلبات الجسد. نبقى كل أيام غربتنا نشعر بالتغرب حتى عن جسدنا، حتى متى جاء اليوم الثامن، أي يوم الرب العظيم ننعم بالدخول إلى جسد روحاني سماوي يليق بالحياة الجديدة. وكما يقول الرسول بولس: "يُزرع جسمًا حيوانيًا ويُقام جسمًا روحانيًا... وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس أيضًا صورة السماوي" (1 كو 15: 44، 49).



    2. طقس التطهير في اليوم السابع:
    "وفي اليوم السابع يحلق كل شعره: رأسه ولحيته وحواجب عينيه وجميع شعره يحلق، ويغسل ثيابه ويرحض جسده بماء فيطهر" [9].

    سبق له في اليوم الأول لتطهيره أن حلق كل شعره وغسل ثيابه واغتسل، والآن في اليوم السابع يكرر ذات العمل، فلماذا؟

    أولاً: لعل ما حدث في اليوم الأول يُشير إلى ما يتمتع به المؤمن في بداية عضويته الكنسية حين دخل مياه المعمودية ونال البنوة لله وصار طاهرًا في عيني الله. الآن ما يحدث في اليوم السابع إنما يُشير إلى حاجته إلى تجديد عمل المعمودية لا بتكرارها وإنما بالتوبة المستمرة مادام في الجسد خاضعًا للزمن. يبقى الإنسان كل زمان حياته حتى اليوم السابع، أي حتى نهايتها مجاهدًا بلا انقطاع لتجديد العهد الذي أقامه مع الله في مياه المعمودية بالروح القدس. ففي نظر الكنيسة المعمودية هي بداية حياة وليست نهايتها، وبداية جهاد بالرب وليس نهايته. وكما يقول القديس غريغوريوس النيصي: [من يتقبل حميم التجديد يشبه جنديًا صغيرًا أعطى له مكان بين المصارعين لكنه لم يبرهن بعد على استحقاقه للجندية[197]]. ويقول القديس مرقس الناسك: [العماد المقدس عمل كامل ويهبنا الكمال، إلاَّ أنه لا يكمل إنسانًا يهمل في تنفيذ الوصايا[198]]. ويقول القديس ماريعقوب السروجي: [أيها المعتمدون في المياه وقد صرتم إخوة الإبن الوحيد، لا تهينوه بأعمالكم الجسدية. لا تختلطوا بالزانية عوضًا عنه. طهروا نفوسكم من الزلات لكي تختلطوا بأبيه[199]].

    ثانيًا: لعل ما يمارس من طقس في اليوم السابع يُشير إلى خلع ما هو زمني كل أيام غربتنا حتى النفس الأخير، أي حتى اليوم السابع، حتى متى حلّ اليوم الثامن أي يوم الرب العظيم أو دخولنا إلى الفردوس لا يكون فينا أثر لشيء زمني أو أرضي أو جسداني، بل يظهر كل ما فينا جديدًا.

    ثالثًا: يرى العلامة أوريجانوس في حلق شعر الرأس رمزًا لنزع كل فكر فينا بخلاف إيمان الكنيسة من جهة الرأس يسوع المسيح، فلا يكون فينا فكر غريب عن التعليم الإلهي الكنسي. وحلق شعر اللحية يُشير إلى تجديد شباب الإنسان، والعودة إلى حياة الصبا ليحيا المؤمن بالروح القدس في تجديد روحي لا ينقطع، وشباب لا تصيبه شيخوخة العجز. أما حلق الحواجب العينين فيُشير إلى انتزاع روح الكبرياء باتضاع السيد المسيح ووداعته فلا يكون لنا الحاجب المتشامخ.



    3. طقس التطهير في اليوم الثامن:
    "ثم في اليوم الثامن يأخذ خروفين صحيحين ونعجة حولية صحيحة وثلثة أعشار دقيق تقدمة ملتوتة بزيت ولجّ زيت" [10].

    إن كان في اليوم الثامن يتم كمال التطهير، ففيه كان يتحقق الختان (الثامن من ميلاد الطفل الذكر). وفي اليوم الثامن أو الأول من الأسبوع الجديد قام السيد المسيح من الأموات واهبًا إيانا بره...

    لأول مرة يمارس الأبرص المتطهر عملاً بنفسه إذ "يأخذ خروفين..."، يقدم هذه الذبائح للكهنة، أما في الأيام السابقة فكان غيره يقوم بالعمل. وكأنه إذ ينعم المؤمن خلال التطهير الروحي بالعضوية الكنسية يلزم أن يدخل إلى العمل الإيجابي الذي للبنيان خلال تمتعه بقيامة الرب والحياة الجديدة المقامة (في اليوم الثامن).

    أما الذبائح والتقدمات فهي خمس:

    أ. خروف صحيح يقدم ذبيحة إثم يكفر بها الكاهن عن خطاياه... وهذا هو بداية العمل: الإعتراف بآثامنا والإيمان بالمصلوب كغافر للإثم.

    ب. نعجة حولية ذبيحة خطية، واختيارها أنثى يُشير إلى عمل الولادة، فلا يكفي أن يؤمن الإنسان برفع خطاياه، وإنما يلتزم بالإيمان بالله واهب الثمر. فتقديم النعجة هنا كما يقول العلامة أوريجانوس يعني أن النفس [تلد أعمالاً صالحة وتكون غنية في ثمر البر[200]].

    ج. خروف آخر صحيح يقدمه الكاهن ذبيحة محرقة موضع سرور الآب. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). فالمؤمن إذ يتمتع بالصليب لا يرى غفران آثامه وخطاياه فحسب إنما يتحد بالمصلوب ليُقدم حياته ذبيحة محرقة لله. في ذبيحتي الإثم والخطية يعلن رفضه للخطية والإثم وشوقه للعمل الصالح، أما في ذبيحة المحرقة فيعلن ممارسته للفضيلة في الرب، أي ينطلق بالحب إلى الجانب الإيجابي.

    بالنسبة للفقير كان يكفي أن يقدم خروفًا كذبيحة إثم مع يمامتين أو فرخي حمام عن ذبيحتي الخطية والمحرقة [21-22].

    د. ثلاثة أعشار دقيق ملتوت بالزيت، وكما يقول العلامة أوريجانوس: [يفهم من ذلك إستحالة التطهير خارج سرّ الثالوث[201]]. إن كنا قد رأينا في تقدمة الدقيق (أصحاح 2) إشارة إلى شخص السيد المسيح بكونه تقدمة الكنيسة للآب وفي نفس الوقت هبة الآب للكنيسة إذ يهبها حياة إبنه عطية لها نتمتع بجسده ودمه المبذولين كسرّ ثبوتها فيه وتمتعها بالحياة الأبدية، فإن رقم 3 يُشير إلى قبولنا الإيمان بالثالوث القدوس الذي نتعرف عليه خلال إدراكنا لسرّ تجسد الكلمة وصلبه، أما كونه ملتوتًا بالزيت، فإنه لا يستطيع أحد أن يتقبل سرّ الثالوث ولا أن يقول عن المسيح إنه رب إلاَّ بزيت الروح القدس.

    ولعل رقم 3 أيضًا إذ يُشير للقيامة مع المسيح، فإننا إذ نتطهر نقدم تقدمة القربان خلال قيامة الرب، لنقبل أيضًا الرب المقام من الأموات كمصدر شبع روحي حقيقي.

    ه. لجّ الزيت لمسح المريض والسكب عليه، إذ يتحقق تطهيرنا خلال ذبيحة الصليب بعمل الروح القدس الذي مسحنا به في سرّ الميرون. هذا واللج هو مكيال للسوائل يسع ثلث لتر تقريبًا، أما الزيت فكان من زيت الزيتون النقي.

    إذ يقدم المتطهر هذه الذبائح والتقدمات للكاهن، يقوم الأخير بالدور التالي:

    أولاً: يقف الكاهن والأبرص المتطهر أمام الرب لدى خيمة الإجتماع، إذ يتقدم السيد المسيح الكاهن الأعظم بكونه الباب الذي به ندخل خيمة الإجتماع، أي به ننعم بالعضوية الكنسية أو العضوية في جسده المقدس. ويرى معلمو اليهود أن الكاهن يقف على باب الخيمة من الداخل بينما يقف الأبرص المتطهر خارج الباب.

    ثانيًا: يشترك كاهنان معًا في الطقس، فإذ يقف المتطهر أمام ذبيحة الإثم، يضع يده عليها ويذبحها، يستقبل كاهنان الدم، واحد يستقبله في وعاء ليذهب به إلى المذبح ويرشه على جانب المذبح، أما الثاني فيستقبل الدم في يده ليقف أمام الأبرص المتطهر[202]. ويجعل منه على شحمة أذنه اليمنى وعلى إبهام يده اليمنى وعلى إبهام رجله اليمنى [14]. يقول العلامة أوريجانوس: [يحتوي التطهير الأخير على تنقية الأذن لكي تكون حاسة السمع طاهرة ونقية، وهكذا اليد اليمنى لكي تكون أعمالنا طاهرة لا تمتزج بدنس أو غضن، هذا ويلزم أن تكون أرجلنا طاهرة لكي تسير نحو الأعمال الصالحة وحدها وتنقاد إليها، ولا تسير وراء الخطايا الشبابية[203]].

    ليتنا إذ نتقدم إلى رئيس كهنتنا الأعظم نراه يمد يده المقدسة ليمسح كل حواسنا وأعضاء جسدنا بروحه القدوس خلال سرّ الميرون المقدس، فتكون لنا على الدوام الأذن المقدسة التي تسمع صوته وتستجيب لوصيته، واليد الطاهرة المرفوعة كذبيحة مسائية والعاملة لحساب ملكوته، والرجل المستقيمة التي تنطلق نحو السماء بلا عائق حتى نستقر هناك.

    يرى الحاخام يهوذا[204] أن الكاهن يرش على الثلاث مواضع (الأذن وإبهام اليد وإبهام الرجل) في وقت واحد، وإنه إن كان الأبرص قد فقد أحد هذه الأعضاء لن يمكن تطهيره.

    ثالثًا: يأخذ الكاهن من لجّ الزيت ويصب في كفه اليسرى وينضح منه سبع مرات أمام الرب نحو قدس الأقداس. ومما فضل من الزيت الذي في كفه يجعل الكاهن على شحمة أذن المتطهر اليمنى وعلى إبهام يده اليمنى وعلى إبهام رجله اليمنى على دم ذبيحة الإثم، أي يرش الزيت على نفس الموضع الذي نضح عليه بالدم. أما ما يتبقى من الزيت الذي في كفه فيجعله على رأس المتطهر ويكفر عنه الكاهن أمام الرب [15-18].

    يُشير هذا الزيت إلى الروح القدس الذي يهبه السيد المسيح لكنيسته من عند أبيه لكي تنضح به على أولادها لتقديسهم. لذلك يُسميه العلامة أوريجانوس: [موهبة نعمة الروح القدس]. فلا يقف الأمر عند التطهير من الخطية بالدم والماء وإنما يلزم التمتع بالإمتلاء بالروح القدس الذي به ينعم المؤمن بالحلة الأولى والخاتم البنوي (لو 15: 22)، وتتمتع بالمصالحة مع الآب والثبوت في البنوة له[205].

    رابعًا: يقدم الكاهن ذبيحة الخطية ويكفر عن المتطهر من نجاسته ثم يذبح المحرقة... بهذا يتم تطهير الأبرص خلال "الدم والماء والروح" كقول الرسول: "والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة: الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد" (1 يو 5: Cool.



    4. طقس تطهير الفقراء:
    يمارس الطقس بكل دقة للفقير كما للغني ليحمل ذات المفاهيم، إذ تطهير النفس في عيني الله لا يختلف إن كانت نفس غني أو فقير، لكن الفقير يقدم ذبائح وتقدمات غير مرهقة له، وهي: خروف واحد ذبيحة إثم، يمامتان أو فرخا حمام ذبيحتا خطية ومحرقة، عشر واحد دقيق ملتوت بالزيت، لجّ زيت.

    يقبل الله هذه التقدمات المتواضعة واهبًا للفقير ذات العطية التي ينعم بها على الغني بلا تمييز، فإن الله يطلب القلب والثمر الداخلي لا العطاء في ذاته.



    5. برص المنازل:
    قدم الله لليهود الشريعة الخاصة ببرص المنازل وهم بعد في البرية يسكنون الخيام، معلنًا إهتمامهم حتى ببيوتهم التي لم يسكنوها بعد. فإن كان الله يأمرنا ألا نهتم بالغد، إنما لكي يعلن إهتمامه هو بغدنا.

    هنا يقوم الكاهن بدور المهندس في عصر بدائي بالنسبة لليهود، ليطمئن على بيوت الشعب ولا تتعرض حياتهم للخطر. فإن شاهد إنسان في منزله ظهور آثار رطوبة أو نشع على الجدران، فتميل إلى الحمرة أو الخضرة، أو تكون مناطق أعمق من الجدار أي تآكلت، يتدخل الكاهن هكذا:

    أولاً: يتم تفريغ المنزل من كل ما فيه قبل دخول الكاهن [36].

    ثانيًا: يرى الكاهن العلامات ويخرج من البيت ويغلقه سبعة أيام.

    ثالثًا: إن رأى الضربة قد إمتدت يأمر باقتلاع الحجارة المصابة وبإلقائها خارج المدينة في مكان نجس حيث القاذورات وجيف الحيوانات... إلخ. ثم يقشرون حول الضربة ويلقون تراب الملاط أيضًا خارج المدينة في مكان نجس.

    رابعًا: يقومون بعملية ترميم ووضع ملاط جديد، فإن عادت الضربة وأفرخت بعد الترميم يُهدم المنزل كله.

    خامسًا: لو أن الضربة لم تمتد تُحسب أنها برئت ويتم التطهير بعصفورين وخشب أرز وقرمز وزوفا كما في حالة الأبرص...

    يلاحظ في هذا الطقس عدم تسرع الكاهن في الحكم حتى لا يفقد أحد منزله ويخسره إلاَّ بعد التأكد من خطورة الموقف... ولعل في هذا رمز لطول أناة الله معنا نحن مسكنه، فهو لا يحكم علينا بالهدم سريعًا بل يعطينا فرصًا للتوبة، وذلك كالبستاني الذي يشفع في الشجرة ويمهلها سنة فسنة، ينقب حولها ويضع زبلاً لعلها تأتي بثمر فلا تُقطع (لو 13: 6-9).
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالأربعاء 28 سبتمبر 2011, 11:46 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 15
    شريعة ذى السيل

    كلمة سيل في العبرية جاءت بمعنى فيض. والمقصود بالفيض هنا:-

    أ‌- بالنسبة للرجل :- قذف الحيوان المنوى سواء خلال الطبيعة أو كمرض (السيلان).

    ب‌-بالنسبة للأنثى :- نزف الدم سواء خلال الدورة الشهرية (الطمث) أو بسبب المرض.

    وقد أورد الكتاب هنا 5 حالات منها 3 للرجل و2 للمرأة

    بالنسبة للرجل : الأيات 2 – 5 حالة مرضية (مرض السيلان)

    الأيات 16 – 18 حالتان طبيعيتان

    بالنسبة للمرأة : الأيات 19 – 24 حالة الطمث الطبيعية

    الأيات 25 – 30 حالة مرضية

    ونجد الشريعة تنص على أنه في الحالات الطبيعية فالنجاسة تكون حتى المساء فقط ثم الغسل بالماء. أما في الحالات المرضية فهى تستلزم تطهير بعد 7 أيام.

    + وهنا يظهر أن الله يهتم بقداسة أولاده ويهتم حتى بأدق الأمور الصغيرة. فهو يعلم أنه حتى الأمور الصغيرة قد يكون لها تأثير قاتل " إحذروا الثعالب الصغيرة" وهذا التأثير القاتل قد يحرمهم من خلاصهم. ولذلك يطلب الله عزل النجاسة حتى لا نموت في نجاستنا وبسببها. وعلينا أن لا نشعر بثقل من تدخل الله في هذه الأمور الصغيرة بل علينا أن نفهم أنها من المؤكد هي لصالحنا حتى إن لم ندرك معناها الآن وعلينا أن نثق في أن الله هو الذي يقدس وهو يريد أن يقدسنا.

    + هناك أمور كثير تعتبر نجسة لكنها تحدث رغماً عنا بسبب دخول الخطية للعالم. ولا أمل لإصلاح ذلك من أنفسنا بل نحتاج لتدخل إلهى.

    + ونلاحظ في هذه الطقوس أن الدم والماء هو أساس كل تطهير.



    السيل نجاسة

    رأينا سابقاً في إصحاح 13 أن البرص كمرض يشير للخطية ويشرح طبيعتها. وهنا فى شريعة السيل نرى حركات الطبيعة الخاطئة. فالسيل هو شيء يخرج من جسم الإنسان. وإذا كان الإنسان بطبيعته أصبح ساقطاً نجساً فكل ما يخرج وينبعث من طبيعة الإنسان ما هو إلا نجاسة فالإنسان ينبوع نجاسة. وكما قال أرمياء النبى "القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه أر 17: 9". ومن فيض هذا القلب يتكلم اللسان!! فما سوف يتكلم به ما هو إلا نجاسة!! إن لم يقدس الله هذا اللسان فلن يخرج سوى نجاسة من فضلات هذا القلب. والكتاب يحكم على ما يخرج من الجسم بأنه نجاسة للأسباب الأتية:-

    1- نتيجة فساد الطبيعة البشرية فسدت كل أعضاء البشر ومنها الأعضاء التناسلية وكما رأينا سابقاً فاللعنة كانت تنتقل من الأب لإبنه بالولادة. لذلك كان الولد يولد على صورة أبيه وشبهه ميتاً أو المعنى أنه سيموت يوماً ما (تك 5) والأعضاء التناسلية هي وسيلة إيجاد البنين.

    2- إظهار فساد طبيعة الإنسان وكل ما يتصل بها أو يصدر عنها.وهذا قال عنه داود النبي " بالخطية ولدتني امي " واكد بولس الرسول هذا بقوله "الخطية الساكنة في جسدي" (رو 7) ولا طريق للطهارة إلا بالدم والماء.

    3- خطية الزنا من الخطايا التي تحزن الله جداً (راجع 1كو 6: 13 – 20) وهذه الشريعة تعطى تحذير من الله من هذه الخطية. فإن كان الله يعتبر الشئ الطبيعى نجاسة فكم بالأولى الزنا

    4- حقاً لقد طلب الله من آدم وحواء أن يثمروا ويتكاثروا. والإنسان هو الإنسان قبل وبعد السقوط لم يتغير فسيولوجياً بل أن عوامل الإضمحلال بدأت تعمل فيه فأصبحت تؤدى لموته. ولذلك فكان آدم وحواء سيكثروا بنفس الطريقه التناسل الطبيعى الآن ولكن نتيجة السقوط وفساد الطبيعة الإنسانية سادت العلاقات الجنسية شهوة خاطئ ولذلك كان اول ما قيل بعد السقوط ان ادم وحواء عرفا انهما عريانين (تك 3: 7) وكذلك قال داود النبى "وبالخطية حبلت بى أمى".ومن أين لنا أن نفهم كيف كان التناسل بدون شهوة خاطئة قبل سقوط آدم! لكن لنا فى من يكرس نفسه وجسده وشهواته وكيانه كله لحساب الرب ويمنع نفسه عن الزواج صورة قد تشرح شيء ولكن السقوط أفسد خطة الله والصورة التي رسمها الله من قبل. لذلك أصبحت حتى العلاقات الطبيعية مع أنها مقدسة وطاهرة في نظر الله عب 13: 24 أنها نجاسة، تحرم صاحبها من المقدسات حتى المساء إلى أن يستحم ويغتسل بالماء. هذا لمجرد أن نذكر أن الخطية شوهت ما أراده الله كاملاً. ولذلك فالكنيسة تمنع العلاقات الجسدية فى اليوم السابق للتناول مرة أخرى ليس لأنها نجاسة لكن لنذكر أن هناك شيئاً ما في طبيعتنا الناقصة قد تشوه بسبب الخطية. وتمنع الكنيسة الطامث (من في فترة دورتها الشهرية) من التناول ليس لنجاستها بل لتذكر نفس الشئ. فلنتضع أمام الله ونذكر خطايانا وسقطاتنا فيرفعها الله ويغفرها.

    5- إعطاء الإحساس بقداسة الخيمة وعدم الإقتراب في حالة النجاسة.

    6- التشابه بين السيل والخطية فكلاهما يسيل دون تحكم للخارج.

    7- ليحذر كل إنسان من النجاسة وبالتالى من الخطية والإقتراب من كليهما وليعلم أن الله يراقب كل صغيرة ويهتم بقداستنا جداً.

    8- نضيف لهذا الأسباب الطبية من الإهتمام بالنظافة ومنع العدوى.

    9- السيل الذي يصيب الرجل والمرأة يحمل رمزاً للنفس التي بلا ضابط، الساقطة تحت الشهوات الدنسة. وفي هذا نذكر قصة المرأة التي كانت تنزف دماً وتلامست مع المسيح فبرئت. هو لم يتنجس فهو القدوس اللانهائى في قداسته بل أن التلامس معه يطهر. هذا معنى الذبائح التي تقدم للتطهير.



    آية 2:- كلما بني اسرائيل وقولا لهم كل رجل يكون له سيل من لحمه فسيله نجس.

    سيل من لحمه :- هو تعبير فيه تأدب كناية عن الأعضاء التناسلية. ودعوة داود ضد يوآب 2صم 3: 29 تشير إلى أن الله كان يمكن أن يضرب بمثل هذه الأمراض كعقوبة على الخطايا. والسيل يشير لظهور الخطية عكس آية 3 الأتية وكلاهما ضربة.



    آية 3:- و هذه تكون نجاسته بسيله ان كان لحمه يبصق سيله أو يحتبس لحمه عن سيله فذلك نجاسته.

    يحتبس لحمه عن سيله = هذه عقوبة من نوع أخر (وهى تشير لكبت الخطايا)



    آية 4 - 11:- كل فراش يضطجع عليه الذي له السيل يكون نجسا وكل متاع يجلس عليه يكون نجسا. ومن مس فراشه يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا الى المساء. ومن جلس على المتاع الذي يجلس عليه ذو السيل يغسل ثيابه و يستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء. ومن مس لحم ذي السيل يغسل ثيابه و يستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء. وان بصق ذو السيل على طاهر يغسل ثيابه و يستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء. وكل ما يركب عليه ذو السيل يكون نجسا. وكل من مس كل ما كان تحته يكون نجسا إلى المساء ومن حملهن يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء. وكل من مسه ذو السيل ولم يغسل يديه بماء يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء.

    عدم التلامس مع المريض أو كل متاعه أو ما يجلس عليه هو إجراء وقائى فهذه الأمراض شديدة العدوى يمكن إنتقالها خلال التلامس مع المريض وثيابه..... الخ ولها المعنى الروحى في أنه يجب أن نتحاشى التلامس والتعامل مع الخطية والخطاة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومن يتلامس يظل نجساً إلى المساء. أي إلى نهاية حياته أو حتى يقدم توبة فيبدأ يوماً جديداً. وغسل الثياب يشير للتوبة والطهارة داخلياً وخارجياً. ونجاسة كل ما يستعمله المريض إشارة لأن الخطية تدنس حياتنا الداخلية وتصرفاتنا فيصير نومنا وجلوسنا وسيرنا وأدوات طعامنا دنسة



    آية 12 :- واناء الخزف الذي يمسه ذو السيل يكسر وكل اناء خشب يغسل بماء.

    كانت الأنية الخزفية تكسر. لذلك كان اليهود خوفاً من أن يكون أحد قد لمس الآنية التي يشترونها جديدة (خشبية أو معدنية) لابد أن يغسلوها أولاً مر 7 : 8 وكسر الآنية الخزفية النجسة تشير لأهمية إماتة كل ما هو ترابى فينا (الشهوات الجسدية) وغسل الآنية الخشبية يشير لأهمية تقديس الجسد بطاقاته وعواطفه وأحاسيسه. لاحظ أن الرجل النجس صار سبب إضطراب لمن حوله فهم يتحاشون كل ما لمسه. هكذا كان يونان بخطيته سبب إضطراب عظيم للطبيعة وللناس. أما يوسف فكان بركة لكل مكان.



    الأيات 13 – 15:- و اذا طهر ذو السيل من سيله يحسب له سبعة ايام لطهره و يغسل ثيابه ويرحض جسده بماء حي فيطهر. وفي اليوم الثامن ياخذ لنفسه يمامتين أو فرخي حمام وياتي إلى امام الرب إلى باب خيمة الاجتماع و يعطيهما للكاهن. فيعملهما الكاهن الواحد ذبيحة خطية والاخر محرقة ويكفر عنه الكاهن امام الرب من سيله.

    الفقير كما الغنى هنا والحمام رمز للطهارة التي يجب أن يلتزم بها مقدم الذبيحة.



    آية 16 :- واذا حدث من رجل اضطجاع زرع يرحض كل جسده بماء ويكون نجسا الى المساء.

    إضطجاع زرع = في ترجمات أخرى نطفة إضطجاع أي إحتلام الرجل (تث 23: 10)



    آية 18:- و المراة التي يضطجع معها رجل اضطجاع زرع يستحمان بماء ويكونان نجسين إلى المساء.

    المقصود هنا هو لقاء التناسل الطبيعى بين زوج وزوجته.



    الأيات 19 – 24:- و اذا كانت امراة لها سيل وكان سيلها دما في لحمها فسبعة ايام تكون في طمثها وكل من مسها يكون نجسا إلى المساء. وكل ما تضطجع عليه في طمثها يكون نجسا وكل ما تجلس عليه يكون نجسا. وكل من مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء. وكل من مس متاعا تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء. وان كان على الفراش أو على المتاع الذي هي جالسة عليه عندما يمسه يكون نجسا إلى المساء. و ان اضطجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجسا سبعة ايام وكل فراش يضطجع عليه يكون نجسا.

    يقصد بالسيل هنا المرض الشهرى (فترة الطمث. وإعتبارها نجسة 7 أيام) قد يكون المقصود به راحتها في فترة تعبها. وفي آية (24) كانت الشريعة تمنع إضطجاع رجل مع زوجته خلال فترة طمثها بل لو حدث يقطعان لا 20: 18، 18: 19. إذاً هذه الحالة المذكورة هنا، هي لو حدث وهما لا يعلمان.



    الأيات 25 – 31:- و اذا كانت امراة يسيل سيل دمها اياما كثيرة في غير وقت طمثها أو اذا سال بعد طمثها فتكون كل ايام سيلان نجاستها كما في ايام طمثها انها نجسة. كل فراش تضطجع عليه كل ايام سيلها يكون لها كفراش طمثها وكل الامتعة التي تجلس عليها تكون نجسة كنجاسة طمثها. وكل من مسهن يكون نجسا فيغسل ثيابه و يستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء. واذا طهرت من سيلها تحسب لنفسها سبعة ايام ثم تطهر. وفي اليوم الثامن تاخذ لنفسها يمامتين أو فرخي حمام وتاتي بهما إلى الكاهن إلى باب خيمة الاجتماع. فيعمل الكاهن الواحد ذبيحة خطية و الاخر محرقة ويكفر عنها الكاهن امام الرب من سيل نجاستها. فتعزلان بني اسرائيل عن نجاستهم لئلا يموتوا في نجاستهم بتنجيسهم مسكني الذي في وسطهم.

    هذه الحالة هي الحالة المذكورة لنازفة الدم التي لمست المسيح مت 9: 20.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالأربعاء 28 سبتمبر 2011, 11:49 am

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 16

    إن كانت بعض الشعوب قد تعرفت خلال التقليد على الذبائح الدموية، إذ تسلموها عن نوح وبنيه الثلاثة، وقد شوهوا مفاهيمها وغايتها، لكن الشعب اليهودي قد أنفرد بطقس "يوم الكفارة العظيم" الذي عبثًا نجد ما يشبهه لدى أي شعب آخر.

    كان لهذا اليوم أهميته الخاصة عند اليهود، وله طقسه الفريد، يقدم لنا مفاهيم رائعة عن ذبيحة السيد المسيح وعملها الكفاري كما كشف لنا القديس بولس الرسول في الأصحاح التاسع من رسالته إلى العبرانيين.

    قبلما أتعرض لتفسير الأصحاح السادس عشر من سفر اللاويين الخاص بهذا اليوم الفريد وددت أن أسجل بعض الملاحظات عن هذا اليوم من جهة أهميته وغايته والإستعداد له وطقوسه.



    أهميته:
    كان لأهمية هذا اليوم وشهرته عند اليهود أن علماء التلمود دعوه "اليوم"، لعله كما جاء في (عب 7: 27)، وأيضًا كما قيل "الصوم" في سفر الأعمال (27: 9)، إذ لا يحتاج إلى تعريف. لعلهم كانوا يتطلعون إليه كما نتطلع نحن إلى يوم "الجمعة العظيمة" بكونه يوم الكفارة العظيم، الذي فيه نرى رئيس كهنتنا الأعظم يشفع بدمه الثمين عن العالم كله، ليدخل بمؤمنيه منهم إلى سماء السموات، فيكون لهم موضع في حضن أبيه السماوي، أو لعله يمثل يوم عماد السيد المسيح الذي فيه أدخلنا إلى التمتع بالسماء المفتوحة خلال اتحادنا مع الآب في إبنه المدفون في مياه المعمودية القائم من الأموات وتمتعنا بالبنوة بروحه القدوس.

    وتظهر أهميته أيضًا من دعوته "سبت السبوت" أو "سبت الراحة"، وكأن فيه تتحقق الراحة التامة بكونه "عيد الأعياد". يظهر ذلك بارتباطه بعيد المظال الذي يُحسب خاتمة السنة اليهودية الدينية حيث يقيمون فيه فرحهم بالحصاد وشكرهم لله في الخامس عشر من الشهر السبتي أو السابع آخر شهورهم، يسبقه "يوم الكفارة العظيم" في اليوم العاشر حيث يعلن كمال المصالحة بين الله وشعبه، وتقديس كل الجماعة لكي تتهيأ للفرح الكامل وتقدر أن تقدم ذبيحة شكر لله في عيد المظال. وإن عرفنا أن عيد المظال قد صار فيما بعد رمزًا لضم الأمم للعضوية في الكنيسة المقدسة، يكون يوم الكفارة (الصليب) هو الطريق الذي فيه تم هذا العمل العظيم. هذا ويليق بنا أن نذكر أن السنة اليوبيلية، سنة التحرر الكامل "كانت تعلن لنا دائمًا في يوم الكفارة"[209].

    إن الإحتفال بهذا اليوم في العاشر من الشهر السبتي إنما يُشير إلى الكمال (رقم 10) الذي به يتحقق تقديس الشهر السبتي أو الشهر المقدس.

    ولأهمية هذا اليوم كان شيوخ السنهدريم السبعون يدربون الكهنة الجديدة على طقوسه وتحفيظه جميع الأمور المتعلقة به.

    هذا وسنرى خلال طقوسه الفريدة التي يمارسها رئيس الكهنة بنفسه خلال تطهيرات مستمرة غير منقطعة مع صوم الشعب اليوم كله كيف يكشف عن دور هذا اليوم في حياة الشعب القديم وما حمله إلينا من رموز روحية نبوية تمس علاقتنا بالله وخلالصنا الأبدي.



    غايته:
    "كفارة" في العبرية "كبوديت"، تعني "تغطية" أو "ستر"، إذ في هذا اليوم تغفر الخطايا ويستر على الإنسان بالدم الثمين، فيكفر رئيس الكهنة عن نفسه وعن الكهنة وعن كل الجماعة بل وعن الخيمة وكل محتويتها تكفيرًا عامًا وجماعيًا عن كل ما سقطت فيه الجماعة ككل أو كأعضاء طوال العام. تختم شريعة هذا اليوم بالقول: "ويكفر الكاهن الذي يمسحه... ويكفر عن مقدس القدس، وعن خيمة الإجتماع والمذبح يكفر، وعن الكهنة وكل شعب الجماعة يكفر، وتكون هذه لكم فريضة دهرية للتكفير عن بني إسرائيل من جميع خطاياهم مرة في السنة" [32-34].
    الإستعداد ليوم الكفارة:
    كان رئيس الكهنة وحده يقوم بخدمة ذلك اليوم في طقس طويل بعد استعداد طويل، يساعده أكثر من خمسمائة كاهن[210]. كان رئيس الكهنة يقضي السبعة أيام السابقة ليوم الكفارة في حجرة داخل الهيكل خارج بيته. وفي مدة هيكل سليمان كان شيوخ السنهدريم يلازمونه ويقرأون عليه أوامر الرب الخاصة بهذا اليوم مرارًا وتكرارًا. وكان يستظهرها حتى يحفظها جيدًا ويتدرب على أدائها... وفي الليلة السابقة لليوم كان يظل مستيقظًا حتى الصباح حتى لا يتعرض لحلم أو عارض ليل يدنس جسده، وكان الكهنة والشيوخ حوله حتى لا يغفل أو ينعس.

    ولما كان رئيس الكهنة يقوم بالخدمة وحده دون أن يراه أحد في قدس الأقداس، لذلك كان الكهنة والشيوخ يستحلفونه هكذا: "نستحلفك بمن أسكن إسمه في بيته أنك لا تغير شيئًا من كل ما نقوله لك".



    طقوس يوم الكفارة:
    يقوم رئيس الكهنة بأربع خدمات:

    أ. خدمة الصباح اليومية أو الدائمة على مدار السنة، وهي خاصة بالكهنة، لكنه في هذا اليوم يقوم بها رئيس الكهنة بنفسه.

    عند منتصف الليل تُلقى قرعة ليقوم الكهنة برفع الرماد عن المذبح حتى لا تقدم ذبائح يوم الكفارة على رماد قديم، ولتمييز هذا اليوم عن الأيام العادية[211]. ثم يأخذون رئيس الكهنة إلى المغسل لغسل جسده ثم يغسل يديه ورجليه. يذكر التقليد اليهودي أن رئيس الكهنة يغتسل 5 مرات في هذا اليوم وعشر مرات يغسل يديه ورجليه، وأنه لا يغتسل في الحمام العادي وإنما في إناء ذهبي مخصص لهذا الغرض. هذا وإن كان شيخًا يحتاج إلى مياه دافئة، يسكبون في الإناء ماءً ساخنًا للتدفئة أو يضعون في المياه حديدًا ساخنًا لذات الغرض.

    يلبس رئيس الكهنة الملابس الفاخرة التي للمجد والبهاء (خر 28)، ويدخل القدس ويصلح السرج ويرفع البخور، ثم يقدم المحرقة الدائمة خروفًا حوليًا مع تقدمة عشر من الدقيق الملتوت بربع الهين من الزيت المرضوض وسكيبه ربع الهين من الخمر (خر 29: 38-42)، وكانت هذه تضاعف إن كان اليوم سبتًا (عد 28: 9-10).

    ب. خدمة الكفارة العظيم... وهي الخدمة التي وردت تفاصيلها في الأصحاح الذي بين أيدينا، نتعرض لها أثناء التفسير.

    ج. خدمة تقديم الذبائح الإضافية المقررة لهذا اليوم (عد 29: 7-11) حيث يُقدم رئيس الكهنة محرقات إضافية وهي ثور وكبش وسبع خراف حولية وتقدمتها ثلاثة أعشار دقيق ملتوت بالزيت عن الثور وعشران عن الكبش وعشر عن كل خروف، وسكائبها من الخمر نصف الهين عن الثور وثلث الهين عن الكبش وربع الهين عن الخروف الواحد. كما يقدم ذبيحة خطية أخرى من تيس من المعز.

    د. خدمة المساء اليومية أو الدائمة تماثل خدمة الصباح، يقوم بها رئيس الكهنة بملابسه الفاخرة.



    السيد المسيح والكفارة:
    إذ حمل كلمة الله جسدنا جاء إلينا في عالمنا ليعيش في وسطنا وكأنه قضى عامًا يختمه بيوم الكفارة العظيم، فيكفر عن خطايانا ويحملنا إلى حضن أبيه، مستشفعًا فينا كرئيس الكهنة السماوي لا خلال دم ثيران وتيوس بل بدمه.

    يقول العلامة أوريجانوس: [تأمل أن الكاهن الحقيقي هو الرب يسوع المسيح (عب 4: 14) الحامل الجسد كمن يقضي عامًا كاملاً مع شعبه، إذ يقول بنفسه: "روح السيد الرب عليّ لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي المسبيين بالعتق وللمأسورين بالإنطلاق، لأنادي بسنة مقبولة للرب" (إش 61: 1-2). في هذه السنة دخل في يوم الكفارة مرة واحدة إلى قدس الأقداس (خر 30: 10) عندما أكمل رسالته وصعد إلى السموات (عب 4: 14) عن يمين الآب، لحساب الجنس البشري، يشفع في كل المؤمنين به. يتحدث الرسول يوحنا عن هذه الكفارة التي لحساب البشر فيقول: "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا، وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا" (1 يو 2: 1-2). ويعلن القديس بولس الرسول أيضًا عن هذه الكفارة بقوله عن المسيح: "الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره" (رو 3: 25).

    إذ يمتد يوم الكفارة حتى الغروب، أي حتى نهاية العالم، نقف أمام الباب ننتظر كاهننا الذي تأخر داخل قدس الأقداس، أي أمام الآب (1 يو 2: 1-2) يشفع في خطايا الذين ينتظرونه (عب 9: 28). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). لكنه لا يشفع في خطايا الجميع، إذ لا يشفع فمن هم من طرف التيس المرسل في البرية (لا 16: 9-10) بل الذين هم من طرف الرب وحدهم، الذين ينتظرونه أما الباب، لا يفارقون الهيكل عابدين بأصوام وطلبات ليلاً ونهارًا (لو 2: 37).

    أتظن أنك وأنت تأتي إلى الكنيسة في يوم العيد بكل أناقة (وترف) دون الإصغاء إلى الصوت الإلهي ولا مراعاة لوصاياه أنك من طرف الرب؟! إنيّ أود أن تسمعوا هذا وتجتهدوا لا في الإنصات لصوت الله في الكنيسة فحسب وإنما في ممارسة كلام الله في منازلكم، واللهج في ناموس الرب ليلاً ونهارًا (مز 1: 2)... هذا هو بالحق الإنتظار أمام باب الكاهن الذي يتأخر داخل قدس الأقداس، به نُحسب من نصيب الرب[212]].



    يوم الكفارة العظيم
    إذ رأينا أهمية هذا اليوم العظيم وغايته وارتباطه بعمل السيد المسيح الكفاري، نتأمل في طقوسة كما وردت في سفر اللاويين مع الإشارة إلى الطقس اليهودي كما جاء في التقليد.

    1. الدخول إلى قدس الأقداس [1-3].

    2. ثياب يوم الكفارة [4].

    3. ذبائح عن نفسه وعن الشعب [5-11].

    4. تقديم البخور [12-13].

    5. الدم وغطاء التابوت [14].

    6. تقديم التيس الأول [15-19].

    7. تقديم التيس الثاني [20-22].

    8. تقديم المحرقات وذبيحة الخطية [23-28].

    9. الكفارة فريضة دهرية [29-34].



    1. الدخول إلى قدس الأقداس:
    إذ خرجت نار من عند الرب وأكلت إبني هرون ناداب وأبيهوا لأنهما قدما نارًا غريبة (لا 10) حدث رعب شديد عند هرون وإبنيه الآخرين، إذ خاف الكل من اللقاء مع الله، فجاءت شريعة يوم الكفارة العظيم تعلن عن الإستعدادات اللازمة لرئيس الكهنة ليدخل باسم الجماعة كلها إلى قدس الأقداس مرة واحدة، إذ قيل: "وقال الرب لموسى: كلم هرون أخاك أن لا يدخل كل وقت إلى القدس داخل الحجاب أمام الغطاء الذي على التابوت لئلا يموت، لأنيّ في السحاب أتراءى على الغطاء" [2].

    لم يكن ممكنًا حتى لرئيس الكهنة أن يدخل قدس الأقداس ليقف أمام غطاء تابوت العهد حيث يتراءى الله هناك على الغطاء، بين الكاروبين، على "كرسي الرحمة"... إنما يدخل مرة واحدة فقط كل سنة بعد ممارسة طقس طويل ودقيق واستعدادات ضخمة حتى لا يحسب مقتحمًا للموضع الإلهي ويموت. هذا العجز سره ليس إنحجاب الله عن شعبه أو كهنته، إنما هو ثمر طبيعي لفسادنا البشري الذي أعاقنا عن اللقاء مع القدوس. وكما يقول الرسول بولس: "معلنًا الروح القدس بهذا أن طريق الأقداس لم يظهر بعد" (عب 9: Cool. كان الأمر يحتاج إلى تغيير جذري في طبيعتنا الفاسدة حتى تقدر خلال الدم الثمين أن تخترق الحجاب الذي إنشق بالصليب وتدخل إلى الأقداس الإلهية تنعم بمعاينة المجد الإلهي والإتحاد مع الله. هذا هو ما تحقق بالمسيح يسوع ربنا رئيس الكهنة الأعظم الذي دخل بنا إلى مقدسه السماوي، قدس الأقداس الحقيقي. فطقس يوم الكفارة بكل دقائقه هو ظل لعمل السيد المسيح الذي شق حجاب الهيكل ونزع العداوة بين السماء والأرض، وصالحنا مع أبيه القدوس.

    كان الشعب كله يشتاق طول العام إلى هذه اللحظات التي يدخل فيها رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس لمعاينة مجد الله فوق غطاء التابوت، وكأن الكل قد تمتع بما يناله رئيس الكهنة خلال هذه اللحظات. ونحن أيضًا إذ شق رئيس كهنتنا المصلوب حجاب الهيكل بالصليب وهب لنا فيه لا أن ندخل قدس أقداس في أورشليم الأرضية وإنما إلى السموات عينها لنتمتع بجسد الرب ودمه حياة أبدية.

    لم يكن ممكنًا لرئيس الكهنة أن يدخل إلاَّ خلال الذبيحة، إذ قيل "بهذا يدخل هرون إلى القدس، بثور ابن بقر لذبيحة خطية وكبش محرقة" [3]، يلزمه أن يكفر عن نفسه كما عن الشعب. وقد التحمت هنا ذبيحة الخطية بكبش المحرقة، وكما سبق فرأينا في دراستنا لطقس تطهير ذي السيل أن ذبيحة الخطية تُشير إلى غفران خطايانا، وذبيحة المحرقة تُشير إلى تقديم حياتنا ذبيحة طاعة للرب، فيلتحم الجانب السلبي مع الجانب الإيجابي. ندخل إلى الأقداس خلال الصليب الذي ينتزع عنا خطايانا ويهبنا برّ المسيح وطاعته!

    كان رئيس الكهنة ملتزمًا بشراء الثور والكبش من ماله الخاص... فما يقدمه للتكفير عن نفسه يقدمه من ماله، وما عن الكهنة من صندوق الكهنة، وأما ما عن الشعب فمن الصندوق العام للهيكل.

    كان رئيس الكهنة محتاجًا إلى دم آخر يشفع فيه وفي إخوته الكهنة وبنيه حتى يقدر أن يدخل قدس الأقداس، أما ربنا يسوع المسيح فقدم دمه هو عنا إذ لم يكن محتاجًا إلى تكفير. يتحدث القديس أغسطينوس عن تقديم الكهنة الذبائح عن أنفسهم، قائلاً: [الذبائح تدين الكهنة، فإذا ما ادعى أحدهم أنه بار وبلا خطية تجيبه: إننيّ لا أتطلع إلى ما تقوله بل إلى ما تقدمه، فذبيحتك تحكم عليك. لماذا تقدم ذبيحة عن خطاياك لو كنت بل خطية؟! هل تكذب على الله بتقديمك ذبيحتك؟!... إننيّ يا أخوة كاهن الله، أنا خاطئ، أقرع معكم صدري، وأطلب معكم الصفح، أترجى معكم مراحم الله[213]].



    2. ثياب يوم الكفارة:
    إذ ينتهي رئيس الكهنة من الخدمة الصباحية الدائمة ليبدأ طقس يوم الكفارة يخلع ملابسه الذهبية التي للمجد ويرحض جسده ثم يرتدي ملابس كتانية خاصة بهذا اليوم تتكون من: قميص، سروال، منطقة، عمامة (خر 28: 40-42)، وهي ملابس كهنة عادية، ربما لكي لا يتعالى أو يستكبر، أو ليشعر أن طقس هذا اليوم إنما لنزع خطاياه مع خطايا إخوته وبنيه من الكهنة والشعب.

    رئيس كهنتنا ربنا يسوع لم يكن في حاجة إلى غسالات جسدية أو روحية، فهو القدوس الذي بلا خطية، الذي يقدسنا بدمه. إنه لا يلبس ثيابًا كتانية في ذلك اليوم بل سلم ثيابه يقتسمها الجند فيما بينهم ليُرفع على الصليب عريانًا، فيكسونا بثوب بره. يهبنا ذاته كثوب بر نرتديه، كقول الرسول: "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غلا 3: 27).

    سبق لنا الحديث عن الثياب الكهنوتية في دراستنا لسفر الخروج وأيضًا في تفسيرنا للأصحاح الثامن من هذا السفر، والآن نكتفي بتعليق العلامة أوريجانوس عن هذه الثياب التي يرتديها المؤمن بكونه كاهنًا عامًا (سبق لنا في أكثر من موضع التمييز بين الكهنوت العام الذي نناله في سرّ العماد حيث نحسب أعضاء في جسد ربنا يسوع لنا حق تقديم ذبائح الحمد والشكر... وبين الكهنوت الذي نناله لممارسة الأسرار الكنسية والعمل الرعوي).

    يقول العلامة أوريجانوس: [إن دخلنا في كل ساعة إلى القدس بغير استعداد دون أن نرتدي الثياب الكهنوتية وإن نقدم الذبائح التي أُمرنا بها، من غير أن نجعل الله أولاً في حياتنا نموت، لأننا لا نتمم ما يلزم عمله عند الإقتراب من مذبح الرب. فالشريعة الواردة هنا تخصنا جميعًا، إذ تقدم لنا الطريق الذي به نقترب من مذبح الرب.

    يوجد مذبح عليه نقدم صلواتنا، يليق بنا أن نعرف كيف نقدمها. لنعرف أنه يجب أن تنزع "الثياب القذرة" (زك 3: 4)، أي دنس الجسد ورذيلة السلوك وقذارة الشهوات...

    إن كان لك كهنوت (عام) ملوكي، إذن "فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة تسبيح" (عب 13: 15)، ذبيحة الصلاة، ذبيحة الرحمة، ذبيحة الطهارة والبر والقداسة. ولكي تقدمها باستحقاق يلزمك أن ترتدي ثيابًا طاهرة مميزة عن ثياب بقية الناس، وأن تكون لك نار إلهية وليست نار غريبة عن الرب، بل تلك التي يهبها الرب للبشر كقول إبن الله: "جئت لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت؟!" (لو 12: 49). من يستخدم نارًا غير هذه مضادة لها كتلك التي قيل عنها: "يغير شكله إلى شبه ملاك نور" ( 2 كو 11: 4)، يتعرض للسقوط تحت ذات العقوبة التي سقط تحتها ناداب وأبيهو (لا 10) [214]].

    ["يلبس قميص كتان مقدسًا" [4]. الكتان يأتي عن الأرض (كنبات مزروع)، فهو إذًا قميص مقدس لبسه المسيح الكاهن الحقيقي عندما حمل طبيعة الجسد الأرضي، إذ قيل عن الجسد: "أنت تراب وإلى تراب تعود" (تك 3: 19). لقد أراد الرب أن يقيم الجسد الذي صار ترابًا فأخذ الجسد الترابي لكي يرفعه عن الأرض ويحمله إلى السماء... بالحقيقة إن قميص جسد المسيح المقدس، لأنه لم يُحبل به من زرع بشر لكنه مولود بالروح القدس.

    "وتكون سراويل كتان على جسده" [4]. عادة السراويل تغطي أجزاء الجسم التناسلية. لنتأمل في مخلصنا الذي أخذ جسدًا به تمم الأعمال البشرية من أكل وشرب وما شبه ذلك لكنه لم يتزوج... وأيضًا يليق بكل إنسان يحيا زاهدًا أن يلبس سروال كتان مقدسًا تحيط بأعضائه التي بلا كرامة لتعطيها كرامة أعظم...

    "يتمنطق بمنطقة كتان" [4]. وقد سبق فأظهرنا أن يوحنا المعمدان وإيليا كان لهما منطقة من جلد حول متنيهما... تُشير إلى إماتة هذا الجزء، أي إلى العفة والطهارة...

    "ويتعمم بعمامة كتان" [4]. ما نسميه عمامة هو زينة توضع على الرأس، يستخدمها الكاهن عند تقديم التقدمات... هكذا ليُزين كل منا رأسه بزينة كهنوتية. فإن كان المسيح هو رأس الرجل (1 كو 11: 3) يليق بنا أن نسلك بطريقة بها ننعم بمجد المسيح[215]].



    3. ذبائح عن نفسه وعن الشعب:
    إذ سبق فقدم رئيس الكهنة ذبيحتي خطية ومحرقة عن نفسه [3] قل ارتدائه الملابس الكهنوتية، نجده الآن يأخذ تيسين من المعز لذبيحة الخطية واحدًا كمحرقة من مال الجماعة.

    عند تقديمه ثور الذبيحة عن نفسه وعن الكهنة يعترف رئيس الكهنة بخطاياه وخطايا الكهنة، قائلاً: "أيها الإله (يهوه)، لقد أخطأت وعصيت أنا وبيتي. لذلك أتوسل إليك يا الله (يهوه) أن تكفر عن خطاياي وآثامي ومعاصي التي إرتكبتها أمامك أنا وبيتي- كما كتب في ناموس موسى عبدك: لأنه في ذلك اليوم يكفر عنكم ويغسلكم، من كل معاصيكم أمام يهوه تغسلون". ويلاحظ أنه في هذا الإعتراف يذكر إسم "يهوه" ثلاث مرات. ويكرر الإسم "يهوه" ثلاث مرات أخرى حين يعترف على نفس الثور باسم الكهنة، مرة سابعة يذكر إسم يهوه عندما يعمل قرعة على التيسين ليكون أحدهما من نصيب يهوه. ثم يعترف ذاكرًا الإسم ثلاث مرات أخرى حين يعترف وهو يضع يده على رأس التيس الذي يحمل خطايا الشعب. في هذه المرات العشرة التي ينطق فيها إسم يهوه، إذ ينطق بالإسم يسقط الواقفون بجواره بوجوههم إلى الأرض بينما تردد الجموع العبارة: "مبارك هو الإسم، المجد لملكوته إلى أبد الأبد"[216].

    بعد ذلك "يأخذ التيسين ويوقفهما أمام الرب لدى باب خيمة الإجتماع، ويلقي هرون على التيسين قرعتين: قرعة للرب وقرعة لعزازيل" [7-8]. يقدم هذين التيسين كذبيحة واحدة عن الخطية، واحد يُذبح عن خطايا الشعب والآخر يُطلق في البرية لإعلان حمل الخطية ورفعها.

    كانت القرعة تتم هكذا بأن يوقفهما رئيس الكهنة أمام باب خيمة الإجتماع ووجهيهما إلى الغرب، ويقف كاهنان واحد عن يمين رئيس الكهنة والآخرعن يساره، وكذلك يُوقف التيسان. ويهز رئيس الكهنة صندوقًا صغيرًا به قطعتان رقيقتان صغيرتان من الأبنوس (صارتا بعد ذلك من الذهب) كتب على الواحدة "ليهوه"، وعلى الأخرى "لعزازيل"، ويضع الواحدة على أحد التيسين والأخرى على الآخر، وهو يقول "للرب ذبيحة خطية، وتُقرأ الكتابة على كل قطعة، فإن كانت التي على يمينه "ليهوه" يقول الكاهن الذي على يمين رئيس الكهنة: "إرفع يمينك للعلى"، وإن كانت التي على يساره يقول الكاهن الآخر "إرفع يسراك"، ويميز التيس الذي ليهوه عن الآخر، بوضع خيط أحمر من الصوف حول رأس التيس الذي للرب أو على قرنيه، بينما يميز الآخر بخيط قرمزي.

    يلاحظ أن التيسين كانا متشابهين في الحجم والشكل والقيمة، وإن أمكن يشتريا في وقت واحد، هذا وكان الإتجاه العام إلى التفاؤل إن جاء التيس الذي على يمين يهوه والآخر لعزازيل.

    هناك تفاسير كثيرة لكلمة "عزازيل"، يمكن إختصارها في الآتي:

    أولاً: يرى البعض أن عزازيل إسم شخص، يعني به الشيطان. إن انطلاق التيس في البرية يُشير إلى قوة الذبيحة التي تتحدى الشيطان، وكأن السيد المسيح الذبيح قد جاء ليُحطم إبليس في عقر داره.

    ثانيًا: الرأي الغالب إن كلمة "عزازيل" تعني "الإقصاء التام" أو العزل الكامل، وكأن ذبح التيس الأول يُشير إلى حمل السيد للخطية للتكفير عنها، أما إطلاق الآخر فيُشير إلى إنتزاعها تمامًا وإقصائها بعيدًا عن الشعب.

    ثالثًا: يرى البعض في التيس الذي يطلق في البرية باسم عزازيل أي "العزل الكامل" رمزًا لعجز الذبيحة الحيوانية عن تحقيق الخلاص الحقيقي، فإطلاق التيس في البرية يعني أن التيس قد انطلق إلى مكان غير مسكون حتى يأتي حمل الله الحقيقي القادر وحده أن يرفع خطايانا كقول إشعياء النبي أن يهوه قد وضع إثمنا عليه (إش 53: 6).

    يرى العلامة أوريجانوس في عمل القرعة على التيسين ليكون أحدهما للرب والآخر لعزازيل إشارة إلى وجود أبرار وأشرار في وسط الجماعة، الأبرار من نصيب الرب والأشرار من نصيب عزازيل، إذ يقول: [لو كان كل الشعب قديسين ومطوبين لما كانت تصنع قرعة على التيسين، ويرسل أحدهما إلى البرية بينما يُقدم الآخر للرب، إذ يكون الكل نصيبًا واحدًا للرب الواحد. بالحقيقة يوجد في الجماعة التي تقترب من الرب من هم منتسبون للرب بينما يلزم إرسال آخرين إلى البرية، إذ يستحقون الطرد والعزل عن تقدمة الرب. لهذا السبب يُقدم نصيب من التقدمة أي تيس للرب، أما الآخر فيطلق خارجًا، يرسل إلى البرية، ويُسمى التيس المطلق[217]].

    مرة أخرى يقول بأن التيسين يمثلان فريقين، يتأهل أحدهما أن يدخل دمه إلى المقدسات الإلهية ويكون من نصيب الرب، أما الفريق الآخر فيلقى في البرية الجافة عن كل فضيلة والقفرة من كل صلاح. هذا التمايز يظهر عندما تنتهي حياة كل واحٍد منا، إذ قيل: "فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم، ومات الغني أيضًا ودفن، فرفع عينيه في الهاوية..." (لو 16: 22-23). الأول حملته الملائكة كخدام الرب كما إلى مذبحه المقدس، بكونه نصيب الرب، والثاني انطلق إلى الهاوية إلى أماكن العذاب كمن يُترك في البرية.

    يقول: [أتريد أن تعرف أن هذا الكلام يخصنا نحن؟ الحيوانان اللذان يُلقى عليهما القرعة ليسا دنسين ولا هما بغريبين عن هيكل الرب، وإنما هما طاهران وكان يمكن استخدامهما كذبائح عادية. إنهما يمثلان من هم ليسوا خارج الإيمان بل داخله، لأن التيس حيوان طاهر يجوز تقديمه على المذبح الإلهي. أنت أيضًا مكرس بنعمة المعمودية لمذبح الرب، إنك طاهر! لكنك إن لم تحفظ وصايا الرب تسمع: "ها أنت قد برئت، فلا تخطئ لئلا يكون لك أشر" (يو 5: 14). لقد تطهرت فلا تتدنس مرة أخرى بدنس الخطايا، ولا تتحول من الفضيلة إلى التراخي، ومن الطهارة إلى الدنس خلال الرذيلة، لئلا وأنت طاهر تُسلم كالتيس الحيّ نصيبًا للبرية[218]].

    [أتُريد أن ترى صورة للقرعة؟ تأمل اللصين اللذين كانا عند الصليب "معلقين واحد عن يمينه والآخر عن يساره" (لو 23: 13). أنظر، الذي اعترف بإيمانه بالرب صار من نصيب الرب وانقاد لا شعوريًا إلى الفردوس، أما الذي جدف فصار نصيبه كالتيس الحيّ الذي انقاد إلى برية الجحيم. أيضًا قيل: "جرد على الصليب الرياسات والسلطات أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه" (كو 2: 14-15)... أين جردهم إلاَّ في البرية، في الأماكن القفرة؟‍! [219]].
    [قُدم التيس الأول ذبيحة للرب بينما طُرد الثاني حيًا. إسمع في الأناجيل يقول بيلاطس للكهنة وللشعب اليهودي: "من تريدون أن أطلق لكم: باراباس أم يسوع الذي يُدعى المسيح؟!" (مت 27: 17). حينئذ صرخ كل الشعب أن يطلق باراباس لكي يُسلم يسوع للموت[220]].



    4. تقديم البخور:
    يملأ رئيس الكهنة المجمرة الذهبية الخاصة به من جمر النار عن مذبح المحرقة، وهي النار التي من لدن الرب (لا 9: 24)، ثم يضع ملء حفنتيه من البخور العطر الدقيق "الناعم" (خر 30: 34-37) في إناء صغير ذهبي، وإذ كانت العادة أن يمسك البخور بيمينه والمجمرة بيساره، ففي هذه المناسبة لضخامة حجم المجمرة يُصرح له بالعكس أن يمسك المجمرة بيمينه والبخور بيساره ليدخل للمرة الأولى إلى قدس الأقداس بجنبه كي لا يتطلع بعينيه إلى تابوت العهد، هنا يختفي رئيس الكهنة عن الأنظار ليبقى وحده في قدس الأقداس. يضع المجمرة على الأرض على حجر ضخم ويملأها بخورًا فيمتلئ قدس الأقداس بسحابة البخور لتحجب تابوت العهد عن عينيه فلا يموت.

    يُقدم رئيس الكهنة الصلاة التالية بسرعة دون إطالة حتى لا يقلق الشعب عليه:

    [إن حسن في عينيك أيها الرب إلهنا. وإله آبائنا، ألا يحل بنا سبي في هذا اليوم ولا خلال هذا العام. نعم وإن حلّ بنا سبي هذا اليوم أو هذا العام فيكون إلى موضع فيه تمارس الشريعة.

    إن حسن في عينيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا ألا يحل بنا عوز هذا اليوم ولا هذا العام. وإن حلّ بنا عوز هذا اليوم أو هذا العام فليكن هذا عن جود أعمالنا المحبة.

    إن حسن في عينيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا أن يكون هذا العام عام رخاء وفيض ومعاملات وتجارة، عام مطر غزير وشمس وندى، فلا يحتاج فيه شعبك إسرائيل عونًا من آخر. ولا تسمع لصلاة المسافرين (ربما بامتناع المطر).

    أما من جهة شعبك إسرائيل فليته لا يتعظم عدو عليه.

    إن حسن في عينيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا ليت بيوت أهل شرون لا تكون قبورًا لهم (ربما لأجل تعرضهم للفيضانات المفاجئة)].

    يخرج رئيس الكهنة من قدس الأقداس بظهره حتى يكون وجهه متجهًا أمام الرب.

    نستطيع أن نرى في النار التي حملها رئيس الكهنة في المجمرة إشارة إلى تجسد الكلمة، إذ حلّ بملء لاهوته في أحشاء البتول، المجمرة الذهب. وقد وضع ملء يديه من البخور الدقيق إشاره إلى حمله أعماله المقدسة التي قدمها السيد المسيح بيديه المبسوطتين على الصليب لتفيح رائحته الذكية فينا.

    يمتلئ قدس الأقداس برائحته الذكية، وكأن السموات تشتم رائحة المسيح الذكية فينا فيتمجد الآب بنا نحن أعضاء جسد إبنه وحيد الجنس، فإن ما يُقدمه رئيس الكهنة السماوي أي ربنا يسوع المسيح من أعمال مقدسة تحمل رائحته، إنما يقدمها باسمنا. ولحسابنا، واهبًا إيانا نحن أيضًا أن نحمل إلى قدس الأقداس أعماله ورائحته.

    يقول العلامة أوريجانوس: [أتعتقد أن ربنا - الكاهن الحقيقي- يتنازل ويأخذ منيّ أنا أيضًا نصيبًا من محتوى البخور الرقيق ليحمله معه إلى الآب؟! أتظن أنه يجد فيّ قليلاً من الشعلة والمحرقة المنيرة فيتنازل ويأخذ هذا الفحم المملوء بخورًا ويقدمه للآب رائحة ذكية؟! طوبى لمن وجد عنده فحم المحرقة ملتهبًا بالنار المنعشة فيحكم عليه أنه مستحق أن يوضع على مذبح البخور! طوبى لمن كان قلبه رقيقًا وروحانيًا لديه الفضائل المذكاه فيتنازل الرب ويملأ يديه ليقدم للآب منه رائحة ذكية! وبالعكس الويل للنفس التي انطفأ فيها نار الإيمان وبردت فيها شعلة المحبة، إذ يأتي كاهننا الحقيقي ليطلب منها الفحم الملتهب المضيء ليقدم بخورًا للآب فلا يجد إلاَّ رمادًا يابسًا ونارًا منطفئة! هذا هو حال الذين يبتعدون عن كلام الرب وينسحبون منه حتى لا يسمعون فيلتهبوا بالإيمان عند سماعهم للكلمات الإلهية ويحترقوا بالحب. أتريد أن أظهر لك النار النابعة عن كلمات الروح القدس التي تشعل قلوب المؤمنين؟ إسمع داود النبي يقول في المزمور "كلام الرب ألهب قلبي" (مز 119: 14). أيضًا مكتوب في الإنجيل أن كلوباس بعدما تحدث معه الرب قال: "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب؟!" (لو 42: 32). وأنت أيضًا من أين تأتيك الحرارة؟ كيف تجد فحم النار في داخلك إن لم تحترق دومًا بكلام الرب وتلتهب بكلمات الروح القدس؟! إسمع داود أيضًا يقول: حمى قلبي في جوفي عند لهجي إشتعلت النار" (مز 39: 3) [221]].



    5. الدم وغطاء التابوت:
    يتسلم رئيس الكهنة إناء الدم من الكاهن ويدخل للمرة الثانية إلى قدس الأقداس، وينضح بأصبعه مرة واحدة على غطاء التابوت من ناحيته الشرقية، أي المواجهة للخارج، ثم ينضح سبع مرات على أرضية قدس الأقداس أمام التابوت. بعد هذا يخرج إلى القدس ويترك إناء الدم في مكان معد لذلك على قاعدة ذهبية ثم يخرج خارجًا.

    يقول العلامة أوريجانوس: [ليكن النضح من جانب الشرق [14]، لا تظن أن هذا الكلام لغو، فمن الشرق تأتيك الكفارة، من ذاك الذي دعى "الشرق" (زك 6: 12 الترجمة السبعينية)، ذاك الذي هو وسيط بين الله والناس" (1 تي 2: 5). فالدعوة موجهة إليك لكي تنظر إلى الشرق أبديًا (باروخ 4: 36)، لكي يشرق عليك شمس البر (ملا 4: 2، 3: 20) واهبًا إياك النور فلا تسلك في الظلام قط (يو 12: 35). فلا يمسك بك الظلام في الأيام الأخيرة، ولا يستخدمك الليل المظلم، إنما تكون على الدوام في النور، في بهاء المعرفة، يكون لك الإيمان العظيم بدون توقف وتتمتع بنور المحبة والسلام بلا انقطاع[222]].



    6. تقديم التيس الأول:
    يُذبح التيس الأول الذي وقعت قرعته إنه ليهوه، ويفعل بدمه كما فعل بدم الثور، إذ ينضح على الغطاء وقدام الغطاء على الأرض، ثم يخرج ليضع الوعاء على قاعدة ذهبية.

    "فيكفر عن القدس من نجاسات بني إسررئيل ومن سيآتهم مع كل خطاياهم. وهكذا يفعل لخيمة الإجتماع القائمة بينهم في وسط نجاساتهم" [16].

    يكفر رئيس الكهنة بالدم عن القدس لئلا يكون قد أساء إليه أحد من بني إسرائيل كهنة أو شعبًا – طالبًا مراحم الله على البيت حتى لا يتركه الرب بسبب خطاياهم. فقد أسلم الرب تابوت العهد لأيدي الفلسطينيين (1 صم 4: 11)، كما أسلم الهيكل وأوانيه للبابليين (2 مل 25: 8-17) بسبب رجاسات بني إسرائيل المتكررة.

    يتم هذا التكفير بمزج دم الثور بدم التيس في القدس، ثم ينضح رئيس الكهنة على القدس ومشتملاته ثم يخرج خارجًا لينضح على الدار الخارجية. وكأن رئيس الكهنة يعترف أنه هو والكهنة والشعب يخطئون في حق الله وبيته ويطلبون المغفرة في استحقاقات الذبيحة حتى يبقى الله حالاً في وسطهم خلال بيته المقدس.

    يتم ذلك في الوقت الذي فيه ينتظر الكهنة مع الشعب في الدار الخارجية، بينما يقوم رئيس الكهنة بالعمل في قدس الأقداس بمفرده، إشارة إلى السيد المسيح الذي وحده دخل إلى الأقداس السماوية بدمه لتقديسنا، وكما يقول الرسول: "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس ققد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات" (عب 7: 26).

    بقوله: "لا يكن إنسان في خيمة الإجتماع من دخوله للتكفير في القدس إلى خروجه" [17]. يعلن أنه لا يستطيع أحد من البشر أن يقوم بدور الكفارة إنما الحاجة إلى رئيس الكهنة الفريد ربنا يسوع المسيح. يقول القديس أغسطينوس: [إعتاد رئيس الكهنة أن يدخل قدس الأقداس بمفرده لكي يطلب عن الشعب ولا يدخل معه أحد إلى المقدس الداخلي هكذا يدخل رئيس كهنتنا الأماكن السرية للسموات في قدس الأقداس الحقيقي، أما نحن فلازلنا هنا نصلي[223]].

    ويقدم لنا العلامة أوريجانوس تعليقًا روحيًا على هذه العبارة بقوله: [أظن أن الذي يتبع المسيح يخترق معه إلى داخل الخيمة ويصعد معه إلى أعلى السموات، لا يكون بعد إنسانًا وإنما يكون كالقول "كملاك الله" (مت 22: 30)، وتكمل فيه كلمات الرب: "أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم" (مز 82: 6). إذن لنكن مع الرب بروح واحد، وفي مجد قيامته نعبر إلى طقس الملائكة، وبهذا لا يكون هناك إنسان[224]]. بمعنى آخر إذ انطلق ربنا يسوع المسيح إلى الأقداس يكفر عنا، لا يقدر إنسان أن يكون معه مالم يتحد فيه كعضو في جسده المقدس فنُحسب كسمائيين، نحمل حياته السماوية فينا!



    7. تقديم التيس الثاني:
    بعد تقديم التيس الأول بذبحه والتكفير بدمه، يأتي دور التيس الثاني الذي لعزازيل [20]، الذي يوقف أمام الباب خيمة الإجتماع ليعرضه أمام الله ثم يضع رئيس الكهنة يديه على رأسه وكأنه يلقي بكل الخطايا عليه، ويعترف عن خطاياه وخطايا الشعب كما سبق فرأينا قبلاً وبنفس العبارات.

    يُرسل التيس مع أحد الكهنة يعينه رئيس الكهنة ليطلقة في البرية عند صخرة تسمى "زك" على جبل عالٍ، تبعد حوالي 12 ميلاً من أورشليم بينما يوجد عشرة أكواخ على بعد ميل من كل كوخ وآخر، وعندما يصل الكاهن إلى كوخ يخرج منه رجل يصحبه في الطريق حتى الكوخ التالي وهكذا، وإذ يصل الكاهن إلى الصخرة يقطع الخيط القرمزي المربوط به التيس إلى جزئين، يربط جزءًا منه في الصخرة، والآخر بقرني التيس، ثم يلقى بالتيس من أعلى الصخرة ليسقط ميتًا فلا يستخدمة أحد. وإن كان الطقس حسب الكتاب المقدس أمر بإطلاقه لا بقتله.

    إذ يلقي الكاهن التيس من الصخرة يُعطي إشارة بعلم خاص يراها من هو بالكوخ الأخير، وذاك يعطي إشارة يراها الذي قبله، وهكذا في لحظات يصل الخبر إلى أورشليم في الهيكل أن التيس قد طرد... فيشعر الشعب كله براحة خاصة، كأن خطاياهم طوال العام قد طردت عنهم.

    يُقدم لنا العلامة أوريجانوس تفسيرًا رمزيًا للتيس الحيّ الذي يطلق في البرية، إذ يقول: [التيس الحيّ المطلق يخفي وراءه معنى الطرد أو الرفض. تستطيع أن تفهم ذلك بمثال: إن صعد في قلبك فكر ردئ كإشتهاء إمرأة قريبك أو امتلاك ما هو لجارك، إعلم أن هذا الفكر من نصيب التيس المطلق. إلقه عنك دفعة واحدة، أطرده من قلبك! تقول: كيف ألقه عني؟ إن كان فيك استقامة الرجل المستعد، أي أن كان بين يديك النص الإلهي، وكانت وصايا الرب أمام عينيك، فبالحقيقة تكون مستعدًا أن تلقي عنك ما هو نصيب الغريب وتطرده عنك. أيضًا إن صعد إلى قلبك غضب أو حقد أو حسد أو شراسة لكي تتعقب أخاك (هو 12: 3)، كن مستعدًا أن تلقي هذه الأمور وتطردها في البرية. وعلى العكس إن صعد إلى قلبك أفكار من الرب (1 كو 7: 34) من تسامح وتقوى وسلام فلترتفع لكي تقدم على المذبح إذ هي نصيب الرب، يأخذها الكاهن وتتصالح مع الرب[225]].

    نختم حديثنا عن هذا التيس المطلق كمن هو مرفوض ومطرود في البرية بما جاء في رسالة برناباس في القرن الثاني الميلادي إنه يمثل السيد المسيح الذي حمل اللعنة وصار من أجلنا مطرودًا، أما الخيط القرمزي الذي يتوج به رأسه فيُشير إلى ظهوره في اليوم العظيم أما الذين سخروا به وطعنوه ويدركون أنهم صلبوا إبن الله. هذا وإن وجود هذا الخيط القرمزي على رأسه هو إعلان عن التزام تابعيه أن يحتملوا الألم حتى الموت من أجله[226]. هذا ويرى العلامة ترتليان[227] في التيس المطلق تكميلاً لعمل التيس الأول الذي ذُبح، فالمقدم على المذبح كذبيحة خطية يُشير إلى ذبيحة المسيح التي يتناولها الكهنة الروحيون الساكنون في بيت الرب، أما التيس المطلق فيُشير إلى ذات الذبيحة بكون السيد المسيح الذبيح قد طُرد خارج المحلة.



    8. تقديم المحرقات وذبيحة الخطية:
    إذ ينتهي رئيس الكهنة من خدمة يوم الكفارة يدخل إلى القدس ويخلع الثياب الكتانية ويستعد لارتداء الملابس التي للمجد (خر 28) ويقوم بتقديم المحرقات عن نفسه وعن الشعب بعد أن يرحض جسده.

    لم يكن ممكنًا لرئيس الكهنة أن يقدم المحرقات التي هو موضوع سرور الله إلاَّ بعد التكفير عن نفسه والكهنة وعن كل الشعب خلال ذبيحة الخطية. إذ لا يقدر المؤمن أن يُقدم ذبيحة التسبيح والفرح إلاَّ بعد تقديم التوبة لنوال المغفرة في استحقاقات الدم.

    كان رئيس الكهنة أيضًا يلتزم بتقديم محرقات إضافية للعيد وهي ثور وكبش وسبعة خراف حوليه (عد 29: 7-11) مع تقدماتها وسكائبها (عد 28: 12-14). وإن كان بعض الدارسين يرون أن هذه الذبائح الإضافية تُقدم بعد المحرقة الصباحية الدائمة قبل البدء في طقس يوم الكفارة.

    يقدم رئيس الكهنة أيضًا ذبيحة خطية إضافية هي تيس من المعز (عد 29: 10-11). ربما خشية أن تكون هناك أخطاء قد ارتكبها سهوًا أثناء خدمة اليوم سواء من جانب رئيس الكهنة أو الكهنة أو الشعب.

    أما الذي أطلق التيس الحيّ إلى عزازيل فيغسل ثيابه ويرحض جسده بماء، وبعد ذلك يدخل المحلة... هذا العمل ربما يُشير إلى ما فعله ربنا يسوع المسيح الذي غسل طبيعتنا بدمه على الصليب في وقت المساء حتى يدخل بنا إلى مقدسه السماوي.

    أما بالنسبة للحم ثور الخطية وتيس الخطية وجلدهما مع فرثهما (بقايا الطعام الذي في الأمعاء) فتخرج خارجًا وتحرق بالنار [27] مع أن لحم ذبيحة الخطية العادية وجلدها من نصيب الكهنة.

    في أيام هيكل سليمان كان يحملهما أربعة كهنة شبان، يحمل كل اثنين واحدة منهما على عصوين، وبعد إحراقهما خارجًا يغسلون ثيابهم وأجسادهم ويعودون إلى الهيكل ليقرأوا على الشعب الفصول الخاصة بيوم الكفارة من سفر اللاويين (23: 26-32)، ومن سفر العدد (29: 7-11) والشعب واقفًا يسمع. ثم يباركون الشعب بالبركة الكهنوتية ويطلبون في النهاية من أجل الشريعة والخدمة والإعتراف ومغفرة الخطايا وأورشليم والهيكل وشعب إسرائيل والكهنوت المقدس.

    أخيرًا يُقدم رئيس الكهنة ذبيحة المساء اليومية أو الدائمة بنفسه.



    9. الكفارة فريضة دهرية:
    جعل الله "يوم الكفارة" فريضة دهرية يلتزم بها رئيس الكهنة اللاوي حتى يأتي رئيس الكهنة الأعظم ربنا يسوع فيتممه في جسده ذبيحة فريدة تدخل بنا إلى المقدسات السماوية أبديًا.

    مع هذا الطقس الرهيب الذي كان اليهود يمارسونه بمهابة ورهبة كل عام كانوا يشعرون بالعجز، إذ يمارسون الرمز لا الحق ذاته. يظهر ذلك من نغمة ليتورجيتهم في ذلك اليوم، إذ جاء فيها: [بينما المذبح والهيكل قائمان في موضعهما يكفر عنا تيسان خلال القرعة، لكن الآن بسبب خطايانا لو أن يهوه يود هلاكنا فإنه لا يقبل من أيدينا محرقة أو ذبيحة[228]].
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالثلاثاء 04 أكتوبر 2011, 12:22 pm

    تفسير سفر اللاويين17
    المذبح والذبائح

    هذا الإصحاح نهاية للقسم الخاص بالذبائح. وفيه يعلن أن كل ذبيحة يجب أن تقدم له وأنه هو صاحب الدم أي النفس أو الحياة وهو الذي يعطى لحم الذبائح للشعب ليأكلوا وهو الذي يحدد نصيب المذبح.

    وفى هذا الإصحاح إلغاء لنظام الأباء البطاركة (إبراهيم / إسحق / يعقوب / أيوب) فهؤلاء كان كل منهم كرأس لعائلته يقدم ذبائح عن نفسه وعن عائلته. ولكن هذا النظام فتح الباب لأن يعبد كل واحد إلهاً حسب تخيله فدخلت الوثنية. لذلك نجد هنا أهمية إرتباط الذبيحة بمذبح واحد هو مذبح الرب

    ونرى في هذا الإصحاح قوة الفداء في الدم، فالدم يكفر عن النفس وبدون الدم لا يمكن أن نتبرر.



    الأيات 3 – 5:- كل انسان من بيت اسرائيل يذبح بقرا أو غنما أو معزى في المحلة أو يذبح خارج المحلة. والى باب خيمة الاجتماع لا ياتي به ليقرب قربانا للرب امام مسكن الرب يحسب على ذلك الانسان دم قد سفك دما فيقطع ذلك الانسان من شعبه. لكي ياتي بنو اسرائيل بذبائحهم التي يذبحونها على وجه الصحراء ويقدموها للرب إلى باب خيمة الاجتماع إلى الكاهن ويذبحوها ذبائح سلامة للرب.

    ماذا تعنى هذه الشريعة؟ هل تحرم على إسرائيل ذبح الحيوانات المحلله للأكل خارج باب خيمة الإجتماع، وتلزمهم بتقديم كل ذبائحهم كذبائح سلامة للرب (هذا معنى آية 6)؟ هناك رأيان

    الرأى الأول :- إن هذا النص يفسر حرفياً بالنسبة لشعب بنى إسرائيل في البرية فقد كان الله يهتم بأكلهم وشربهم (من وسلوى وماء من الصخرة) فلم يصرح لهم بذبح حتى الحيوانات المحللة إلا خلال الذبائح المقدمة للرب. وقد يكون خوفاً من أن يذبحوا للأوثان أو بحسب الخرافات الوثنية لذلك إشترط أن الذبح يكون عند باب خيمة الإجتماع ليكون للرب نصيب فيها. إذاً هي شركة يرى فيها اليهودى أن خطاياه مغفورة ويرى قبول الله له (الشحم يحرق على المذبح) والكاهن حصل على نصيبه وأكل اليهودى وأخوته. وربما أراد الله أن يمسح خلال هذه الأربعين سنة ما ترسب في أذهانهم من الذبح لأوثان مصر. أما عند بلوغهم أرض كنعان إذ صاروا يأكلون من ثمار الأرض سمح لهم بذبح الحيوانات الطاهرة وأكل لحمها (تث 12: 20 – 22). بشرط أن الذبائح التي للرب تأتى إلى باب الخيمة. وان يقدموا باكوراتهم للرب. وكان هذا الموضوع سهل التنفيذ فالخيمة في وسطهم ولا مانع من تصور أن كل من يريد أن يأكل لحماً يذهب ويذبح أمام الخيمة ويعطى الدم والشحم للمذبح ويعطى نصيب المذبح ويأكل الباقى (شريعة ذبيحة السلامة)

    الرأى الثانى :- إن ما ورد في هذا الإصحاح يقصد الذبح لا الطعام وإنما كذبائح للرب. إذ أراد تأكيد عدم تقديم ذبائح للعبادة خارج دائرة الخيمة أو الهيكل، أي بعيداً عن مذبح الرب، حتى لا ينحرف الشعب لعبادة الأوثان

    وهناك إستثناءات لظروف مختلفة وقد سمح الله بها لبعض رجاله تذكاراً لأعماله العظيمة ومراحمه معهم والتي ظهرت في أماكن غير الهيكل. وفعل هذا يشوع على جبل عيبال (يش 8: 20) وجدعون (قض 6: 25 – 27) وصموئيل (1صم 7: 5 – 11) وداود النبى في بيدر أرونة اليبوسى (2صم 24: 18 – 25) وإيليا (1مل 18: 19 – 40)

    مذبح العهد الجديد :- هذا نجد عليه جسد ودم المسيح المبذول عنا. وهذا المذبح تنبأ عنه إشعياء حين قال "فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر" أش 19: 19 وهذا لا يمكن أن يكون مذبح يهودى فاليهود لا يمكن لهم إقامة مذبح خارج أورشليم.

    لكى يأتى بنو إسرائيل = هذا هو سبب أمر الرب بالذبح إلى باب خيمة الإجتماع فقط وهذا هو السبب في منع تقديم ذبائح خارج أورشليم فالإثنين واحداً لأن الهيكل كان موجوداً في أورشليم فقط.

    على وجه الصحراء = فهم متجولين فى الصحراء. وأيضاً كان الوثنيين يقدمون ذبائحهم في الصحراء للشياطين وكانوا يعتقدون أن الدم هو غذاء ألهتهم الوثنية وفي طقوسهم كان يصاحبها ممارسات تهتكية والله أراد منع كل هذه الممارسات الشيطانية

    إلى باب خيمة الإجتماع = هذا هو مكان لقاء الله مع الخاطئ أي الصليب (مذبح المحرقة)

    قد سفك دماً. يحسب على ذلك الإنسان دم = أي إنسان لا يطيع كلام الله ويذبح خارج الشريعة التي سلمها الله لهم فهو سفك دم أحدى خلائق الله دون سماح منه وتفهم الآية في ضوء ما سبق أن كل الممارسات الوثنية ستسبب في قطع تلك النفس من شعبها



    آية 7:- و لا يذبحوا بعد ذبائحهم للتيوس التي هم يزنون وراءها فريضة دهرية تكون هذه لهم في اجيالهم.

    للتيوس = وردت في الإنجليزية شياطين بدل تيوس فهى إذن آلهة وثنية على شكل تيوس. وكان الشعوب حول إسرائيل تعبد هذه الألهة التيوس كالمصريين والفرس واليونان والرومان لذلك رسم المسيحيون الأوائل الشيطان كتيس له أظافر طويلة وذيل طويل وقرون وكانت هذه الألهة نصفها إنسان ونصفها الأخر تيس والشعب اليهودى نقل هذه العبادات ومارسها (يش 24: 14 + حز 7:20)



    الأيات 8، 9:- و تقول لهم كل انسان من بيت اسرائيل ومن الغرباء الذين ينزلون في وسطكم يصعد محرقة أو ذبيحة. ولا ياتي بها إلى باب خيمة الاجتماع ليصنعها للرب يقطع ذلك الانسان من شعبه.

    كل إنسان... من الغرباء = الذين عاشوا في وسطهم وهؤلاء تدينوا بدين اليهود وإختتنوا وعليهم الإلتزام بنفس الشريعة بعد أن كان كل واحد يقدم ذبائحه بنفسه بنظام الآباء البطاركة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). الله يريد وحدة وسط شعبه



    آية 10:- و كل انسان من بيت اسرائيل ومن الغرباء النازلين في وسطكم ياكل دما اجعل وجهي ضد النفس الاكلة الدم واقطعها من شعبها.

    أجعل وجهى ضد = أي أجعل غضبى ففي الوجه تظهر علامات الغضب



    آية 11:- لان نفس الجسد هي في الدم فانا اعطيتكم اياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم لان الدم يكفر عن النفس.

    الدم يكفر عن النفس.. أعطيتكم إياه على المذبح = راجع أف 1: 7 + كو 1: 14 فالدم يعادل حياة الذبيحة وهنا فكرة حياة بدل حياة أي فداءً عنكم وتكفيراً عنكم. ولذلك لا يسمح الله بأكل الدم فالحياة هي له (سبق الحديث عن هذا في الذبائح)



    آية 13:- و كل انسان من بني اسرائيل ومن الغرباء النازلين في وسطكم يصطاد صيدا وحشا أو طائرا يؤكل يسفك دمه ويغطيه بالتراب.

    كان مسموحاً بصيد وأكل الحيوانات الطاهرة مثل الغزال والوعل والطيور وبالنسبة للدم المسفوك يغطيه بالتراب = وهذا فيه توقير للحياة حتى لا يطأ أحد الدم برجليه ففي تغطية الدم بالتراب فكرة الدفن وأن الحيوان أخذ من التراب وإلى التراب يعود. وفي هذا أيضاً إبعاد شبهة كل عبادة وثنية.



    الأيات 15 – 16:- و كل انسان ياكل ميتة أو فريسة وطنيا كان أو غريبا يغسل ثيابه ويستحم بماء ويبقى نجسا إلى المساء ثم يكون طاهرا. وان لم يغسل ولم يرحض جسده يحمل ذنبه

    حرمت الشريعة أكل الحيوانات الميته طبيعياً أي التي ماتت دون أن تذبح (موت طبيعى أو نتيجة إفتراس وحش لها) لنفس السبب السابق فهذه ستكون بدمها أي دمها فيها. والدم ممنوع أكله. وكان أكل الجثث ممنوع ومن يفعل ذلك يقطع من الشعب أو يجلد. ولكن الشريعة هنا لمن يأكل دون أن يعلم. فيجب أن يتطهر وهذا أيضاً راجع لأسباب صحية (قد تكون هناك عدوى أو إفترس الذبيحة ثعبان أفرز سمه فيها) وله أسباب إنسانية فلا يصح لإنسان أن يأكل فضلات وحوش ويشترك مع الوحوش في مائدة واحدة. وقد قررت الكنيسة منع الدم والمخنوق والزنا (أع 15) لإرتباطها بالطقوس الوثنية.



    الإصحاحات 18، 19، 20، 21، 22

    شرائع التقديس

    أبرز سفر اللاويين بشاعة الخطية ونتائجها المرة على حياة الإنسان (مرض البرص والسيل من الجسم...) وما تؤديه من إنفصال للنفس عن الله مصدر حياتها وأبرز لنا القداسة التي بدونها لن يعاين أحد الله. وقد رأينا أن القداسة لها شقان ا- الأول عمل الدم في التقديس ب- الثانى دور الإنسان وجهاده حتى يثبت في القداسة.

    وقد تم شرح عمل الدم في التقديس في موضوع الذبائح.

    وقد تم شرح الطريقة التي يتبعها الإنسان ليتقدس في موضوع الحيوانات والطيور الطاهرة وغير الطاهرة....الخ ونأتى هنا إلى هذه المجموعة من الإصحاحات التي تقدم الشرائع العملية التي تمس المعاملات سواء مع الله أو مع الإخوة. وتنقسم هذه الإصحاحات إلى

    1- شرائع تخص قداسة الشعب ص 18 – 20

    2- شرائع تخص قداسة الكهنة ص 21

    3- شرائع تخص قداسة الأقداس ص22

    وقد يثور سؤال! لماذا يتكلم الله في هذه التفاصيل؟

    هذا لأن الله يعرف أن الإنسان ساقط بطبيعته ونجس ومرذول، فالله لو كان يشرع لملائكة لما إحتاج لمثل هذا الكلام ولكن هو وحده الذي يعرف طبيعتنا وراجع رو 1: 23 – 32 لترى صورة الإنسان وما وصل إليه وترى السبب في ما وصل إليه الإنسان من إنحدار وهو أن الإنسان لم يستحسن أن يبقى الله في معرفته فأسلم الله الإنسان إلى ذهن مرفوض ففعلوا ما لا يليق.

    وبالنسبة لموضوع الذبائح فقد إنتهت كرمز بمجئ المسيح المرموز إليه. أما كل الشرائع الأدبية الباقية فلم يأتى نص ليلغيها ولا زالت سائدة.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالثلاثاء 04 أكتوبر 2011, 12:25 pm

    تفسير سفر اللاويين 18
    نجد هنا شريعة الزيجات المحرمة وقد أسماها هنا كشف عورة بدلاً من أن يسميها زواج. فالزيجة المحرمة لا تستحق أن تسمى زواج. فالزواج ناشئ عن حب مقدس طاهر ولكن الزيجة المحرمة ليست هي أكثر من شهوة محرمة فاسدة والله لا يعترف بها كزواج. (1تس 4: 5 – 7). والله لا يمنع مثل هذه الزيجات لأنه يريد أن يعطى أوامر ونواهى، بل الله هنا يرسم الطريق لشعبه حتى يتمتعوا بالحياة المقدسة ولأن يصير هذا الشعب شعباً لله القدوس، وأخيراً حتى لا ينجسوا الأرض بالشر فتلفظهم الأرض. وهذه الشرائع تتحدث عن الزواج وليس الزنا فالزنا له شريعة أخرى.



    الأيات 2 – 5:- كلم بني اسرائيل وقل لهم انا الرب الهكم. مثل عمل ارض مصر التي سكنتم فيها لا تعملوا ومثل عمل ارض كنعان التي انا ات بكم اليها لا تعملوا وحسب فرائضهم لا تسلكوا. احكامي تعملون وفرائضي تحفظون لتسلكوا فيها انا الرب الهكم. فتحفظون فرائضي و احكامي التي اذا فعلها الانسان يحيا بها انا الرب.

    أنا الرب إلهكم = يبدأ بقوله هذا حتى يدركوا مركزهم السامى وأن إنتمائهم لله فيمتنعوا عن الخطية. وهذا القول يشبه قول السيد المسيح "كونوا كاملين كما أن أباكم.. هو كامل" مت 5: 48. وتنتهى العبارة بقوله أنا الرب وفى المنتصف يقول أنا الرب إلهكم. وهذا يعنى أن الله البداية والنهاية وهو الطريق. وأن هذه الوصايا هو سر شبع شعبه لو نفذوها.

    مثل عمل أرض مصر.. ومثل عمل أرض كنعان.. لا تعملوا = الله أخرجهم من مصر ثم أباد أمامهم كنعان حتى يعزلهم ويفرزهم له شعباً مميزاً. فلا يليق بهم أن يسلكوا بذات سلوك من استعبدوهم بل تكون لهم شريعتهم الروحية التي تميزهم عن هؤلاء. وقوله هذا يعنى أنه لابد أن تكون لهم مقاييسهم المختلفة عن مصر وكنعان فالله هو إلههم ومقاييسنا نحن "أبوكم كامل" ونري في المسيح الوداعة والتواضع والكمال التام.



    آية 6:- لا يقترب انسان إلى قريب جسده ليكشف العورة انا الرب.

    قريب جسده = أصلها قريب لحمه أي من هم لحمه. والعورة = عضو التناسل



    آية 7:- عورة ابيك وعورة امك لا تكشف انها امك لا تكشف عورتها.

    حين يقول عورة أبيك فهذه موجهة للبنت وحين يقول عورة أمك فهذه موجهة للإبن. وقد سمحت بعض الشعوب كالمجوس بهذا (الإبن يتزوج أمه)



    آية 8:- عورة امراة ابيك لا تكشف انها عورة ابيك.

    هذا ما حدث في كورنثوس 1كو 5: 1. وهذا ما أفقد رأوبين بكوريته.



    آية 9:- عورة اختك بنت ابيك أو بنت امك المولودة في البيت أو المولودة خارجا لا تكشف عورتها.

    المولودة في البيت = حين يترمل الأب ويتزوج من أرملة لها بنت فهذه البنت تسمى مولودة خارجاً =. وبعد الزواج قد تنجب بنتاً أخرى فتسمى مولودة في البيت وكلتاهما محرمة على إبن الرجل المترمل، فهما أصبحا أختيه. أو لو كان للأب أي بنت من زواج سابق = عورة أختك بنت أبيك = فهى أيضاً أخته لا يتزوجها.



    الأيات 10، 11:- عورة ابنة ابنك أو ابنة بنتك لا تكشف عورتها انها عورتك. عورة بنت امراة ابيك المولودة من ابيك لا تكشف عورتها انها اختك.

    آية 10 تمنع الزواج بالأحفاد وأية 11 مشروحة في آية 9



    الأيات 12 – 15:- عورة اخت ابيك لا تكشف انها قريبة ابيك. عورة اخت امك لا تكشف انها قريبة امك. عورة اخي ابيك لا تكشف إلى امراته لا تقترب انها عمتك. عورة كنتك لا تكشف انها امراة ابنك لا تكشف عورتها.

    منع الزواج بالعمة والخالة وزوجة العم والكنة (زوجة الإبن)



    آية 16:- عورة امراة اخيك لا تكشف انها عورة اخيك.

    يمنع الزواج من زوجة الأخ في حالتين ا) أن يكون حياً ب) أن يكون قد ترك أولاد.أما إن مات الأخ ولم يترك نسل يتزوج الأخ بزوجة أخيه ليقيم لأخيه نسلاً تث 25: 5 بل إن لم يفعل هذا يهان ويشهر به



    آية 17:- عورة امراة وبنتها لا تكشف ولا تاخذ ابنة ابنها أو ابنة بنتها لتكشف عورتها انهما قريبتاها انه رذيلة.

    تمنع الزواج من إمرأة وبنتها أو من إمرأة وإبنة إبنها أو إبنة بنتها.



    آية 18:- و لا تاخذ امراة على اختها للضر لتكشف عورتها معها في حياتها.

    تمنع الزواج من أختين حتى لا يتحول الحب بينهما إلى منافسة فكراهية وحقد.وكان هذا حتى لو طلق الأولى لا يتزوج بأختها



    لماذا حرمت الشريعة الزواج من القريبات

    1- للحفاظ على قدسية الحياة العائلية. والشاب الذي يحيا في بيت به بنات قريباته عليه أن يتعامل معهم بطهارة فهو يدرك أنه لن يتزوجهم

    2- من أهداف الزواج الإجتماعية إنتشار المحبة بين العائلات والترابط بينهم إجتماعياً وكيف يحدث هذا لو تم التزاوج من داخل البيت.

    3- ثبت طبياً ضعف النسل الناشئ من زواج الأقارب



    آية 19:- و لا تقترب إلى امراة في نجاسة طمثها لتكشف عورتها.

    تمنع إقتراب الرجل من زوجته أثناء مرضها الشهرى فهى تكون في حاله نفسية وصحية لا تسمح بهذا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وإذا تم هذا عمداً يقطعان كلاهما. وفي حالة السهو (لا 15: 19)



    آية 20:- و لا تجعل مع امراة صاحبك مضجعك لزرع فتتنجس بها.

    هذه حالة زنا وهي ممنوعة وعقوبتها الرجم للرجل والمرأة (لا 20: 10)



    آية 21:- و لا تعط من زرعك للاجازة لمولك لئلا تدنس اسم الهك انا الرب.

    تمنع تقديم الأطفال كذبائح بشرية لمولك إله عمون بإجازتهم في النار أمامه

    من هو مولك وما هي الإجازة في النار

    يسمى مولوك وملكوم وهو إله النار وظنوا أن قوة الشمس حالة فيه. وللأسف فقد أقام سليمان هيكلاً له إرضاء لزوجاته الوثنيات. وقد أقامه في وادى هنوم (ويسمى وادى إبن هنوم) الذى إشتق منه كلمة جهنم (جى = أرض هنوم) ولماذا أشتق منه كلمة جهنم. فقد كان تمثاله من نحاس مجوف وتشعل النار داخله. والتمثال بصورة إنسان يبسط ذراعيه ليتقبل القرابين عليها وأما رأسه فرأس عجل متوج بإكليل. ومعنى كلمة مولك ملك فلهما نفس الحروف. وكان هيكله الموجود خارج أورشليم يشتمل على سبعة أقسام للذبائح

    1 - الطيور 2- النعاج وهكذا حتى السابع الذي كان مخصصاً للذبائح البشرية من البنين خصوصاً الأطفال وكانوا يشعلون النار داخل التمثال ويلقون الأطفال على ذراعى التمثال لكى يشووا ولكى لا يسمع الوالدين صراخ الأطفال كان يصحب هذا الطقس دق الطبول عالياً. وكانوا يعتقدون أن تقديم طفل ذبيحة يحفظ باقى إخوته ويباركهم. وأحياناً كانوا يجيزون الأولاد بين النيران المشتعلة أمام التمثال أو يمسكوا الطفل ويرددونه على النار طلباً للبركة ويتصورون إن لم يباركوا أولادهم بإجازتهم في نيران مولك سيموتون في سن مبكرة (أر 7: 31، 19: 5)

    ومولك بهذا يصبح صورة لضد المسيح وهي عكس صورة المسيح تماماً. فالمسيح فتح ذراعيه على الصليب لينقذنا من نار الأبدية. هي صورة قتل عكس صورة حب لا نهائى.

    لئلا تدنس إسم الرب = بأن تظن في نفسك أن مولك يعادل الله وتسىء لإلهك أمام الوثنيين



    الأيات 22، 23:- و لا تضاجع ذكرا مضاجعة امراة انه رجس. ولا تجعل مع بهيمة مضجعك فتتنجس بها ولا تقف امراة امام بهيمة لنزائها انه فاحشة.

    تمنع الشذوذ الجنسى بين الأفراد من جنس واحد أو مع الحيوانات. وهذا وذاك إنتشر بين الشعوب الوثنية في عبادتهم للبعل وعشتروت وكانت هذه خطية سدوم.



    آية 25:- فتنجست الارض فاجتزي ذنبها منها فتقذف الارض سكانها.

    تقذف الأرض = تتقيأ الأرض. هذا ما حدث مع الكنعانيين فقد قذفتهم الأرض أولاً أمام الشعب فهذه كانت خطاياهم. وهذا ما حدث بعد ذلك للشعب حينما فعلوا الشئ نفسه.وبسبب الخطية. أسلمت الخليقة للباطل رو 8: 20. ولاحظ أن الأرض لعنت أيضاً بسبب الخطية. فالله يعلن رضاه حين تكون الأرض في سلام ويعلن سخطه بوسائل منها الزلازل / البراكين / الحروب / الأوبئة / الأرض لا تعطى قوتها / لا مطر ولا ثمر / أفات الزرع.



    آية 29:- بل كل من عمل شيئا من جميع هذه الرجسات تقطع الانفس التي تعملها من شعبها.

    الرجسات = أى الأثام المنجسة وكلمة رجس تعنى فعل قبيح. وكان القطع في العهد القديم غالباً ما يكون بالرجم. أما في العهد الجديد فيكون بالحرمان من الشركة راجع 1كو 5: 1 – 4 وإذا تاب يعود للشركة 2كو 2: 7.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالثلاثاء 04 أكتوبر 2011, 12:26 pm

    تفسير سفر اللاويين 19
    هذا الإصحاح هو مختصر الشريعة. وهو أقسام تنتهى كل منها بقوله أنا الرب إلهك. وكأن هذه العبارة هي محور الشرائع فالشعب مقدس لأنه شعب الله (نسعى كسفراء....) ونجد هنا ترجمة الحياة المقدسة عملياً خلال علاقتنا بالله والوالدين والإخوة.... الخ



    آية 2:- كلم كل جماعة بني اسرائيل وقل لهم تكونون قديسين لاني قدوس الرب الهكم.

    إذاً الله هو سر قداستنا. ولأننا شعبه فيجب علينا الإلتزام بالقداسة لأنه هو قدوس "لكى يرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السموات" نسعى كسفراء كأن المسيح يعظ بنا" والقداسة ليست إمتناعاً عن الشر فحسب ولا حتى مجرد ممارسة لأعمال صالحة وإنما هي قبول لله القدوس فنحمل سماته هبة من عنده وهذا يتم بالمعمودية وبها إنتسبنا لله وصرنا أبناء ودورنا الآن أن نكرس القلب له ونهتم بما فوق لا بما على الأرض ونعتزل الشر أش 52: 11 + رؤ 18: 4) وبهذا نتقدس.



    آية 3:- تهابون كل انسان امه واباه وتحفظون سبوتي انا الرب الهكم.

    تهابون كل إنسان أمه وأباه = قوله كل إنسان تجعل حتى رئيس الكهنة بما له من مركز أسمى من كل إنسان أن يهاب أبويه. وقوله أمه قبل أباه لأن العادة جرت أن الإنسان يحب الأم ويهاب الأب فالوصية هنا تشدد على هيبة الأم وفي الكنيسة نعتبر أن الله هو الأب والكنيسة هي الأم. وتحفظون سبوتى = إقتران الوصيتين معاً تجعلنا نفهم أن دور الأبوين مهم في تلقين الأولاد أهمية حفظ السبت. وعلى الأولاد أن يطيعوا والديهم ويحفظون السبت. والسبت أهميته أنه عهد بين الله وشعبه. هو علامة راحة وبذلك يشير للراحة الأبدية فكل حياتنا علينا أن نسلك وعيوننا على الراحة الأبدية والسماء. وكان للسبت طقسه الخاص وصلواته والإنشغال بالله وهذا ما يجب أن نهتم به في حياتنا. وطاعة الوالدين والسبت علامة الخضوع للسلطة فمن يحترمهم سيخاف الله حتماً



    آية 4:- لا تلتفتوا إلى الاوثان والهة مسبوكة لا تصنعوا لانفسكم انا الرب الهكم.

    الأوثان الحالية هي بطوننا وشهواتنا والمجد العالمى



    الأيات 5 – 8:- ومتى ذبحتم ذبيحة سلامة للرب فللرضا عنكم تذبحونها. يوم تذبحونها تؤكل وفي الغد والفاضل إلى اليوم الثالث يحرق بالنار. واذا اكلت في اليوم الثالث فذلك نجاسة لا يرضى به. ومن اكل منها يحمل ذنبه لانه قد دنس قدس الرب فتقطع تلك النفس من شعبها.

    راجع شريعة ذبيحة السلامة. ولكن لماذا أتت هذه الوصية هنا؟ لاحظ أن ما قبلها معاملات الشخص مع أبائه وما بعدها الإهتمام بالفقراء. وطبيعة هذه الذبيحة هي إشتراك الجميع فيها فى محبة. والغرض من أن تؤكل ولا يبقى منها منعهم من الشراهة والإبقاء منها لأنفسهم. وما دام هذا ممنوعاً فسيضطرون لأن يشركوا الجميع.



    الأيات 9، 10:- و عندما تحصدون حصيد ارضكم لا تكمل زوايا حقلك في الحصاد ولقاط حصيدك لا تلتقط. وكرمك لا تعلله ونثار كرمك لا تلتقط للمسكين والغريب تتركه انا الرب الهكم.

    هذه الأيات تعلم إتساع القلب للمحتاج والغريب فكان عليهم أن يتركوا زوايا الحقل بلا حصاد ولا يلتقطوا الحزم التي تسقط أثناء نقلها. وترك الجوانب هذا يسهل للمسكين أن يأخذ إحتياجه دون إحراج. فهذه الوصية تطلب العطاء ولكن بدون جرح للكرامة والمشاعر. (هذا ما حدث مع راعوث). وكرمك لا تعلله = أى لا تجمعه عدة مرات حتى لا يبقى فيه عنقود واحد. أنا الرب الهكم = الذى أهتم بكم وبالفقراء.



    آية 11:- لا تسرقوا ولا تكذبوا ولا تغدروا احدكم بصاحبه.

    لا تسرقوا = لأنها جاءت بعد وصية زوايا الحقل فكان الله يعتبر أن من يجنى حقله كله أنه سارق. ولا تغدروا = منها عدم سداد الحقوق وعدم الوفاء بالوعود وظلم الأرامل ومنها صورة إخوة يوسف. إذاً هي خطية عدم إنفتاح القلب بالحب للآخرين



    آية 12:- و لا تحلفوا باسمي للكذب فتدنس اسم الهك انا الرب.

    سمح الله بالقسم في العهد القديم حتى لا يتشبهوا بالشعوب الوثنية ويحلفوا بآلهتهم.



    آية 13:- لا تغصب قريبك ولا تسلب ولا تبت اجرة اجير عندك إلى الغد.

    لا تغضب قريبك = أى لا تظلم أحد في حق له. وهناك ظلم قد يحدث عفواً كأن لا يحصل الأجير على أجرته في نفس اليوم. (يع 5: 4).



    آية 14:- لا تشتم الاصم وقدام الاعمى لا تجعل معثرة بل اخش الهك انا الرب.

    لا تشتم الأصم = هذا نوعاً آخر من الظلم، أي إستغلال ضعف الأخرين عوض مساندتهم. وقد تشير لمن يغتاب أحد ويظلمه وهو غير قادر على الدفاع عن نفسه فكأنه أصم. وعلى هذا القياس فيكون من يشتم من يسمع، خطيته أكبر لأنه سمع وجرح وحزن بل إخشى الهك، أنا الرب = الذي يسمع الإهانة ويرى وينتقم. والأعمى الذي نضع أمامه عثرة يدخل فيها من يعثر الأخرين والأطفال الصغار أو أي إنسان برئ.



    آية 15:- لا ترتكبوا جورا في القضاء لا تاخذوا بوجه مسكين ولا تحترم وجه كبير بالعدل تحكم لقريبك.

    لا تحترم وجه كبير = أي لا تنحاز له في القضاء بسب مركزه



    آية 16:- لا تسع في الوشاية بين شعبك لا تقف على دم قريبك انا الرب.

    الوشاية = هي النميمة والإفتراء على الآخرين أمام الناس. ولا تقف على دم قريبك = أي لو أمكنك أن تنقذ حياته ودمه فلتفعل. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فمعنى لا تقف على دم أنك تعرف الحقيقة التي يمكنها إنقاذه لكنك تقف عليها بقدميك وتخبئها. وإرتباط الوشاية بالوقوف على الدم هو أن الوشاية أو النميمة قد تتسبب في هلاكه. وقوله أنا الرب = تعنى أنا أرى وأدافع عن المظلومين



    آية 17:- لا تبغض اخاك في قلبك انذارا تنذر صاحبك ولا تحمل لاجله خطية.

    لا تبغض أخاك في قلبك = هنا وصل الشارع إلى أعماق القلب لينزع منه الحقد. ويطلب أن أعاتب أخى وأنبهه لخطأه = إنذاراً تنذر صاحبك = ربما دافع عن نفسه. عوضاً عن أن تحمل فى قلبك خطية حقد وكراهية. فمن يبغض أخاه هو قاتل نفس (1يو 3: 15) أي يقتل نفسه فالغضب والكراهية تقتلان صاحبهما.



    آية 18:- لا تنتقم ولا تحقد على ابناء شعبك بل تحب قريبك كنفسك انا الرب.

    تحب قريبك كنفسك = هى محور النظام الأدبى فالله لا يطيق الكراهية (مت 7: 12)



    آية 19:- فرائضي تحفظون لا تنز بهائمك جنسين وحقلك لا تزرع صنفين ولا يكن عليك ثوب مصنف من صنفين.

    لا تنز بهائمك جنسين = هذه الوصية تمنع التهجين بين جنسين من الحيوانات لإنجاب جنس ثالث. فالله خلق كل شيء كجنسه وكان كل ما فعله حسن (تك 1) والله هو الذي جعل التمييز الطبيعى في رتب مخلوقاته ومن يحاول عكس ذلك يشوش خليقة الله.وإذا كان ما جمعه الله لا يفرقه إنسان فلا يجب أن ما يفرقه الله يجمعه الإنسان. وقد يكون المنع حتى لا يظن الإنسان أنه يخلق خلقة جديدة أو يعدل من خليقة الله. والطبيعة أظهرت أن مثل هذه الحالات تنتج مخلوقات ينقصها شئ. فهناك البغل وهي نتيجة تهجين الحصان والحمار ولكنه جنس عقيم إذن به عيب فالتشويش على خليقة الله يلحق بها عيوب

    وروحياً فالجسد الإنسانى رمزه هنا الحيوان ولو إستسلم للشهوات الجسدية ولم يخضع للروح سيكون عقيماً مشوشاً بلا ثمر يفرح قلب الله.

    وحقلك لا تزرع نصفين = كان الوثنيون يعتقدون أن هذا يسر الهتهم فيباركون زرعهم بالإضافة إلى أن كل نوع له طريقته في الرى ومراعاة التلقيح والحصاد.

    وروحياً فالحقل قد يشير للنفس التي لا يجب أن تخلط بين حب الله وحب العالم وهو يشير للكنيسة التي يجب أن تضم صنفاً واحداً من أولاد الله "جسد واحد فكر واحد رب واحد"

    ولا يكن عليك ثوب مصنف من صنفين = هي أيضاً عادة وثنية سحرية صف 1: 8. والثوب هو كنيسة المسيح (لذلك فثوب المسيح لم يشق) ويجب على الكنيسة أن تتمتع بوحدانية الفكر.



    الأيات 20 – 22:- و اذا اضطجع رجل مع امراة اضطجاع زرع وهي امة مخطوبة لرجل ولم تفد فداء ولا اعطيت حريتها فليكن تاديب لا يقتلا لانها لم تعتق. و ياتي إلى الرب بذبيحة لاثمه إلى باب خيمة الاجتماع كبشا ذبيحة اثم. فيكفر عنه الكاهن بكبش الاثم امام الرب من خطيته التي اخطا فيصفح له عن خطيته التي اخطا.

    شريعة الزنا مع جارية = أمة = هي مازالت أمة لم يفدها خطيبها أي لم تتحرر. هنا نجد تساهل فالشريعة تتعامل مع بدائيين يعتبرون الجوارى والعبيد ملكاً لهم. والتأديب قد يكون لكلاهما إذا ثبت خطأ الأمة (جلدهما ولكن ليس الرجم وهذا هو التساهل) لكن على الرجل تقديم ذبيحة إثم. أما الأمه إذ لا تملك شيء فلا تقدم شئ. وفي الكنيسة فلا تفريق بين الحر والعبد غل 3: 28



    الأيات 23 – 25:- و متى دخلتم الارض وغرستم كل شجرة للطعام تحسبون ثمرها غرلتها ثلاث سنين تكون لكم غلفاء لا يؤكل منها. وفي السنة الرابعة يكون كل ثمرها قدسا لتمجيد الرب. وفي السنة الخامسة تاكلون ثمرها لتزيد لكم غلتها انا الرب الهكم.

    طالبهم الله حين يزرعون أشجار فاكهة لا يأكلوا منها ثلاث سنوات وذلك حتى متى ظهرت أي ثمار تقطع في بدايتها وتلقى. وكانوا يقطفون الثمر في بدايته قبل أن ينضج أو يقطفون الزهر ويدفنونه في الأرض كما هو أو محروقاً فيكون سماداً للأرض ليعطى قوة للشجر. وفي شجر الزيتون مثلاً لو فرح الغارس بالثمار في السنوات الأولى تمتص الثمار العصارة ويصيب الشجرة بالعجز، أما أن نزعت الثمار في السنوات الأولى تنمو الشجرة. وفي السنة الرابعة يكون الثمر كثيراً فيقدم كبكور لله. فلا يصح أن نقدم البكور من الثمر الضعيف. وكان ثمرها في السنة الرابعة لتمجيد الرب فكانوا يبيعون الثمر وينفقون الثمن على الهيكل. ولأن الثمر الأولى يقطع ويرمى ولا يستعمل أسماه الله غرلة = ثمرها غرلتها. لتزيد لكم غلتها = بهذا تتقدس الشجرة وتتبارك وبالنسبة للإنسان:- السنة الأولى = الفردوس والسنة الثانية = الناموس الطبيعى والسنة الثالثة = ناموس موسى وفي كلها فشل الإنسان أن يقدم ثمراً أما في الرابعة فقد وجد المسيح البكر الحقيقى الذي قدمته البشرية من شجرتها للآب فتقدست الشجرة كلها.



    آية 26:- لا تاكلوا بالدم لا تتفاءلوا ولا تعيفوا.

    لا تأكلوا بالدم = كان الوثنيون يجمعون الدم في طسوت ثم يجتمعون ليأكلوا حولها ويرون في هذا شركة مع الآلهة، هم لهم اللحم والآلهة لها الدم. وسبق الحديث عن حكمة منع أكل الدم.

    لا تتفائلوا ولا تعيفوا = لا تتفائلوا بالعبرية لا تنحشوا ومنها كلمة نحس أى لا تعتبرون أن شيئاً نحساً عليكم وهم كانوا يتشائمون مثلاً من وقوع اللقمة من الفم أو سقوط العصا من اليد أو من صراخ الولد وراء والده وحين يخرج أو من نعيب البوم وهذه أنواع من السحر والشعوذة. ومنها ما يستخدم لمعرفة المستقبل كما قال يوسف لإخوته "كيف يتفاءل المصريون وذلك من خلال الفقاعات التي تظهر في الكأس أما العيافة فهى كانت بمراقبة إتجاه طيران الطيور بحسب الإتجاه ويتشائمون أو يتفائلون. ولاحظ أن إعتبار شيئاً نحس هو طريقة لمعرفة المستقبل أيضاً.



    آية 27:- لا تقصروا رؤوسكم مستديرا ولا تفسد عارضيك.

    كانت عادة الوثنيين قص شعرهم وإبقاء جزءاً في شكل سطح مستدير وسط الرأس إرضاء لألهتهم (أر 9: 26) أما العارضان فهى جانبا اللحية يقصونهما وتترك اللحية في الجزء الأسفل يغطى الذقن = لا تفسد عارضيك



    آية 28:- و لا تجرحوا اجسادكم لميت وكتابة وسم لا تجعلوا فيكم انا الرب.

    كان الوثنيون في إفراطهم في الحزن على ميت يدهنون وجوههم بصبغة سوداء وزرقاء ويمزقون ثيابهم ويجرحون أجسادهم. وهذه التصرفات تكشف عن فقدان الرجاء (1تس 4: 13، 14). والوشم = كان الوثنيون يرسمون الهتهم الوثنية على أجسادهم كوشم علامة تعلقهم بهذه الألهة وللتمتع ببركتها.



    آية 29:- لا تدنس ابنتك بتعريضها للزنى لئلا تزني الارض وتمتلئ الارض رذيلة.

    قديماً كان بعض الرجال يسلمون بناتهم للزنى لأجل مكسب مادى أو كعمل تعبدى للآلهة الوثنية حيث يسمونهم ناذرات أنفسهن. وهم يقدمون أجرهن للهيكل الوثنى.



    آية 31:- لا تلتفتوا إلى الجان ولا تطلبوا التوابع فتتنجسوا بهم انا الرب الهكم.

    كانوا يتصورون أن الجان مخلوقات روحية مستقلة أو هم أرواح الموتى ومنهم من قال أنها الشياطين ومنهم من قال إنها صورة خيالية. وهم كانوا يحاولون الأتصال بها كقوى فوق الطبيعة لمعرفة المستقبل وإلحاق الضرر بأعدائهم. وكان هناك من يسمونهم التوابع وهؤلاء أشخاص تدخل فيهم هذه الأرواح وتتكلم على ألسنتهم. وكان هؤلاء التوابع ينبئون عن المستقبل مثل روح العرافة الذي أخرجه بولس الرسول (أع 16: 16 – 18) (هذا ما يسمى الأن تحضير الأرواح والعمل وفك العمل والحجاب....الخ من أعمال الشياطين). وهذا يحرمه الله لأن معناه الوحيد أن الله غير قادر على حمايتى وتدبير أمورى لذلك أنا أذهب للشيطان.



    آية 32:- من امام الاشيب تقوم وتحترم وجه الشيخ وتخشى الهك انا الرب.

    إذا تعلمنا إحترام الكبار سنتعلم إحترام الرب فهو القديم الأيام. ولذلك في هذه الأية يربط بين إحترام الشيخ

    وخشية الرب

    آية 33:- و اذا نزل عندك غريب في ارضكم فلا تظلموه.



    يربط دائماً بين الغريب واليتيم والأرملة فالغريب يشعر أنه متيتم (تث 10: 18) والمسيح كان كغريب وسط شعب إسرائيل ولكن الشعب لم ينفذ الوصية بل لم يكن له أين يسند رأسه.



    آية 35:- لا ترتكبوا جورا في القضاء لا في القياس ولا في الوزن ولا في الكيل.

    الإلتزام بالعدالة وعدم الغش



    آية 36:- ميزان حق ووزنات حق وايفة حق وهين حق تكون لكم انا الرب الهكم الذي اخرجكم من ارض مصر.

    الإيفة = مكيال للحبوب = 10 عُمُر = 22.961 لتراً

    الهين = 5 لتر تقريباً.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالثلاثاء 04 أكتوبر 2011, 12:28 pm

    تفسير سفر اللاويين 20
    كان من المفروض أن يأتى هذا الإصحاح بعد الإصحاح 18 ولكن تأجل حتى يأتى بعد الإصحاح 19 لأن الله أراد أن يكلمهم عن السنن والشرائع السامية قبل أن يحدثهم عن العقوبات فهؤلاء الذين يرفضون تنفيذ الوصية لأنهم لا يريدون القداسة عليهم أن يخافوا من العقوبات. ونجد هنا أن العقوبة المشهورة إما الرجم أو الحرق. والرجم كان يبدأ بمرور المحكوم عليه فى شوارع المدينة وأمامه مناد يعلن جريمته ويسأل هل هناك من لديه ما يفيد تبرئته. وبعد ذلك يقتاده لمكان تنفيذ العقوبة وكان هناك طريقتين

    1- إلقاء المحكوم عليه فوق صخرة من مكان عال وإذا لم يمت يلقون عليه حجر كبير.

    2- رجم المحكوم عليه بالحجارة حتى يموت.

    ولاحظ أن هذه المدة خلال سيره في شوارع المدينة وحتى رجمه كانت له فرصة أن يقدم توبة. أما الحرق بالنار فكانوا يقولون أن الله حين أحرق ناداب وأبيهو إبنى هرون ترك جثتيهما دون أن يتشوهوا لذلك كانوا يسكبون الرصاص المنصهر في فم المحكوم عليه. ونجد هنا عقوبات صارمة ضد مرتكبى خطايا السحر والزنا. وكانت هذه العقوبات تظهر للآخرين نتائج الخطية لعلهم يرتدعوا هم أيضاً وحتى تتطهر الجماعة من الشر الذي فيها. وعقوبتى الرجم والحرق فيها إشارة لمصير الخاطئ (الموت والنار الأبدية) وهي عقوبات قاسية ولكن كان هذا الشعب بدائى غليظ الرقبة. وتأديبات الله هي علامة إهتمام الله بشعبه ورغبته في خلاصهم وتقديسهم. وبالنسبة للمسيحية فهى إهتمت بالروحيات والسمائيات وتركت التشريع المدنى والجنائى.



    الأيات 2 – 5:- و تقول لبني اسرائيل كل انسان من بني اسرائيل ومن الغرباء النازلين في اسرائيل اعطى من زرعه لمولك فانه يقتل يرجمه شعب الارض بالحجارة. واجعل انا وجهي ضد ذلك الانسان و اقطعه من شعبه لانه اعطى من زرعه لمولك لكي ينجس مقدسي ويدنس اسمي القدوس. و ان غمض شعب الارض اعينهم عن ذلك الانسان عندما يعطي من زرعه لمولك فلم يقتلوه. فاني اضع وجهي ضد ذلك الانسان وضد عشيرته واقطعه وجميع الفاجرين وراءه بالزنى وراء مولك من شعبهم.

    طلب الرب من الشعب أن يرجموا من يعطى من أولاده = زرعه لمولك فإن تهاونت الجماعة في ذلك يقف الله نفسه ضده = وأقطعه من شعبه = يميته الله مباشرة ولا ينتظر الجماعة. وإن أغمضت الجماعة عينها عن تلك الخطية فالله يضع العشيرة وجهه ضد أو الجماعة = أي يظهر غضبه عليهم بالقطع.



    الأيات 6 – 26:- و النفس التي تلتفت إلى الجان والى التوابع لتزني وراءهم اجعل وجهي ضد تلك النفس واقطعها من شعبها. فتتقدسون وتكونون قديسين لاني انا الرب الهكم. وتحفظون فرائضي وتعملونها انا الرب مقدسكم. كل انسان سب اباه أو امه فانه يقتل قد سب اباه أو امه دمه عليه. واذا زنى رجل مع امراة فاذا زنى مع امراة قريبه فانه يقتل الزاني والزانية. واذا اضطجع رجل مع امراة ابيه فقد كشف عورة ابيه انهما يقتلان كلاهما دمهما عليهما. واذا اضطجع رجل مع كنته فانهما يقتلان كلاهما قد فعلا فاحشة دمهما عليهما. واذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امراة فقد فعلا كلاهما رجسا انهما يقتلان دمهما عليهما. واذا اتخذ رجل امراة وامها فذلك رذيلة بالنار يحرقونه واياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم. واذا جعل رجل مضجعه مع بهيمة فانه يقتل والبهيمة تميتونها. واذا اقتربت امراة إلى بهيمة لنزائها تميت المراة والبهيمة انهما يقتلان دمهما عليهما. واذا اخذ رجل اخته بنت ابيه او بنت امه وراى عورتها ورات هي عورته فذلك عار يقطعان امام اعين بني شعبهما قد كشف عورة اخته يحمل ذنبه. واذا اضطجع رجل مع امراة طامث وكشف عورتها عرى ينبوعها وكشفت هي ينبوع دمها يقطعان كلاهما من شعبهما. عورة اخت امك أو اخت ابيك لا تكشف انه قد عرى قريبته يحملان ذنبهما. واذا اضطجع رجل مع امراة عمه فقد كشف عورة عمه يحملان ذنبهما يموتان عقيمين. واذا اخذ رجل امراة اخيه فذلك نجاسة قد كشف عورة اخيه يكونان عقيمين. فتحفظون جميع فرائضي وجميع احكامي وتعملونها لكي لا تقذفكم الارض التي انا ات بكم اليها لتسكنوا فيها. ولا تسلكون في رسوم الشعوب الذين انا طاردهم من امامكم لانهم قد فعلوا كل هذه فكرهتهم. وقلت لكم ترثون انتم ارضهم وانا اعطيكم اياها لترثوها ارضا تفيض لبنا وعسلا انا الرب الهكم الذي ميزكم من الشعوب. فتميزون بين البهائم الطاهرة والنجسة وبين الطيور النجسة و الطاهرة فلا تدنسوا نفوسكم بالبهائم والطيور ولا بكل ما يدب على الارض مما ميزته لكم ليكون نجسا. وتكونون لي قديسين لاني قدوس انا الرب وقد ميزتكم من الشعوب لتكونوا لي.

    الحكم بالرجم والقطع على من يلجأ للجان ويطلب مشورته ومعونته. والرجم أيضاً لمن يمارس فاحشة (زنى مع المحرمات أو زواجهن أو شذزذ جنسى أو زنا مع البهائم وهنا نجد النص على قتل البهيمة حتى يظهر كراهية الله للخطية وأنه لا يريد أن يترك أثراً لها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والرجم أيضاً لمن يسب أباه أو أمه فمن يسبهما يسب ويهين أبى الأرواح وفي آية (20) يموتان عقيمين = قد تكون بأن يضربهما الله بالعقم أو بموت نسلهما وحرمانهما منه.

    وكانت الشريعة تنص على وجوب إعتراف الخاطئ بخطيته حتى تكون له فرصه للتوبة وعقوبة الرجم تشير لأن الخاطئ قد تحول قلبه لقلب حجرى بلا إحساس وهو الذي رجم نفسه بنفسه بقلبه الحجرى. وحرقه بالنار يشير إلى بشاعة شره إذ ألهبت الخطية مشاعره بنيران الشهوة وأهلكته.



    آية 27:- و اذا كان في رجل أو امراة جان أو تابعة فانه يقتل بالحجارة يرجمونه دمه عليه

    هذه الآية تقارن بأية 26 التي قبلها(وتكونون لى قديسين.....) وإذا كان فى رجل.... جان..... فإنه يقتل هذه تعنى بسبب حرف العطف إما نكون للرب فنحيا قديسين يملك الله علينا. أو نكون لإبليس يملك هو علينا.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالإثنين 17 أكتوبر 2011, 12:27 pm

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 21
    الله يطلب من الشعب أن يحيا في قداسة وبالأولى الكهنة قادة الشعب. إذ كلما زادت المسئولية إلتزم الإنسان بحياة أكثر تدقيقاً.



    الأيات 1 – 9:- و قال الرب لموسى كلم الكهنة بني هرون وقل لهم لا يتنجس احد منكم لميت في قومه. الا لاقربائه الاقرب اليه امه وابيه وابنه وابنته واخيه. واخته العذراء القريبة اليه التي لم تصر لرجل لاجلها يتنجس. كزوج لا يتنجس باهله لتدنيسه. لا يجعلوا قرعة في رؤوسهم ولا يحلقوا عوارض لحاهم ولا يجرحوا جراحة في اجسادهم. مقدسين يكونون لالههم ولا يدنسون اسم الههم لانهم يقربون وقائد الرب طعام الههم فيكونون قدسا. امراة زانية أو مدنسة لا ياخذوا ولا ياخذوا امراة مطلقة من زوجها لانه مقدس لالهه. فتحسبه مقدسا لانه يقرب خبز الهك مقدسا يكون عندك لاني قدوس انا الرب مقدسكم. واذا تدنست ابنة كاهن بالزنى فقد دنست اباها بالنار تحرق.

    شرائع الكهنة

    يليق بالكاهن أن يكون له رجاء " ولا يحزن كالباقين الذين لا رجاء لهم" وهو كمعلم للشعب إن لم يظهر رجاؤه أمام الشعب صار تعليمه بلا فائدة وبلا معنى. ومنع الله الكهنة من أن يتمثلوا في حزنهم بالعادات الوثنية = قرعة فى رؤوسهم وجرح أجسادهم وحلق عوارض لحاهم كعلامة لحزنهم. فهناك حزن مقدس مسموح به لشعب الله ولكن هناك أعمال لا تتفق مع الرجاء. بالإضافة إلى أن مثل هذه التصرفات تفهم أنها إعتراض على مشيئة الله وقراره. والكاهن كوكيل لله مهتم بكل الشعب عليه أن يهتم بكل واحد على أنه أسرته. وقوله يتنجس أحد منكم لميت = تعنى أن يتلامس مع ميت. وكانت شريعة اليهود تقضى بعدم الإقتراب لأكثر من ستة أقدام. والمعنى وراء هذا أن الموت يشير للخطية التي أدت إليه فكان الله يمنعهم من التلامس مع الخطية وليفهموا هذا فقد سمح الله بإقامة ميت بواسطة عظام إليشع. إذاً العظام ليست نجسة لكنها الخطية. ولكن كان يسمح للكاهن أن يدفن أقربائه الأقربين (أمه وأبيه وإبنه وابنته وأخيه وأخته العذراء أي التي لم تتزوج فإذا تزوجت صارت مسئولة من رجل آخر) ويضاف لهؤلاء زوجته = كزوج لا يتدنس بأهله = فهو كزوج لن يتدنس بأحد هؤلاء لو دفنه ولمسه. فهنا الله يراعى العواطف البشرية مع الإرتفاع بالمفهوم البشرى العاطفى. وكلمة زوج في آية (4) هي بعل وتترجم زوج وتترجم أيضاً رئيس (الترجمة الأنجليزية) وإن فهمت أنها رئيس فالأية تعنى أنه كرئيس وسط شعبه عليه أن لا يتنجس بميت. والمسيح صاغ هذا المفهوم بطريقة أخرى " دع الموتى يدفنون موتاهم" أي علينا ألا نرتبك بأمور هذه الحياة. وقد تعجب الشعب حين لم يبكى حزقيال على زوجتة حين ماتت وكان هذا بأمر الرب كرمز لشئ آخر. لكن هذا ما يجعلنا نشعر أن آية (4) تفهم أنه من المسموح أن يدفن الكاهن زوجته ويبكى عليها مثل باقى العائلة. فترجمتها كزوج أفضل من كرئيس.

    وكان الكاهن يمنع من الزواج من زانية ولو تابت أو مطلقة فهى طلقت لكراهية زوجها الأول لها، حتى لا يكون هذا سبب تعيير الناس له أو تكون سبب شك ينغص حياته



    أية 8:- تحسبه مقدساً = هذه موجهه للشعب أن يعتبر الكاهن مقدساً فيكرموه ويحترموه ولكن إن أخطأ فعليهم أن يراقبوه ليخبروا باقى الكهنة الذين كانوا يحاكموه ويؤدبوه بالجلد والضرب



    آية 9:- وإذ يقبل الكاهن وبالتالى أسرته نعماً كثيرة كانت العقوبة لأفراد الأسرة أشد وأقسى فمن يُعطَى كثيراً يطلب منه الكثير لو 12: 48



    الأيات 10 – 15:- والكاهن الاعظم بين اخوته الذي صب على راسه دهن المسحة وملئت يده ليلبس الثياب لا يكشف راسه ولا يشق ثيابه. ولا ياتي إلى نفس ميتة ولا يتنجس لابيه أو امه. ولا يخرج من المقدس لئلا يدنس مقدس الهه لان اكليل دهن مسحة الهه عليه انا الرب. هذا ياخذ امراة عذراء. اما الارملة والمطلقة والمدنسة والزانية فمن هؤلاء لا ياخذ بل يتخذ عذراء من قومه امراة. ولا يدنس زرعه بين شعبه لاني انا الرب مقدسه.



    شريعة رئيس الكهنة

    هو يرمز للمسيح فلا يتزوج سوى عذراء رمزاً للكنيسة التي خطبها المسيح لنفسه. ولا يتزوج أرملة كما كان مسموحاً للكهنة (2كو 11: 2). ورئيس الكهنة صب على رأسه دهن المسحة = أي هو مكرس تكريساً كاملاً لله فلا يجوز له أن يكشف رأسه التي مسحت (لا يكشف عن العلاقة الخاصة مع الله فالمسيح هو الرأس نش 4: 12) ولا يشق ثيابه = فالثياب تشير للكنيسة التي لا يجب أن تشق. ولا يسمح له بأن يشترك في جنازة أحد مهما كان قرابته. فبكونه رمزاً للمسيح واهب الحياة كان لا يسمح له بأن يشترك مع الموت ولا يخرج من المقدس = متى كان يؤدى خدمته في بيت الله لا يجوز أن يخرج منه ولا أن يوقف خدمته لأى سبب مهما كانت قرابة من مات له. وهكذا المسيح لم يترك صليبه أي مذبحه بل إلتصق به وترك الإهتمام بأمه ليوحنا. وقد يعنى عدم خروجه من المقدس أي عدم خروجه من الشكل المقدس الذي يجب أن يكون له ووقاره وهيبته كرئيس كهنة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وقد يكون فى زواجه من عذراء تشابه مع شرط بولس الرسول للأسقف أن يكون بعل إمرأة واحدة

    آية 15:- لا يدنس زرعه = إذا تزوج بأى إمرأة غير صالحة أو أجنبية فهذا يدنس زرعه الذي سيخرج منه رئيس كهنة آخر وذلك لأن الشعب سيحتقره بسبب أمه أو لأن تربيه هذه الأجنبيةلابنها لن تكون تربية مقدسة.



    الأيات 16 – 23:- و كلم الرب موسى قائلا. كلم هرون قائلا اذا كان رجل من نسلك في اجيالهم فيه عيب فلا يتقدم ليقرب خبز الهه. لان كل رجل فيه عيب لا يتقدم لا رجل اعمى ولا اعرج ولا افطس و لا زوائدي. ولا رجل فيه كسر رجل أو كسر يد. ولا احدب ولا اكشم ولا من في عينه بياض ولا اجرب ولا اكلف ولا مرضوض الخصى. كل رجل فيه عيب من نسل هرون الكاهن لا يتقدم ليقرب وقائد الرب فيه عيب لا يتقدم ليقرب خبز الهه. خبز الهه من قدس الاقداس ومن القدس ياكل. لكن إلى الحجاب لا ياتي والى المذبح لا يقترب لان فيه عيبا لئلا يدنس مقدسي لاني انا الرب مقدسهم.



    الكهنة والعيوب الخلقية

    إشترطت الشريعة في الكاهن أن يكون بلا عيب خلقى أو عرضى أي مولود به أو يكون ناتج لإصابة. ولذلك كان مجمع السنهدريم يجتمع لفحص الكهنة وفرزهم عند وصولهم للسن القانونى ومن كان صالحاً يقدمونه للخدمة الكهنوتية = ليقرب خبز إلهه ومن كان غير صالح لأى عيب كان يعمل في جمع الحطب وإيقاد النار والحكم على مرضى البرص.

    تأمل روحى :- بالمفهوم العام كلنا كهنة وأبناء لله ولكن العيوب التي فينا تحرمنا من بعض الإمتيازات. وكل هذه العيوب المشار لها هنا لها مقابل ومعنى روحى.

    الأعمى :- لا يستطيع تمييز وإدراك النور السماوى ولا يعرف كيف يخطو ولا إلى أين يمضى

    الأعرج :- هو الذي لا يستطيع أن يسير بثبات في طريق السماء

    الأفطس :- (هو من إنخفضت قصبة أنفه وإنتشر أو إنغرس أنفه في وجهه). والأنف تشير للتمييز (أنفك كبرج لبنان نش 7: 4) وإفراز ما هو ذكى مما هو كريه.

    الزوائدى :- له عضو أطول من عضو أو عضو طوله وحجمه لا يتناسب مع الأخر (يد ويد) وهؤلاء يشيرون لمن يشعرون بالبر الذاتى والكبرياء وبتميزهم عن الآخرين أو إعجابهم بذواتهم. وهؤلاء ينشغلون بأسئلة فضولية أكثر من اللازم

    الرجل الذي به كسر :- هذا لا يستطيع أن يسير مطلقاً في طريق الله فقد تجرد تماماً من كل عمل صالح

    الأحدب:- لها معنيان ظهره مقوس أو جفونه تغطى عينه (جفون ساقطة) وهذه تعنى من يرزح تحت ثقل الهموم العالمية فلا يمكنه أن يرفع عينيه لفوق بل يثبتها على موطئ الأقدام. (الكلمة العبرية المستخدمة تحتمل كلا المعنيين)

    الأكشم :- أي الناقص الخَلْقْ فهو مولود بأصبع ناقص أو من فقد أحد أعضائه بعد ولادته وتعنى أيضاً من على عينيه غشاوة. هذا يشير لمن فقد بصيرته بسبب إعتياده فعل الإثم وقدراته غير كاملة على ذلك.

    فى عينيه بياض :- هو محروم من معاينة النور الحقيقى بسبب عماه مدفوعاً بإدعاء الحكمة والصلاح (البياض يشير للنقاء) هو بار في عينى نفسه وهذا يسبب له عمى

    الأجرب :- هو الدائم التذمر ويسوده بطر الجسد

    الأكلف :- ما يعلو وجهه ويتفرق عليه الحبوب الصغيرة السوداء الضاربة إلى الحمرة وهذا يسمى نمش. هذا لا يسبب أي ألام ولكنه ينتشر في الجسم فيشوه منظره فهذا يشير للخطايا الصغيرة التي تنتشر دون أن ندرى فتشوه حياتنا

    مرضوض الخصى :- هذا لا يفعل نجاسة لكنه يفكر فيها بإستمرار. هذا الإنسان غير مثمر

    الله هنا يتكلم عن الكمال بالجسديات فهم لم ينضجوا روحياً. ولكن فيما هم ينفذون وصايا الله يتأملون ويفهمون البعد الروحى لوصاياه. فحين يهتم اليهودى بغسل يديه يرنو اليهودى الحقيقى للبعد الروحى وهو طهارة القلب. وهكذا يقود الكمال الجسدى للكمال الروحى وهو يشير له. ويفهم من به عاهات أن هذه العاهات تعوق عن الإمتيازات التي يعطيها الله للكامل فيقدمون توبة للحصول على بركات السماء.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالإثنين 17 أكتوبر 2011, 12:28 pm

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 22
    من أجل تقديس شعب الله قدم شرائع خاصة بالشعب حتى يتجنبوا كل ما يمكن أن يسيئ إلى حياتهم المقدسة في الرب، وألزم الكهنة أن يسلكوا بحياة مقدسة تليق بمن يخدم لأجل تقديس الشعب، وأخيرًا يتحدث عن الذبيحة المقدسة التي من خلالها يتقدس الشعب بكونها رمزًا للسيد المسيح الذبيح واهب القداسة.

    1. الإستعداد لتناول الذبيحة المقدسة [1-9].

    2. فرز الذين لهم حق تناولها [10-16].

    3. فرز الذبيحة ذاتها قبل تقديمها [17-28].

    4. أكل ذبيحة الشكر في ذات اليوم [29-33].



    1. الإستعداد لتناول الذبيحة المقدسة:
    في هذه الشرائع يعلن الله قدسية الذبيحة، لذا يُحذر الكهنة من أكل نصيبهم منها بلا استعداد، إذ يقول: "كلم هرون وبنيه أن يتوقوا أقداس بني إسرائيل التي يقدسونها ليّ، ولا يدنسوا إسمي القدوس، أنا الرب" [2]. وكأنه يقول لرئيس الكهنة والكهنة أن ما يتمتعون به من أنصبة في الذبائح ليست عطية لإشباع بطونهم أو شهواتهم، إنما هو عمل قدسّي يلزم ممارسته بفكر روحي واستعداد خاص، يلزمهم ألا يقتحموا أقداس الله ويدنسوا إسمه القدوس بأكلهم من الذبيحة بغير استعداد. يقول "أنا الرب"، أنا أغير إسمي ومقدساتي التي تتدنس بالكهنة المستهترين.

    إن كان الله في حبه للإنسان جعل من البشر كهنة ينالون نصيبًا من الذبيحة يُحسب كنصيب للرب، فيليق بهم كوكلاء الله أن يقابلوا الحب بقدسية ومهابة لا باستهتار واستخفاف. أما الإستعداد الذي التزم به كهنة العهد القديم للتمتع بنصيبهم في الذبيحة المقدسة فهو: ألا يكون الكاهن أبرصًا أو مصابًا بسيل (ص 15)، ولا مس ميتًا أو أشياء تتعلق بميت (ص 21)، ولا مس حيوانًا نجسًا، ولا اقترب من زوجته... فإن كان الكاهن قد تنجس بلمسه شيئًا أو إنسانًا دنسًا يبقى طول يومه نجسًا يحرم من ممارسة عمله الكهنوتي ومن التمتع بنصيبه ككاهن بالأكل من الذبيحة حتى المساء حيث يرحض جسده [6]، ثم يأكل من الأقداس بكونه طاهرًا.

    إذا صارت الذبيحة في ملكية الله، وقدمت على مذبحه، فإن أكل الكهنة منها كان إشارة إلى الشركة بين الله والإنسان، وإتمامه المصالحة. هذه الشركة أو المصالحة تتحقق بين الله القدوس والإنسان الذي يتقدس به وفيه. لهذا ألزمت الكنيسة كهنتها وشعبها ألا يشتركوا في التناول من الذبيحة المقدسة باستهتار، وإنما يلزم الإستعداد لها روحيًا وجسديًا. يغتسل الإنسان بدموع التوبة ويعترف بخطاياه في انسحاق مقتربًا إلى مذبح الله في مهابة ليتقبل السرّ المقدس.

    يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [كثيرون من المؤمنين أمعنوا في الجهالة والتهاون العظيم فيتقدمون لمناولة الأسرار المقدسة في الأعياد، مملوئين بالخطايا وغير مهتمين لنفوسهم، ولا عالمين أن وقت المناولة المقدسة لا يحده عيد أو فرح، بل الضمير النقي والحياة التي لا عيب فيها[270]].



    2. فرز الذين لهم حق تناولها:
    يتمتع بأكل الذبيحة الكاهن ومولود بيته ومن اشتراه الكاهن بفضة، ولا يأكل معه في هذه المقدسات أجنبي أي عبراني ليس من نسل هرون (عد 1: 15)، أو من كان غريب الجنس أو عبدًا ثقبت أذنه يبقى حتى سنة اليوبيل (خر 21: 6)، أو من كان نزيلاً (ضيفًا) أو أجيرًا، كما لا تشاركه إبنته التي تزوجت بمن ليس من نسل هرون إلاَّ إذا كانت قد ترملت أو طُلقت ورجعت إلى بيت أبيها [13].

    هذه الشريعة التي خضع لها رجال العهد القديم هي كلمة الله التي لا تبطل في روحها، إنما تبقى دستورًا للكنيسة، إذ يقدم السيد المسيح ذبيحته المقدسة ليتناولها الكاهن، سواء الكاهن الذي تمتع بسر الكهنوت لممارسة الأسرار المقدسة أو الذي نال الكهنوت العام في مياه المعمودية. يقدمها أيضًا لمولود البيت، أي لذاك الذي نال الميلاد الجديد في مياه المعمودية بالروح القدس، كما يقدمها لمن اشترى بفضة، أي اقتناه الله بكلمته المصفاة كالفضة سبع مرات (مز 12).

    تُحذرنا الكنيسة من تقديم الذبيحة لأجنبي، أي لإنسان تغرب عن الله ورفض الشركة معه كإبن، أو لإنسان ثقب أذنيه ليعيش عبدًا لا يطلب الحرية الروحية. لا يتمتع بها النزيل ولا الأجير، فإن الله يطلب أن نعيش معه على مستوى الشركة الدائمة والحياة معه وفيه لا أن نلتقي به كنزلاء إلى حين ولا كأجراء نطلب أجرة، إنما كأبناء نطلب أبانا نفسه. أما الإبنة التي تتزوج بغريب فهي النفس التي قبلت الميلاد الجديد ثم عادت لتلتصق بعريس أجنبي أي بإله آخر لها قد يكون شهوة البطن أو لذة الجسد أو محبة المال أو طلب الكرامة الزمنية... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). مسكينة هي النفس التي تحرم نفسها بنفسها من التمتع بالمقدسات خلال اتحاد شرير، لتُطلق الخطية وليمت رجلها (الشر) فتعود إلى بيت أبيها من جديد، لتجده يعد لها الوليمة المقدسة ليفرح بها وهي تفرح به!



    3. فرز الذبيحة ذاتها قبل تقديمها:
    في دراستنا للذبائح (ص 1-7) رأينا التزام المؤمن بتقديم الذبيحة بلا عيب، صحيحة... وهنا يُحذرنا من تقديم الأعمى والمكسور والمجروح والبثير (الذي بجسمه بثور) والأجرب والأكلف (ما كان بجسمه كلف أي بقع مرضية مثل النمش الذي يُصيب الجلد) والزوائدي (كأن يكون به الأعضاء غير متناسبة معًا أو بها زيادات) والأقزم ومرضوض الخصية ومسحوقها ومقطوعها [22-23].

    غنى عن البيان أن الله لا يطلب كثرة الذبائح بل نوعيتها، إذ هي تمثل السيد المسيح نفسه الذي بلا عيب، القادر وحده أن يردنا إلى أبيه لينزع كل عيب فينا واهبًا إيانا الحياة المقدسة فيه.

    هذا وقد اشترط ألا يقدم حيوان كذبيحة ما لم يكن قد مضى عليه سبعة أيام تحت أمه ويرضع، من اليوم الثامن فصاعدًا يمكن تقديمه قربانًا للرب [27]. ولعل الحكمة من ذلك أن كثيرًا من الحيوانات تحزن بمرارة إن نُزع رضيعها في الأيام الأولى... وكأن الله يترفق حتى على الحيوان الأم فلا يحزنها خلال تقديم قربان له. هذا وكان اليهود يعتقدون أن لحم الحيوانات الرضيعة لا تصلح للأكل في أسبوع ولادتها الأول، فما لا يصلح للإنسان لا يقدم ذبيحة لله! أخيرًا فإن بقاء الرضيع سبعة أيام ليذبح في اليوم الثامن فصاعدًا يُشار إلى تقديسه، إذ يكون قد مرّ عليه سبت فتقدس!

    أيضًا طالبهم ألا يقدموا حيوانًا وأمه في يوم واحد [28]... ولعل الحكمة من هذا أنه أراد لهم أن يكونوا مترفقين بالحيوانات، فقد جاء في سفر الأمثال "الصديق يُراعي نفس بهيمته" (أم 12: 10). ولعله أراد أن يحثهم على الإهتمام بالروابط الدموية حتى بالنسبة لتقديم الذبائح بين الحيوانات.



    4. أكل ذبيحة الشكر في ذات اليوم :
    سبق لنا دراسة هذا الأمر في الأصحاح السابع (لا 7: 15).
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالإثنين 17 أكتوبر 2011, 12:29 pm

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 23
    ص23-27



    * المحافل المقدسة [ص 23].

    * الفرح الداخلي [ص 24].

    * شرائع التحرير الداخلي [ص 25].

    * البركات واللعنات [ص 26].

    * البكور والنذور [ص 27].



    الأصحاحات23-27

    الأعياد والنذور
    إن كان سفر اللاويين قد افتتح بدليل الذبائح والتقدمات ليعلن طريق المصالحة مع الله خلال الذبيحة المقدسة، وقد كرس هرون وبنيه لهذا العمل الذبيحي، ثم استرسل في عرض الشرائع الإلهية الخاصة بالتطهير لتحيا الجماعة مقدسة للرب القدوس، ويحيا كل عضو فيها ما أمكن مقدسًا للرب، فلئلا تمثل هذه الشرائع ثقلاً على نفوسهم ختم السفر بالحديث عن الأعياد المقدسة والنذور معلنًا أنه يدعو البشرية للحياة المفرحة.

    كلمة "عيد" تحمل في العبري معنى "الفرح" أو البهجة، وكأن الأعياد في جوهرها عودة إلى الحياة الفردوسية الأولى، إلى جنة عدن... حيث عدن تعني "بهجة".

    وكانت الأعياد تدعى عند اليهود "محافل مقدسة"، إذ كانت الجماعة تجتمع معًا للإحتفال به ببهجة قلب في محفل مفرح حول الله القدوس. وقد شملت هذه المحافل أعياد أسبوعية "السبت"، وأعيادًا شهرية "الهلال"، وأعياد سنوية، وكل سبع سنوات، ويوبيلية كل خمسين عامًا، وكأن الله يريدنا أن نقضي عمرنا عيدًا لا ينقطع!

    سبق لنا دراسة هذه الأعياد أثناء دراستنا لسفر الخروج كالسبت (خر 20: 8-11)، والفصح والفطير (خر 12: 13)، والخمسين والمظال (خر 23: 16)، كما قدم لنا سفر العدد طقس الذبائح والقرابين التي تقدم في كل عيد (عد 28: 29). وإنني أرجو في الرب أن أتحاشى التكرار مشيرًا إلى المواضع التي يمكن الرجوع إليها في تفسير هذين السفرين.



    نظام الأعياد والأصوام اليهودية:
    أولاً: قيام نظام الأعياد على تقديس كل ما هو سابع في الزمن على كل المستويات[271]:

    1. السبت هو السابع في الأيام (خر 20: 8-11).

    2. عيد الأسابيع أو البنطقستي أو الخمسين بعد سبعة أسابيع من السنة الدينية (خر 23: 26).

    3. الشهر السابع أقدس شهور السنة، بكره يعيِّد لا كبقية الرؤوس الشهور أو كعيد هلال جديد (عد 10: 10)، وإنما له احتفال خاص به ويدعى عيد الهتاف أو عيد الأبواق (لا 23: 23-24)، كما يضم هذا الشهر ثلاثة أعياد هامة: يوم الكفارة (لا 16)، عيد المظال (لا 23)، اليوم الثامن من عيد المظال.

    4. تقديس كل سنة سابعة كسنة سبتية (خر 23: 10-11، لا 25: 1- 7).

    5. تقديس السنة الخمسين أي اليوبيل وهي السنة التي بعد 7 مرات من السنوات السبتية (لا 25: 8-22).

    ثانيًا: ظهرت أعياد أخرى تمس مناسبات يهودية هامة كعيد الفوريم (القرعة) الذي أقامته أستير الملكة مع مردخاي، وعيد تدشين الهيكل أو عيد التجديد الذي تم في أيام يهوذا المكابي.

    ثالثًا: بالنسبة للأصوام فبجانب الصوم الفردي الذي يمكن لكل عضو في الجماعة المقدسة أن يمارسه في أي يوم عدا أيام الأعياد، وُجد الصوم العام الأسبوعي في يومي الإثنين والخميس ما بين الفصح إلى البنقسطي، وما بين عيد المظال وعيد التجديد. ففي يوم الخميس إرتفع موسى على جبل سيناء وفي يوم الإثنين نزل عندما استلم الشريعة في المرة الثانية.



    مفاهيم يهودية للأعياد[272]:
    كانت الأعياد عند اليهود تدور في فلكين أو ثلاثة: الأول يبدأ بذبيحة الفصح حتى يوم الخمسين، تكرس هذه الفترة للتفكير في دعوة إسرائيل والتأمل في حياته في البرية قبل تمتعه بأرض الموعد. والثاني هو الشهر السابع الذي يُشير إلى تملك إسرائيل أرض الموعد خلال نعمة الله الفائقة. فإن كانت الفترة الأولى تكشف عن محبة الله الذي يدعونا لملكوته بنعمته ويسندنا في جهادنا لنخرج من العبودية منطلقين روحيًا نحو أورشليم العليا، يبدأ معنا الطريق ويرافقنا في برية هذا العالم، فإن الفترة الثانية تمثل تمتعنا بعربون الروح ودخولنا إلى ملكوته المفرح بنعمته الغنية. ويمكننا من جانب آخر أن نقول تجاوزًا أن الفترة الأولى تمثل كنيسة العهد القديم التي بدأت بالخروج خلال الرمز والنبوات، والفترة الثانية تمثل كنيسة العهد الجديد التي تمتعت خلال المسيّا المصلوب القائم من الأموات.

    بجانب هذين الفلكين يظهر يوم الكفارة العظيم الذي يحتفل به في الشهر السابع لكن يحمل طابعًا خاصًا به، وإن كان البعض يرى أنه يمثل الربط بين الفلكين السابقين. على أي الأحوال تظهر أهميته من دعوة الكتاب الإلهي له براحة السبوت أو "سبت السبوت" (لا 16: 31، 23: 32). إنه يكشف عن عمل الفداء بالصليب وانطلاقنا إلى الراحة الأبدية "سبت السبوت"!

    ولليهود تعبيران عن أعيادهم، هما chag, moed. الأول يعني "إجتماع"، والثاني مشتق من الكلمة العبرية التي تعني "يرفض" أو "يفرح". الأول يعلن أن العيد هو اجتماع الكل معًا حول الله مفرح القلوب، والثاني يكشف عن غاية العيد كفرح في الرب. وقد استخدم التعبير الثاني على وجه الخصوص للأعياد الثلاثة: الفصح والخمسين والمظال. وفي هذه الأعياد يلزم ظهور كل الذكور ممثلين الشعب كله، أمام الرب في الهيكل، يستثنى منهم العبيد واصم والخرس والعرج والمرضى وغير القادرين على الصعود إلى جبل بيته بسبب الشيخوخة وأيضًا الدنسون. ولعل في هذا رمز جميل للعيد الحقيقي الأبدي حيث تظهر الكنيسة أمام الرب بكونها من الجانب الروحي ذكورًا أي مجاهدين غير مدللين وليس بينهم من هو عبد للخطية ولا من فقد أحد حواسه الروحية ولا من هو في عجز روحي أو دنس... بل الكل يكونون كاملين في عيني الرب.

    وقد أعطى الحاخامات لهذه الأعياد الهامة ثلاثة أسماء عبرية تعني: الحضرة، الظهور في أورشليم، التقدمات العبدية للمتعبدين، هذه الأسماء تكشف عن فهم اليهود لهذه الأعياد بكونها حضرة أمام الرب، وانطلاقة الكل بروح واحد إلى أورشليم، وظهور الجميع ومعهم تقدمات للعيد بقلوب فرحة متهللة.

    هذه المفاهيم اليهودية للعيد إختبرها رجال الله الحقيقيون، وإن كان قد شوهها الكثيرون خلال تمسكهم بالحروف دون الروح، وإنشغالهم بالشكليات دون الجوهر!

    ونحن كمسيحيين إذ ورثنا هذا التراث الروحي الكتابي نخلع الحرف اليهودي الناموسي لنتقبل إنجيلنا عيدًا لا ينقطع، بشارة مفرحة تحمل تحقيقًا للمفلهيم الروحية للأعياد من حضرة جماعية أمام الرب خلال الصليب، وظهور في أورشليم العليا، وتقديم تقدمات روحية تفرح قلب الله. وقد مارست الكنيسة في العهد الجديد الأعياد على مستوى روحي فائق، لا خلال الذبائح الدموية والحرف القاتل وإنما خلال إتحادها بالسيد المسيح "العيد الحقيقي".



    الأعياد والمحافل المقدسة عند اليهود

    في أيام السيد المسيح[273]
    1. شهر نيسان (أواخر مارس وبداية أبريل):
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    14. الإعداد للفصح وذبيحة الفصح.

    15. اليوم الأول من عيد الفطير.

    16. ترديد أول عمر ناضجة.

    21. نهاية الفصح.

    2. شهر آيار (زيو):
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    15. الفصح الصغير أو الثاني.

    18. اليوم الثالث والثلاثون من تقديم أول سنبلة ناضجة في اليوم الثاني من الفصح، أي 15 من شهر نيسان.

    3. شهر سيوان (حزيران):
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    6 . عيد البنطقستي (الخمسين) أو عيد الأسابيع (بعد سبعة أسابيع من بدء الفصح أو اليوم الخمسين منه)، فيه أيضًا تذكار لإستلام موسى للشريعة على جبل سيناء.

    4. شهر تموز:
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    17. صوم، تذكار لاستيلاء نبوخذ نصر على أورشليم في التاسع واحتلال تيطس لها في السابع عشر (إن جاء يوم 17 سبتًا يُصام اليوم التالي له).

    5. شهر آب:
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    9 . صوم، تذكار خراب أورشليم.

    6. شهر أيلول:
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    7. شهر تشري، أو تشرين الأول أو ليثانيم (الشهر الأول من السنة المدنية):
    1، 2. عيد رأس السنة (عيد الهتاف أو عيد الأبواق).

    3 . صوم بسبب قتل جدليا.

    10. الصوم العظيم أو يوم الكفارة.

    15. عيد المظال.

    21. نهاية عيد المظال.

    22. ثامن يوم من عيد المظال.

    8. شهر شيشفان أو تشرين الثاني أو بول:
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    9. شهر كسلو أو كانون الأول:
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    25. عيد تدشين الهيكل أو عيد الشموع أو عيد التجديد، يستمر ثمانية أيام تذكارًا لتجديد الهيكل بعد نصرة يهوذا المكابي (148 ق.م.).

    10. شهر طيبيت أو كانون الثاني:
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    10. صوم بسبب حصار أورشليم.

    11. شهر شباط:
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    12. شهر آذار:
    1 . رأس الشهر (الهلال الجديد).

    13. صوم استير (إن جاء يوم سبت يمارس الخميس السابق له).

    14. عيد الفوريم (القرعة) الذي أقامته استير.

    15. الفوريم.

    ملاحظات:
    أولاً: لما كانت السنة القمرية ليست إلاَّ 354 يومًا، 8 ساعات، 48 دقيقة، 38 ثانية، لذلك نقصت السنة القمرية عن الرومانية حوالي 11 يومًا، فأدخل اليهود شهرًا ثالث عشر كل ثلاث سنوات دعوه "فياذار" أو "آذار الثاني"، حتى تعادل السنة القمرية السنة الشمسية تقريبًا. هذا والشهر القمري اليهودي كان 29 يومًا و12 ساعة و44 دقيقة و1/3 33 ثانية.

    ثانيًا: يرى البعض أن أسماء الشهور العبرية الحالية أو بعضها ترجع إلى أصل كلداني أو فارسي، إذ أنها لم تظهر قبل العودة من بابل، وأن الشهور العبرية قبل السبي لم يكن لها أسماء بل تحسب بالأرقام.



    فيما يلي الشهور المدنية وما يقابلها من شهور مقدسة وموضع ذكرها في الكتاب المقدس:



    الشهور المدنية الشهور المقدسة إسم الشهر والشاهد



    7 1 أبيب ومعناه نبتة (للسنابل الخضراء) (نح 2: 1، خر 13).

    8 2 زيو ومعناه فرهر أو رونق (1 مل 6: 1).

    9 3 سيوان (إس 8: 9).

    10 4 تموز.

    11 5 آب.

    12 6 أيلول (نح 6: 15).

    1 7 إيثانيم ومعناه أنهار تفيض (1 مل 8: 2).

    2 8 بول ومعناه مطر (1 مل 6: 38).

    3 9 كسلو (نح 1: 1، زك 7: 1).

    4 10 طيبيت (إس 2: 16).

    5 11 شباط (زك 1: 7).

    6 12 آذار (إس 3: 7).




    الأصحاح الثالث والعشرون

    المحافل المقدسة

    كانت الأعياد المقدسة تمثل جزءًا حيًا ورئيسيًا في العبادة اليهودية، خلالها يجتمع الشعب معًا في محافل مقدسة يذكرون أعمال الله المستمرة معهم. كما يعلن الله فرحه بهم إذ يود لهم راحتهم الحقة وفرحهم الأبدي غير المنقطع. وكانت هذه المحافل تمثل ترمومترًا يكشف عن العلاقة المتبادلة بين الله وشعبه، فإن انحراف الشعب رفض الله أعيادهم بل وكرهها (إش 1: 14)، ومتى رجعوا إليه بالتوبة حسبها الله أعياده وأفراحه يسكب فيها من فيض نعمته.

    1. السبت [1-3].

    2. الفصح وعيد الفطير [4-8].

    3. عيد الباكورة [9-14].

    4. عيد البنطقستي [15-22].

    5. عيد الهتاف [23-25].

    6. عيد الكفارة [26-32].

    7. عيد المظال [33-44].



    1. السبت:
    كان حفظ السبت وصية هامة يلتزم بها الشعب، لذا جاء الحكم قاسيًا على أول من كسر الوصية بجمعه حطبًا، إذ مات رجمًا (عد 15: 32-36)... وقد تعرضنا لهذه الوصية كثيرًا إذ لم يخل سفر من أسفار العهد القديم من الحديث عنها تقريبًا بصورة أو آخرى، إنما ما نريد أن نؤكده هنا أن وصية حفظ السبت لم تكن وصية ثقيلة يسقط تحتها المؤمنون، ولا واجبًا ينحنون تحته في شكليات وحرفية وإنما كان السبت عيدًا وفرحًا، عطية إلهية لشعبه.

    حقًا لقد قدم لنا الكتاب المقدس "حفظ السبت" من الجانب كثيرة، لكنه ركز عليه كعيد مفرح وراحة في الرب القدوس. فمن الجانب الظاهري كان السبت إمتناعًا عن العمل، حتى عن جمع المن النازل كهبة إلهية (خر 16: 21-30). من يعمل يتعرض للغضب الإلهي. وجاء السبت يحمل فكرًا إجتماعيًا روحيًا فقدم كراحة للغرباء والأجراء والعبيد حتى الحيوانات، فيه يذكر الشعب أنه كان قبلاً متغربًا في مصر تحت العبودية فلا يقسوا على خليقة الله (خر 23: 12، تث 5: 12-15). وحمل السبت فكرًا أخرويًا إنقضائيًا بكونه رمزًا للراحة المقبلة (إر 17: 21-27، عب 4)[274].

    وأخيرًا فإن السبت هو فرصة لا للخمول والتوقف عن العمل بل للتمتع بالعبادة لله القدوس لينعم الكل بشركة الحياة الإلهية (لا 23: 3، عد 28: 9-10). وكأن السبت كما يحدثنا عنه سفر اللاويين هو التقاء مع الله خلال العبادة المقدسة والذبيحة لا لنكرم الله بعبادتنا لكن ما هو أعظم لكي ننعم بعمل الله فينا واهبًا إيانا الشركة معه لندخل به إلى قداسته[275].

    إذن تقديس السبت في جوهرة هو تمتع بالراحة، إذ كلمة "سبت" في العبرية تعني "راحة"، سرها اتحادنا مع ربنا يسوع المسيح القدوس لننعم به بالحياة الجديدة المقدسة. لقد دعاه إشعياء النبي: "مسرة"، "مقدس يهوه"، "المكرم" (إش 38: 53)، وقدم لنا سفر المزامير تسبحة خاصة بالسبت هي تسبحة فرح وحمد لله (مز 92).

    السبت هو عيد التمتع بالراحة في الرب السماوي. فيه نذكر راحة الله في اليوم السابع (تك 2: 3) كرمز ليوم الرب الأبدي. كما يقول القديس أغسطينوس الذي فيه [نستريح ونرى، نرى ونحب، نحب ونسبح، هذا ما سيكون في النهاية التي بلا نهاية[276]]. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). هو عيد الراحة لا من عبودية فرعون (تث 2: 15) وإنما من عبودية الشر، كقول القديس أكليمندس الإسكندري: [إننا نتمسك بالسبت الروحي حتى مجئ المخلص، إذ إسترحنا من الخطية[277]]. هو عيد مفرح ننعم به هنا كعربون للحياة السماوية كعيد تسبيح لا ينقطع، وكما يقول القديس جيروم معلقًا على مزمور يوم السبت (مز 92): [لا يمكن أن يوجد سبت مالم يسبقه ستة أيام. نحن نعمل الستة أيام لنستريح في السابع. لا نقدر أن نسبح الرب إلاَّ في يوم السبت (مز 92) مادمنا مشغولين بأعمال العالم، أي مادمنا في الستة أيام لا نستطيع أن نُغني للرب... ليس أحد في يوم السبت أي في راحة الرب يعمل عملاً دنيئًا، أي يرتبك بأعمال العالم، إنما يلزمه أن يعمل ما يخص السبت. أتريد أن تعرف أنه في السبت يعمل الكهنة في هيكل الرب بينما لا يسمح لأحد أن يقطع فيه حطبًا، ففي الحقيقة الرجل الذي اكتشف أنه يجمع حطبًا في البرية رُجم للموت (عد 15: 32-36). في السبت لا يشعل أحدًا نارًا ولا يمارس أي عمل... إذن لنرى أنه يليق بنا أن نسبح في السبت عندما نترك أعمال هذا العالم[278]].

    كان اليهود يتطلعون إلى السبت كرمز لقداسة الله ولحفظ العهد معه، لكن عوض تمتعهم به كعيد مفرح للقلب حولوه في مهابته إلى مباحثات فكرية وجدلية نحو الأعمال الممنوعة يوم السبت حتى لنجد مدرسة شمعي اليهودية تطلب الراحة يوم السبت لا للإنسان والحيوان فحسب بل تمتد إلى الجماد، فلا يجوز للإنسان أن يبدأ عملاً يوم الجمعة لتستمر فاعليته يوم السبت حتى وإن توقف الإنسان عن العمل، مثال ذلك لا يطرح الكتان في الشمس يوم الجمعة ليجف يوم السبت. ولا يوضع صوف في مصبغة يوم الجمعة ليمتص الصوف مادة الصبغة يوم السبت. هذا الفكر وإن رفضته مدرسة هليل لكنه يكشف عن حرفية اليهود في فهمهم للسبت. وقد بلغ بهم الأمر أن يمتنعوا عن الدفاع عن بلدهم إذا ما هاجمهم عدو حتى يعبر السبت، الأمر الذي رفضه الكابيون، ووضعوا حق الدفاع عن النفس والوطن في يوم الرب[279]. لذلك عندما جاء المسيح كشف عن كرامة يوم السبت كعيد مفرح، فقدم فيه أعمال للشفاء ليعلن أن السبت تحرر من الضعف والخطية (لو 6: 9)، مؤكدًا أنه يوم عمل إلهي (يو 5: 19-20). لقد كشف عن نفسه أنه رب السبت (مت 12: 1-6) يقدم شريعة السبت بفهم جديد لم يكن الفكر اليهودي قادرًا على إدراكه. وقد إختار السيد أن يُقبر في يوم السبت ويقوم في فجر الأحد، لكي يقبر حرفية الفكر القديم مقيمًا لنا الأحد سبتًا جديدًا فيه تمتع الكثيرون بالرب القائم من الأموات (يو 20: 11-18، لو 24: 34)، وفيه تمتعت الكنيسة بحلول الروح القدس عليها كيوم ميلادها الحق، وفيه صارت تجتمع الكنيسة الأولى للعبادة الأسبوعية كيوم الرب الحقيقي (أع 20: 7).

    أخيرًا فإن سبتنا الحقيقي هو ربنا يسوع المسيح، هو عيدنا وراحتنا، فيه نعيد بالإتحاد مع الآب القدوس وفيه نستريح بالنبوة لله وسكني روحه القدوس فينا وتمتعنا بالعضوية في جسد المسيح. إنه راحة للآب إذ يجدنا في المسيح يسوع أولاده متبررين بدم صليبه وراحة لنا فيه[280].

    ولكي نتعرف على السبت كعيد مفرح باتحادنا في السيد المسيح القدوس نقدم طقس يوم السبت عند اليهود في نقاط مختصرة:

    أولاً: كان اليهود يتطلعون إلى السبت بفرح، فيترقبونه كعروس مزينة تنتظر عريسها، فلم يكن الصوم والحزن ممنوعين تمامًا فيه فحسب وإنما كان اليهود يتمتعون فيه بالطعام والملبس وكل ما يليق بعيد مفرح. فيه كان يجوز إعداد طعام فصح، وفيه يمارس الكهنة أعمالهم في الهيكل، وفيه يشعلون نار الموقد في الهيكل... إلخ، كأنهم كانوا يلتقون لا بيوم راحة جسدية إنما بالسيد المسيح نفسه خلال الرمز. يتزينون له ويبتهجون دون صوم أو حزن لأن العريس معهم، ويمارسون الأعمال الإلهية خاصة في الهيكل، إذ بالسيد المسيح تنطلق حياتنا لممارسة الأعمال الإلهية الفائقة.

    ثانيًا: يبدأ السبت من غروب يوم الجمعة ويستمر حتى غروب السبت، يختلف حساب الغروب ليس فقط حسب إختلاف فصول السنة وإنما أيضًا حسب مواقع البلاد وجغرافيتها، فالبلاد المنخفضة تبدأه قبل البلاد المرتفعة، وكان الوقت يُحسب عندما تنطلق الطيور نحو أعشاشها.

    يبدأ السبت في غروب الجمعة حيث يدعى "عشية السبت" أو "الإستعداد" (مر 15: 42، يو 19: 31). ونحن أيضًا نتمتع بالسبت هنا في هذا العالم كما في عشية إذ ننعم بسبتنا المسيح كمن في مرآة خلال الإيمان، حتى متى جاء صباح السبت أي مجيئه الأخير ننعم به في سبت أبدي خلال العيان... إننا في عشية السبت المفرحة نترقب بشوق شديد الصباح الحقيقي للسبت الأبدي.

    ثالثًا: يصل الكهنة الذين عليهم نوبة العمل في الأسبوع الجديد إلى أورشليم بعد ظهر الجمعة ليستعدوا بالأحتفال بالسبت في الهيكل مع الكهنة الذين تنتهي نوبتهم. ويعلن عن الإحتفال بثلاث نفخات من أبواق الكهنة ليتوقف الكل عن العمل ويُشعل مصباح السبت، ويرتدي الكل ملابس العيد.

    في هذا العمل صورة رمزية لرجال العهد الجديد (الكهنة القادمون لأسبوع الجديد)، الذين التقوا مع رجال العهد القديم يتسلمون منهم الأسفار المقدسة والنبوات والعهود وكل ميراث روحي. أما ضرب الكهنة بالأبواق ثلاث نفخات فيُشير إلى أبواق الرموز والنبوات التي أعلنت عن حلول السبت الجديد أي مجئ ربنا ليتوقف الكل عن أعمال الجسد ويلتهب بمصباح الروح القدس ويرتدي السيد المسيح نفسه ثوب عيد مفرح!

    رابعًا: مرة أخرى يضرب الكهنة بالأبواق بثلاث نفخات لإعلان بدء السبت فعلاً حيث يكون الكهنة الجدد قد بدأوا بغسل مذبح المحرقة من آثار الدم، ويسلم الكهنة الخارجون للداخلين مفاتيح الهيكل والأواني المقدسة وكل ما في عهدتهم.

    إن كانت الأبواق السابقة تُشير إلى صوت الآباء والأنبياء والناموس التي أعدت للسبت، فإن هذه الأبواق التالية هي إعلان الكرازة بالإنجيل، فقد التزم رجال العهد القديم بتسليم كل ما في عهدتهم لرجال العهد الجديد، الذين غسلوا المذبح من الحرفية ودماء الحيوانات ليتقبلوا ذبيحة المسيح الفريدة.

    خامسًا: يلقى رؤساء العشائر قرعة لمعرفة دور كل واحد منهم في أيام الأسبوع في الخدمة... وكأن العيد الروحي هو انطلاقة عمل روحي في الهيكل وليس تراخيًا وكسلاً!

    سادسًا: أول عمل يقوم به الكهنة هو تجديد خبز الوجوه الذي أُعد يوم الجمعة، فإن كان يوم الجمعة عيدًا يعد بعد ظهر الخميس. هذا هو عمل كهنة العهد الجديد تقديم جسد ربنا يسوع المسيح خبز حياة سماوي، أعده الرب بنفسه يوم الجمعة حين علق على الصليب باذلاً إياه لأجلنا، كما قدمه بعد ظهر خميس العهد...

    سابعًا: يحضر الكهنة القادمون والخارجون السبت معًا، فيقدم الخارجون ذبيحة الصباح والجدد ذبيحة المساء. ولعل في هذا العمل رمزًا لوحدة العمل بين رجال العهد القديم والعهد الجديد، فالكل يلتقون معًا في المسيح يسوع، السبت الواحد. الأولون يلتقون خلال الرمز، والجدد خلال الحقيقة!

    ثامنًا: تمارس العبادة اليومية مع إضافة ذبائح محرقة إضافية والطعام والسكيب (عد 28: 9-10)، إذ هو يوم لقاء مع الله القدوس خلال الذبيحة وبشبع (الطعام)، وفرح روحي (السكيب).

    تاسعًا: عند سكب السكيب العادي يرنم اللاويون تسبحة السبت (مز 92) على ثلاث مراحل، ويقترب الكهنة من بعضهم البعض، وينفخون بالأبواق، ثم يبدأ الشعب في العبادة. إنه يوم فرح للكنيسة كلها، الكل يشترك إما بالتسبيح أو النفخ بالأبواق أو العبادة. يشترك الكهنة مع الشعب في العبادة المفرحة وبهجة القلب.

    عاشرًا: في نهاية ذبيحة السبت الإضافية وسكيبها يغني اللاويون مزمور موسى (تث 32) في ستة أقسام (1-6، 7-12، 13-18، 19-28، 29-39، 40 إلخ)، يتخللها نفخات من أبواق الكهنة مع إشتراك الشعب في العبادة.

    هذا ويلاحظ أنه إن جاء السبت في العيد الشهري أي رأس الشهر، فتغنى تسبحة السبت مفضلة عن تسبحة رأس الشهر. وإن كان الوقت عيدًا فتقدم ذبيحة السبت قبل ذبيحة العيد.

    الحادي عشر: أخيرًا يختتم الإحتفال بعيد السبت بترنم تسبحة موسى الواردة في خروج 15 ليعلنوا أن السبت هو عبور من عبودية فرعون (إبليس) وانتصار روحي على جنوده للإنطلاق خلال البرية إلى أرض الموعد أو أورشليم العليا.



    2. الفصح وعيد الفطير:
    هما عيدان متمايزان، يحتفل بعيد الفصح في اليوم الرابع عشر من نيسان كأول عيد سنوي تفتتح به السنة، أما عيد الفطير فيبدأ بالخامس عشر من نيسان لمدة سبعة أيام أي حتى الحادي والعشرين منه، ونظرًا لالتصاقهما صارا فيما بعد كعيد واحد في الكتاب المقدس، ووضعهما يوسيفوس المؤرخ اليهودي كعيد الثمانية أيام[281].

    في دراستنا لسفري الخروج والعدد تحدثنا عن مفهوم الفصح والفطير واقتبسنا بعضًا من أقوال الآباء عنهما، كما تعرضنا لطقسيهما[282]، وأيضًا في دراستنا للأفخارستيا[283].

    ما نوضحه هنا أن عيد الفطير كان يدعى "خبز الحزن" (تث 17: 3)، إذ كان يرمز للمرارة التي عاشها الشعب في عبوديته لفرعون، وقد تحول الحزن إلى فرح وبهجة، وصار من أكثر الأعياد المفرحة. وبعد أن كان الإمتناع عن أكل الخمير إشارة إلى سرعتهم في الخروج من مصر (خر 12: 33، 39، تث 16: 3)، صار علامة ترك خمير الحياة القديمة والتمتع بحياة جديدة (إش 52: 11-12) لا ترتبط بخمير الماضي.



    3. عيد الباكورة:
    ارتبط عيد الباكورة بعيدي الفصح والفطير من جانب وبعيد الخمسين من جانب آخر، إذ يحتفل به خلال أيام الفطير بينما يأتي عيد الخمسين بعده بسبعة أسابيع [5]، أي في اليوم الخمسين منه.

    يعتبر هذا العيد أول الأعياد الزراعية، مارسه الشعب بعد دخولهم أرض الموعد، وقد اتسم بطقس بهيج للغاية، غايته تقديم الشكر لله واهب الخيرات من جانب ومن جانب آخر لكي بتقديم حزمة البكور يتقدس الحصاد كله. في هذا العيد إذ تقدم حزمة البكور لتقديس الحصاد إنما يعلن تقديس البشرية المؤمنة خلال البكر الوحيد يسوع المسيح، فيه نتبرر لدى الآب ونحسب بقديسين.

    يمارس طقس هذا العيد بطريقة شعبية مفرحة، ففي اليوم السابق لعيد الفصح يخرج ثلاثة شيوخ من مجمع السندريم بعد غروب الشمس ليحصدوا في الحقول المجاورة لأورشليم من الشعير بين هتافات الجماهير وتهليلهم. يحمل كل شيخ منجلاً وسلة ويسأل عدة أسئلة مكررًا كل سؤال ثلاث مرات، والجماهير تجاوبه بالإيجاب بعد كل سؤال. أما الأسئلة فهي: أهذه هي السلة؟! أهذا هو المنجل؟! أهذا هو السبت؟! هل أحصد؟! أخيرًا يبدأ يحصد ويضع في السلة، ليحمله إلى الهيكل لأجل تقديمه.

    يقول الكتاب: "فيردد الحزمة أمام الرب للرضا عنكم، في غد السبت يرددها الكاهن" [11]. يردد الكاهن حزمة الشعير أمام الرب ليرضي عن شعبه ويكلل السنة الزراعية بالبركة ويفيض عليهم بنعمه. والترديد كما سبق فرأينا هو رفع التقدمة على يدي الكاهن إلى أعلى، ملوحًا بها نحو الأربع اتجاهات كمن يقدمها لله الموجود في كل مكان، ثم يردها ثانية لتصير من نصيب الكهنة، كأنما يتسلمونها منه. يرى البعض أن الكاهن يردد الحزمة بسنابلها بعد غمسها في الزيت، ثم يوقد منها على المذبح مقدار قبضة يده مع اللبان، ويكون الباقي للكهنة. ويرى آخرون أن الترديد يتم بعد ضرب السنابل بعصا واستخراج حبوب منها تشوى بالنار، يلت الكاهن مقدار عمر منها بالزيت ثم يأخذ ملء قبضة يده ليوقده... أما الرأي الأرجح فهو إتمام الترديد بعد تحميص الحبوب وطحنها في هاون ونخل الدقيق خلال 13 منخلاً ليقدم الكاهن ملء قبضة يده من الدقيق الناعم بعد أن يلته بالزيت ويردده أمام الرب...

    على أي الأحوال تمثل الحزمة شخص السيد المسيح الذي يقدم حياته تقدمة سرور للآب على نار الصليب، لكي يتبارك فيه كل الحصاد، وينعم المؤمنون برائحته الذكية والشركة معه في طبيعته.

    يتم هذا العمل في "غد السبت"، ويرى الصدوقيون أن الترديد يتم يوم الأحد فعلاً، بعد السبت الذي في أيام الفطير، لكن الرأي الأرجح أن الترديد يتم يوم 16 من نيسان أيًا كان موقعه من أيام الأسبوع، بكون يوم 15 من نيسان يُحسب سبت عطلة للرب ومحفلاً مقدسًا (خر 12: 16) بكونه أول أيام الفطير. هذا هو الرأي الفريسيين، وما أكده يوسيفوس المؤرخ[284] وفيلون اليهودي الإسكندري[285].

    أما تقدمات وقرابين هذا اليوم فهي:

    أولاً: محرقة الصباح الدائمة ومحرقة المساء الدائمة مع تقدمتهما وسكيبهما (عد 28: 1-Cool.

    ثانيًا: بجانب التقدمات اليومية يقدم تقدمات أيام الفطير السبعة (عد 28: 19-22).

    ثالثًا: يمتاز هذا اليوم بترديد حزمة الشعير وتقديم قبضة يد الكاهن منها.

    رابعًا: ذبيحة محرقة عبارة عن خروف صحيح حولي [12].

    خامسًا: تقدمة طعامية هي عشران من دقيق ملتوت بزيت وسكيبه ربع الهين من الخمر، حيث يوقد الكاهن قبضته منه ملتوتًا بالزيت والباقي للكهنة.

    يختم حديثه عن عيد الباكورة بقوله: "وخبزًا وفريكًا وسويقًا لا تأكلوا إلى هذا اليوم عينه إلى أن تأتوا بقربان إلهكم فريضة دهرية في أجيالكم في جميع مساكنكم" [14]. لم يكن ممكنًا أن يأكل أحد من المحصول الجديد في أي صورة من الصور، سواء في شكل خبز أو فريك أو سويق (ربما يقصد به الحبوب المحمصة المطحونة، أو السنابل الخضراء الطرية قبل أن تشوى)، حتى يتم ترديد حزمة الباكورة ليكون الله أولاً، ولكي لا تمتد يد للمحصول قبل تقديسه خلال تقديم الحزمة البكر... فبمجرد ترديد الحزمة تعرض الغلة الجديدة في الأسواق ويمكن أكلها.

    أخيرًا فإن عيد الباكورة إرتبط بعيدي الفصح والفطير... فإن كان الفصح يُشير إلى موت السيد المسيح لكي نخلص من إنساننا العتيق أو من خميرة الفساد التي تسللت إلينا فإن عيد الباكورة الذي يلي الفصح ويتخلل الفطير يُشير إلى قيامة السيد المسيح وصعوده، بكونه "البكر من الأموات"، الذي اخترق طريق الموت ليهبنا فيه القيامة ويرفعنا به إلى حضن أبيه، فنحيا في السموات. إنه بكر كل خليقة (كو 1: 15)، خلاله تمتعنا بالبكورية، فصرنا كنيسة أبكار وتم فينا روحيًا قول الآب "إسرائيل ابني البكر" (خر 4: 22)، وكما قال الرسول يعقوب: "شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه" (يع 1: 28).



    4. عيد الخمسين:
    ارتبط عيد الخمسين بعيد الفصح وعيد الباكورة، إذ يحتفل به بعد سبعة أسابيع من عيد الباكورة، لذا دُعي "عيد الأسابيع" (خر 34: 22، تث 16: 10)، كما دعي "عيد الخمسين" وباليونانية "البنطقستي" (أع 2: 1؛ 20: 16)، فيه حلّ الروح القدس على الكنيسة المجتمعة في العليا. وهو أيضًا عيد زراعي كالباكورة، يُسمى "عيد الحصاد" (خر 23: 16)، إذ يأتي في ختام موسم الحصاد.

    إن كان بعض اليهود يرون أن الفصح والفطير يمتزجان معًا كعيد واحد متكامل، فإنهم أيضًا يرون أن عيد الفطير يمتد حتى يوم الخمسين كفرح غير منقطع حتى يتم عيد الخمسين، فإن كان هذا العيد هو عيد حلول الروح القدس على الكنيسة، فإن غاية صليب ربنا يسوع المسيح أن يرسل روحه القدوس على كنيسته لكي يهبها المصالحة خلال الدم والشركة مع الثالوث القدوس ويمنحها سمات عريسها المصلوب، وكأن الصليب في واقعه يدخل بنا إلى الحياة الخمسينية ليعمل الروح القدس فينا بقوة صليب ربنا يسوع .

    قديمًا كان اليهود يربطون بين الأعياد فيرون في الفصح تحررًا من عبودية فرعون، وفي الفطير تخلصًا من خمير مصر (محبة العالم) وفي الباكورة بدء الحياة الجديد خلال تقديس الحزمة الجديدة، وفي الخمسين تمتعًا بكامل خيرات أرض الموعد، وكما يقول المرتل: "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج" (مز 126: 5). ونحن أيضًا نربط بين هذه الأعياد فنرى في الفصح ذبيحة السيد المسيح الفريدة وموته لتحريرنا من سلطان فرعون الحقيقي أي إبليس، وفي الفطير خلع الإنسان العتيق بخميرته الفاسدة، وفي الباكورة تمتع بالإنسان الجديد خلال الإتحاد مع الله في إبنه البكر، أما في الخمسين فيتحقق هذا بالروح القدس الذي يمتعنا بالمسيح البكر خلال حياة الشركة التي تنطلق من مياه المعمودية. بمعنة آخر خلال "عيد الخمسين" أي "عيد حلول الروح القدس على الكنيسة" تتحقق الأعياد السابقة فينا فيكمل فصح المسيح في حياتنا بروحه القدوس وننعم بقوة قيامته والصعود معه إلى سمواته.

    غاية هذا العيد هو تقديم الشكر لله بمناسبة حصاد القمح، خلال طقس مفرح جماعي، فيه يعلن الكل فرحه بالله صانع الخيرات، متذكرين قول الحكيم: "إكرم الرب من مالك ومن كل باكورات غلتك فتمتلئ خزائنك شبعًا وتفيض معاصرك مسطارًا" (أم 3: 9).

    كان اليهود يرون في هذا العيد تذكارًا لاستلام الشريعة في سيناء، إذ اعتقدوا أن موسى النبي استلمها في هذا اليوم. لذلك كانوا يستعدون له بالإعتراف بخطاياهم والإغتسال للتطهير، وكثيرًا ما كانوا يقضون ليلة العيد في التسبيح والعبادة.

    أما بالنسبة لطقس العيد وتقدماته فأهم ما يتسم به هذا العيد هو صنع رغيفين، حيث يطحن القمح في دار الهيكل وينخل خلال 12 منخلاً ثم يعجن بالخمير، ويصنع رغيفان كل رغيف من عشر إيفة من الدقيق [17]، وذلك قبل العيد بيوم، فإن كان اليوم سبتًا يعملان في اليوم الذي قبله. هذان الرغيفان يرددان أمام الرب ويأكلهما الكهنة، ولا يوقدان على المذبح لأن بهما خمير. أحد الرغيفين يأخذه رئيس الكهنة، والثاني يقوم بتوزيعه على بقية الكهنة.

    ويلاحظ في الرغيفين أن بهما خمير، فبالرغم مما أعطى لهما من قدسية خاصة، لكنهما إذ يمثلا شعب إسرائيل المحتاج إلى ذبيحة تُكفر عما إرتكبه (الخمير).

    لعل الرغيفين يشيران إلى الخبز الأرضي والخبر السماوي، وكأنه في عيد الخمسين تطلب الكنيسة أن يعمل فيها الروح القدس لتقديس الحياة الزمنية (الخبز الزمني) والحياة التعبدية السماوية. ولعل أيضًا هذين الرغيفين يُشيران إلى كنيستي العهد القديم والعهد الجديد بكونهما يتباركان بعمل الروح القدس فيهما، أو لعلهما جماعة الأمم واليهود.

    رقم 2 يُشير إلى المحبة[286]، كأن عمل الروح القدس في يوم الخمسين هو سكب روح الحب والشركة ليكون لنا القلب الملتهب الناري في محبته لله والناس.

    بجانب هذا الطقس تقدم الذبائح والتقدمات الآتية:

    أولاً: المحرقة الدائمة الصباحية والمحرقة الدائمة المسائية وتقدماتهما وسكيبهما.

    ثانيًا: ذبيحة محرقة من ثور وكبشين وسبعة خراف حولية مع تقدماتها وسكيبها.

    ثالثًا: ذبيحة خطية هي تيس من المعز.

    رابعًا: ذبيحة سلامة من خروفين حوليين.

    خامسًا: تقدمات العيد الإضافية (عد 28: 26-31)، عبارة عن محرقة من ثورين وكبش وسبعة خراف حولية مع تقدماتها وسكيبها، وذبيحة خطية من تيس من المعز أو تيسين.

    سادسًا: تقدمات تطوعية يقدمها الشعب حسب ما تسمح به أيديهم، يأكل منها اللاويون والغرباء والفقراء (تث 16: 9-12).

    في وسط هذا الفرح العام يحثهم ليس فقط على تقديم تقدمات يتمتع بها الغرباء والفقراء... وإنما يؤكد لهم ألا ينسوهم في طريقة الحصاد عينها، إذ يوصيهم: "وعندما تحصدون حصيد أرضكم لا تكمل زوايا حقلك في حصادك، ولقاط حصيدك لا تلتقط، للمسكين والغريب تتركه، أنا الرب إلهكم" [22].

    والآن نستطع القول بأن عيد الخمسين قد كمل في "عيد الخمسين" المسيحي، أو "عيد حلول الروح القدس". فإن رقم خمسين هو ثمرة إضافة سبعة أسابيع على عيد الباكورة، فإن كان رقم 7 يُشير إلى الكمال، فإن الكمال يتحقق بحلول الروح القدس الذي يأخذ مما للمسيح البكر ويعطينا. هذا وقد رأى كثير من اليهود في عيد البنطقستي إعلانًا للعهد الإلهي إذ رأوا فيه تذكارًا للعهد أو الميثاق للذي قدمه الله لنوح وتجديدًا له[287]، وأيضًا ميثاق الله مع إبراهيم (تك 15)، إذ قيل: [في هذا اليوم أقمنا عهدًا مع إبراهيم كما أقمناه مع نوح في نفس الشهر. وقد جدد إبراهيم العيد وجعله وصية أبدية[288]]. هكذا كانوا يتطلعون إلى هذا العيد كعيد تجديد العهد مع الله، ودخول أعضاء جدد في العهد معه[289]. لذلك عندما حلّ يوم الخمسين واجتمع التلاميذ في علية صهيون كان اليهود من حولهم يعيدون بتجديد العهد مع الله متذكرين ما حدث مع آبائهم حين سلم الله عهده وشريعته لموسى النبي وما صاحب ذلك من رعود وبروق وأصوات بوق ودخان حتى ارتعب الكل (خر 20: 18)... في هذا اليوم حلّ الروح القدس على التلاميذ وسمع أيضًا صوت هبوب عاصف وارتعب الكل وحدث تجديد للعهد خلال الروح القادر أن يجدد القلوب والأذهان، ويكتب الشريعة والعهد في قلوب المؤمنين (إر 31: 31-34)... صار للكنيسة الروح الإلهي الناري الذي يغير الطبيعة الداخلية ويهب روح النبوة فنتقبل عهدًا جديدًا.



    5. عيد الهتاف:
    هو عيد بداية السنة المدنية، وبداية الشهر السابع من السنة الدينية، لذا فهو عيد تقديس الشهور (الشهر السابع). أهم ما يمتاز به هذا العيد هو "الهتاف"، حيث يحتفل به اليهود بالهتاف في الأبواق، لهذا دعى "عيد الهتاف" أو "عيد الأبواق"، كما دعى "عيد ميلاد العالم".

    أما غاية هذا العيد فهو:

    أولاً: بدء السنة الجديدة، وكأن عيد رأس السنة.

    ثانيًا: تقديس العالم كله بكون الشهر السابع (دينيًا) هو بكر الشهور، فيه تُقام أعظم الأعياد.

    ثالثًا: يرى البعض في هذا العيد إعدادًا للشعب للإحتفال بعيد الكفارة في منتصف الشهر حين يبلغ القمر كماله، فتنعم الكنيسة بكمالها خلال كفارة الصليب.

    رابعًا: تذكار للشريعة التي رافقتها أصوات الرعود والبروق.

    هذا العيد كغيره من الأعياد اليهودية لم تحتقره كنيسة العهد الجديد بل قدسته، خلال فكر روحي جديد. فإن كانت الأبواق والهتافات قد حملت معنيين رئيسيين ومتكاملين هما تحطيم مملكة الشر وقيام مملكة الله، لذا نسمع عن هدم أسوار أريحا التي للشر (يش 6: 5-21) خلال الأبواق، وأيضًا نجد إعلان ملكوت الله، وتكريم تابوت العهد خلال الهتافات والأبواق (1 مل 17: 20، 4: 5-8، 2 مل 6: 15)، وقد جاءت المزامير تُشير إلى الهتافات الليتورجية التي تصاحب عرش الله (مز 46: 1-7، مز 80: 2-4). كأن عيد الهتاف لم يكن طقسًا لتحديد بدء السنة أي تحديد الزمن، وإنما كان في جوهره إعلانًا عن مملكة الله وتأكيد سلطانه على الزمن[290]. وفي العهد الجديد نسمع عن طقس هذه الأبواق أو الهتاف لا لإعلان بدء سنة زمنية وإنما لإعلان بدء الأبدية أو السنة التي بلا نهاية، فيحدثنا الرسول بولس عن الأبواق التي تدعو المختارين لهذه السنة التي بلا نهاية (1 تس 4: 16، 5: 2)، كما يربط السيد المسيح مجيئه الأخير بأصوات الأبواق (مت 24: 29-31). بهذا يظهر العيد اليهودي كعنصر أساسي في تشكيل الإستخاتولوجي (الحياة الأخروية) المسيحي[291]... إنه عيدنا الروحي الذي فيه بصوت البوق نحطم أسوار أريحا التي للشر لتعلن مملكة المسيح فينا، فتبدأ فينا سنة لا تنتهي، أو أبدية دائمة.

    أما ذبائح وتقدمات هذا اليوم فهي:

    أولاً: محرقة الصباح الدائمة ومحرقة المساء الدائمة وتقدمتهما وسكيبهما (عد 28: 1-Cool.

    ثانيًا: قرابين رأس الشهر (الهلال) عبارة عن محرقة من ثورين وكبش وسبعة خراف حولية وتقدمتها والسكيب، وذبيحة الخطية من تيس من المعز (عد 28: 21- 25).

    ثالثًا: محرقة ثور وكبش وسبع خراف حولية وتقدمتها وسكيبها (قرابين العيد).

    رابعًا: ذبيحة خطية من تيس من المعز خاصة بالعيد.

    أما طقس هذا اليوم فيبدأ بتقديم المحرقة الصباحية اليومية، بعدها تقدم قرابين الشهر الجديد، وبعد ذلك قرابين العيد حيث ينفخ الكهنة في أبواق القرن، ويعزف اللاويون على آلات موسيقية ويترنم الشعب بالمزامير من بينها (مز 81). يبارك الكاهن الشعب بالبركة المقدسة، قائلاً: "يباركك الرب ويحرسك، يضيئ الرب بوجهه عليك ويرحمك، يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلامًا" (عد 6: 24-26). ويلاحظ في هذه البركة يذكر إسم يهوه ثلاث مرات، إذ يتمتع الشعب ببركة الثالوث المقدس، وكانوا يتمتعون ببركة الله وهم منطرحون وساجدون على الأرض.

    بعد نوال البركة الإلهية كان الشعب - في أيام الهيكل - يتوجه إلى المجامع حيث تُقرأ عليهم فصول من الكتاب المقدس (تك 21: 1-34، عد 29: 1-6، 1 صم 1: 1، 10، تك 22: 1-24، إر 31: 2-20). ثم يترنمون بالمزامير ويعودون إلى منازلهم.

    في المساء يعود الشعب إلى الهيكل ليشاهد تقديم محرقة المساء اليومية، ويطلب الصفح عن خطاياه التي إرتكبها في السنة السابقة وبركة الرب في السنة الجديدة، ثم يهنئ بعضهم البعض بالعام الجديد.



    6. عيد الكفارة:
    سبق لنا الحديث عنه في تفسيرنا للأصحاح السادس عشر.



    7. عيد المظال:
    هو آخر الأعياد والمواسم المقررة في الناموس، وبه يختتم العام الزراعي. وقد سمى "عيد المظال" لأنهم كانوا يسكنون خلاله في مظال مصنوعة من أغصان الشجر [42]، كما دعى "عيد الجمع" (خر 23: 16، 34: 22)، إذ فيه ينتهون من جني جميع المحاصيل كالكروم والزيتون.

    غاية هذا العيد هو تقديم الشكر لله على انتهاء العام الزراعي، وفي نفس الوقت يحمل هذا العيد تذكارًا لتغربهم في البرية حيث كانوا يعيشون في خيام، وتمجيدًا لله الذي أدخلهم أرض الموعد.

    أهم سمات هذا العيد هو اتسامه بالفرح الشديد، السكنى في المظال، طقسه الفريد.

    أولاً: اتسامه بالفرح الشديد، فقد عُرف هذا العيد بكثرة الذبائح والعطايا من الأغنياء ليفرح الكل (تث 16: 14)، خاصة وأنه يأتي بعد الحصاد، فيُقدم الكل مما وهبه الله حتى لا يظهروا فارغين أمام الرب. يقول يوسيفوس أن من لم ير أفراح عيد المظال لا يعرف ما هو الفرح.

    ثانيًا: السكنى في المظال لمدة سبعة أيام يليها اليوم الثامن الذي يُحسب عيدًا مستقلاً بذاته له طقسه الخاص به وذبائحه ولا يبقى الشعب في المظال فيه. فقد اعتاد اليهود أن يذهبوا إلى أورشليم قبل العيد بيوم، وكان بعضهم يذهب إليها قبل اليوم العاشر من الشهر ليشترك في عيد الكفارة ويقيم هناك حتى يحتفل بعيد المظال. يبدأون في إقامة المظلات بمجرد انتهائهم من عيد الكفارة. وقد حددت المشناة أبعاد المظال، ولا يعفى من السكني فيها سوى المرضى ومرافقيهم. إذ كان الجو ممطرًا بشدة يمكن عدم البقاء الدائم فيها.

    خلال السكنى في المظال يرتبط تمتع الشعب بالخيرات وفرحهم بالمحصول (تث 16: 13-16) بتذكار عمل الله معهم الذي أخرجهم من أرض مصر وأسكنهم في المظال أو الخيام حتي يستقروا في أرض الموعد (لا 23: 41-43). فإن كان هذا العيد هو عيد زراعي مفرح فهو أيضًا عيد الغربة لأجل الاستقرار في المظال الأبدية.

    تحقق هذا العيد في صورة أكمل وأعمق في العهد الجديد، حين تجلى السيد المسيح على جبل تابور أمام ثلاثة من تلاميذه، وإذ رأى بطرس الرسول أن الحصاد الحقيقي قد تم إذ ظهر السيد المسيح في بهائه وحوله رجاله موسى وإيليا والتلاميذ اشتهى أن يقيم عيد مظال لا ينقطع، سائلاً السيد أن يصنع ثلاث مظال واحدة للسيد وأخرى لموسى وثالثة لإيليا، ليبقى التلاميذ في هذا العيد أبديًا (مت 17: 5)... لكن السيد المسيح أرسل مظلة سماوية من عندياته هي "سحابة منيرة ظللتهم" لكي يسحب قلب التلاميذ إلى العيد الآخروي حين يأتي السيد على السحاب لا ليقيم لهم مظال أرضية بل ليدخل بهم إلى حضن أبيه... وقد دعى السيد الحياة الأبدية "المظال الأبدية".

    ثالثًا: اتسم هذا العيد بطقسه الفريد، الذي تميز بظاهرتين متكاملتين هما سكب الماء والإنارة.

    فمن جهة سكب الماء يذكر التلمود أنه ابتداء من اليوم الأول ولمدة سبعة أيام يخرج في الفجر موكبان عظيمان، أحدهما يتوجه لجمع أغصان الزيتون وسعف النخيل والأشجار الأخرى، والثاني يتوجه إلى بركة سلوام ومعه أحد الكهنة يحمل أبريقًا ذهبيًا ليغرف فيه من ماء البركة ويملأ الأبريق. وكان يرافق الموكبين جماعات المرنمين ليعود الموكبان بين الهتافات والترانيم ويصل الكل إلى الهيكل في وقت واحد، فتُقدم محرقة الصباح. ويقيم حاملو الأغصان مظلة جميلة على المذبح بينما يستقبل الكهنة زميلهم الذي يحمل الأبريق الذهبي بالنفخ ثلاثًا في الأبواق. يصعد الكاهن على درج المذبح ومعه كاهن آخر يحمل أبريقًا آخر من الذهب به الخمر، فيسكبان سكيب المحرقة من الماء والخمر في طاسين من الذهب مثقوبين ومثبتين على المذبح، فينساب السكيب إلى أسفل المذبح، وكان الناس يستقون الماء بفرح من بركة سلوام في أيام العيد تذكارًا لخروج الماء من الصخرة على يد موسى النبي وشرب آبائهم منها، متذكرين كلمات إشعياء النبي: "أيها الجياع جميعًا هلموا إلى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا، هلموا واشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرًا ولبنًا"، "فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص" (إش 55: 1، 12: 3).

    كان الصدوقيون يرون الإقتصار على سكب الخمر وحده دون الماء. ففي حوالي عام 95 ق.م. كان رئيس الكهنة اسكندر بانياس من الصدوقيين قد سكب الماء على الأرض بعيدًا عن المذبح فثار ضده الفريسيون وأرادوا قتله، فقامت معركة بين الصدوقيين والفريسيين، وانتهت بنصرة الفريسيين، بعد أن قتل أكثر من ستة آلاف شخص.

    على أي الأحوال إذ كان الماء والخمر يسكبان على المذبح تُعزف موسيقى الهيكل وترنم مزامير الهليل (مز 113-118). وكانوا عندما يأتون إلى المقاطع التالية: "احمدوا الرب لأنه صالح"، "يا رب أنقذ"، "احمدوا الرب" (مز 118: 1، 25، 29)، يلوح المتعبدون بالأغصان حول المذبح.

    هذا ويظهر مدى ارتباط هذا العيد بالماء أن اليوم الثاني من العيد كان يسمى "الاحتفال الأصغر" يقام فيه احتفالات مسائية مبهجة مع بقية الأيام تسمى "فرح مجاري المياه". وقد جاء في التلمود بكل وضوح : "لماذا دُعي اسمه "مجاري المياه"؟ من أجل تدفق الروح القدس حسب ما قيل: بالفرح تنفجر المياه من ينابيع الخلاص[292]].

    هذا الطقس الخاص بسكب المياه على المذبح وشربها من بركة سلوام وقد التحم بطقس الأغصان وتلويحها مع التهليل والترنم، ارتبط بطقس آخر هو طقس "الإنارة"، ففي هذا العيد تُضاء في دار الهيكل أربع منارات عالية تبلغ ارتفاع الواحدة نحو 50 ذراعًا، في أعلى كل منها أربعة سرج كبيرة من الذهب، وكانت فتائلها من ملابس الكهنة القديمة وكانت أنوارها تُرى في كل المدينة. وكان الشعب أيضًا يضيئون مصابيح في الشوارع لتصير المدينة كلها أشبه بكتلة من النور البهيج، كما كانوا يزينون المنازل بالزهور. وقد ارتبط النور بالفرح، فكان الكهنة يرقصون ويترنمون وهم على الدرجة الخامسة عشر من درجات الهيكل.

    أما علة ارتباط الماء بالنور في هذا العيد فبحسب التقليد اليهودي أن عمود السحاب (الماء) والنار (النور) ظهر لأول مرة لليهود في 15 تشري، أول أيام العيد، كما أنه في نفس اليوم نزل موسى من الجبل وأعلن عن إقامة خيمة الإجتماع، وفي نفس اليوم دشن هيكل سليمان ونزلت الشكينة (1 مل 8، 2 أي 7).

    هذا العيد الذي اتسم بالماء مع النور قد تقدس، بالأكثر في العهد الجديد، يحتفل به المؤمنون خلال تمتعهم بالحياة المسيانية ودخولهم إلى الأبدية. فالعصر المسياني في حقيقته هو عصر فيض المياه الحية على أرضنا البرية لتحويلها إلى فردوس حق، وكما جاء في سفر أشعياء: "أفتح على الهضاب أنهارًا وفي وسط البقاع ينابيع، أجعل القفر أجمة ماء والأرض اليابسة مفاجر مياه، أجعل في البرية الأرز والسنط والآس وشجر الزيت، أضع في البادية السرو والسنديان والشربين معًا، لكي ينظروا ويعرفوا ويتنبهوا ويتأملوا معًا أن يد الرب فعلت وقدوس إسرائيل أبدعه" (إش 41: 18-20)، وقد رأى حزقيال النبي في الهيكل الجديد المياه الحية تخرج من عتبة البيت نحو المشرق عن جنوب المذبح... وإذ بأشجار كثيرة جدًا هنا وهناك ترتوي على هذه المياه (حز 47)، وحين تحدث زكريا النبي عن يوم صلب السيد المسيح قال: "ويكون في ذلك اليوم أن مياهًا حية تخرج من أورشليم" (زك 14: Cool... وإذ جاء السيد المسيح لم يعلن أنه هو موضوع هذا العيد، وإنما هو العيد[293]، تحول العيد إلى شخص ننعم به ونرتوي ونستنير، إذ يقول الإنجيلي: "وفي اليوم الأخير من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً: إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب، من آمن بيّ كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو 7: 37-38). بهذا فإن السيد المسيح قد أعلن نفسه أنه الطقس العيّدي الذي فيه لا يشربون كآبائهم من الصخرة التي تابعتهم ولا من بركة سلوام بل يفيض في داخلهم ينابيع مياهه الحية. هذا أيضًا ما أكده السيد المسيح للمرأة السامرية: "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا، ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه أنا يصير فيه ينبوع مياء ينبع إلى حياة أبدية" (يو 4: 13-14). من يشرب من ماء الطقس اليهودي يعطش أيضًا، لكنه إذ جاء الأصل قدم لنا روحه القدوس الماء الذي يفجر فينا ينابيع مياه حية تنبع إلى حياة أبدية، أي قادرة لا على إروائنا فحسب وإنما على تجديد طبيعتنا لننطلق إلى الحياة الأبدية السماوية. هذا هو النهر الصافي من ماء الحياة اللامع كالبللور الذي رآه القديس يوحنا الحبيب خارجًا من عرش الله والحمل (رؤ 22: 1).

    وما نقوله عن المياه نكرره أيضًا بخصوص النور، فقد أكد لنا السيد المسيح: "أنا هو نور العالم" (يو 8: 12). وكما يفجر فينا ينبوع مياه حية، فإنه إذ هو العيد الحق يحولنا إلى شركة الحياة معه فنصير نحن أيضًا نور العالم (مت 5: 14).

    بجانب هذين الطقسين المتكاملين "سكب الماء والإنارة"، فإننا إذ نرى الجماهير وقد تحولت إلى موكب تلوح حول المذبح بالأغصان، إنما نرى السيد المسيح "الكاهن والذبيحة في نفس الوقت"، وقد خرجت الجماهير في أحد الشعانين تلوح بالأغصان الزيتون وسعف النخل وتفرشه على الطريق (مت 21: Cool... هو عيدنا المفرح واهب النصرة! نلوح له هنا بأغصان الإيمان علامة قبولنا ملكه فينا فيهبنا سعفًا لنخل جديد في ملكوته الأبدي علامة غلبتنا به وملكنا معه (رؤ 7: 9).

    أما عن طقس العيد فيبدأ هكذا في مساء اليوم الرابع عشر ينفخ الكهنة في الأبوق إعلانًا عن قدوم العيد، وينظفون مذبح المحرقة، وبعد منتصف الليل مباشرة يفتحون الأبواب حتى يتسنى للشعب أن يدخل للإشتراك في الإحتفالات العظيمة بالعيد.

    بجانب الطقوس السابق ذكرها تقدم التقدمات والذبائح التالية (عد 29: 12-19):

    أولاً: المحرقة الصباحية الدائمة وأيضًا المسائية مع تقدمتهما وسكيبهما.

    ثانيًا: محرقة العيد يبدأ اليوم الأول بثلاثة عشر ثورًا ثم يتناقص كل يوم ثورًا فيبلغ كل الثيران سبعين ثورًا، كما يُقدم أيضًا كبشان وأربعة عشر خروفًا حوليًا كل يوم مع تقدمتهم.

    ثالثًا: ذبيحة خطية للعيد من تيس من المعز.

    رابعًا: ما يقدمه الشعب من ذبائح السلامة والنذور والنوافل والقرابين التطوعية إبتهاجًا بالعيد.

    هذا ومع انسحاب الشعب من المذبح في نهاية كل خدمة يومية يترنمون قائلين: "ما أجملك أيها المذبح" أو "نشكرك يارب (يهوه) ونشكرك أيها المذبح"[294].

    أما بالنسبة لليوم الثامن، كما قلنا يُحسب عيدًا مستقلاً، وقد دعى بالإعتكاف، حيث يتوقف الكل عن العمل ويتفرغ للعبادة... في هذا اليوم لا يسكنون المظال ولا يلوحون بالأغصان. أما تقدمات هذا اليوم وذبائحه فهي:

    أولاً: المحرقة الصباحية الدائمة وأيضًا المسائية مع تقدماتهما وسكيبهما.

    ثانيًا: ذبيحة محرقة من ثور وكبش وسبعة خراف مع تقدماتها وسكيبها.

    ثالثًا: ذبيحة خطية من تيس من المعز.

    رابعًا: ما يقربه الشعب من ذبائح تطوعية (عد 29: 35-29).

    نختم حديثنا عن المظال بما جاء في سفر التثنية وهو أن الشريعة تُقرأ أمام كل إسرائيل في هذا العيد في كل سنة سبتية "السنة السابعة" (تث 31: 9-13).
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالإثنين 17 أكتوبر 2011, 12:32 pm

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 24
    إذ تحدث عن الأعياد المقدسة والمحافل المفرحة أراد أن يعلن عن سرّ الفرح الحقيقي الداخلي خلال الإهتمام بالمنارة الذهبية للتمتع بالنور، والخبز الأسبوعي للتمتع بالشبع، أما سرّ فقدان الفرح فهو إهانة الله بالتجديف على إسمه والإساءة إلى الآخرين.

    1. المنارة والزيت النقي [1-4].

    2. المائدة وخبز الوجوه [5-9].

    3. تجديف إبن شولمية [10-16].

    4. شرائع مختلفة [17-23].



    1. المنارة والزيت النقي:
    ليس عجيبًا أن يتحدث عن المنارة والزيت النقي بعد حديثه عن الأعياد والمواسم مباشرة، فإن كان الله يود أن ينعم على شعبه بفرح دائم لا ينقطع فسرّ هذا الفرح هو استنارته غير المنقطعة بزيت الروح القدس فيه، الذي يهيئ النفس كعذراء لاستقبال العريس (مت 25: 1-10).

    "أوصِ بني إسرائيل أن يقدموا إليك زيت زيتون مرضوض نقيًا للضوء لإيقاد السرج دائمًا. خارج حجاب الشهادة في خيمة الإجتماع يرتبها هرون من المساء إلى الصباح أمام الرب دائمًا فريضة دهرية في أجيالكم. على المنارة الطاهرة يرتب السرج أمام الرب دائمًا" [2-4].

    أوصى الرب الشعب بتقديم زيت زيتون مرضوض، أي مستخرج برضه أو دقه في الهاون وتصفيته، وأن يكون نقيًا. وكان على هرون وبنيه أن يرتبوا السرج السبعة التي للمنارة الذهبية في المساء حتى الصباح أمام الرب بالسهر عليها حتى لا تنطفئ. ويذكر المؤرخون أن جميع السرج كانت تضاء طول الليل، أما في النهار فيضاء ثلاثة منها فقط.

    لقد سبق فرأينا في دراستنا لسفر الخروج أن المنارة لم تكن لمجرد الإضاءة لكنها حملت مفاهيم لاهوتية روحية تمس علاقتنا بالثالوث القدوس، النور الحقيقي. وأن الكنيسة الأولى إهتمت بالإضاءة حتى في النهار داخل الكنيسة كطقس روحي يمس حياة المؤمنين، وأن الكاهن يبارك الشعب بالصليب ملتحمًا بشموع منيرة علامة عمل الله في حياتهم الداخلية[295].

    يعلق الأب ميثوديوس على طقس الإضاءة من المساء حتى الصباح في القدس قائلاً: [لقد أوصوا أن يكون لهم نور ضعيف من المساء حتى الصباح، لأن نورهم يبدو أنه يمثل الكلمة النبوية... كانت هناك ضرورة أن يوقد حتى يأتي النهار، إذ يقول "يرتبها إلى الصباح"، أي حتى مجئ المسيح. فإنه إذ يشرق شمس الطهارة والبر لا تكون هناك حاجة لنور آخر[296]].

    ويقول العلامة أوريجانوس:

    [قبل مجئ ربنا يسوع المسيح، الشمس التي لم تشرق على بني إسرائيل، كانوا يستخدمون نور السرج، إذ كان عندهم كلمات الناموس والأقوال النبوية كسراج مغلق عليه في سور ضيق لا تشرق أنواره في الأرض كلها. فقد كان العلم الإلهي محصورًا في يهوذا وحده، كقول النبي: "الرب معروف في يهوذا" (مز 75: 1). لكن إذ أشرق شمس البر (ملا 4: 2، 3: 20)، ربنا ومخلصنا، إذ وُلد ذاك الذي كتب عنه أن "الشرق إسمه" (زك 6: 2 "الترجمة السبعينية")، إنتشر نور العلم الإلهي في العالم كله. باختصار كانت كلمات الناموس والأقوال النبوية سراجًا منيرًا يشتعل داخل القدس، لا يمكن أن ينطلق خارجًا ليشع بجماله وبهائه.

    كلمات الناموس والأنبياء هي السرج، هذا ما علمنا إياه الرب بنفسه من يوحنا المعمدان (كممثل للعهد القديم بناموسه وأنبيائه): "كان هو السراج الموقد المنير وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة" (يو 5: 35)... كان هذا السراج يشتعل، إذ هو يوحنا الذي به تم الناموس والأنبياء. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). مادام الشعب له زيت يقدمه للإضاءة لا ينطفئ السراج، لكنهم عندما أخطأوا ولم يصر لهم زيت الرحمة ولا الأعمال الصالحة والنقاوة إنطفأ السراج بسبب الحاجة إلى زيت نقي للإضاءة.

    لكن ماذا نقول بالنسبة لنا نحن؟... يليق بالمسيحي أن يهتم بالأكثر أن يكون له زيت، فبدونه كما يقول الرب تُسمى العذارى جاهلات، إذ لا يحملن زيتًا في آنيتهن، فلا يضئن سرجهن وبالتالي يحرمن من الحجال الزوجي. وعندما قرعن الباب إذ لم يكن لهن زيت أمر العريس بعدم فتح الباب (مت 25).

    إنيّ أذكر ما سبق فقلته بخصوص المزمور 118: "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" (مز 118: 105)، موضحًا بقدر الإمكان الفارق بين السراج والنور. فقد خصص السراج للرجل بكونها عضو سفلي للجسم، أما النور فخصص للسبل التي تُدعى في موضع آخر "الطرق السماوية". فبحسب التفسير السري... يضيئ سراج الناموس للذين هم في العالم كرجل للخليقة كلها (رجال العهد القديم)، أما النور الأبدي فمخصص لسبل الدهر الآتي[297]].

    يرى القديس أغسطينوس[298] أن الزيت يُشير إلى "المحبة" التي بدونها لن تدخل العذارى إلى العرس ولا يلتقين بالعريس في حجاله السماوي. ويقول العلامة أوريجانوس: [أما يظهر لك أن من يطفئ نور المحبة يطفئ السراج؟! من يحب أخاه (1 يو 4: 21) يبقى في نور المحبة ويستطيع أن يقول بكل ثقة: "أما أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله" (مز 52: Cool، "بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك"(مز 128: 3)[299]].
    تفسير سفر اللاويين Www-St-Takla-org--Showbread

    صورة في موقع الأنبا تكلا: مائدة خبزالوجوه

    سبق لنا الحديث عن المائدة وطقس خبز الوجوه في دراستنا لسفر الخروج (أصحاح 25)[300]. هنا يؤكد: "وتجعل على كل صف لبانًا نقيًا فيكون للخبز تذكارًا وقودًا للرب" [7]. فإن كان الخبز يوضع على صفين، كل صف يحوي ست خبزات فوق بعضها البعض ويوضع بين الخبز صفائح ذهبية منحنية تسمح بمرور الهواء حتى لا يفسد الخبز، فإنه يوضع إناء ذهبي من اللبان فوق كل صف يوقد ليذكر الرب تقدماتهم ويقبلها رائحة ذكية.

    إن كان الخبز يُشير إلى الكنيسة المقدسة التي التحم برأسها المسيح، فإن اللبان يُشير إلى عملها الدائم ألا وهو الصلاة والتسبيح بلا انقطاع.

    يرى العلامة أوريجانوس في المائدة المقدسة صورة للمائدة التي يقدمها لنا رب المجد، مائدة الأفخارستيا، إذ يقول: [لنرجع إلى الخبز النازل من السماء واهب الحياة (يو 6: 33) خبز الكفارة الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره (رو 3: 25). لننظر لهذا التذكار الذي تحدث عنه الرب: "إصنعوا هذا لذكري" (1 كو 11: 25)، ففي هذا التذكار يخدم الرب الناس. لنذكر بكل دقة أسرار الكنيسة، وندرك كيف حملت شرائع الناموس صورة مسبقة للحق المقبل (عب 10: 1)[301]].
    هذا الخبز هو طعام المقدسين يأكلونه "في مكان مقدس" [9]. إنه طعام الذين صاروا جنسًا مختارًا وكهنوتًا ملوكيًا (1 بط 2: 9)، يأكلونه وهم مستعدون بالحياة المقدسة، وكما يقول العلامة أوريجانوس[302]: [إن "المكان المقدس" هنا ليس موضعًا مكانيًا لكنه يعني "النفس الطاهرة"].



    3. تجديف إبن شولمية:
    بعد أن كشف عن سرّ فرح النفس بزيت المنارة المضئ، وشبعها بخبز المائدة المقدس حدثنا عن سرّ مرارة النفس وفقدانها سلامها بل وحياتها، خلال قصة تنازع إبن شولمية مع رجل إسرائيلي، حيث سّب الأول الله. لم يتسرع موسى النبي في الحكم من عندياته بل أخذه وطلب مشورة الله، فجاءت الشريعة تعلن أن من يجدف على الله سواء كان يهوديًا أصيلاً أو متهودًا يقتل رجمًا خارج المحلة، ففعلوا هكذا بإبن شولمية.

    قدم لنا العلامة أوريجانوس[303] مفهومًا رمزيًا لهذه القصة، إذ رأى في إبن شولمية الذي من أب مصري وأم يهودية إشارة للهراطقة الذين ينتسبون للكنيسة كأم لهم لكنهم خلال هرطقتهم يقبلون فرعون أبًا لهم. هؤلاء بانحرافهم يفقدون أبوة الله بينما ينسبون أنفسهم للكنيسة ليدخلوا في صراع مع أبنائها، ويجدفون على الله بفساد إيمانهم. إنهم حسب الحرف أو المظهر منتسبون للكنيسة لكنهم هم خارجها والله ليس بأبيهم، لذلك أُخرج إبن شولمية خارج المحلة.

    من يجدف على الله أيضًا بتصرفاته يحرم نفسه من العضوية الكنسية الحقيقية: [من يخرج عن طريق البر وعن ناموس الرب... يخرج عن جماعة القديسين وصفوفهم[304]]. [من يخرج عن الحق يخرج عن مخافة الرب والإيمان والمحبة، بهذا يخرج عن محلة الكنيسة حتى ولو لم يصدر حكمًا من الأسقف بطرده... فقد يكون في داخلها (بالجسد) لكنه في الحقيقة هو خارجها[305]].

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
    ثروت
    خادم المنتدي
    خادم المنتدي
    ثروت


    عدد الرسائل : 5787
    العمر : 55
    الموقع : https://temaf-erene.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 10/06/2008

    تفسير سفر اللاويين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: تفسير سفر اللاويين   تفسير سفر اللاويين Emptyالإثنين 17 أكتوبر 2011, 12:34 pm

    تفسير سفر اللاويين الاصحاح 25

    أعلن الله غايته نحو الإنسان بالدخول به إلى الأعياد ومحافل مقدسة مستمرة ليتقبل الله نفسه كعيد له ينبوع فرحه وتحريره. ففي الأصحاح السابق حدثنا عن الفرح والشبع، والآن يحدثنا عن الحرية الداخلية خلال بعض الشرائع التي تمس الفقراء والعبيد والحقول والبيوت.

    1. شريعة السنة السابعة [1-7].

    2. شريعة سنة اليوبيل [8-22].

    3. شرائع بيع الأراضي [23-28].

    4. شرائع بيع البيوت [29-33].

    5. شرائع قروض الإخوة [35-38].

    6. شريعة العبد العبراني [39-43].

    7. شريعة العبد الأجنبي [44-46].

    8. شريعة العبراني المستعد لأجنبي [47-55].



    1. شريعة السنة السابعة
    إهتم الله بحفظنا للسبت لتقديس كل بقية أيام الأسبوع، وبنفس الفكر إهتم أن نحفظ سبت السنوات أي السنة السبتية أو السنة السابعة، في هذه السنة لا يجوز زرع الأرض أو حصدها حتى الأشجار المثمرة، إنما يجوز الزراعة في حدود تقديم الجزية أو الضريبة، وأيضًا ما هو للتقدمات كحزمة الترديد ورغيفي التقدمة وخبز الوجوه. كما يصرح بحرث الأرض وتهيئتها للزراعة، وبالصيد والتجارة وتربية النحل... إلخ.

    أما غاية السنة السبتية فهي:

    أولاً: من الجانب الزراعي، لم يكن لليهود أو آبائهم خبرة في هذا المضمار، ففي مصر عاشوا كرعاة غنم، ورأوا المصريين يزرعون الأرض سنويًا وأحيانًا أكثر من مرة في السنة بسبب خصوبة الأرض وطمي فيضان النيل، أما أرض فلسطين فتحتاج أن تترك كل فترة لتستعيد قوتها ولا تستهلك.

    ثانيًا: من الجانب الإنساني والإجتماعي، فإن السنة السبتية هي سنة الشركة العامة، فيستطيع الفقير والغريب بغير خجل أن يدخل أي حقل ويجمع ما تبقى من السنوات السابقة ويقطف من أشجار الفاكهة ما يريد... وكأن الأرض في السنة السابعة تصير مشاعًا للكل، أن يقطف ما يريد دون أن يقوم بالتخزين أو تحويلاً إلى منتجات أخرى كالنبيذ... إلخ، حتى بالنسبة لصاحب الأرض. ولا تقف الشركة عند البشر وحدهم، بل تترك الحيوانات حتى البرية منها لتتمتع بنصيبها من منتجات الأرض بلا عائق.

    هذا ومن ناحية أخرى كانت هذه السنة راحة للجميع، ليس فقط للرجل وعائلته، وإنما حتى العبيد والأجير والغريب بل والحيوانات أيضًا.

    يرى البعض أن هذه السنة هي سنة إبراء فيها يتحرر العبيد من الرق... وإن كان البعض يرى أن التحرر يتم في السنة السابعة من شراء العبد، وليس بالضرورة في السنة السبتية العامة.

    ثالثًا: من الجانب الروحي فهي سنة راحة من العمل اليومي للإنشغال بالعمل الروحي، ففي هذه السنة تقرأ فصول من الشريعة في عيد المظال (تث 31: 10-13) لكي تكون أشبه بذخيرة للسنة كلها... وكانت القراءة تتم بطقس جميل فيه يسلم رئيس المجمع التوراة لرئيس الكهنة، وهذا بالتالي يسلمها للملك الذي يقف ليقرأ الشريعة على الشعب في مهابة. بعد القراءة يعطي رئيس الكهنة البركة للشعب، سائلاً من أجل الشريعة والخدمة والإعتراف والتمتع بمغفرة الخطايا ومن أجل أورشليم والهيكل والشعب والكهنوت المقدس.

    هذا وكانت السنة السبتية تعتبر درسًا عمليًا في الإيمان أن الله يبارك في إمكانياتهم ويشبعهم، وأن سرّ البركة لا في كثرة العمل وإنما في رضا الله...



    2. شريعة سنة اليوبيل:
    كما يقدس الإنسان اليوم السابع ليبارك الرب كل أيام الأسبوع، والشهر السابع ليبارك كل الشهور، والسنة السابعة ليبارك الست سنوات الأخرى، فإنه يقدس أيضًا السنة الخمسين التي تأتي كسبت لكل وحدة تتكون من سبع سنوات، هي سبت أسابيع السنين، لذلك يعتبر هذا العيد "اليوبيل" هو كمال النظام السبتي، وضعه الرب لشعبه.

    كلمة "يوبيل" من أصل يوناني تعني "قرن"[306]، إذ كان يعلن عنها خلال النفخ في بوق في اليوم العاشر من الشهر السابع، إذ تبدأ بعيد الكفارة.

    دعى هذا العيد بسنة العتق (حز 46: 17)، ففيه يتم عتق العبيد وترجع الأراضي المباعة والمرهونة إلى أصحابها، والدائنون يعفون عن المدينين... لذلك كان هذا العيد الذي يتكرر كل خمسين عامًا من أروع الأعياد وأبهجها على نفوس الشعب.

    أما طقس هذا العيد فهو:

    أولاً: "تقدسون السنة الخمسين وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها، تكون لكم يوبيلاً، وترجعون كل إلى ملكه وتعودون كل إلى عشيرته" [10]. هذا هو أبرز ما في الطقس، ألا وهو عتق الأرض وتحريرها، فيسترد كل إنسان أرضه وتسترجع كل عشيرة ممتلكاتها من بيوت قروية أو حقول سواء كانت قد بيعت أو رهنت، وكان غاية ذلك الآتي:

    أ. يشعر الكل بالغربة [23]، فإن كان قد اغتنى واستطاع بماله أن يرهن أو يشتري نصيب غيره، يتركه في السنة اليوبيلية بإرادته قبل أن يترك الكل كل شيء بغير إرادتهم. ولعل السنة اليوبيلية تحمل ظلاً للحياة الأبدية حيث لا يوجد فيها غنى وفقير بل يفرح الكل بنوال نصيبه دون طمع فيما هو للغير.

    ب. تأكيد أن الأرض هي ملك للرب [23]، وهبها لنا لنستغلها لكن ليس على حساب إخوتنا الفقراء، فنرد لهم نصيبهم ليس منحة منا إذ هي ليست ملكنا بحق بل ملك الرب.

    ج. أن يحتفظ كل سبط وكل عشيرة وكل أسرة بنصيبه في الأرض التي وهبت لهم على يدي موسى النبي ويشوع بن نون.

    ثانيًا: وضع لهم مبدأ هامًا للتعامل: "فمتى بعت صاحبك مبيعًا أو اشتريت من يد صاحبك فلا يغبن أحدكم أخاه" [14]. يلزم ألا يستغل أحد اليوبيل فيبيع أرضه قبل الموعد بثمنها ليستردها في السنة الخمسين، إنما يُقدر ثمن البيع حسب المدة الباقية لحلول اليوبيل، فلا يغبن أحد الآخر. وفي نفس الوقت لا يليق بالمشتري أن يستغل احتياج البائع فيقدم ثمنًا بخسًا، إنما ليقيم الثمن حسب النفع الذي يعود عليه خلال الفترة الباقية حتى عيد اليوبيلي. ليكن التعامل لا على أساس بلوغ أكبر مكسب من الغير وإنما على أساس خشية الرب، إذ يقول "فلا يغبن أحدكم صاحبه بل إخش إلهك، إنيّ أنا الرب إلهكم" [17]. وكأن كل غبن لإخواتنا هو إهانة للرب نفسه الذي يدافع عن المظلومين والمغبونين.

    ثالثًا: سنة اليوبيل كالسنة السبتية، سنة راحة، إذ قيل: "لا تزرعوا ولا تحصدوا زريعها ولا تقطفوا كرمها المحول (أي الباقي عليها من الحول أو السنة السابقة)" [11]. هذا التصرف يقوم على جانب إيماني، أن الله يعولهم ببركته، أكثر مما يتمتعون به هم بعملهم، إذ يقول: "فإنيّ آمر ببركتي لكم في السنة السادسة فتعمل غلة لثلاث سنين" [21]. أكد لهم أن حصاد السنة السادسة يكون ثلاثة أضعاف يكفيهم أيضًا في السنة السابعة والثامنة حتى يأتي حصادها في بدء التاسعة...

    إن كان الله يطالبنا بالعمل لكننا في العمل إنما نتكئ على بركة الرب نفسه واهب الخيرات.
    3. شرائع بيع الأراضي:
    تفسير سفر اللاويين Www-St-Takla-org___Ahab-and-Naboth-Vineyard-01
    إذ وزع موسى ويشوع الأراضي لتمتلكها الأسباط، كان كل سبط وكل عشيرة وكل أسرة تلتزم ما استطاعت أن تحتفظ بأرضها كعلامة لتعلق القلب لا بأرض الموعد بل بالأرض الجديدة أي الحياة الأبدية، كنعان العليا، وقد ظهر هذا بقوة في قصة نابوت اليزرعيلي الذي عرض حياته للموت ولم يسلم بستان آبائه بالرغم من إغراءات الملك له.

    إن اضطر أحد أن يبيع أرضه فإنه يستطيع هو أو وليه أن يفك الأرض [25]، كما فعل بوعز حين فك أرض أليمالك وتزوج بإمرأة إبنه "راعوث" ليهب للميت إبنًا ويتمتع بميراث جده.

    يستطيع الإنسان أو وليه أن يفك الأرض في أي وقت بعد أن يدفع الثمن الذي يتناقص مع مرور السنوات لأجل استغلال المشتري للأرض... فإن لم يستطيع الإنسان أو الولي أن يفي يأتي اليوبيل لترجع الأرض لصاحبها مجانًا.

    إن كنا قد فقدنا ميراثنا الأبدي بسبب الخطية، مقابل شهوة أرضية أو جسدية كما باع عيسو باكورته مقابل أكلة عدس، فإننا لم نستطع أن نفي نحن ولا ولينا الأول أي الناموس بل فقدنا كل شيء حتى جاءت سنة اليوبيل، السنة الخمسون، حيث أرسل الرب روحه القدوس في عيد العنصرة في يوم الخمسين، وصار لنا حق استرداد أرضنا الروحية بعد أن دفع السيد المسيح دمه ثمنًا للفكاك.

    في دراستنا السابقة[307] رأينا رقم 50 يُشير إلى "الحرية" وهذه التي ننالها بالروح القدس الذي يرفع نفوسنا وقلوبنا وأفكارنا وكل حواسنا كما بجناحي حمامة لنرتفع نحو السمويات، متحررين من رباطات العالم وإغراءاته وفخاخه! لتكن أيامنا كلها يوبيلاً مستمرًا، فيه ننعم بالروح القدس الناري ملتهبًا بلا انقطاع، هذا الذي استراح فينا في سر الميرون، وهو يهبنا الحرية في المسيح يسوع، مثبتًا إيانا فيه، لا ليكون لنا أرض ميراث بل يكون لنا موضع في حضن الآب.

    ما هي هذه الأرض أو هذا الحقل الذي بيع لكن تم فكاكه إلاَّ كنيسة الله التي باعها قادة اليهود لحساب كرامتهم وشبعهم الزمني، لكن في ملء الزمان جاء السيد المسيح الولي الحقيقي الذي فكها مقدمًا دمه ثمنًا للكنيسة (رؤ 5: 9).



    4. شرائع بيع البيوت:
    يقدم لنا الوحي الإلهي شرائع تخص بيع البيوت أو رهنها وكيفية فكها من الرهن، مقدمًا لنا خلال الحرف مفاهيم روحية عميقة تمس حرية نفوسنا الداخلية. وقد ميزت الشريعة بين أربع حالات:

    أولاً: المنازل التي في المدن المسورة [29-30].

    ثانيًا: المنازل التي في القرى [31].

    ثالثًا: منازل اللاويين في مدنهم [32-33].

    رابعًا: حقول اللاويين [34].

    أولاً: المنازل التي في المدن المسورة:
    إذا باع إنسان ما بيته في مدينة (مسورة) يستطيع أن يفك البيت خلال سنة من بيعه، هو أو وليه أو وريثه إن كان قد مات. بهذا يعطي الفرصة للبائع الذي اجتاز ظرفًا قاسيًا أن يرجع ويستقر مع عائلته في منزله. فإن لم يفك البيت خلال سنة من البيع يستحوز عليه المشتري ولا يرده حتى في اليوبيل لأن البائع ووليه وورثته قد أضاعوا الفرصة على أنفسهم، فيلزم أن يُعطي للمشتري حقه في الإستقرار. أما سبب عدم رد البيوت التي في داخل المدن في اليوبيل، فلأن المنازل لم تُعط للشعب بالقرعة مثل الأراضي بل بنوها بأيديهم حسب إرادتهم.

    ثانيًا: المنازل التي في القرى:
    أما بالنسبة للمنازل المقامة في مدن غير مسورة أي في قرى، فيمكن أن تُفك خلال عام كالسابقة، فإن لم يستطع البائع أو وليه أو ورثته على الفكاك يبقى البيت حتى سنة اليوبيل ليرده إلى البائع أو عائلته إن كان قد مات. لعل الحكمة في هذا أن هذه البيوت هي في حقيقة أمرها ملحقات لأراضٍ زراعية أو أراضٍ للرعي لا يمكن فصلها عنها، فلكي يبقى كل سبط محتفظًا بأرضه مع ملحقاتها ترد الأراضي ومعها المباني الزراعية.

    ثالثًا: منازل اللاويين في مدنهم:
    يؤكد الوحي الإلهي: "وأما مدن اللاويين بيوت ومدن ملكهم فلها فكاك مؤبد للاويين" [33]. كأن اللاوي إذا اضطر لبيع قطعة أرضه السكينة أو بيته يستطيع في أي وقت مطلقًا أن يفكها، لا يفقد حقه في الفكاك حتى إن مضى عام على البيع. وإن قام أحد إخوته من اللاويين بالفكاك يبقى المنزل تحت يده حتى سنة اليوبيل فيرده إلى صاحبه الأصلي [33].

    رابعًا: حقول اللاويين:
    كانت مدن اللاويين تحيط بها مسارح بعرض ألف ذراع من حدود المدينة من كل جهة من الجهات الأربع. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). والمسارح تحيط بها حقول بعرض ألفي ذراع من كل جهة، تخصص المسارح لإقامة الحظائر الخاصة بحيوانات اللاويين وأغنامهم أما الحقول فيزرعونها لا لاستغلال الزراعة للبيع أو التجارة. وكان لا يجوز للاويين أن يبيعوا شيئًا من مسارحهم أو حقولهم فهي ملكهم أبديًا.

    المفهوم الروحي لبيع البيوت وفكاكها:
    يعلق القديس بولس الرسول على الشريعة الخاصة بالإهتمام حتى بالثور فلا يكم وهو يدرس ليأكل مما يدرسه (تث 25: 4) وبقوله: "ألعل الله تهمه الثيران؟! أم يقول مطلقًا من أجلنا أنه من أجلنا مكتوب: لأنه ينبغي للحراث أن يحرث على رجاء وللدراس على الرجاء أن يكون شريكًا في رجائه" (1 كو 9: 9-10). بنفس الروح نقول: ألعل الله تهمه البيوت والحقول؟! أم هي كتبت لأجلنا بكوننا بيت الله المقدس وحقله؟!

    يقول العلامة أوريجانوس: [لنسرع ونطبق شرائع البيوت علينا، فإننا متى تبعنا شريعة المسيح لا يُسمح لنا بملكية أرض أو منازل في مدينة، فماذا إذن تعني هذه الشريعة الخاصة بالبيوت؟ إن كان لا يسمح لنا أن نملك أكثر من ثوب (مر 6: 9)، ولا أن نجمع مالاً كثيرًا، إذ مكتوب: "إن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما" (1 تي 6: Cool... إذن فلنتأمل الشرائع الخاصة بالبيوت التي في مدن مسورة أو التي في قرى بلا أسوار.

    في مواضع أخرى في الكتاب المقدس تستخدم كلمة الله تعبير "بيت" بمعنى سري فيقال عن يعقوب في مدحه: "كان يعقوب إنسانًا كاملاً (بسيطًا) يسكن الخيام" (تك 25: 27)، ومن ناحية أخرى مكتوب عن القابلتين: "وكان إذ خافت القابلتان الله أنه صنع لهما بيوتًا" (خر 1: 21)، وكأن صنع البيوت لهما كان بسبب مخافتهما لله... إذن ما هو هذا البيت؟ ما هذا البناء الذي يعرض له بولس الرسول في أكثر وضوح بقوله: "إننا نعلم أنه إن نُقِض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السموات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد أبدي" (2 كو 1: 5). هذا هو البيت الذي لا يستطيع أحد أن يبنيه ما لم تكن له مخافة الرب. هذا هو البيت الذي لا يقدر أحد أن يقيمه أو يسكنه إن لم يحمل بساطة الروح ونقاوة القلب. لكن إذ يحدث عادة أن الذي يقيم بيتًا سماويًا بأعماله الصالحة وسلوكه الحسن واستقامة إيمانه يسقط في خطية يكون كمن نقل أعماله لآخر... "فإن نالت يده ووجد مقدار فكاكه" [26]، أي مقدار هذا؟! إنه بلا شك دموع التوبة الغزيرة، وممارسة العمل الصالح، ففي هذه السنة، التي يمكن أن تفهم على أنها السنة التي أعلن عنها المسيح "سنة مقبولة" (إش 49: 8، 2 كو 6: 2)، يسمح فيها بنوال المغفرة والتمتع بالخلاص للذين يعترفون بخطاياهم[308]].

    ماذا يعني بالبيوت التي في مدن محاطة بأسوار؟ لعلها تعني أولئك الذين يقولون مع الرسول بولس: "سيرتنا نحن هي في السموات" (في 3: 2)، وكما نعلم أن أورشليم السماوية محاطة بسور (رؤ 21: 14)، فمن بلغ الحياة السماوية وتذوق عربون المجد الأبدي ليحذر لئلا يبيع بيته بالخطية خاصة التي تمس إيمانه فيفقده... وإن سقط فليسرع لئلا تعبر سنة حياته فيفقد بيته أبديًا ولا يمكن استرداده!

    أما صاحب البيت الذي في قرية بلا أسوار فيرى العلامة أوريجانوس أنه يُشير إلى الذين يسلكون في بساطة قلب ويتعرضون لأخطاء عابرة مستمرة... وهم في حاجة إلى توبة مستمرة غير منقطعة حتى لا يفقدوا ميراثهم الأبدي.

    بالنسبة لبيوت الكهنة واللاويين أو حقولهم فيقول العلامة أوريجانوس[309] عن الكاهن أنه يمثل النفس المكرسة للرب، واللاوي يمثل من كان في حضرة الرب بلا توقف وفي خدمة إرادته. الكاهن يمثل كمال الإيمان والفهم، واللاوي يمثل كمال الأعمال. مثل هذه النفوس المقدسة خلال الإيمان الحيّ العامل إن تعرضت لأي خطأ تتمتع بالغفران والفداء، بيوتهم الداخلية تفتدي على الدوام وحقولهم لا تمس. إن انتزعت عنهم بيوتهم يكون هذا مؤقتًا تفتدي في أي وقت لترجع إليهم. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [ملكية القديسين وبيوتهم لا تضيع أبدًا، ولا تنزع عنهم قط. إذ كيف يمكن أن ننزع عن الكهنة البيت الذي تأسس "على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه هو حجر الزاوية" (أف 2: 20)... لكن إن باع البيت لمشتٍر دنيء أي للشيطان... الله لا يسمح! فإنه يفتدي نفسه سريعًا، ويسترها مادام يوجد وقت للسترة وموضع للتوبة. لنطلب بإلحاح ألا نفشل في التمتع بالمسكن الأبدي، لنتأهل لقبولنا في المساكن الأبدية (لو 16: 9) بالمسيح يسوع الذي له كل مجد وكرامة إلى الأبد آمين[310]].



    5. شرائع قروض الإخوة:
    كما اهتم الله بحريتنا الداخلية معبرًا عنها خلال شرائع السنة السبتية [1-7] وشرائع اليوبيل [8-22]، خاصة تحرير الأرض والبيوت [23-33]، فإنه يودنا أن نحمل سماته فنشتهي حرية الآخرين. فإن كان إنسان عليه دين وقد قصرت يده عن سداد الدين وفوائده [35]، سواء كان هذا الأخ يهوديًا أو غريبًا أو متهودًا، يلزم الترفق به وعدم طلب الربا أو الفائدة منه.

    هكذا تحرم الشريعة الموسوية الربا أي الفائدة، والمرابحة وهي نوع من الربا في شكل نوال محاصيل أو هدايا وليس في شكل مال نقدي... هذا التحريم يقوم على أساس أن الدين قدم لإنسان في احتياج. الأمر يختلف بلا شك إن كان القرض أعطى لإنسان غني يستخدمه في إضافة أرباحه أرباحًا، لذا يوضح الكتاب أن المدين قد "قصرت يده عنك" [35].



    6. شريعة العبد العبراني:
    سبق لنا الحديث بتوسع عن شريعة العبد العبراني وتحريره بعد ست سنوات، فإن رفض تثقيب أذنه بمثقب عند الباب، فيبقى عبدًا بإرادته حتى سنة اليوبيل، ورأينا هذا العبد يُشير إلى السيد المسيح الذي وهو سيد الكل قبل أن يصير عبدًا وقد أعلن قبوله لا بثقب أذنه بل بجراحاته حتى يحررنا فيه وننعم بالبنوة لله[311].



    7. شريعة العبد الأجنبي:
    إن كان الله قد ترفق بشعبه وطالب الإخوة ما استطاعوا أن يحرروا إخوتهم من العبودية، فلماذا سمح لهم باستعباد الشعوب الغريبة؟

    أولاً: الله لم يأمر بالعبودية لكنه سمح لهم بها في حدود معينة تحت ظروف خاصة، وهي تأديب الساقطين في الشر، حتى يدركوا عبوديتهم المُرّة للخطية وذلهم الداخلي لعدو الخير. لذلك قيل: "ملعون كنعان، عبد العبيد يكون لإخوته" (تك 9: 25).

    ثانيًا: حمل هذا المفهوم للسلطان الروحي، فالمؤمن يحمل سلطانًا مستعبدًا جسده بكل طاقاته وإمكانياته، وكأنه يسمع هذا الوعد الإلهي: "من يغلب ويحفظ أعمالي إلى النهاية فسأعطيه سلطانًا على الأمم" (رؤ 2: 26). فإن كان سقوط الأمم تحت العبودية يكشف عن عبوديتهم للخطية، فإن سيادة المؤمن في العهد القديم كانت تُشير إلى سلطانه الروحي لا على الآخرين بل على نفسه.



    8. شريعة العبراني المستعبد لأجنبي:
    إذا اغتنى غريب واشترى عبرانيًا قد افتقر، يليق بعمه أو إبن عمه أو أحد أقاربه أن يفكه من العبودية ويعتقه منها، وإن استطاع الشخص نفسه أن يفك فليفعل ذلك. والعجيب في هذه الوصية إنه يطالب من يفك أخاه العبراني ألا يغبن الأجنبي بل يدفع له ما يستحقه، مقدار الثمن حسب الخدمة الباقية كعبد حتى سنة اليوبيل.

    إنه كان يحثهم على فك إخوتهم وإنقاذهم من المذلة لكن دون غبن للغرباء!
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://temaf-erene.yoo7.com
     
    تفسير سفر اللاويين
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتدي طماف ايرينى :: الكتـــــــــاب المقدس :: دراسه الكتاب المقدس-
    انتقل الى: